هناك مبادئ أساسية يجب ان توضع في أذهان كل من يتعامل مع الطلاب من ذوي الإعاقات الشديدة أو المتعددة. والأطفال من ذوي الإعاقة الشديدة هم هؤلاء الأطفال الذين تتسبب شدة إعاقتهم الفيزيقية والذهنية والانفعالية في احتياجهم إلى برامج تعليمية واجتماعية وطبية عالية بهدف تحقيق أقصى استفادة من قدراتهم الكامنة. أما الأطفال من ذوي الإعاقة المتعددة فهم هؤلاء الأطفال الذين لديهم إعاقات متزامنة ويتسبب وجودها معاً في مشكلات تعليمية عميقة والتي لا يمكن حلها من خلال برنامج للتربية الخاصة معد للتعامل مع أحد هذه الإعاقات.
المبدأ الأول ـ الاتصال والتواصل هما مجالات التدخل الأساسية:
يجب أن يتعلم الطفل ذو الإعاقة الشديدة أو المتعددة أن يتواصل في أي وقت يتواجد فيه مع آخرين. وبطبيعة الحال الطفل ذو الإعاقة الشديدة أو المتعددة لديه طرق محدودة للغاية لإفهام شريكه (الشريك هو من يقوم بالتفاعل) ما يقصده وما يريده.
ويتعلم الانسان – مهما كانت إعاقته – التواصل من خلال وجوده مع (آخر) يمثل شريك التواصل. وكلما كان هذا الشريك كفؤاً تنمو المهارات التواصلية بشكل أفضل. ويبدأ هذا النمو منذ لحظة الميلاد ووجود الوليد في حضرة شريك تواصل جيد وهو الأم. وكل نشاط أو سلوك يقوم به الطالب من ذوي الإعاقة الشديدة أو المتعددة يمكن تحويله ليصبح سلوكاً تواصلياً وذلك يعتمد على كفاءة الشريك في اكتشاف هذا السلوك واستجابته له على أساس أن الطالب بالفعل يريد أن يوصل معنى ما بسلوكه هذا.
فمثلاً: عندما يحرك الطفل شفتيه ولاحظت الأم هذا السلوك ـ شريك جيد – واستجابت له بقول (اه.. هل أنت جائع الآن)؟ وقامت بإطعامه بالفعل. فبهذه الطريقة سوف يتعلم الطفل أنه قادر على أن يجعل القائم على رعايته يستجيب لتعبيراته الفطرية ومن ثم لاحقاً سوف يتعلم الطفل طرقاً تواصلية
أكثر تقدماً من خلال التفاعل مع شريكه. وتحدث الخطوة الأولى في نمو التواصل خلال مواقف الروتين اليومي مثل مواقف الاستحمام وتناول الطعام والألعاب الاجتماعية. حيث يتعلم الطفل أولى القواعد الاجتماعية لوجوده مع الآخر وبهذا تتكون فكرة (الوعي بالآخر). فالتواصل عملية ديناميكية يسهم فيها الشريكان كليهما بفاعلية فيتقاسمان المشاعر والأفكار.
وأثناء التفاعل يجب أن يتبع شريك التواصل عدة نقاط ومنها:
- يجب ان يتعلم الشريك ضبط وتيرته أي سرعته وايقاعه وسلوكه ليمنح الطفل الفرصة لتنمية قدراته التفاعلية.
- يجب أن يوقن الشريك أنه لو لم يعبر عن نفسه من خلال جسده ويديه فلن يستطيع الشخص ذو الإعاقة الشديدة أو المتعددة أن يستقبل المعلومة التي يريد الشريك ايصالها للطفل.
- يجب أن يدرك شريك التواصل أن هؤلاء الأطفال يعبرون عن أنفسهم من خلال الحركة واللمس وهم بذلك لا يستخدمون نفس الأنماط المعتادة التي يعبر بها الشريك عن نفسه في المواقف التلقائية. وهذا ما يضع الشريك مباشرة في تحدٍ مستمر في محاولته لفهم وتفسير التعبيرات الطبيعية للأطفال ذوي الإعاقات الشديدة أو المتعددة. فالتعبيرات الطبيعية قد تبدو مختلفة عما يتوقع الشريك أن يراه.
المبدأ الثاني ـ الخطط الفردية:
إن الطفل من ذوي الإعاقة الشديدة أو المتعددة كأي طفل له سماته الفردية من حيث النواحي المعرفية والوجدانية وتساهم شدة الإعاقة ونوعيتها في خلق هذه التفردية.
- تبنى الخطة الفردية على التقييم المبدئي وتتغير تبعاً للتقييم المستمر. ومن الضروري أن تكون أسرة الطفل ومدرسوه شركاء لأن هذه الخطة سوف تطبق طوال اليوم داخل البيئة الصفية والمنزلية.
