إعداد : أبرار عبد الله الردادي
كان الاعتماد قديماً على الذكاء كمعيار وحيد في تشخيص الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، ونتيجة للانتقادات التي وجهت تم اعتماد السلوك التكيفي كمعيار آخر لتشخيصهم وبالتالي أصبح الذكاء والسلوك التكيفي هما معياري التعرف على الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية.
ونظراً لما للسلوك التكيفي من أهمية سأتحدث في هذا المقال عن مهارات ومجالات السلوك التكيفي للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، بالإضافة إلى أهمية تشخيص مهارات السلوك التكيفي وأسباب ومبررات ظهور مقاييس السلوك التكيفي.
مهارات السلوك التكيفي:
المقصود بالسلوك التكيفي هو “مدى قدرة الفرد على تحمل مسؤولياته الشخصية، والمهارات الاستقلالية الأخرى، واستخدام اللغة في التعبير عن نفسه، إضافة إلى قدرة الفرد على تحمل مسؤولياته الاجتماعية المتوقعة منه في المراحل العمرية المتقدمة ” (صباح، رشيد ،2019، ص86).
يرتكز التعريف على أن يكون الشخص مستقلاً ذاتياً، ولديه القدرة على إنشاء علاقات اجتماعية تجعل الفرد يتفاعل مع بيئته حيث يشمل السلوك التكيفي مظاهر عدة تتمثل في المهارات التالية.
- المهارات الاستقلالية: يقصد بها مهارات الحياة اليومية ومنها مهارات تناول الطعام والشراب.
- المهارات الجسمية والحركية: يقصد بها مهارات استخدام الحواس كالبصر والسمع.
- المهارات اللغوية: يقصد بها مهارات اللغة الاستقبالية والتعبيرية.
- مهارات استعمال النقود: يقصد بها مهارات معرفة القطع النقدية المعدنية والورقية.
- مهارات الأرقام والوقت: يقصد بها مهارات معرفة الأرقام والتمييز بينها ومعرفة الوقت.
- المهارات المهنية: يقصد بها المهارات المهنية البسيطة مثل مهارات النظافة والبستنة.
- مهارات التوجيه الذاتي: يقصد بها المهارات المتعلقة بتوجيه الفرد لذاته مثل مهارات المبادرة والمثابرة.
- مهارات تحمل المسؤولية: يقصد بها مهارات التعامل مع المشكلات الشخصية وتحمل المسؤولية.
- مهارات التنشئة الاجتماعية: يقصد بها مهارات التفاعل الاجتماعي مع الآخرين مثل التعاون والاحترام.
(عبد الرشيد، 2013، ص68).
مجالات السلوك التكيفي:
ثمة أربعة مجالات للسلوك التكيفي تشمل ما يلي:
- مجال المهارات الاستقلالية؛ ويشمل مهارات العناية بالذات والمحافظة على السلامة والقدرة على الشراء والبيع واستخدام وسائل الاتصال.
- مجال المهارات الاجتماعية؛ يشمل علاقات الفرد مع أشخاص آخرين والتفاعل الاجتماعي والتعبير عن المشاعر بشكل ملائم ومقبول في المحيط الاجتماعي.
- مجال الدراسة والتحصيل؛ تحتوي بعض مقاييس السلوك التكيفي على المهارات الدراسية وبعضها يخلو منها، وهي (مهارات القراءة والكتابة والأعداد).
- المجال المهني؛ بدأ الاهتمام بمهارات التأهيل المهني في مراحل عمرية متقدمة بالنسبة للأطفال ذوي الإعاقة الذهنية وهي تشمل المهارات التي تمكن الأفراد ذوي الإعاقة الذهنية من العمل (العتيبي،1991).
