إعداد : د. عبد الكريم حسني الحسين ، أ. حنان عبد العزيز آل داود
[email protected] ، [email protected]
يشهد التعليم في الوقت الحاضر تطوراً متسارعاً وكبيراً، وتبعاً لهذا التطور، تزايد الاهتمام بالتعليم الدامج للأشخاص ذوي الإعاقة والذي يؤكد على تكافؤ الفرص التعليمية لجميع الطلبة بغضّ النظر عن خلفياتهم الثقافية والمعرفية والاجتماعية وقدراتهم العقلية.
ويعني ذلك وجود الطلبة ذوي الإعاقة جنباً إلى جنب مع أقرانهم داخل الفصل، كما أن التعليم الدامج لا يقتصر فقط على تأمين الدمج الاجتماعي للطلبة ذوي الإعاقة بل يؤكد على توفير تعليم أكاديمي فاعل توظف فيه التقنيات المساندة لخدمتهم (Hornby,2015 )، الأمر الذي يشير إلى أهمية استخدام ممارسات تدريسية فاعلة تسهم في وصول الطلبة ذوي الإعاقة إلى مناهج التعليم العام، وتساعدهم في التغلب على نقاط ضعفهم، وتلبي احتياجاتهم الطبية والنفسية والتقنية.
فقد ذكر مودي (2015 Moody, ) أن استخدام التقنيات المساندة يعتبر من الممارسات التدريسية الفاعلة التي يمكن أن تساعد الطلبة ذوي الإعاقة في الوصول إلى أهدافهم التعليمية، لاسيما مع ارتفاع عدد الطلبة ذوي الإعاقة في مدارس التعليم العام.
وبشكل عام، الهدف الأساسي من استخدام التقنيات المساندة في العملية التعليمية هو التغلب على الحواجز التي تعيق تعلم الطلبة ذوي الإعاقة في فصول الدراسة كونها تلعب دوراً هاماً في التغلب على مشاكلهم الأكاديمية. Alnahdi, 2014))، حيث أنها تسهل إنجازهم للمهام، وتطور من استقلاليتهم، كما تطور مشاركتهم في المجتمع والأنشطة الترفيهية، إلى جانب إسهامها في تطوير اللغة، وضبط السلوك، وزيادة الانتباه داخل الفصل، وهذا بدوره يقلل من الإحباط ويزيد دافعية هؤلاء الطلبة، ويحسن من إنتاجيتهم ضمن الفصل 2013) Munoza, Pool& .(Nelson,
وتعد فئة الطلاب ذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه من أكثر الفئات انتشاراً داخل المدارس، وفصول التعليم الدامج، حيث بلغت نسبتها .(Mulholland, Coming &Jung, 2015) % 10.4
كما أن هناك رابطاً قوياً بين أعراض فرط الحركة وتشتت الانتباه، وانخفاض التحصيل الدراسي، حيث أن حوالي %45 من هؤلاء الطلبة لديهم مشاكل تعليمية، تشمل عدم إكمال الواجبات المنزلية، وتدني درجات الاختبارات، والفشل في إكمال المهام الأكاديمية داخل الفصل 2006) Chronis, .(Raggi,
ذكر جواي ولوزانو وبينشيت ( 2015 Penichet, Lozano& (Guia, أن استخدام التقنيات المساندة يسهم في تحقيق التعليم الفعال للأشخاص ذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه، لأنها تتيح دمج الصور والأصوات والرسوم التي تحفز على الفهم وتسهل إيصال المعلومات.
وتلعب التقنيات المساندة دوراً كبيراً في تمكين الاستجابة لمختلف طرق التعلم السمعية والبصرية والحركية، فهي بمثابة الأداة التي يمكن الاستعانة بها لتحسين تعلم الطلبة ذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه، وزيادة تقدمهم نحو أهدافهم التعليمية.
وبالرغم من هذه الأهمية والنتائج الإيجابية لاستخدام التقنيات المساندة في تحسين المهارات الأكاديمية والتواصلية وزيادة المهارات الاستقلالية للطلبة ذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه، نجد أن هناك العديد من التحديات تحول دون استخدام المعلمين لها.
فقد ذكر آدبيسي وليمن ولونغ بو Liman&, (Adebisi, 2015) Longpoe, ) أن افتقار المعلمين إلى المعرفة والمهارة الكافية في استخدام التقنيات المساندة يشكل أهم هذه التحديات، ويقف عائقاً أمام استخدامهم لها بشكل فعال مع الطلبة ذوي الإعاقة..
كما أظهرت مراجعة الأدبيات أن كثرة عدد الطلاب داخل الفصل، وعدم وجود اختصاصيي التقنيات المساندة داخل المدرسة، وقلة الدعم الإداري، والحوافز المادية، تعتبر تحديات أخرى تحول دون استخدام المعلمين للتقنيات المساندة مع الطلبة ذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه.
