ترجمة: بشار ناصر الشماس
الوَضْعَة أو الوَضْعِيَّة الجيدة هي أكثر من مجرد الوقوف بشكل مستقيم حتى تبدو في أفضل حالاتك.
فهي جزء مهم من صحتك على المدى الطويل.
إن التأكد من أنك تحافظ على جسمك بالطريقة الصحيحة، سواء كنت تتحرك أو كنت ثابتاً في المكان، يمكن أن يمنع الألم والإصابات والمشاكل الصحية الأخرى.
ما هي الوضعة أو الوضعية (Posture)؟
تُعرَّف الوضعية بأنها السلوك الذي يتخذه الجسم، فتكون إما الدعم أثناء النشاط العضلي، أو المحافظة على الاستقرار، نتيجة للعمل المنسق الذي تقوم به مجموعة من العضلات. وهي نوعان :
الوضعية الديناميكية (Dynamic posture) هي الطريقة التي تمسك بها نفسك عندما تتحرك، مثل عندما تمشي أو تركض أو تنحني لالتقاط شيء ما. عادة ما يكون مطلوبًا لتشكيل أساس فعَّال للحركة. يجب أن تعمل العضلات والهياكل غير المتقلصة للتكيف مع الظروف المتغيرة.
الوضعية الثابتة (Static posture) هي الطريقة التي تمسك بها نفسك عندما لا تتحرك، مثل الجلوس أو الوقوف أو النوم. تتم محاذاة أجزاء الجسم ويتم الاحتفاظ بها في أوضاع ثابتة. يتم تحقيق ذلك عادة عن طريق التنسيق والتفاعل بين مجموعات العضلات المختلفة التي تعمل بشكل ثابت لمواجهة الجاذبية والقوى الأخرى.
من المهم التأكد من أن لديك وضعية ديناميكية وثابتة جيدة
كيف يتم تقييم الوضعية (Posture Assessment) ؟:
مفتاح وضعية الجسم الجيدة هو وضع العمود الفقري. يحتوي العمود الفقري على ثلاث منحنيات طبيعية – عند الرقبة ومنتصف/ أعلى الظهر وأسفل الظهر. يجب أن تحافظ الوضعية الصحيحة على هذه المنحنيات، وليس زيادتها. ويجب أن يكون رأسك فوق كتفيك وكتفك فوق الوركين.
في الوضع المثالي، يجب أن يمر خط الجاذبية (line of gravity) عبر نقاط معينة من الجسم. يمكن ببساطة ملاحظة هذا أو تقييمه باستخدام خط عمودي لتقييم خط الوسط من الجسم.
يجب أن يمر هذا الخط عبر شحمة الأذن (Lobe of the ear)، ومفصل الكتف (Shoulder joint)، ومفصل الورك (Hip joint)، والمدور الكبير لعظم الفخذ، ثم إلى الأمام قليلاً لخط الوسط لمفصل الركبة (knee joint) وأخيراً أمام الكعب من الجانب الوحشي (Anterior to the lateral malleolus).
عند النظر إليه من الأمام أو الخلف، فإن الخط العمودي الذي يمر عبر مركز ثقل الجسم (Body’s center) يجب أن يقسم الجسم نظريًا إلى نصفين متساويين، مع توزيع وزن الجسم بالتساوي بين القدمين.
الشكل يوضح الوضعية المثالية
أثناء تقييم الوضع (Posture)، يجب ملاحظة التناسق والدوران/ ويجب رؤية الميلان في الجهات الأمامية، والجانبية، والخلفية. والتقييم يكون لـ:
- محاذاة الرأس (Head alignment).
- الانحناء العنقي والصدري والقطني (Cervical, thoracic and lumbar curvature).
- تناسق مستوى الكتف.
- تناسق الحوض.
- مفاصل الورك والركبة والكاحل.
في الجلوس (In sitting):
- يجب محاذاة الأذنين مع الكتفين والكتفين بمحاذاة الوركين.
- يجب أن تكون الأكتاف مسترخية وأن يكون المرفقان قريبين من جوانب الجسم.
- زاوية الكوعين والوركين والركبتين حوالي 90 درجة.
- القدمان منبسطتان على الأرض.
- الساعدان (The forearms) موازيان للأرض والمعصمان (The wrists) مستقيمان.
- يجب أن ترتاح القدمان بشكل مناسب على السطح.
هل يوجد علاقة بين الوضعة والصحة (Posture and Health) ؟:
يمكن أن تكون الوضعية السيئة ضارة بصحتك. كوضعية التراخي (Slouching) أو الانحدار الأمامي (Slumping).
- فتسبب اختلالاً في الجهاز العضلي الهيكلي. وزيادة الضغط على العمود الفقري، مما يجعله أكثر عرضة للإصابة والتنكس. تسبب آلام الرقبة والكتف والظهر.
