يعد الأمن الإنساني من إحدى الاحتياجات الهامة لعامة الناس، ويأتي في المرتبة الثانية من هرم الحاجات، بعد الحاجات البيولوجية التي لا يستطيع الانسان الاستغناء عنها. إن شعور الإنسان بالأمن يهيء له التربة الخصبة لتحقيق الحاجات الإجتماعية والنفسية كالحاجة إلى التقدير والانتماء وتحقيق الذات، وإذا لم يتوفر عنصر الأمن فإن ذلك من شأنه أن يدفن الكثير من الطاقات الابداعية التي يكتنزها الإنسان، ويغطي على الكثير من قدراته وجوانب القوة لديه.
لقد روج برنامج الأمم المتحدة الانمائي لمفهوم الأمن الإنساني الذي أخذ ينتشر فيما بعد هنا وهناك، وتبنته ودعمته دول عديدة، وظهرت العديد من الخطوات التي اتخذتها الأمم المتحدة خلال السنوات الماضية، وهو يركز على حماية المواطنين والأطفال وتقديم الرعاية الصحية، ومكافحة المخدرات ومواجهة الجريمة المنظمة، وهو ما يتضمنه العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي بالحقوق المدنية والسياسة، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو العقوبة الإنسانية أو المهينة، واتفاقية حقوق الطفل، وقد أكدت اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال موادها على جوانب عديدة من الأمن الإنساني اللازم والضروري للأشخاص المعاقين والتي من أهمها:
- أهمية إدماج قضايا الأشخاص المعاقين كجزء من استراتيجية التنمية المستدامة في الدول.
- عدم التمييز ضد أي شخص من ذوي الإعاقة لمجرد إعاقته، في جميع مجالات الحياة التعليمية والتشغيلية والثقافية.
- تشجيع تمتع الأشخاص المعاقين بصورة كاملة بحقوقهم وحرياتهم الأساسية ومشاركتهم الكاملة، بما يقضي زيادة شعورهم بالانتماء والولاء لوطنهم، ويحقق تقدماً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
- أهمية الوصول إلى بيئة مادية مؤهلة تتوفر فيها المنحدرات والمداخل المناسبة والمواقف الخاصة بالأشخاص المعاقين، والمرافق المختلفة، لتمكينهم من التمتع الكامل بحقوق الإنسان والحريات الأساسية.اعتراف هذه الإتفاقية بأن الأسرة هي الوحدة الأساسية والطبيعية التي ينبغي أن يعيش فيها الشخص المعاق، وأن الأشخاص من ذوي الإعاقة وأسرهم ينبغي أن يحصلوا على المساعدة والحماية اللازمة من أجهزة الدولة المعنية.
- تدارك الحرمان الاجتماعي الذي لحق بالأشخاص المعاقين في دول كثيرة من العالم طيلة السنوات الماضية، وتشجيع مشاركتهم على أساس مبدأ تكافؤ الفرص.
ولو قارنا بنود هذه الإتفاقية بما هو متحقق في الواقع على الأرض في دولة الإمارات العربية المتحدة، لوجدنا الكثير من الحقوق المتاحة والخدمات المتوفرة للأشخاص المعاقين في الدولة، حيث توفر وزارة الشؤون الاجتماعية مختلف الخدمات التأهيلية والتعليمية لهم عبر مجموعة من المراكز المنتشرة في أنحاء الدولة، وتوفر وزارة الصحة الأجهزة والأدوات والمعدات المساعدة والطبية، إضافة إلى العلاج المجاني لهم داخل وخارج الدولة، وتوفر لهم وزارة التربية والتعليم البيئة الميسرة من أجل الدمج في مدارس التعليم العام جنباً إلى جنب مع أقرانهم من غير المعاقين.