مشكلة الدراسة
أوصت التشريعات القانونية باستخدام التقنيات المساندة مع الطلبة ذوي الإعاقة، حيث أكد قانون تربية الأفراد ذوي الإعاقات ( 2004 IDEIA ) على ضرورة أن يؤخذ بعين الاعتبار استخدام التقنيات المساندة عند التخطيط للبرنامج التربوي الفردي ( 2006 Tindal, Twyman,)
مما يتطلب توسيع مفهوم استخدام التقنيات المساندة، لتشمل تحسين معارف الطلبة ذوي الإعاقة، ومهاراتهم، وتوفير أفضل الفرص لتسهيل وصولهم إلى مناهج التعليم العام.
وبالرغم من هذه التشريعات والقوانين التي أكدت على أهمية استخدام التقنيات المساندة مع الطلبة ذوي الإعاقة، والدراسات التي أشارت إلى فاعليتها في تحسين قدراتهم، والمحافظة عليها، نجد أن معدل استخدامها مع الطلبة ذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه لا يتجاوز %10 2016) Bouck, ) مما يحرم هؤلاء الطلبة من الفوائد والتسهيلات الناتجة عن استخدام تلك التقنيات، ويقلل من فرص وصولهم إلى مناهج التعليم العام، وقد يؤثر على أدائهم الأكاديمي، لذا تبلورت فكرة هذه الدراسة في الكشف عن التحديات التي تحول دون استخدام المعلمين للتقنيات المساندة مع الطلبة ذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه واتجاهاتهم نحو استخدامها.
مجتمع وعينة الدراسة
معلمو ومعلمات المدارس التي يوجد فيها برامج للطلبة ذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه ضمن مدينة الرياض.
تمثلت العينة بمجتمع الدراسة، حيث تم توزيع الاستبانة على جميع معلمي ومعلمات المدارس التي توجد فيها برامج للطلبة ذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه، والبالغ عددهم 540 معلماً، حيث استجاب منهم 315، وبلغت نسبة الاستجابة ( 58% )
الحدود الزمانية:
الفصل الدراسي الأول من العام الجامعي 1438-1437هـ
الحدود المكانية:
المملكة العربية السعودية، مدينة الرياض.
أداة الدراسة
من خلال الرجوع إلى الأدبيات ذات الشأن، أعد الباحثان استبانة تتكون من ثلاثة محاور
الصدق والثبات
تم التحقق من صدق الأداة من خلال عرضها على تسعة محكمين من أعضاء هيئة التدريس في جامعة الملك
سعود، وتم التحقق من ثباتها بتطبيق معادلة “ألفا كرومباخ”.
الاتساق الداخلي
تم التحقق من الاتساق الداخلي للأداة بحساب معامل الارتباط بيرسون، للتحقق من ارتباط كل فقرة بالبعد الذي تنتمي إليه، وارتباط الأبعاد بالدرجة الكلية.
النتائج
توصلت النتائج إلى أن قلة الدورات التدريبية في مجال التقنيات المساندة، وضعف المعرفة بها، بالإضافة إلى قلة توافر اختصاصيي التقنيات المساندة في المدارس، وضعف الدعم الإداري والمادي، من أبرز التحديات التي تواجه المعلمين.
بالإضافة إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين المعلمين فيما يتعلق بتلك التحديات تعزى لمتغير الجنس، والمؤهل العلمي، وسنوات الخبرة، وذلك لصالح المعلمات، والذين يحملون مؤهل البكالوريوس، والمعلمين الذين زادت خبرتهم عن 10 سنوات، بينما لا توجد فروق بينهم تعزى لمتغير البرامج التدريبية.
تبين أيضاً أن المعلمين يحملون اتجاهات إيجابية نحو دمج التقنيات المساندة في تعليم الطلبة ذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه
كما أن هناك علاقة عكسية دالة إحصائياً بين التحديات تحول دون استخدام التقنيات المساندة، واتجاهات المعلمين نحو استخدامها، بمعنى أنه كلما زادت الاتجاهات الإيجابية قلت التحديات.
وفي ضوء هذه النتائج يوصي الباحثان بآلاتي:
- الاهتمام بالتطوير المهني للمعلمين ممن هم على رأس العمل في مجال التقنيات المساندة.
- الاهتمام بإعداد الطلبة المعلمين وتدريبهم على كيفية توظيف التقنيات المساندة وفق ما يتناسب مع احتياجات الطلبة ذوي الإعاقة.
- الاستفادة من التجارب العالمية المتعلقة باستخدام التقنيات المساندة مع الطلبة ذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه.
- إجراء دراسات ميدانية حول سبل تحسين استخدام المعلمين للتقنيات المساندة مع الطلبة ذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه.