يجد الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة صعوبة في استخدام عدد كبير من الأجهزة والأدوات التي يستخدمها الأشخاص غير المعاقين، والتي تعتبر ضرورية ومهمة جداً في حياتنا اليومية أو من الصعب الاستغناء عنها أو حتى تخيل الحياة المعاصرة بدونها. وهذه الأجهزة والأدوات قد تكون بسيطة جداً مثل ملعقة الطعام أو فرشاة الأسنان وقد تكون أداة معقدة مثل جهاز السيارة أو جهاز الكمبيوتر.
وجاءت التكنولوجيا الحديثة وعلوم التأهيل مثل العلاج الوظيفي والعلوم الطبية لكي تقدم حلولاً رائعة للكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة بحيث تمكنهم من استخدام كم كبير من الأجهزة والأدوات كانت في السابق حكراً على الأشخاص غير المعاقين، وتسهل عليهم أمور حياتهم اليومية.
بعض هذه الأجهزة أو الأدوات مصمم فقط للأشخاص ذوي الإعاقة والبعض الآخر عبارة عن أجهزة وأدوات عادية تم تكييفها وإجراء تعديلات عليها لكي تمكن الأشخاص ذوي الإعاقة من استخدامها. وهناك أجهزة قام المعاقين بأنفسهم بتطويرها أو ابتكارها لكي تناسب استخدامهم، وأهل مكة أدرى بشعابها كما يقول المثل العربي الشهير.
رحلة تاريخية
من الصعب التحديد على وجه الدقة متى بدأت الأجهزة والأدوات الخاصة لاستخدام الأشخاص ذوي الإعاقة في الظهور، ذلك أن الإعاقة قديمة قدم الإنسان نفسه وهناك الكثير من الأدوات ظهرت لمساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة وأغفلتها المصادر التاريخية، فنحن لا نعرف على وجه التحديد متى ظهر الكرسي المتحرك ومن الأشخاص الذين فكروا بتعديل أدوات الطعام لكي يتمكن الأشخاص الذين لديهم صعوبة في تحريك اليدين من استخدامها، ومع ذلك تشير بعض المصادر التاريخية إلى أجهزة أو أدوات مهمة جداً ساعدت الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة:
- عام 1808 قام الايطالي Pellegrino Turri بابتكار أول آلة كاتبة Typewriter لصديقته الكونتيسة Carolina da Fivizzono والتي كانت فاقدة لحاسة البصر.
- وفي عام 1876 قام ألكسندر جراهام بل ونتيجة خبرته مع الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية باختراع جهاز الهاتف والذي يعد أحد الأجهزة الكثيرة التي طورها هذا العالِم.
- وشهد العام 1920 ولادة أول معين سمعي لضعاف السمع على يد Harvey Fletcher وذلك اعتماداً على أبحاث جراهام بل، وأطلق عليه اسم Western Electric Model 2A.
- وفي عام 1934 تم ابتكار ما يعرف بـ (الهاتف القارئ Reader phone) والذي يعيد بث نصوص مكتوبة أو موسيقى تم تسجليها في السابق على اسطوانة تعمل لمدة طويلة، وقدم هذا الجهاز خدمة كبيرة للمكفوفين ويعد الممهد لظهور الكتب المسجلة على أشرطة التي يعتمد عليها المكفوفون كثيراً.
- بعد هذا التاريخ بسنتين وعلى يد العالم Dudley W. ظهر أول جهاز الكتروني يُكوّن أو يُركّب الكلمات Speech Synthesizer أطلق عليه مسمى (Voice Coder أو Voder) وقد لفت هذا الجهاز الأنظار في المعرض الدولي في نيويورك وسان فرانسيسكو.
- وفي عام 1952 وفي مختبرات بل ظهر أول جهاز يتعرف على الكلام المنطوقٍ Speech recognizer.
- عام 1964 قام طبيب الأسنان James Marters وهو من ضعاف السمع بإرسال جهاز Teletype (جهاز لكتابة البرقيات أو المبرقة الكاتبة) للعالم Robert Weitchrecht وهو من ضعاف السمع كذلك طالباً منه إيجاد طريقة لربط هذا الجهاز مع نظام الهاتف العادي، وفي الوقت الحالي هناك مئات الملايين من الأشخاص يتواصلون من خلال الانترنت باستخدام تكنولوجيا شبيهة بتلك المستخدمة في هذا الجهاز، تدعى هذه التكنولوجيا Telecommunication Devices for the Deaf (TDDs).
- 1972 قام Vinton Cerf وهو أصم منذ الولادة بتطوير نظام للرسائل الإكترونية بين أجهزة الكمبيوتر ويشبه هذا النظام المعمول به في الوقت الحالي في الانترنت.
- وفي عام 1975 قامت شركة Kurzweil بابتكار ما يعرف بجهاز كوزويل للقراءة Kurzweil Reading Machine واحتوى الجهاز على تكنولوجية خاصة تمكنه من التعرف على حروف مختلفة الصفات وتعرف هذه التكنولوجيا بمسمى Optical Character Recognition (OCR).
- أما عام 1988 فقد ظهرت في المتاجر التي تبيع بالتجزئة لوحة مفاتيح تعتمد على استخدام الصور لكي تمكن الأشخاص غير القادرين على الكلام من التواصل من خلال استخدام لوحة المفاتيح وجهاز الكمبيوتر الذي يعيد تكوين الكلمات أو ينتج الكلمات المطلوبة.
