إعداد: د/ سامية محمد صالح
تطرقنا في العدد السابق 376 إلى نظريات التعلم من خلال اللعب، والتعلم بالملاحظة.
ونقدّمُ لكم في الجزء الأخير من مقالنا، نظرية التعلم بالاكتشاف.
التعلم بالاكتشاف:
يرتبط أسلوب التعلم بالاكتشاف بنظريات (الجشتالت) وبياجيه وبرونر في النمو المعرفي/ العقلي، فنظرة هؤلاء للدافعية للتعلم تختلف عن نظرة المدرسة السلوكية والتعلم الاشتراطي (Associationists).
ففي حين تقيم المدرسة السلوكية الترابطية وزناً كبيراً للتعزيزات الخارجية، يؤكد بياجيه على أن الدافعية (Motivation) وليدة الطبيعة الإنسانية، فالإنسان مدفوع من الداخل لأن يتعلم لأنه يريد أن يضفي معنىً لما يلاحظه ويجربه في بيئته، وبذلك يكون للتعلم مكافأته الذاتية، فالطفل الذي يتعلم ويعدل فكره عن الأشياء من حوله بحيث تصبح ذات معنىً بالنسبة إليه، ليس بحاجة إلى حوافز خارجية لأنه يشعر بالرضا الداخلي نتيجة لتحقيق التوازن (Equilibration) بين الأبنية العقلية الداخلية ومؤثرات البيئة الخارجية، وبذا تكون دوافع التعلم وفقاً لهذه النظرية ليست تعزيزات كما تقول المدرسة السلوكية، بل رغبة في أعماق الإنسان كي يتعلم ويحقق التوافق والتوازن، والتعلم بهذه الطريقة يضمن إيجابية الطفل وفعاليته في عملية التعلم.
ويمكن القول بأن “الجشتالتية”، التي تقوم معطياتها على الخبرات السابقة لدى المتعلم وعلى إدراكه للموقف ككل وفهمه لعلاقة الأجزاء بعضها ببعض، وثيقة الصلة بأسلوب التعلم بالاكتشاف.
فتجربة كوهلر، رائد الجشتاليتة ، مع القرد قامت على أساس خبرات القرد السابقة في التقاط الموز المحيط به وهو داخل القفص، ووضع العصي قريباً من قفص القرد جعله يولد بصيرة (Insight) ساعدته على تدبير أمر الحصول على الموز بواسطة توصيل العصي ببعضها البعض، هذه التجربة أرست قاعدة هامة في التعلم بالاكتشاف وهي أن التعلم لا يحدث إلا إذا أعطى المتعلمون خلفية كاملة عن الموضوع المراد الاكتشاف فيه ورتب الموقف التعليمي بشكل يساعد على الاكتشاف.
ومن رواد طريقة التعلم بالاكتشاف عالم النفس التربوي المعاصر جيروم برونر، حيث عرف التعلم بالاكتشاف على أنه التعلم الذي يحدث عندما لا يعطى المتعلم الإجابة النهائية ولكن تتاح له الفرصة لتنظيم المعلومات واكتشاف العلاقات بين مدلولاتها، لهذا نجده يؤكد على أهمية تصنيف الأشياء أو الأفكار وإدراك العلاقة بينها واكتشاف أساليب حدوثها أو وجودها للتعلم من خلال الاكتشاف.
كما يؤمن برونر بأن فهم المتعلم لأسس المعرفة (structure of Knowledge) في نظام من النظم (Discipline) يساعد على تذكر المعلومات بل وعلى تطبيق القواعد التي تتضمنها في مواقف جديدة بالإضافة إلى إمكانية إدراك المفاهيم والقواعد الأكثر تعقيداً في نفس النظام.
وقد أرسى برونر (Bruner.1978) قواعد هامة لعملية الاكتشاف في كتابه ((عملية التعليم)) (Process of Education) حيث أكد:
- أن منهاج أي نظام كالكيمياء، مثلاً يجب أن يضم أسس المعرفة في ذلك النظام، أي الأفكار الرئيسية (Concepts) والقواعد العامة (Rules) بالإضافة إلى تعويد الطالب على طريقة البحث المعتمدة من قبل علماء هذا النظام.
- أي موضوع يمكن أن يُقدمَ للطفل إذا عرض له بطريقة تراعي نموه الفكري، أي أنه يمكن تعليم طفل في عمرٍ بين الـ 4 و7 سنوات مثلاً أي موضوع تقريباً إذا عرض بشكل محسوس (Concrete) يناسب مرحلة نموه الفكري في هذا العمر.
- وتتمثل القاعدة الثالثة في ما يسمى بالمنهاج اللولبي (Spiral Curriculum) بمعنى أن المفاهيم والقواعد العامة في أي نظام يجب أن تظهر على فترات متلاحقة عندما يتقدم التلميذ عمودياً في المنهاج من صف إلى آخر، وأكد برونر أن التعليم يجب أن يركز على الطريقة (Process) أكثر من تأكيده على النتيجة حيث يعمل الطفل في درس العلوم الطبيعية كعالم صغير يتبع أسلوب الاكتشاف الذي اتبعه العلماء في ذلك الحقل الدراسي.
انتهى
المرجع:
- كتاب – سيكولوجية الطفولة المبكرة ، نحو الاستثمار الأمثل في تربية الطفولة المبكرة ، الدكتور – محمد محمود بني يونس ، دكتوراه الفلسفة في علم النفس -علم النفس الفسيولوجي ، كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية- قسم علم النفس، الجامعة الأردنية ، دار الثقافة للنشر والتوزيع 2005، ص 16 وص 17 ، مكتبة مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ، رقم الورود:7706 ، تاريخ الورود: السبت 11-2-2006
د. سامية محمد صالح
- بكالوريوس – علم نفس ورياض أطفال
- ماجستير – في علم النفس (ذوي الإعاقة) بحث بعنوان فعالية التعزيز وتكلفة الاستجابة في خفض السلوك
- العدواني لدي الأشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية
- دكتوراه -في علم النفس (ذوي الإعاقة) بحث بعنوان فعالية برنامج ارشاد جمعي في تخفيف الضغوطات النفسية لأمهات الأطفال من ذوي متلازمة داون
- من أكتوبر 2015 الى تاريخه مديرة مدرسة الوفاء لتنمية القدرات.
- 2007م – سبتمبر 2015 مشرفة تربوية أولي.
- 2005م -2007 مشرفة تربوية.
- 2003م-2005 أخصائية تعديل سلوك
- 1999 – 2003 معلمة تربية خاصة مدرسة الوفاء التابعة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- مشرفة تربوية للإعاقات الشديدة والمتعددة (فترة مسائية)
- اخصائي نفسي معتمد للقيام بالتشخيص للأشخاص من ذوي الإعاقة.
- مدرب معتمد في برامج الدمج
- عضو لجنة المقابلات والتوظيف بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- عضو الفريق البحثي بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- عضو اللجنة العلمية لمؤتمر خارج المتاهة.
- رئس مجلس الاختصاصين النفسيين والمشرفين التربويين
- المشرف الفني عن برنامج العلاج بالموسيقى بمدينة الشارقة للخدمات الانسانية.