المبدأ الثالث ـ استخدم (الأبواب المفتوحة) وابحث عن (النوافذ المفتوحة):
يعتمد الأطفال من ذوي الإعاقات الشديدة أو المتعددة على الحواس القريبة كاللمس والحواس الكينستاتيكية (وهي حواس الحركة والاتزان والضغط والتوتر العضلي وإدراك الجسم في الفراغ) والشم والتذوق وتعد هذه بالنسبة له الأبواب المفتوحة وهذا يعني قبل كل شيء أن الطفل يستخدم هذه القنوات ليحقق الاتصال وليتواصل بالإضافة إلى أنها تمكنه من الوصول إلى المعلومات حول الأشخاص والأشياء والبيئة المحيطة. وبالنسبة لشريك التواصل للطفل من ذوي الإعاقة الشديدة أو المتعددة يجب أن يحافظ على القرب المكاني من الطفل بحيث يكون في مسافة تجعل من السهل أن يلمسه الطفل.
كما يجب أن يستخدم التدعيم الحسي المستمر إما عن طريق الأبواب المفتوحة (اللمس والحركة) أو بتوظيف الأبواب المغلقة عند التخطيط للتفاعل مع الطفل حيث يجب البحث عن المبادرات التي يقوم بها الطفل، وعلى الشريك أن يستجيب لها بشكل مباشر. ومن الأهمية أن يكون الشريك على وعي بإيقاع الطفل الخاص المناسب لإحداث التواصل، وضرورة اهتمام الشريك بما يعرف بالوقفات ليعطي الطفل الفرصة المناسبة ليساهم في الاتصال والتواصل وهذا بدوره يخلق ما يعرف بالنوافذ المفتوحة على التعلم.
ويمكن أن ننظر بطريقة أخرى إلى النوافذ المفتوحة عن طريق البحث وتتبع إلى أي هدف يوجه الطفل انتباهه. عندما يستطيع الشريك تحديد وجهة انتباه الطفل سوف يستطيع أن يشارك الطفل هذا الانتباه بقيام الشريك بالتأكيد على مبادرات الطفل نحو هذا الشيء موضع الانتباه.
المبدأ الرابع ـ من المعلوم إلى غير المعلوم:
من الأمور الهامة لتأهيل الأطفال من ذوي الإعاقات الشديدة أو المتعددة أن يتم بناء روتين معين والذي يسمح للطفل أن يقوم بتكوين صورة عامة عن الموقف. فعندما يكون الروتين معلوماً للطفل سوف يشعر بالأمان. حيث أنه سيأخذ فرص أكثر للمشاركة الفعالة حينما يشعر بالأمن الناتج من معرفته لما سوف يحدث ويستطيع أن يتنبأ بالنتائج التي تلزم عن المقدمات التي أصبح يعلمها جيداً.
ولدعم إدراك الطفل لهذا الروتين فالتكرار يكون غاية في الأهمية عند إنشاء روتين جديد حتى يستطيع الطفل إدراكه جيداً ويكون على وعي بتسلسل الأحداث بناء على هذا الروتين. وعندما يصل الطفل إلى هذه المرحلة التي أصبح الروتين فيها معلوماً يكون من الضروري إضافة بعض العناصر الجديدة للموقف للاحتفاظ بانتباهه وإتاحة الفرصة لقدراته كي تنمو بالتعرض للخبرات الجديدة باستمرار. والعناصر المضافة يمكن أن تكون على سبيل المثال تنويعات في اللعبة الأساسية المتعارف عليها مثل إضافة حركة أو حذف حركة أو تغيير الإيقاع أو الوتيرة أو إضافة بعض التعليقات وهكذا. وبهذه الطريقة فأنت تنقل الطفل من المعلوم إلى غير المعلوم ولكن التحدي الأكبر في هذه العملية هو تحديد الوقت الملائم لتقديم هذه الإضافات في إطار من التواصل، حيث أنه لو كان التوقيت المختار غير ملائم فسوف يضطرب التفاعل إلى الحد الذي يمكن أن يوقفه تماماً، إلا أن التوقيت لو كان ملائماً فسوف يدعم هذا التفاعل بشكل كبير ولهذا فإن شريك التواصل للطفل من ذوي الإعاقات الشديدة أو المتعددة يجب أن يكون حساساً إلى أقصى حد ومبدعاً ليدعم التفاعل والتواصل.
المراجع:
Starting Communication with Deafblind Children
Edited by: Inger Rodbroe
Evabritt Andreassen
April 1998
CO-creating Communication: Perspectives on Diagnostic Education for Individuals who are Congenitally Deafblind and Individuals Whose Impairments May Have Similar Effects
Book by Anne Nafstad and Inger Roodbroe 1997
علا محمود محمد ـ السيرة الذاتية
- اسمي علا محمود محمد، ولدت في مصر وتخرجت من كلية الآداب في جامعة عين شمس سنة 1999 وحصلت على ليسانس في علم النفس واجتزت دورة التأهيل التخاطبي بوحدة أمراض التخاطب بقسم الأذن والأنف والحنجرة بكلية الطب جامعة عين شمس من 1-9-2007 وحتى 1-11-2010.
- أعمل بوظيفة اختصاصي تخاطب في مدرسة الوفاء لتنمية القدرات التابعة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- عضو في مجلس التخاطب في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- لدي العديد من النشاطات العلمية على مستوى مجلس التخاطب وعلى مستوى تدريب الأسر على فنيات العمل مع الأبناء.
- شاركت في التنسيق والمتابعة لعقد جلسات العلاج بالموسيقي للاختصاصيات من جامعة ايوا من كوريا الجنوبية خلال الفترة من 19 يناير إلى 15 ابريل 2015.