- نقصان في المرونة.
- يؤثر على كيفية حركة المفاصل.
- تؤثر على التوازن وتزيد من خطر السقوط.
- يزيد من صعوبة هضم الطعام.
- يجعل التنفس أكثر صعوبة.
- إن العلاقة بين الوضعة (Posture) والألم لها العديد من النظريات القائلة بأن الوضع السيئ هو عامل مساهم في آلام أسفل الظهر، وقد أظهرت بعض الدراسات أن تحسين الوضعة والتحكم في الوضعة يمكن أن يكون لهما تأثير إيجابي يخفف الألم.
ما دور العلاج الطبيعي (العلاج الفيزيائي) (Physiotherapy)؟:
نقول للمستفيد ما يلي:
- ضع في اعتبارك الوضعة (Posture) أثناء الأنشطة اليومية، مثل مشاهدة التلفاز أو غسل الأطباق أو المشي.
- ابق نشيطاً. قد يساعد أي نوع من التمارين في تحسين وضعية الجسم، ولكن يمكن أن تكون أنواعًا معينة من التمارين مفيدة بشكل خاص. على سبيل المثال اليوجا (Yoga) والتاي تشي (Tai chi) وفصول أخرى تركز على معرفة الجسم. أيضاً، من الأفكار الجيدة القيام بتمارين لتقوية منطقة محيط البطن والجذع (Core) الخاص بك.
- الحفاظ على وزن صحي. الوزن الزائد يمكن أن يضعف عضلات البطن ويسبب مشاكل في الحوض والعمود الفقري ويساهم في آلام أسفل الظهر.
- ارتدِ أحذية مريحة منخفضة الكعب. فارتداء الكعب العالي، على سبيل المثال، يمكن أن يخل بالتوازن ويجبر الشخص على المشي بشكل مختلف. هذا يضع المزيد من الضغط على العضلات ويضر الوضعية.
- تأكد من أن يكون ارتفاع سطح العمل مريحاً لك، سواء كنت جالسًا أمام الكمبيوتر، أو أثناء تحضير العشاء، أو تتناول وجبة طعام.
يمكن لاختصاصي العلاج الفيزيائي (الطبيعي) تحديد نمط الوضعية وتقديم العلاج العملي وتمارين تصحيح الوضعية واستخدام الأدوات المنزلية المفيدة لتحقيق وضعية جيدة.
وهنا سنورد بعض الأهداف المذكورة أدناه:
- الحصول على مدى طبيعي لحركة المفاصل (Joint Range of Motion). وهذا ضروري كي يسمح لك بتحقيق محاذاة جيدة للوضع (Good posture alignment). على سبيل المثال العلاج اليدوي الصدري.
- الحصول على طول العضلات الطبيعي (Muscle Length). إذا كانت العضلات مشدودة للغاية، فلن يتمكن المستفيد من الوصول إلى الوضع الطبيعي (Normal posture).
- الحصول على قوة عضلية جيدة (Muscle Strength). لتكون هذه القوة قادرة على سحب وتثبيت جسد المستفيد في الوضع الصحيح (Correct posture).
- الحصول على قوة تحمل عضلية ممتازة (Muscle Endurance). تحتاج عضلات الوضعية إلى القدرة على العمل لساعات متتالية. فضعف القدرة على التحمل هو عامل رئيسي في اعتياد الوضع السيئ (Poor posture).
- تمدد العصب الطبيعي (Normal Nerve Extensibility). تحتاج الأنسجة العصبية إلى طول كافٍ للسماح بتحقيق الوضعية الطبيعية للجسم (Normal posture).
- الوعي المكاني الجيد (Spatial Awareness)، أي مكان التواجد في الفراغ. عن طريق تقديم ملاحظات تكون تغذية راجعة لفظية ومرئية وأيضاً من خلال المساعدة مع الشريط الطبي اللاصق (Postural taping).
- عادات الوضعية المثالية. حيث يكون التغيير الأولي للعادات الوضعية الخاطئة أصعب جزء، ثم يتم بعدها تعزيز العادة الصحيحة.
عمل العضلات في الوضعية (Muscle Action in Posture):
- تقلل وضعية الجسم المتوازنة من العمل الذي تقوم به العضلات فهي تحافظ عليه في وضعية منتصبة (Erect posture). وباستخدام تخطيط كهربية العضل (Electromyography) تم تحديد أنه، وبشكل عام:
- العضلات الداخلية للقدم (Intrinsic muscles) تكون هادئة بسبب الدعم الذي توفره الأربطة.
- تكون العضلة النعلية (Soleus) نشطة باستمرار فالجاذبية تعمل على سحب الجسم للأمام فوق القدمين. بينما يقل نشاط عضلة الساق (Gastrocnemius) والعضلات الخلفية العميقة للظنبوب (Deep posterior tibial muscles).
