ملخص رسالة دكتوراه حول برنامج قائم على الاستجابة المحورية لتنمية التواصل الاجتماعي لدى الطفل الذاتوي في ضوء نظرية التدافع
إعداد الباحث د. وليد جابر عبد اللطيف.
مقدمة الدراسة:
تتنوع التحديات التي يواجهها الأطفال الذاتويون حيث لا تنحصر تحدياتهم في العملية التعليمية والأكاديمية، بل تمتد لتشمل مجالات أخرى من بينها التواصل الاجتماعي والذي يعد أساساً مهماً كي يستطيع الطفل التفاعل مع البيئة المحيطة به ويتعامل مع الآخرين، ونظرًا لانتشار اضطراب طيف التوحد على مستوى العالم أصبح من الضروري البحث عن بدائل تدريبية مناسبة تتناسب مع هذه الفئة حيث اتجهت الأنظار إلى البرامج التي تساعد الطفل في ممارساته ومهاراته الحياتية ليتكيف مع واقع الحياة.
كما يُعد التواصل الاجتماعي من المشكلات الغالبة لدى الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد فلديهم صداقات محدودة جدًا ولا يعرفون كيف يتواصلون بصورة كافية مع أقرانهم، وانطلق هذا الاهتمام لإيجاد تدخلات وأساليب فعالة لرفع كفاءة الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد في سن مبكرة ليتمكنوا من التواصل مع الآخرين ومواجهة الحياة بصورة أفضل.
وكَشَفت نتائج (Rosenberg, Moran, & Bart, 2017) أن مهارات التواصل الاجتماعي تتأثر مباشرة بمشاركة الأطفال، حيث كانت شدة مهارات التواصل الاجتماعي هي المؤشر المباشر الواضح للمشاركة في أنشطة الحياة اليومية.
ومن ثم تحاول الدراسة الحالية الكشف عن فعالية برنامج قائم على الاستجابة المحورية لتنمية التواصل الاجتماعي لدى الأطفال الذاتويين.
مشكلة الدراسة:
يعاني الأطفال الذاتويون من صعوبات متباينة في مختلف جوانب النمو (التواصلية والاجتماعية والسلوكية) ويُعد القصور في التواصل الاجتماعي من أكثر الصعوبات انتشارًا بين هؤلاء الأطفال.
وتبلورت مشكلة البحث في ذهن الباحث من خلال عمله كاختصاصي تربية خاصة في أحد المراكز وكذلك من خلال عمله كاختصاصي تأهيل الأطفال الذاتويين، مما أعطى للباحث الفرصة في مشاركة بعض الاستجابة المحورية التي يمارسها الأطفال خارج إطار المراكز التدريبية، ولاحظ الباحث أنه مع الاهتمام التعليمي الجيد، حقق الأطفال مستوىً مُتقدّماً من الأداء الأكاديمي فمنهم من استطاع القراءة والكتابة ومنهم من استطاع أن يحفظ جدول الضرب، لكن مع ذلك وجدوا صعوبة في التواصل الاجتماعي حيث لم يستطيعوا تكوين صداقات أو مواصلة حديث مع الآخرين، كما وجدوا صعوبة في شراء احتياجاتهم والاستقلال في أمور حياتهم.
لذا ظهرت الحاجة إلى تنمية التواصل الاجتماعي لدى هؤلاء الأطفال، وهذا يتطلب مجموعة من الطرق والأساليب التي من شأنها أن تُسهّل دمجهم في المجتمع والحياة العملية مستقبلاً مما يساعد على تطور مهارات التواصل لديهم، ومن ثم سعى الباحث إلى بناء برنامج تدريبي قائم على الاستجابة المحورية في بعض الأنشطة اليومية، حيث تعتبر الاستجابة المحورية من البرامج التي تساعد الطفل ذا اضطراب الذاتوية على تنمية مهارات التواصل الاجتماعي، وهذا ما أكدت عليه العديد من البحوث التي أشادت بفاعلية برامج الاستجابة المحورية مثل: بحث (Oxelgren et al., 2019) ، وبحث (Saad, 2018) اللذان أشارت نتائجهما إلى فاعلية الاستجابة المحورية في تنمية العديد من المهارات لدى الأطفال الذاتويين.
تساؤلات الدراسة:
- ما مدى فاعلية برنامج قائم على الاستجابة المحورية في تنمية التواصل الاجتماعي لدى عينة من الأطفال الذاتويين في ضوء نظرية التدافع؟
- ما مدى استمرارية فاعلية البرنامج القائم على الاستجابة المحورية في تنمية التواصل الاجتماعي لدى الأطفال الذاتويين بعد مرور فترة البحث التتبعية؟
أهداف الدراسة:
- تنمية التواصل الاجتماعي لدى الأطفال ذوي اضطراب الذاتوية من خلال برنامج قائم على الاستجابة المحورية.