أهمية تشخيص مهارات السلوك التكيفي:
إن قياس السلوك التكيفي جانب لا غنى عنه في عملية التشخيص، وتكمن أهمية المهارات السلوكية في تشخيص الأطفال ذوي الإعاقة الذهنية في أن السلوك التكيفي هو محك ومعيار في تشخيص وتصنيف الأطفال ضمن فئة الإعاقة الذهنية، وأيضاً يفيد تشخيص مهارات السلوك التكيفي في تحديد جوانب القوة والضعف في مهاراتهم المختلفة ومن ثم تصميم البرامج المناسبة لمساعدتهم في تحسين هذه الجوانب، و كذلك شمولية مصطلح السلوك التكيفي لمظاهر السلوك الأساسية (الاجتماعية واللغوية والحركية والتحصيلية) ،
ويساعد قياس السلوك التكيفي في تدعيم وتعزيز قدرة الفرد ذي الإعاقة الذهنية على التكيف مع المجتمع وأداء الأدوار الملائمة التي تتناسب مع معاييره وقيمه، كما يساعدنا في وضع خطط وبرامج تعديل السلوك لعلاج السلوكيات الخاطئة لدى الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، وأيضاً في تقييم فعالية البرامج المقدمة (العتيبي،1991).
أسباب ومبررات ظهور مقاييس السلوك التكيفي:
أشارعبدالرشيد (2013) إلى مجموعة من مبررات ظهور مقاييس السلوك التكيفي وهي:
أولاً: كان البعد الاجتماعي مهملاً في اختبارات الذكاء ونظراً لأهمية هذا البعد وقدرة الفرد على الاستقلالية أدت الحاجة إلى ظهور مقاييس السلوك التكيفي واعتبرت شرطاً أساسياً في تشخيص الأفراد ذوي الإعاقة الذهنية.
ثانياً: في مقاييس الذكاء، يتكون مفهوم الذكاء من العديد من القدرات الذهنية الكلية فيعرَف بأنه قدرة الفرد على القيام بأي فعل مقصود والتفكير العقلاني وتفاعله مع البيئة، ولذلك انتقدت مقاييس الذكاء لأنها مبنية على قدرة الفرد على التنبؤ، وكان هذا مبرراً لظهور مقاييس السلوك التكيفي.
وأيضاً، إن مقاييس مهارات السلوك التكيفي شاملة وفعالة في تشخيص مظاهر السلوك التكيفي، ولذلك تعتبر الأكثر استخداماً في تصميم وإعداد برامج التلاميذ ذوي الإعاقة الذهنية.
وأخيراً، قد تكون القدرات الذهنية ونسب الذكاء بالنسبة للأطفال ذوي الإعاقة الذهنية متشابهة، لكنهم يختلفون في مهارات السلوك التكيفي، وبحسب تعريف الجمعية الأمريكية، لا يمكن تشخيص الفرد وتصنيفه ضمن فئة الإعاقة الذهنية إلا بتدني قدرته الذهنية وكذلك تدني مهارات السلوك التكيفي.
في الختام نقول: إن مهارات السلوك التكيفي مهمة في حياة الأفراد ذوي الإعاقة الذهنية، ومن خلال هذا المقال أريد أن أُوصي الاختصاصيين العاملين معهم أن تشمل برامجهم ومناهجهم تنمية مهارات السلوك التكيفي التي يحتاجونها للنجاح وزيادة الاستقلالية.
المراجع:
- عبد الرشيد، ناصر سيد جمعة (2013). مهارات السلوك التكيفي. دار الزهراء للنشر والتوزيع.
- العتيبي، بندر بن ناصر، وآخرون (1991). استخدام نتائج قياس السلوك التكيفي في تخطيط البرامج التعليمية الفردية للتلاميذ المتخلفين عقلياً. جامعة الخليج العربي،1 – 146
- صباح، عايش، رشيد، عمر خلف (2019). برنامج إرشادي لتعليم إخوة المعاقين عقلياً تحسين السلوك التكيفي لأخوتهم المعاقين عقلياً ذوي متلازمة داون. العلوم النفسية، (21).
أبرار عبد الله الردادي
- طالبة ماجستير في تخصص الإعاقة الذهنية بقسم التربية الخاصة بجامعة الطائف.
- بكالوريوس إعاقة ذهنية.
- حاصلة على عدد من الدورات التطويرية في مجال التربية الخاصة.