إعداد الاختصاصية النفسية آمنة إبراهيم الزعابي
الفريق البحثي لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية
حرصت مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية على تبني أفضل الممارسات الداعمة والمحفزة لمنتسبيها متجنبةً تماماً الأساليب المنفرة والتي لا تتماشى ولا تتفق مع رؤيتها في احتواء ومناصرة وتمكين الأشخاص من ذوي الإعاقة، وهي تعمل على تهيئة البيئة التعليمية لتحقيق الأهداف التعليمية والتأهيلية في عدّة مجالات تخدم المجتمع الإنساني التأهيلي وتحرص على توفير بيئة تعليمية تربوية إيجابية آمنة ومريحة لطلابها من ذوي الإعاقة.
ويعد التعليم الملطف من الأساليب التي تتبناها المدينة المستخدمة والفعالة في تحقيق تغييرات إيجابية في سلوك الفرد وجعل حياته وحياة المحيطين به أكثر فاعلية، ويقوم التعليم الملطف في جوهره على سيكولوجية الدعم الإنساني المتبادل، ويهتم بتحقيق الألفة، والتعاطف والتفهم للآخر، كما يشتمل على معاني الحب غير المشروط والصحبة والترابط مع من يحتاج للمساعدة.
اقرأ ايضا: الخدمات الإنسانية أول من تبنى حق الأشخاص من ذوي الإعاقة في الحصول على رخص القيادة ومواقف السيارات
كما يقوم على تجاهل السلوكيات المزعجة وإعادة توجيه الشخص نحو السلوك المقبول، يتسم بالاحترام والتعاون مع التركيز على أهمية التقييم غير المشروط في التعلم، ويعلم الفرد كيف يشعر بالأمن والأمان والانشغال والانخراط في السلوكيات الإيجابية. وقد استخدم التعليم الملطف أو الحاني في العديد من البرامج الإرشادية لتعديل السلوكيات غير المقبولة عن طريق إعادة توجيه الفرد على نحو مستمر نحو المهام أو التفاعلات القائمة على اللطف والتسامح والدفء والتعاطف.
ولا شك بأن التعليم الملطف الحاني هو طريقة أرست أصولها النظرية التربوية الإسلامية منذ قرون ليست بقليلة. فقد وضع رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أسس هذه الطريقة التربوية والعلاجية بوضوح تام وأصل أصولها وبين طريقة تطبيقها فقد جاء في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه).
وما توصل له العلماء الغربيون ما هو إلا تطبيق للعديد من المبادئ التي أرساها النبي صلى الله عليه وسلم.
تعود أسس التعليم الملطف في العصر الحديث إلى جون ماكاجي وهو من طور التعليم الحاني من خلال تأسيس معهد دولي للتعليم الحاني في هولندا منذ بداية ثمانينات القرن الماضي، وفي ٢٠٠٥ عقد المؤتمر الدولي السادس للتعليم الحاني في الولايات المتحدة الأمريكية في ولاية شيكاغو وأصبح هناك العديد من الوكالات التابعة له في جميع أرجاء العالم.
مفهوم التعليم الملطف :
هو منظومة قيم وأهداف تضع الترابط والمصاحبة أساساً لجميع التفاعلات الإنسانية وتقديم المساندة والدعم للآخرين من أجل استعادة انضباطهم الشخصي بطريقة ملؤها الاحترام والحفاظ على الكرامة ( (McGee.1998
ويركز التعليم الملطف على توفير وتبادل التقدير والحب غير المشروط للطفل لشخصه وكينونته وليس لما ينجزه وما يقدمه ويتم ذلك من خلال التفاعلات اللفظية والملموسة والتفاعلات التي تحمي قيمة الفرد بغض النظر عن أي سلوك يصدر عنه ( Thomas&Montgomery.1998)
ويمكننا إيجاز مبادئ التعليم الملطف في التالي:
- يرفض التعليم الملطف استخدام العقاب تماماً ويتجنب استخدام الأساليب المنفرة في تعديل السلوك بما في ذلك كل أشكال العقاب كتكلفة الاستجابة والإبعاد أو العزل المؤقت.