- قياس مدى فاعلية برنامج قائم على الاستجابة المحورية لتنمية التواصل الاجتماعي لدى الأطفال ذوي اضطراب الذاتوية -وكذلك مدى استمراريته- إن وجدت له فاعلية- إلى ما بعد فترة المتابعة.
أهمية الدراسة:
[أ] الأهمية النظرية:
- محاولة الإسهام في البناء النظري لمفهوم اضطراب الذاتوية من حيث أسباب حدوثه ونسب الانتشار وخصائص هؤلاء الأطفال، والتعرف على أهم التدخلات التربوية الفعالة.
- إلقاء الضوء على الاستجابة المحورية باعتبارها من الوظائف الأساسية للتواصل الاجتماعي لدى الأطفال ذوي اضطراب الذاتوية.
- تسليط الضوء على أهمية التواصل الاجتماعي لدى الأطفال ذوي اضطراب الذاتوية.
- تسليط الضوء على أهمية برنامج قائم على الاستجابة المحورية ودوره في تنمية التواصل الاجتماعي لدى الأطفال ذوي اضطراب الذاتوية.
[ب] الأهمية التطبيقية
- إعداد أنشطة تدريبية خاصة بالاستجابة المحورية.
- إعداد مقياس تقدير التواصل الاجتماعي لدى الأطفال ذوي اضطراب الذاتوية.
- توجيه نظر المهتمين بالمجال إلى فاعلية برنامج الاستجابة المحورية في تنمية التواصل الاجتماعي لدى الأطفال ذوي اضطراب الذاتوية.
فروض الدراسة:
- الفرض الأول: يوجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي رتب درجات القياسين القبلي والبعدي لمجموعة الدراسة لتطبيق البرنامج على مقياس تقدير التواصل الاجتماعي للأطفال الذاتويين في اتجاه القياس البعدي.
- الفرض الثاني: لا يوجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي رتب درجات القياسين البعدي والتتبعي لمجموعة الدراسة على مقياس تقدير التواصل الاجتماعي للأطفال الذاتويين مما يدل على استمرارية فعالية البرنامج.
حدود الدراسة:
[أ] منهج الدراسة:
اعتمد البحث الحالي على المنهج شبه التجريبي، حيث إنه يتلاءم مع طبيعة البحث الحالي، وتم استخدام التصميم التجريبي ذي المجموعة الواحدة، حيث إن البحث الحالي يعتمد على المجموعة الواحدة وهي المجموعة التجريبية من الأطفال الذاتويين.
[ب] عينة الدراسة:
تكونت عينة الدراسة الحالية من (10) أطفال ذوي اضطراب الذاتوية ممن تنطبق عليهم شروط العينة تتراوح أعمارهم بين (4 إلى 6) سنوات، واعتمدت الدراسة على التصميم شبه التجريبي ذي المجموعة الواحدة.
[ج] أدوات الدراسة:
استخدم الباحث الأدوات التالية:
- مقياس ستانفورد بينيه للذكاء- الصورة الخامسة (إعداد صفوت فرج، 2011)
- مقياس جيليام التقديري لتشخيص أعراض وشدة اضطراب الذاتوية-الإصدار الثالث GARS-3 إعداد وتعريب عادل عبد الله وعبير أبو المجد (2020)
- مقياس تقدير التواصل الاجتماعي للأطفال الذاتويين (إعداد الباحث)
- برنامج الاستجابة المحورية (إعداد الباحث)
[د] الأساليب الإحصائية المستخدمة وتشمل:
- اختبار ويلكوكسون لإشارات الرتب ذات الدرجات المرتبطة Wilcox on Signed Ranks Test، لحساب الفرق بين متوسطي رتب أزواج الدرجات المرتبطة.
- معامل الارتباط الثنائي لرتب الأزواج المرتبطة (rprb) Matched- Pairs Rank Biserial Correlation لمعرفة حجم تأثير البرنامج.
- المتوسطات والانحرافات المعيارية.
- معاملات الارتباط.
- معامل ثبات ألفا كرونباخ.
نتائج الدراسة:
- يوجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي رتب درجات القياسين القبلي والبعدي لمجموعة الدراسة على مقياس تقدير التواصل الاجتماعي للأطفال الذاتويين عند مستوى دلالة 0,01 في اتجاه القياس البعدي.
