تعتبر مرحلة الإعداد والتهيئة من أولى مراحل بناء الاختبارات والمقاييس ولعلها تكون الأهم على الإطلاق حيث أن بقية المراحل قد تعتمد عليها في بنائها لأنها تعتبر بمثابة المخطط الأول لإعداد المقياس أو الاختبار، فإذا صلحت تلك المرحلة صلح المقياس أو الاختبار بأكمله أما إذا اعتراها بعض النقص أو القصور فسوف يؤدي ذلك لا محالة إلى وجود نقص أو قصور في باقي المراحل التي تليها، ولهذه المرحلة خطوات علمية يجب اتباعها في الإعداد والتهيئة للمقياس أو الاختبار على النحو الآتي:
xxx
أولاً ـ الحاجة من إعداد المقياس أو الاختبار الجديد:
قد تكون هنالك عدة مقاييس معدة مسبقاً، تقيس السمة التي يريد الباحث قياسها إلا أنه قد يجد نفسه في بعض الحالات ملزماً بإعداد مقياس أو اختبار جديد، رغم ما يكتنفه إعداد المقاييس الجديدة من مشقة وجهد وتكلفة، وعليه يمكن القول إن حاجتنا إلى إعداد مقاييس أو اختبارات جديدة تكمن في الأسباب الآتية:
- إن المقاييس أو الاختبارات المعدة مسبقاً قد تكون واسعة الانتشار حيث أن فقراتها قد تكون معروفة وهذا مما يفقدها قيمتها بحيث لا تصبح مقاييس أو اختبارات للسمة أو القدرة بل مقاييس واختبارات للتذكر والاسترجاع.
- إن المقياس أو الاختبار المُعد مسبقاً في بعض الحالات قد لا يمثّل المهمة المراد قياسها فحسب بل مهاماً أخرى ولذلك قد تكون ليست ذات دلالة بالنسبة لمهمة البحث أو الدراسة.
- قد تكون بعض المقاييس أو الاختبارات المعدة مسبقاً من المقاييس أو الاختبارات المقننة أو المشتقة معاييرها من عينة تختلف في طبيعتها عن العينة المُراد دِراستها.
- إن بعض المقاييس أو الاختبارات تقوم بقياس السمة من وجهة نظر معينة بينما قد يرغب الباحث قياسها وتناولها من وجهة نظر أخرى.
- قد تحتاج المقاييس أو الاختبارات المعدة مسبقاً إلى زمن أطول من الزمن الذي خططه الباحث لقياس السمة المُراد قياسها.
- إن بعض المقاييس أو الاختبارات المعدة مسبقاً قد تحتاج إلى نفقات كبيرة قد لا يُطيقها الباحث أو المؤسسة التي ترعى بحثه، لذا يكون لزاماً عليه إعداد مقاييس أخرى (أحمد،1981).
- ورغم ذلك كله فإن الباحث قد يجد المقاييس أو الاختبارات المعدة مسبقاً مُناسبة لقياس السمة التي خطط لقياسها حيث لا يعتريها أي نقص مما سبق ذكره لذا فإنه لا يلزم في كل الأحوال أن يقوم بإعداد المقياس أو الاختبار الخاص به، كما أنه وفي بعض الحالات قد يكتفي الباحث بتعديل أو تقنين مقياس أو اختبار من المقاييس او الاختبارات التي وجدها حتى يتناسب مع هدفه المنشود (فاتحي، 1995).
ثانياً ـ تحديد الهدف من القياس او الاختبار:
يتطلب تحديد الهدف من المقياس معرفة ماذا نقيس؟ ولماذا نقيس؟
إن من أهم الخطوات لوضوح الهدف من إعداد المقياس أو الاختبار هو وضوح السمة التي نريد قياسها أي وضوح ماذا نقيس؟ وقد تختلف الخصائص والسمات التي يراد قياسها بين كل من العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية والتربوية، فبينما تكون خصائص الأشياء واضحة ومحسوسة يمكن قياسها مباشرة وأحياناً بشكل كمي في العلوم الطبيعية، فإننا في العلوم الإنسانية والتربوية نهتم بقياس خصائص وسمات تُشكّل مفاهيم افتراضية مجردة ولا يمكن قياسها بشكل مباشر مثل الميول والاتجاهات والقدرات العقلية، كما أن الأفراد يختلفون في درجة امتلاكهم لتلك للسمات والقدرات عن بعضهم البعض، ناهيك عن اختلاف مقادير السمة لدى الفرد نفسه (الصمادي وآخرون، 2004).
