بقلم : روحي مروح عبدات
قد يحتاج أخصائي التدخل المبكر إلى التغيير من أساليب عمله، ليتوافق مع الظروف التي تعيشها الأسرة والأوضاع العامة التي قد تكون طارئة أو خارجة عن إرادتها، ورغم أن هذا التغيير لا يكون على الأهداف العامة للتدخل المبكر والخطط الفردية للأسر والأطفال، إلا أن طرق تقديم الخدمات قد تختلف، وخاصة اعتمادها المباشر على أفراد الأسرة كمدربين أساسيين للأطفال في بيئات المنزل والبيئات الطبيعية الأخرى، لذلك سأحاول في هذا المقال التطرق لأهم الاعتبارات التي يمكن لأخصائيي التدخل أخذها بالاعتبار، وأهم الأدوار والمسؤوليات الممكن الانتباه لها في حالات تقديم الخدمات من خلال نظام التدخل المبكر عن بعد.
النقاط التي يجب مراعاتها خلال الموقف التدريبي:
- احرص على إعداد نشاط واقعي مخطط له مع الأسرة. مثل الإجراءات الروتينية اليومية (وجبات الطعام، ارتداء الملابس، الأعمال منزلية) حيث يمكن للأطفال استخدام وممارسة ما يحتاجون إلى تعلمه.
- احرص على أن تكون مخرجات الزيارات مثمرة وفعالة، لذلك وجّه مجرى المحادثة واحرص على أن تكون في سياقها المطلوب لكيلا تتحول إلى مجرد محادثات مع مقدم رعاية.
- أثناء الزيارة عن بعد، احرص على قضاء بعض الوقت في ملاحظة النشاط قبل تقديم الاقتراحات لولي الأمر.
- عند التخطيط للزيارة التالية في نهاية كل زيارة، فكّر كيف ستكون الزيارة أكثر نفعاً لتحقيق الأهداف المنشودة.
اهتمامات الطفل ودور الأخصائي في استثمارها:
- اهتمامات الطفل اليومية، سواء كانت عبارة عن أنشطة أو أدوات أو ألعاب هي مهمة جداً من أجل التعلم، لذلك ساعد الأسرة على التفكير فيها والتعرف عليها من أجل استثمارها في التدريب.
- تتيح الزيارات الافتراضية لأخصائي التدخل المبكر أن يكون جزءاً من أنشطة واسعة لم تتح له من قبل، خاصة وأنه أصبح أكثر دراية عن روتين الطفل اليومي في المنزل. لذلك بالامكان استثمارها في التعرف على اهتمامات الأطفال.
- اطرح على الأسرة أسئلة بعمق، مثل:
- هل تعتقد أنها تحب هذا؟
- لماذا تعتقد أنها تحب ذلك؟
- ماذا تريد أن تفعل أيضاً؟
استجابات مقدم الرعاية:
- تعتبر استجابات مقدم الرعاية مع الأطفال غاية في الأهمية من أجل استدرار الاستجابات المنشودة التي يحدث فيها التعلم، لذلك عليك كأخصائي تدخل مبكر أن تُعلم الأسرة الاستجابة المناسبة للسلوكيات التي يقوم بها الطفل.
- نقترح استخدام آليات (وجّه الدعوة، شارك، وعلّم) كما يلي:
- يمكن لمقدمي الرعاية استخدام استراتيجيات (الدعوة) لجذب انتباه الطفل وخلق بيئة يتمكن فيها الطفل من المشاركة في اللعبة أو النشاط الذي يمارسه ولي الأمر.
- ولي الأمر (يشارك) الطفل من خلال الانضمام إلى لعبة أو نشاط يمارسه الطفل واستخدام الاستراتيجيات لإخباره بأنه يسمع ويفهم ما يريد، ويرى اهتمامات الطفل بنفس الطريقة.
- يستخدم مقدمو الرعاية استراتيجيات (التعليم) لدعم مهارات حالية موجودة عند الطفل، أو مساعدة الطفل على تعلم واستخدام مهارات جديدة.
احترام خصوصية الأسرة:
- أخبر الأسرة بتجهيز المكان الذي ستجرى فيه المكالمة في البيت بحيث يكون مناسباً، وهذا المكان يعتبر المساحة التي تتيح فيها الأسرة للأخصائي مشاهدة بيئة الطفل، وهو يختلف من أسرة إلى أخرى.
- استخدم سماعات الأذن سواء من قبل الأخصائي أو من قبل الأسرة، لتقنين عملية التواصل بين الطرفين.
- اختر المكان المناسب الذي تتواصل فيه مع الأسرة، بحيث تكون فيه وحدك.
- كن متأكداً بأنه لا أحد بإمكانه سماعك أو الاطلاع على الفيديوهات التي ترسلها الأسرة.
أثناء الزيارة الافتراضية:
- عليك كأخصائي التركيز على أن الزيارة تستهدف مشاركة ولي الأمر والطفل في نطاق السياق الطبيعي لأسرة الطفل وليس مجرد دردشة مع ولي الأمر.
- كن على علم بتأخر الاستجابة التي تحدث عبر الانترنت.
- اطرح سؤالاً واحداً كل مرة واعط ولي الأمر الوقت للإجابة.
- درّب نفسك على أسئلة من نوع: (تقدر تقول لي كيف سويت هذا؟ في إمكانية تراويني..؟).