- لا يوجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي رتب درجات القياسين البعدي والتتبعي لمجموعة الدراسة على مقياس تقدير التواصل الاجتماعي للأطفال الذاتويين مما يدل على استمرارية فعالية البرنامج.
توصيات الدراسة:
في ضوء ما أسفرت عنه الدراسة الحالية من نتائج ومتضمنات تم تقديم التوصيات والمقترحات التالية:
- تدريب العاملين في المركز على طرق تشخيص اضطراب الذاتوية وطرق تحديد القصور والضعف التي يعاني منها أطفال هذه الفئة.
- تبني نظرية التدافع بالدراسة في تحقيق التوازن النفسي لمقدمي الرعاية لفئة الأطفال الذاتويين.
- إعداد ورش تدريبية للعاملين وأولياء الأمور- أطفال اضطراب الذاتوية – على طرق التواصل العلمية والمتاحة لتنمية مهارات التواصل لديهم.
- تدريب المعلمين والاختصاصيين على استخدام جداول لتسجيل الملاحظات السلوكية والتفاعلية التي يظهرها الأطفال ذوو اضطراب الذاتوية أثناء الجلسات وفي أوقات اللعب وجميع المواقف الحياتية، وإشراك أولياء الأمور في التدوين أيضاً.
- ضرورة الاهتمام بالمواد المرئية والمسموعة عبر القنوات المتاحة (تلفاز -راديو-وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة) التي تنشر معلومات وحقائق عن فئة اضطراب الذاتوية.
- تفعيل قنوات إرشادية من الجامعات المتخصصة بالعمل مع فئة اضطراب الذاتوية وإعلام أولياء الأمور بطرق التواصل معهم وتفعيل الشراكة بين هذه الجامعات والمراكز المختصة بتدريب ذوي اضطراب الذاتوية.
- توظيف الدراسات والبحوث التي تهتم بالتواصل الاجتماعي لدى الأطفال ذوي اضطراب الذاتوية.
- عقد ورش عمل للأمهات والآباء لتدريبهم على استراتيجيات مثل الاستجابة المحورية لما لها من أهمية وهو ما اتضح من مناقشة نتائج البحث الحالي.
- العمل على إجراء بحوث حول تصميم مقياس للتواصل الاجتماعي يهتم بالطفل العربي الذي يواجه اضطراب الذاتوية مراعياً البيئة العربية وعاداتها وتقاليدها.
- تفعيل دور الإشراف من قِبَل الكليات والمؤسسات المتخصصة باضطراب الذاتوية على المناهج المقدمة لهم وخطط دمجهم والطرق المتبعة في تدريبهم وتأهيلهم.
- ضرورة الاهتمام بتقديم الدعم المادي لأسر الأطفال ذوي اضطراب الذاتوية حتى يتمكنوا من تقديم الخدمات التأهيلية والتعليمية لأطفالهم والتي تثقل كاهل الأسرة وبالتالي عدم التقصير في تأهيل وتدريب أطفالهم من ذوي اضطراب الذاتوية.
- إظهار روح التقبل والدعم الاجتماعي من كافة فئات المجتمع عبر تفعيل دور برامج التوعية والزيارات المدرسية للطلاب والتلاميذ وتثقيفهم حول فئة اضطراب الذاتوية، ودور الأسر الجامعية من خلال تقديم مبادرات وفعاليات لفئة اضطراب الذاتوية.
مراجع الدراسة:
- إبراهيم الزريقات، إبراهيم عبد الله & النجادات، حسين متروك. (2016). فاعلية التدريب على غير المرغوب فيها وتنمية المهارات الاجتماعية لدى أطفال التوحد في الأردن. دراسات العلوم التربوية المجلد (43).
- إبراهيم الزريقات، إبراهيم عبد الله. (2005). اضطرابات الكلام واللغة: التشخيص والعلاج. عمان، الأردن: دار الفكر.
- إبراهيم الزريقات، إبراهيم عبد الله. (2010). التوحد السلوك والتشخيص والعلاج (ط1). عمان: دار وائل.
- إبراهيم، سليمان عبد الواحد. (2014). المهارات الحياتية مدخل للتعامل الناجح مع مواقف الحياة اليومية. القاهرة: مركز دار النشر.
- إبراهيم، عبد الستار وكفافي، علاء الدين. (2015). القاهرة: المركز القومي للترجمة.
- أحمد، شريف عادل جابر. (2021). الكفاءة السيكومترية لمقياس التدافع لدى معلمي التربية الخاصة في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية. مجلة البحث العلمي في التربية. جامعة عين شمس: كلية البنات للآداب والعلوم والتربية. 22(11). نوفمبر. ص ص138-158.