- يرفض عملية الضبط والتحكم كهدف من الأهداف العلاجية في إدارة السلوك، ويرى أن يتم الاتجاه لتكوين رابطة وجدانية بين الطفل والمربي .
- يتبنى مبدأ المشاركة والاقتناع بكل سلوك يقوم به الطفل ولا يجبره على شيء يفعله بل يترك له حرية الاختيار، ويكون ذلك بعد التوجيه والبيان الكامل للصواب والخطأ.
- يراعي العلاج ” التعليم” الملطف الشعور ويجعل له موقعاً قوياً في أي خطة علاجية بما في ذلك التركيز على الحب والتقبل والتسامح والدفء إلخ..
يقوم التعليم الملطف على اعتبار أن كل التفاعلات الإنسانية ـ ناجحة أو فاشلة ـ تعتمد أساساً على اتجاهاتنا ومعتقداتنا وأحكامنا المسبقة ومن ثم، فإن كنا نعتقد أن الطفل المشاغب هو طفل مدلل أفسدته التربية، فإن تفاعلاتنا مع هذا الطفل ستتجه في الغالب الأعم إلى الحزم والعقاب وإملاء الأوامر، وقد يسهم أسلوبنا هذا بدوره في تكوين معتقدات وأحكام لديه يرانا بمقتضاها أننا لا نفهمه وأننا نتسلط عليه ولا نصغي لمشاعره، ولهذا فإن التفاعل الصحي يجب أن يكون متحرراً منذ البداية من الأحكام والآراء.
اذاً فالهدف الرئيسي من التعليم الملطف:
تكوين رابطة وجدانية قائمة على مساندة صاحب المشكلة وتطوير علاقة إيجابية مع الطفل قبل الدخول في خطة التدخل في إدارة سلوكياته.
يتعلم الطفل من خلال ممارسة التعليم الملطف معه ثلاثة أشياء هي:
- وجود المربي مرتبط بالأمان والطمأنينة.
- كلماتنا وإيماءاتنا (بما فيها اللمس، الابتسام، والعناق) تعني الإثابة والمكافأة في ذاتها، وليس التحكم والرغبة في الضبط.
- المكافأة تأتي من إسهامه (وليس من مجرد خضوعه).
لذا لا بد من تحقيق تغيرات إيجابية في تفاعلاتنا مع الطفل، لا أن تكون خططنا قائمة على مجرد رد الفعل ودرء الخطر.
فالمربي الذي يستطيع أن يبني علاقة دافئة، سيكون قادراً على توقع السلوك قبل حدوثه، وسيستفيد من هذه الرابطة في أكثر المواقف خطراً أو حرجاً.
لهذا نجد أن العلاج ” التعليم” الملطف غالباً ما يحقق نجاحاً كبيراً في الحد من التحديات السلوكية وخفض السلوكيات غير التكيفية لدى الأطفال من ذوي الإعاقة.
المراجع :
- Montgomery, P. (1998). On Becoming a good teacher: Rewflective Practice with regard to children’s voices. Journal of Teacher Education, 49 (5), 37-48. المراجع References
- مسافر، علي عبد الله (2004) . التعلم الملطف مدخل غير تنفيري لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة والقائمين برعايتهم. القاهرة السحاب للنشر والتوزيع
- أحمد خالد عبد القادر يوسف وعقل سمير محمد بشاتوه محمد عثمان محمد (2013). فاعلية برنامج قائم على التعلم الملطف في تعديل بعض الاضطرابات السلوكية ” الأطفال التوحديين بمدينة الطائف.
- المجلة المصرية للدراسات النفسية العدد١٠٨ – المجلد الثلاثون – يولية ٢٠٢٠
- الخولي، هشام عبد الرحمن (2008). التعليم الملطف الحاني: النظرية والإستراتيجيات القاهرة: دار صفاء