يرى بعض الباحثين أن السبب الرئيسي من وراء القياس، أي لماذا نقيس؟ هو اكتشاف الفروق الفردية بأنواعها المختلفة، حيث أنه لولا وجود هذه الفروق لما كان هنالك حاجة إلى القياس أصلاً، وأنواع الفروق الرئيسة التي عادة نحاول الوصول إليها من خلال القياس:
- الفروق الفردية بين الأفراد: ويهدف إلى مقارنة الفرد بغيره من أقرانه في الدراسة أو العمر أو البيئة في ناحية من النواحي النفسية والتربوية أو المهنية من أجل تحديد مركزه النسبي بينهم حيث أن ذلك قد يكون لغرض تصنيف الأفراد إلى مستويات أو مجموعات متجانسة.
- الفروق الفردية لدى الفرد ذاته: ويهدُف إلى مقارنة الفرد بذاته في النواحي المختلفة لديه وذلك لمعرفة نواحي القوة والاحتياج لديه، أي مقارنة قُدراته المختلفة معاً، وذلك للوصول إلى تخصيص أفضل للبرامج المناسبة في تعليمه أو تدريبه، وقد يفيد ذلك في توجيهه مهنياً أو تربوياً حتى يُحقق أكبر قدر من النجاح في حدود إمكاناته.
- الفروق الفردية بين المهن: إن من المعروف أن المهن تختلف في مستوياتها ومتطلباتها والتي تتطلب معها مقداراً مناسباً من القُدرات والاستعدادات لذا فإن قياس هذه الفروق الفردية يُفيدنا في التوجيه المهني وكذلك في إعداد الفرد للمهن المناسبة له.
- الفروق الفردية بين الجماعات: إن قياس هذه الفروق الفردية يُفيدنا في دراسة سيكولوجية الجماعات وخصائص النمو وكذلك دراسة العوامل التي قد تكون مسؤولة عن هذه الفروق الفردية وذلك لإنماء الصالح منها والتغلب على غير الصالح مثل قياس الفروق الفردية بين الجنسين أو الجنسيات المختلفة أو الأعمار المختلفة (أحمد، 1981).
ثالثاً ـ الإعداد لمشروع بناء المقياس أو الاختبار:
إن الإعداد لمشروع بناء المقياس أو الاختبار يجب أن يسير وفق خطوات محددة سلفاً على النحو التالي:
- بعد وضوح المشكلة وتحديد الهدف من القياس يقوم الباحث بعرض فكرة مشروعه على الخبراء في القياس ويناقشهم حول أهمية المشكلة وقيمة الأهداف وما سيحققه المقياس محاولاً التحقق من صحة خطته أو الحصول على توجيهاتهم قبل البدء في المشروع.
- يحاول الباحث الحصول على تصريح من المسؤولين من مختلف الجهات التي يمكن أن يحتاجها في تقديم العون له لإجراء تجاربه ودراساته لبناء المقياس أو الاختبار على ألا يكون لذلك تأثير على سير العمل أو الدراسة داخل المنشأة.
- يقوم الباحث بتحديد تكاليف مشروعه ويُقدم تقريراً مفصلاً بذلك إلى المسؤولين يوضح فيه ما إذا كان يحتاج منهم الإنفاق على المشروع أو المساهمة في الإنفاق عليه.
- يعين المسؤولون بعد ذلك هيئة أو فرداً يُشرف على المشروع ويجب أن يكون هذا المشرف خبيراً أو عالماً وغالباً ما يكون من أساتذة الجامعات المُميزين.
- يقوم المشرف باختيار فريق العمل المُساعدين له بحيث يقومون بمساعدته في إعداد المقياس أو الاختبار، بحيث يقدم لهم شرحاً عن طبيعة العمل في بناء المقياس أو الاختبار الجديد ويوضح لهم أهدافه.
- يُخطط المُشرف وفريق العمل الحدود الزمنية للمشروع ويقدمون تقريراً بذلك للمسؤول في المنشأة.
- يقوم المشرف وفريق العمل بالاطلاع على المقاييس والاختبارات ومراجع المقياس او الاختبار الموجودة لقياس السمة التي يستهدفونها بالقياس حتى يكونوا مُحيطين بالمشكلة تماماً وتتم مناقشتها بينهم.
- يقوم المُشرف بتوزيع الأدوار على فريق العمل البحثي الذي يعمل معه حول مهام بناء المقياس أو الاختبار (أحمد، 1981).
رابعاً ـ تحليل مضمون المهمة المراد قياسها:
يقوم الباحث بتحليل مضمون المهمة التي يُريد قياسها ونعني بتحليل المضمون (دراسة علمية شاملة دقيقة تعتمد على عدة طُرق ومصادر وتهدف إلى معرفة واجبات ومقتضيات المهنة أو الدراسة ومسئولياتها وتحديد ما يجب أن يتوفر في القائمين بها) (أحمد، 1981،139).