أما الأجهزة الشرطية وهي العيون الساهرة على أمن الوطن ومواطنيه والمقيمين فيه، فهي توفر الحماية والإهتمام للأشخاص المعاقين من حيث الحفاظ على حقوقهم وممارستهم لحياتهم الطبيعية، وتعاقب كل من يعتدي على خصوصياتهم الشخصية واحتياجاتهم الخاصة وحقوقهم، مثل حقهم في الموقف المجاني، وحقهم في الحصول على الخصومات على الكثير من الخدمات، ومراعاة قدراتهم أثناء ممارستهم لأنشطة حياتهم اليومية. وتمثل بطاقة المعاق مستنداً رسمياً وهاماً للشخص المعاق، يعرف به عن نفسه أمام السلطات الرسمية والمجتمع عامة، وتحفظ حقه في تلقي الكثير من الخدمات والتسهيلات، الأمر الذي يعتبر مصدراً لتحقيق أمنه النفسي والانساني.
لذلك يمثل الأمن الإنساني للأشخاص المعاقين تعبيراً عن حقهم ـ كأناس بالدرجة الأولى ـ في تلبية حاجاتهم الأساسية دون تمييز، وضرورة تلقيهم للعناية الطبية اللائقة، والتعليم المناسب، وإدماج قضاياهم كجزء لا يتجزأ من استراتيجية التنمية المستدامة، والتعامل معهم كلبنات قوية يعتمد عليها في بناء هذا الوطن. ويوجب علينا هذا المفهوم أيضاً إرشادهم لتلافي وقوعهم في الجريمة وعناصر الخطر، وتعرضهم للإستغلال بمختلف أشكاله.
وهو ما يدعونا إلى الاعتراف بمساهمة الأشخاص المعاقين في تحقيق نمو المجتمع والتنوع فيه، وتشجيع تمتعهم بحقوقهم الإنسانية، ومشاركتهم الكاملة التي ستؤدي – بلا شك – إلى زيادة شعورهم بالأمان والانتماء لهذا المجتمع المعطاء، وتحقيق أكبر قدر ممكن في مجال التنمية البشرية والاجتماعية.
إن عمل الشخص المعاق يشكل إحدى مقومات الأمن الانساني، كونه يجعله مشاركاً في عملية التنمية الاقتصادية لبلده، مستقلاً عن الآخرين، معتمداً على ذاته في تحقيق احتياجاته، ويؤمن مختلف متطلبات الحياة الاجتماعية له ولأسرته، مما يحقق له الاستقرار والتكيف مع مجتمعه، وهو ما يؤكد ضرورة إدماج الأشخاص المعاقين في مختلف برامج وأنشطة الحياة الاجتماعية والإقتصادية، بما يشعرهم بانتمائهم لمجتمعهم، ويحقق لهم الأمن النفسي والاجتماعي والاقتصادي، وبالتالي الأمن الإنساني.
- دكتوراه الفلسفة في التعليم الخاص والدامج ـ الجامعة البريطانية بدبي
- يعمل حالياً في إدارة رعاية وتأهيل أصحاب الهمم ـ وزارة تنمية المجتمع ـ دبي.
- له العديد من المؤلفات حول التقييم والتأهيل النفسي والتربوي وتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة.
- باحث مشارك مع مجموعة من الباحثين في جامعة الامارات العربية المتحدة للعديد من الدراسات المنشورة في مجال التربية الخاصة.
- ألقى العديد من المحاضرات والدورات وشارك في الكثير من المؤتمرات حول مواضيع مشكلات الأطفال السلوكية، وأسر الأشخاص المعاقين، والتقييم النفسي التربوي، التشغيل، التدخل المبكر.
- سكرتير تحرير مجلة عالمي الصادرة عن وزارة تنمية المجتمع في الإمارات.
- سكرتير تحرير مجلة كن صديقي للأطفال.
جوائز:
- جائزة الشارقة للعمل التطوعي 2008، 2011
- جائزة راشد للبحوث والدراسات الإنسانية 2009
- جائزة دبي للنقل المستدام 2009
- جائزة الناموس من وزارة الشؤون الاجتماعية 2010
- جائزة الأميرة هيا للتربية الخاصة 2010
- جائزة العويس للإبداع العلمي 2011