- العضلة الظنبوبية الأمامية (Tibialis anterior) أقل نشاطًا (ما لم يتم ارتداء أحذية الكعب العالي).
- العضلة رباعية الرؤوس الفخذية (Quadriceps) وعضلة الربلة (Hamstrings) عموماً لا تكون في حالة نشط .
- العضلة القَطَنية الحرقفية (Iliopsoas) نشطة باستمرار.
- الألوية الكبيرة (Gluteus maximus) غير نشطة.
- الألوية المتوسطة (Gluteus medius) العضلة الموترة للفافة العريضة (Musculus tensor fasciae latae) تكون في حالة نشاط لإبطال الميلان الوضعي في الجانب الوحشي (lateral postural sway).
- العضلة الناصبة للسناسن (Erector Spinae) نشطة، وتقاوم سحب الجاذبية للأمام.
- عضلات البطن (Abdominal muscles) تظل هادئة وغير نشطة، على الرغم من أن الألياف السفلية للعضلة المائلة الداخلية (lower fibres of the Internal obliques) تكون في حالة نشطة من أجل حماية القناة الأربية (Inguinal canal).
أمثلة على أنواع وضعية الوقوف (Standing Posture):
يمكن أن تكون بعض الأمثلة على الوضعية الخاطئة كما يلي:
- وضعية اللورد او الارتداد أو البزخ القطني (Lordotic posture) – يشير مصطلح اللورد إلى الانحناء الطبيعي للعمود الفقري. عندما يزداد هذا المنحنى بشكل مبالغ فيه عادة ما يشار إليه باسم فرط البزخ القطني (Hyperlordosis). عادة ما يميل الحوض للأمام.
- وضعية التأرجح الخلفي (Sway back posture) – في هذا النوع من الوضعيات، يكون اتجاه الرأس للأمام، استطالة في العمود الفقري العنقي، وانثناء العمود الفقري الصدري، واستطالة العمود الفقري القطني، وميل خلفي للحوض، وفرط استطالة للورك وللركبة وقليلاً في الكاحل أخمص القدمين.
- وضعية الظهر المسطحة (Flat back posture) – في هذا النوع من الوضعيات، يكون الرأس متجهاً للأمام، استطالة للعمود الفقري العنقي، استطالة للعمود الفقري الصدري، فقدان البزخ القطني (loss of lumbar lordosis) وميلان الحوض خلفي.
- وضعية الرأس إلى الأمام (Forward head) – يتم وصف هذه الوضعية بتحرك الرأس للأمام مع بروز الذقن للخارج. وهذا يحدث بسبب زيادة انثناء العمود الفقري العنقي السفلي والعمود الفقري الصدري العلوي مع زيادة استطالة العمود الفقري العنقي العلوي واستطالة في القذال (Occiput) على الفقرة العنقية الأولى (C1).
- الجنف (Scoliosis) انحراف في الخط العمودي الطبيعي للعمود الفقري، ويتكون من انحناء جانبي ودوران الفقرات. يعتبر الجنف عندما يكون هناك زاوية بما لا يقل عن 10 درجات في العمود الفقري على الصورة الشعاعية الخلفية الأمامية المرتبطة بالدوران الفقري. هذا هو منحنى جانبي ثلاثي الأبعاد للعمود الفقري على شكل C أوS.
- الحداب (Kyphosis)- هو زيادة في الانحناء المحدب يلاحظ في المناطق الصدرية أو العجزية من العمود الفقري.
الملاحظات الختامية (Final Remarks):
- من المهم التأكد من أن المستفيدين يتمتعون بوضعية جيدة أثناء الحركة والثبات.
- مجرد معرفة كيفية تصحيح الوضعية لا يكفي لتحقيق التغيير في العادة المكتسبة.
- تستخدم الأجسام الأنماط الحركية المكتسبة لأداء الأنشطة اليومية. عندما نجلس أو نقف أو نمشي أو نتحرك- يتبع جسمنا الأنماط الحركية التي تم تعلمها مسبقًا. إذا تعلم جسدك وضعية التهدل (slouch) – فهذا ما سيفعله.
- يمكن أن يصل اختصاصيو العلاج الطبيعي إلى العديد من النتائج الصحية الإيجابية عن طريق تصحيح وتحسين الوضعية من خلال تقنيات التقييم والعلاج للمستفيدين.
المراجع :
- Gardiner MD. The principles of exercise therapy. Bell; 1957.
- Levangie PK, Norkin CC. Joint structure and function: a comprehensive analysis.
- Howorth MB. Posture in adolescents and adults. The American journal of nursing. 1956 Jan 1:34-6.