وعليه فإن تحليل المضمون يُمكن أن يكون في جانبين:
- تحليل المنهج الدراسي عند تصميم اختبارات التحصيل فعلى سبيل المثال / يجب على المعلم تصفح الكتب المقررة ويرجع إلى مُذكرات الدروس التي ألقاها عندما يكون بصدد وضع امتحانات نهاية العام حيث أن اعتماده على الكتب فقط قد لا يُبين صدق اختباره.
- تحليل العمل عند تصميم المقاييس النفسية في المهن (وهو الدراسة العلمية المنظمة للعمل لتحديده ومعرفة طبيعته وعملياته وأهمية كل عملية منها ومعرفة ما هي الخصائص والشروط التي يجب أن تتوفر فيمن يقوم بها وحصر الواجبات الخاصة بكل وظيفة) (أحمد، 1981، 139).
خامساً ـ تحديد موصفات المقياس أو الاختبار:
هذه المرحلة تكون الصورة غير واضحة تماماً مِن قبل مصمم المقياس أو الاختبار، ولكنها تبدأ بالوضوح شيئاً فشيئا كُلما تقدم المصمم في التخطيط لِبناء المقياس أو الاختبار، ولا يتم ذلك إلا من خلال العمل الفعلي على إنشاء المقياس أو الاختبار، لذا فإن على مصمم المقياس تحديد المواصفات التي يجب أن يكون عليها المقياس أو الاختبار من خلال الآتي:
- وصف الغرض الرئيس من المقياس وكذلك الأغراض الأُخرى.
- وصف الوظيفة التي يُقصد قياسها مع ذكر الظروف والعوامل التي قد تؤثر في نتائج القياس.
- وصف المادة المراد قياسها وعدد الأجزاء ونوع الفقرات وعددها في كل جزء، وتعليمات الإجراء وطريقة التصحيح.
- تحديد حجم وطبيعة العينة التي يُجرى عليها القياس.
- تحديد منهج البحث وخطواته وطرقه الإحصائية لاختيار الفقرات وترتيبها (أحمد، 1981).
سادساً ـ إعداد دليل المقياس أو الاختبار:
هنالك نوعان من التعليمات أثناء الإعداد للقياس على النحو الآتي:
- إرشاد المفحوصين الذين يؤدون فقرات القياس.
- إرشاد القائمين على تطبيق المقياس.
وتُعدّ مثل هذه الإرشادات في صفحات مستقلة عن أداة القياس، أو تدون في كتيب صغير مُرفق بالمقياس وتُسمى دليل القياس ويجب أن تتصف تعليمات ذلك الدليل بالآتي:
- سهولة الفهم.
- التأكيد على إتباع ما يرد فيها من تعليمات بدقة.
- عرض التعليمات يكون بشكل متتابع.
- إتاحة الفرصة للمفحوصين للسؤال عن تعليمات القياس قبل تنفيذه.
- إتاحة الفرصة الكافية لقراءة تعليمات المقياس قبل البدء بتنفيذه.
- إعطاء بعض الأمثلة عن بعض الإجابات لبعض الفقرات.
- التعليمات يجب أن تكون مقننة كما ورد في الدليل، أي لا يجب الإضافة أو الحذف إليها من قِبل الفاحص أو المفحوص (الكبيسي، 2007).
سابعاً ـ إعداد المقياس في صورة التجريبية:
يتم إعداد فقرات المقياس في صورته الأولية من خلال تحديد السمة التي نُريد قياسها، ولماذا نريد قياسها ثُم تحليل مضمون المهمة المراد قياسها، ثم نقوم بتجريب ذلك المقياس للتعرف على مدى صلاحية الأسئلة التي يتضمنها وذلك من خلال عرضه على عينة تمثيلية من المفحوصين في ظروف مشابهة للظروف التي نُريد تعريض باقي المفحوصين إليها، ثم نقوم بتحليل النتائج تحليلاً إحصائياً حتى يتسنى لنا اختيار الأسئلة النهائية للمقياس في صورته النهائية (فاتحي، 1995).
المراجع:
- أحمد، محمد عبد السلام (1981). القياس النفسي والتربوي المجلد الأول. جمهورية مصر العربية، القاهرة: مكتبة النهضة المصرية.
- الصمادي، عبد الله، الدابيع، ماهر (2004). القياس والتقويم النفسي والتربوي بين النظرية والتطبيق الأردن، عمان: دار وائل للنشر.
- الكبيسي، عبد الواحد حميد (2007). القياس والتقويم تجديدات ومناقشات. الأردن، عمان: دار جرير للنشر والتوزيع.
- فاتحي، محمد (1995). مناهج القياس وأساليب التقييم. المغرب، الدار البيضاء: منشورات ديداكتيكا.