- أحمد عواد ونادية البلوي، أحمد والبلوي، نادية صالح. (2011). الاتجاهات المعاصرة في تشخيص وعلاج اضطراب التوحد. مجلة الطفولة والتربية، المجلد (3)، العدد (6).
- آل نبيه إسماعيل، حازم رضوان. (2011). التوحد واضطرابات التواصل. عمان: دار مجدلاوي.
- الإمام، محمد صالح؛ الجوالدة، فؤاد عيد. (2010 أ). الإعاقة العقلية ومهارات الحياة في ضوء نظرية العقل (سلسة نظرية العقل في التربية الخاصة). عمان: دار الثقافة.
- الإمام، محمد صالح؛ الجوالدة، فؤاد عيد. (2010 ب). التوحد ونظرية العقل المجلد (1). سلسلة (نظرية العقل في التربية الخاصة). عمان: دار الثقافة.
- Adalarasu, K., Jagannath, M., & James, O. (2019). Assessment of Techniques for Teaching School Children with Autism. IRBM. doi: https://doi.org/10.1016/j.irbm.2019.10.003
- Adams, D., Paynter, J., Clark, M., Roberts, J., & Keen, D. (2019). The Developmental Behaviour Checklist (DBC) Profile in Young Children on the Autism Spectrum: The Impact of Child and Family Factors. Journal of Autism and Developmental Disorders, 49(8), 3426-3439. doi:10.1007/s10803-019-04067-0
- American Psychiatric Association. (2013). Diagnostic and statistical manual of mental disorders. BMC Med, 17, 133-137.
- Bal, Vanessa Hus, Kim, So-Hyun, Cheong, Daniel, & Lord, Catherine. (2015). Daily living skills in individuals with autism spectrum disorders from 2 to 21 years of age. Autism, 19(7), 774-784.
- Bellini, Scott. (2006). Autism social skills profile. Building Social Relationships: A Systematic Approach to Teaching Social Interaction Skills to Children and Adolescents with Autism Spectrum Disorders and Other Social Difficulties.
- Bennett, Matthew, Webster, Amanda A, Goodall, Emma, & Rowland, Susannah. (2019). Life on the Autism Spectrum: Translating Myths and Misconceptions into Positive Futures: Springer.
- Bharathi, G., Jayaramayya, K., Balasubramanian, V., & Vellingiri, B. (2019). The potential role of rhythmic entrainment and music therapy intervention for individuals with autism spectrum disorders. Journal of Exercise Rehabilitation, 15(2), 180-186. doi:10.12965/jer.1836578.289
- Bharathi, G., Venugopal, A., & Vellingiri, B. (2019). Music therapy is a therapeutic tool in improving the social skills of autistic children. Egyptian Journal of Neurology, Psychiatry and Neurosurgery, 55(1). doi:10.1186/s41983-019-0091-x
- Boyd, B. A., Hume, K., McBee, M. T., Alessandri, M., Gutierrez, A., Johnson, L., Odom, S. L. (2014). Comparative efficacy of LEAP, TEACCH and non-model-specific special education programs for preschoolers with autism spectrum disorders. Journal of Autism and Developmental Disorders, 44(2), 366-380. doi:10.1007/s10803-013-1877-9
نبذة عن الكاتب:
وليد جابر عبد اللطيف إبراهيم، حاصل على درجة الدكتوراة في التربية الخاصة من كلية التربية للطفولة المبكرة جامعة القاهرة، تدرجت وظيفيًا من أخصائي تربية خاصة إلى مدير فني لمراكز تربية خاصة بجمهورية مصر العربية منذ عام 2009 حتى عام 2015، وشغلت منصب أخصائي تأهيل توحد بوزارة التنمية الاجتماعية بسلطنة عمان منذ 2016 إلى أغسطس 2024، واشغل منصب معلم تربية خاصة بمدينة الشارقة للخدمات الانسانية منذ سبتمبر2024،قدمت العديد من المحاضرات في مجال التربية الخاصة ضمن مبادرة تنمية مهارات العاملين بالتربية الخاصة والمقاييس والبرامج الخاصة بالتوحد، لدي بحوث علمية منشورة في مجلات علمية على مستوى الوطن العربي منها مجلة الطفولة جامعة القاهرة، ومجلة وزارة التنمية الاجتماعية بسلطنة عمان وموفع شمعة للبحوث العلمية لبنان، وحاصل على جائزة التميز بالبحوث التطبيقية بوزارة التنمية الاجتماعية بسلطنة عمان لعام 2022/2023م.