- Jump up to:4.0 4.1 4.2 Medlineplus Good Posture Available from:https://medlineplus.gov/guidetogoodposture.html (last accessed 21.4.2020)
- Balague F, Troussier B, Salminen JJ. Non-specific low back pain in children and adolescents: risk factors. European spine journal. 1999 Dec;8(6):429-38.
- Widhe T. Spine: posture, mobility and pain. A longitudinal study from childhood to adolescence. European Spine Journal. 2001 Apr;10(2):118-23.
- Knight JF, Baber C. Neck muscle activity and perceived pain and discomfort due to variations of head load and posture. Aviation, space, and environmental medicine. 2004 Feb 1;75(2):123-31.
- Laird RA, Kent P, Keating JL. Modifying patterns of movement in people with low back pain-does it help? A systematic review. BMC musculoskeletal disorders. 2012 Dec;13(1):1-6.
- Physioworks Posture Correction Available from:https://physioworks.com.au/treatments-1/posture-correction (last accessed 21.4.2020)
- Chiba R, Takakusaki K, Ota J, Yozu A, Haga N. Human upright posture control models based on multisensory inputs; in fast and slow dynamics. Neuroscience research. 2016 Mar 1;104:96-104.
- Tikkanen O, Haakana P, Pesola AJ, Häkkinen K, Rantalainen T, Havu M, Pullinen T, Finni T. Muscle activity and inactivity periods during normal daily life. PloS one. 2013 Jan 18;8(1):e52228.
- Janicki JA, Alman B. Scoliosis: Review of diagnosis and treatment. Paediatrics & child health. 2007 Nov 1;12(9):771-6.
- Posture. (2021, November 13). Physiopedia, . Retrieved 06:11, January 12, 2022 from https://www.physio-pedia.com/index.php?title=Posture&oldid=286010.
- https://m.my-personaltrainer.it/postura/controllo-posturale.html
Bottom of Form
أعمل في العلاج الطبيعي لمدة تزيد عن 24 عاماً. أنهى دراسة العلاج الفيزيائي عام 1996 في دمشق – الجمهورية العربية السورية. وبعد التخرج عمل لمدة 7 سنوات في أقسام العلاج الفيزيائي داخل مشافي مديرية صحة دمشق حيث المتابعة والعلاج للحالات المختلفة من المرضى المسجلين لتلقي خدمة العلاج الفيزيائي. إن منحى العمل داخل المستشفيات أعطاه إمكانيات كبيرة لإدارة حالات العلاج الطبيعي المختلفة وتحسين مهاراته فيما يتعلق بتقنيات إدارة العلاج الفيزيائي الى عام 2003. بعدها تم التكليف للعمل مع الأشخاص من ذوي الإعاقة لدى الجمعية السورية لرعاية الأطفال المصابين بالشلل الدماغي لمدة 5 سنوات حيث عمل على تقييم ووضع الخطط العلاجية والبرامج التدريبية للأسرية والمتابعة لها حتى عام 2008، خلالها تم الالتحاق بعدة برامج تدريبية منها البرامج التدريبي لمؤسسة كريم رضا سعيد ” الإعاقة في سوريا”. التحق بعدد كبير من الدورات وورش العمل في مجال العلاج الطبيعي بمختلف تخصصاته ومن ضمنها تخصص للأطفال والطرق العلاجية والجبائر على يد خبراء ومدربين متخصصين. زار العديد من المراكز وأقسام العلاج الفيزيائي في العديد من المحافظات السورية ضمن فريق مشترك حيث تم تقديم خدمة التقييم للحالات والاستشارات العلاجية وعمل جبائر. كذلك زار جمعية الحسين في المملكة الأردنية الهاشمية ضمن فريق مبتعث للاطلاع على برنامج التأهيل المجتمعي.
بعد ذلك التحق بفريق مركز العلاج الطبيعي والوظيفي التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية كمتخصص في العلاج الطبيعي لمدة تزيد عن 12 عام. شارك ضمن فريق متخصص بتقييم المستفيدين المحتملين الجدد المسجلين في مركز العلاج الطبيعي والوظيفي. وتطبيق البرامج العلاجية للأشخاص من ذوي الإعاقة بمختلف الفئات العمرية. كذلك المشاركة البرامج المتنوعة داخل مدينة الشارقة للخدمات الانسانية كبرنامج المسح الخارجي لرياض الأطفال –برنامج التدخل المبكر ضمن فريق متعدد التخصصات ومن خلال أحدث الممارسات ونظام القياس والتقييم والبرمجة- برنامج العلاج المائي – برنامج العلاج بالحيوانات – برنامج العلاج بركوب الخيل – وبرنامج تدريب طلاب الجامعات وغيرها من البرامج. حضر العديد من المؤتمرات في العلاج الطبيعي ومعارض وورش العمل تخصصية عن الإعاقة – داخل دولة الامارات العربية المتحدة.