السيرة الذاتية:
- د. خالد بن محمد المحرج
- عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود – كلية التربية ـ قسم التربية الخاصة.
- مهتم بـ (Dyslexia-ADD-ADHA).
- عضو في عدد من الجمعيات واللجان التربوية.
بعض الإنتاج العلمي:
- بحث باللغة العربية 2015م، فاعلية برنامج سلانجرلاند في تعلم القراءة للأطفال الذين يعانون من عسر القراءة الناطقين باللغة العربية.
- بحث الاحتياجات التدريبية لمشرفي ومشرفات صعوبات التعلم في المملكة العربية السعودية ـ تحت النشر.
- تطوير برنامج سلانجرلاند لتعليم القراءة للأطفال الذين يعانون من عسر القراءة الناطقين باللغة العربية.
- تقنين اختبار عسر القراءة باللغة العربية.
- كتاب وأربعة أبحاث باللغة العربية تحت النشر.
- تأليف ثلاثة كتب علمية أحدهم باللغة الإنجليزية.
للتواصل: البريد الإلكتروني
تويتر: @almahrej
عضو هيئة التدريس قسم التربية الخاصة
جامعة الملك سعود – تخصص صعوبات التعلم
البريد الالكتروني:
- [email protected]
- [email protected]
- موقع الكلية: http://faculty.ksu.edu.sa/almahrej/default.aspx
- التويتر: almahrej
التدريس الجامعي
تدريس أكثر من (17) مقرر جامعي في مجال التربية الخاصة
المؤهـــلات العلمية
الدكتـوراه (2015): عنوان الرسالة: فاعلية طريقة سلانجرلاند في تعلم القراءة للأطفال الذين يعانون من عسر القراءة في نظرية أورتون.
الماجستير (2005): مجال صعوبات التعلم جامعة Mochester Metropoliton في المملكة المتحدة.
التأليف
تأليف (8) كتب باللغة العربية والانجليزية:
- ديسليكسيا Dyslexia
- المختصر المفيد في علم النفس التربوي
- عسر القراءة: دليل الباحثين والمهنيين (تم نشره في ألمانيا).
المؤتمرات
- حضور أكثر من (8) مؤتمرات في مجال التربية والبحث العلمي والتعليم العالي خلال الفترة 2016 إلى 2017.
المقالات العلمية
- نشر أكثر من (10) مقالات علمية باللغتين والانجليزية حول موضوع التربية الخاصة.
خدمة المجتمع
- تشخيص الأطفال ذوي صعوبات التعلم في بعض مدن ومحافظات المملكة العربية السعودية.
- المشاركة في إعداد دليل معلم صعوبات التعلم في المملكة العربية السعودية.
- تأسيس لجنة تطوير برامج صعوبات التعلم في المملكة العربية السعودية.
- تقديم الاستشارات التطوعية من خلال عدد من الجمعيات التخصصية.
- إنشاء حسابين فيسبوك وتويتر للإجابة عن الاستفسارات حول مجال صعوبات التعلم.
خبرات التدريب
تقديم ورش تدريبية في مجال صعوبات التعلم لصالح:
- الأمانة العامة لجائزة التعليم للتميز.
- الهيئة الملكية للجبيل وبنبع الصناعية.
- مركز الملك سلمان الأبحاث الإعاقة.
عضويات العلمية
- عضو سابق في اللجنة العلمية رئيس فريق تحكيم فئة المرشد الطلابي ولجنة التحكيم لجائزة التعليم للتميز في المملكة العربية السعودية خلال الفترة من 2012 حتى 2018.
- عضو سابق في اللجنة العلمية للمؤتمر الدولي لصعوبات التعلم في العام 2006.
الأبحاث
- نشر (3) أبحاث في مجال عسر القراءة والاشراف التربوي في مجال صعوبات التعلم.
شهادات الشكر
حاصل على عدد من شهادات الشكر والتقدير من قبل عدد الجهات مثل:
- إدارة العامة للتعليم الرياض.
- الأمانة العامة للتربية الخاصة.
- الهيئة الملكية للجبيل وينبع.
- مركز الملك سلمان الأبحاث الإعاقة.
- الجمعية السعودية للتربية الخاصة (جستر).
- تكريم من قبل صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر آل سعود أمير منطقة الرياض في حفل تخريج طلاب الدورة الستين من طلاب جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية.
عضويات الجمعيات واللجان
- عضو مجلس إدارة الجمعية الخيرية لصعوبات التعلم.
- عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للتربية الخاصة (جستر).
- عضو عامل الجمعية السعودية لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (أفنا).
- عضو في أكثر من (20) لجنة تربوية في وزارة التعليم.