- وفي عام 1990 ظهور القانون المسمى Americans with Disabilities Act الذي ألزم مصنعي أجهزة الهواتف بتزويد هذه الأجهزة مفتاح للتحكم بالصوت وبتزويد جميع الهواتف التي سوف يتم تصنيعها بأدوات تمكن مستخدمي المعينات السمعية من استخدام الهاتف.
- وشهد منتصف التسعينات ظهور كم كبير من الأجهزة والأدوات المهمة جداً للأشخاص ذوي الإعاقة مثل أجهزة الهاتف التي يمكن تشغيلها من خلال الصوت Voice- activated phones والمفاتيح ولمبات الإضاءة وأجهزة أخرى تعمل على الصوت دون الحاجة لحركة اليد أو الأصابع وذلك لتمكين ذوي الشلل الرباعي من استخدام هذه الأجهزة المهمة. وظهرت كذلك أجهزة خاصة للمكفوفين مثل كاشف أرقام المكالمات الناطق Talking Caller ID وأجهزة النداء الآلي الناطقة Pagers.
- وشهد العام 1996 ظهور متصفح صفحات الانترنت الذي يترجم أو يحول صفحة الويب إلى كلام مسموع.
- وفي عام 1997 قامت شركة NCR بتطوير أول جهاز صرف نقود آلي ATM ناطق أو (سمعي) وذلك لتمكين الأشخاص المعاقين بصرياً من استخدام هذا الجهاز.
- وابتداء من عام 2000 ومع تطور أجهزة الهواتف الناقلة بدأ الكثير من الأشخاص المعاقين سمعياً من استخدام الرسائل النصية في التواصل وفي الوقت الحالي هناك الكثير من الشركات المزودة لخدمة الهاتف النقال تزود المشتركين بخدمة الهاتف المرئي أو ال Video-Phone. وتطورت كذلك برامج الكمبيوتر التي تمكن الأشخاص كفيفي البصر من استخدام الحاسب الآلي مثل برامج Screen-Reader وبرامج أخرى تحول الكلام إلى نصوص مكتوبة وبرامج مثل Voice-recognition و Text -Reading.
وهناك أجهزة أخرى كثيرة لم يتم ذكرها في هذا السرد السريع لأهم الأجهزة التي مكّنت الأشخاص ذوي الإعاقة من استخدام التكنولوجيا الحديثة على سبيل المثال لا الحصر المنبه الخاص بالمعاقين سمعياً والذي يعمل عل خاصية الارتجاج حيث يوضع تحت وسادة الشخص جهاز Vibrator يعمل على تنبيه الأصم، وأجهزة أخرى تعمل على تحويل صوت صفارة الإنذار من الحرائق Fire Alarm أو صوت جرس الباب إلى إضاءة وغير ذلك من الأجهزة.
البيئة المؤهلة
البيئة المؤهلة بمفهومها الواسع يقصد بها البيئة التي تمكن فئات مختلفة من الأشخاص ذوي الإعاقة من العيش باستقلالية والاعتماد على الذات إلى أقصى حد ممكن في أمور حياتهم اليومية وبهذا المعنى لم يعد الأمر مقصوراً على المنحدرات Ramps الموضوعة أمام مداخل الأبنية العامة أو الخاصة بل أصبح الأمر يتعلق بتزويد المنزل والأماكن العامة مثل المطارات ومحطات القطار ووسائل النقل بتجهيزات وتسهيلات كثيرة تمكن فئات مختلفة من الأشخاص ذوي الإعاقة من تصريف أمور حياتهم اليومية والعمل والإنتاجية، وبهذا المفهوم هناك كم كبير من الأجهزة والأدوات التي يجب أن تتوفر في منزل الشخص من ذوي الإعاقة أو في الأماكن العامة والتي تشمل أجهزة مثل المصاعد الناطقة والمزودة بلوحة مفاتيح تمكن مستخدمي الكراسي المتحركة من استخدامها وتستخدم حروف برايل في نفس الوقت. وتشمل كذلك أجهزة لاسلكية يتم التحكم بها بواسطة الرأس أو حركة اللسان من أجل التمكن من استخدام الكرسي الكهربائي أو أجهزة الحاسب الآلي أو الهاتف أو فتح الأبواب المغلقة وتشغيل معظم الأجهزة في البيت أو الكتب.
وهناك أجهزة أخرى تثبت في السقف يمكن للشخص من ذوي الشلل الرباعي من استخدامها لنقله من السرير إلى الكرسي المتحرك أو إلى دورة المياه.
التعديلات التي تجرى على المركبات مكّنت الكثير من الأشخاص فاقدي الحركة في الأطراف السفلى أو مبتوري الأرجل ومستخدمي الكراسي المتحركة من قيادة المركبات بسهولة وآمان.
وفي هذا المجال يشير Steven Tingus وهو مدير مركز (الحياة المستقلة) في إحدى الولايات المتحدة والذي يعاني من مرض نادر من ضمور العضلات ويستخدم سلسلة كبيرة من الأجهزة التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، إلى أن التكنولوجيا الحديثة هي هبة من الله مكنت الأشخاص ذوي الإعاقة من الحياة المستقلة بشكل أكبر من السابق سواء كان ذلك في المنزل أو العمل وذلك دون الحاجة إلى مرافق.