- حاول ألا تتكلم كثيراً مع ولي الأمر بحيث لا ينصرف انتباهه عن الطفل والنشاط.
- اجعل الجلسة فيها شيء من المرح والدعابة مع الأسرة.
- دوّن ملاحظاتك أثناء الجلسة أو مباشرة بعد انتهائها.
- في نهاية الجلسة، اسأل ولي الأمر عن رأيه في الجلسة وكيف بإمكانكم جعلها أفضل في المرة القادمة.
البدائل عن النمذجة:
عادة ما تستخدم النمذجة كاستراتيجية تعليمية في التعلم المباشر، حيث يقوم الأخصائي أو الأم بممارسة النشاط، ومن ثم يقوم الطفل بممارسته بعد الملاحظة المباشرة. إلا أن الأمر ليس بهذه السهولة خلال التدخل المبكر عن بعد. لذا يمكن الاستعاضة عن النمذجة باستراتيجيات أخرى مثل:
- الحث Prompting: هو الصوت الذي يهمس في أذن ولي الأمر بحيث يعطيه دافعية لجعل الطفل منخرطاً في النشاط ورفع ثقة ولي الأمر، وهو يمثل التوجيهات المتتابعة من الأخصائي لولي الأمر لتدريب الطفل على النشاط بشكل مباشر، وليس شرطاً هنا أن يكون الطفل سامعاً لتوجيهات الأخصائي، بل إن عملية التواصل تكون من الأخصائي لولي الأمر ومن ثم من ولي الأمر للطفل. وهنا يجب أن تسأل قبل أن تعطي المعلومة لولي الأمر لتتجنب أن تكون مشاركاتك مجرد توجيهية.
- لعب الأدوار Role-Playing بين الأخصائي وولي الأمر: قبل تقديم التمرين مع الطفل، حيث أن ذلك يساعد في طرح الأسئلة والاستنتاج، وإجراء أي تعديل على النشاط قبل تقديمه للطفل.
- التظاهر: عندما تريد تعليم ولي الأمر استراتيجية معينة يمكنك تسليط الكاميرا نحوك والتظاهر بأن معك طفل (دمية، أو غرض منزلي) وبالتالي يقوم مقدم الرعاية بمحاكاتك.
التفكير مع ولي الأمر:
بعد تجريب ولي الأمر لأي استراتيجية، تأكد بأنه راضٍ عن استخدامها، عبر سؤاله:
- ماذا لاحظت على طفلك عندما…؟
- ما الطريقة التي كانت جيدة؟ لماذا؟
- هل ساعد هذا الروتين في تطبيق المهارة؟ أم نحتاج إلى روتين آخر؟
- ما هي الأفكار الأخرى التي لديك؟
تغير روتين الأسرة:
قد يحدث تغيير في روتين الأسرة من وقت لآخر لظروف ترتبط بالأسرة أو ظروف خارجة عن إرادتها، ومن أشكال هذه التغيرات:
- تغيير أوقات النهوض والنوم عند الأسرة أو الطفل.
- وجود أشخاص آخرين في المنزل (طلبة مدارس).
- الأم العاملة والتغير الذي يطرأ على ساعات العمل وطبيعته سواء من المنزل أو المكتب.
- وجود أشخاص آخرين في نفس توقيت الجلسات.
- محدودية البيئات الطبيعية التي يقضي بها الطفل وقته أو محدودية الأشخاص الذين يتفاعل معهم ومستوياتهم العمرية.
كل هذه المتغيرات التي حدثت في بيئة الأسرة يجب مراعاتها، واستثمار العناصر البشرية والمادية الموجودة في المنزل من أجل دعم المهارات التي يتم تقديمها للأسرة عبر مشاركة أفراد الأسرة الآخرين، وكل هذه المتغيرات أيضاً تحدد الوقت المثالي للأسرة لتقديم جلسات التدخل المبكر بشكل ينسجم مع واقع الأسرة واحتياجات الطفل ولضمان الاستفادة المثالية للطفل من التدخل عن بعد وتحقيق غاياته.
- دكتوراه الفلسفة في التعليم الخاص والدامج ـ الجامعة البريطانية بدبي
- يعمل حالياً في إدارة رعاية وتأهيل أصحاب الهمم ـ وزارة تنمية المجتمع ـ دبي.
- له العديد من المؤلفات حول التقييم والتأهيل النفسي والتربوي وتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة.
- باحث مشارك مع مجموعة من الباحثين في جامعة الامارات العربية المتحدة للعديد من الدراسات المنشورة في مجال التربية الخاصة.
- ألقى العديد من المحاضرات والدورات وشارك في الكثير من المؤتمرات حول مواضيع مشكلات الأطفال السلوكية، وأسر الأشخاص المعاقين، والتقييم النفسي التربوي، التشغيل، التدخل المبكر.
- سكرتير تحرير مجلة عالمي الصادرة عن وزارة تنمية المجتمع في الإمارات.
- سكرتير تحرير مجلة كن صديقي للأطفال.
جوائز:
- جائزة الشارقة للعمل التطوعي 2008، 2011
- جائزة راشد للبحوث والدراسات الإنسانية 2009
- جائزة دبي للنقل المستدام 2009
- جائزة الناموس من وزارة الشؤون الاجتماعية 2010
- جائزة الأميرة هيا للتربية الخاصة 2010
- جائزة العويس للإبداع العلمي 2011