تطبيقات الذكاء الاصطناعي لخدمة الأشخاص ذوي الإعاقة

إعداد : نورا الشرابي

[email protected]

يعتقد كثير منا أن الذكاء الاصطناعي يمثل فكرة مستقبلية ومجردة نراها فقط في أفلام الخيال العلمي مطبقة على روبوتات مؤنسنة، ونراها فيما يعرض في تلك الأفلام من تقنية الهولوغرام (الصور ثلاثية الأبعاد)، لكن الحقيقة أن الذكاء الاصطناعي موجود في الواقع أكثر مما نتخيل، ومطبق على كثير من الناس؛ من ضمنهم الأشخاص ذوو الإعاقة.

لقد أحدث الذكاء الاصطناعي ثورة حقيقية في مساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة ودفع دمجهم في المجتمع، مما حسن أداءهم بشكل كبير في حياتهم اليومية.

وعلى سبيل المثال رأينا كيف أن الهواتف الذكية أصبحت أداة فعالة في مساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية. فهناك العديد من التطبيقات التي مكنتهم من الاستقلال بأنفسهم عن أي مساعدة.

فمثلاً، بفضل تطبيق مثل (Seeing Al) يمكن لهم قراءة بريدهم بسهولة من خلال وضع الرسالة تحت كاميرا الهاتف لقراءة ما فيها. كذلك ساعد الذكاء الاصطناعي الأشخاص محدودي الحركة على التحكم بكل شيء في المنزل باستخدام أصواتهم.

فلنلق نظرة مقربة على الذكاء الاصطناعي وكيف يمكنه أن يخدم الأشخاص ذوي الإعاقة في تحسين سبل وصولهم إلى ما يحتاجونه فالمستقبل يبدأ هنا.

ما هي ماهية الذكاء الاصطناعي:

يشير تعبير الذكاء الاصطناعي إلى الأجهزة الذكية أو الخوارزميات التي تكون قادرة على أداء مهمات فكرية. هذا يتضمن حلولاً تكنولوجية متنوعة تحاكي الإنسان في استخدام المنطق وتبدأ من لعب الشطرنج إلى حل المعادلات المعقدة.

تعليم الآلة (Machine learning) هو جزء من الذكاء الاصطناعي، ويحصل تعليم الآلة بتعريض خواريزميتها إلى قاعدة بيانات أوسع وبهذا تتعلم الآلة وتطور من أدائها.

وعلى سبيل المثال فإن “غوغل” يستخدم آلية تعليم الآلة، فخوارزمياته تجمع ما يضعه مستخدمو محرك البحث، وما أحبوه، في تطبيقات التواصل الاجتماعي بهدف تزويدهم بنتائج بحث أكثر دقة، وعرض توصيات تناسب اهتماماتهم. وهذا المحرك البحثي يمكن لأي إنسان استخدامه بما في ذلك الأشخاص ذوو الإعاقة.

ماذا يقدم الذكاء الاصطناعي لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة؟

• التعريف المرئي للأشخاص من ذوي الإعاقة البصرية.
• التعريف الوجهي للأشخاص من ذوي الإعاقة البصرية
• التعريف بقراءة الشفاه للأشخاص ذوي الإعاقة السمعية.
• التلخيص النصي للأشخاص ذوي الإعاقة ذهنية.
• ترجمة نصية مباشرة للأشخاص ذوي الإعاقة السمعية أو حتى الأشخاص الذي لا يعرفون لغة معينة.

ما هي فوائد الذكاء الاصطناعي في تمكين سبل الوصول للأشخاص ذوي الإعاقة:

أولاً: التواصل مع الآخرين:

تبعاً لنوع الإعاقة التي يواجهها الشخص، فإن التواصل مع الآخرين قد يكون تحدياً كبيراً. ينطبق هذا الأمر على بقاء الشخص على اتصال مع الآخرين في عالم يزداد ميلاً إلى “الدجتلة”، مع ازدياد أهمية وسائل التواصل الاجتماعي، وازدياد اعتماد الناس على “الإنترنت”.

بوجود التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لن يتخلف أحد عن هذا الركب، وستكون في خدمة الناس بما في ذلك الأشخاص من ذوي الإعاقة.

الأشخاص ذوو الإعاقة البصرية:

• التعليق الصوتي (VoiceOver): قارئ الشاشة على هواتف آبل، ومع أن استخدامه الأساس هو النطق بفحوى الإيميلات أو الرسائل النصية، إلا أنه يستخدم الذكاء الاصطناعي لشرح أيقونات التطبيقات وللإخبار عن مدى شحن الهاتف، وجزئياً يمكن أن يشرح بعض الصور.
• قارئ الشاشة (TalkBack): يقرأ النصوص والصور، وهو تطبيق يشابه التطبيق السابق لكن على هواتف الأندرويد الذكية، ويساعد مستخدميه على الاستخدام الكامل لهواتفهم.
• سيري (Siri): المساعد الافتراضي في هواتف آبل، حيث يستطيع المستخدم بالصوت إملاء ما يريد، وذلك من البحث على “غوغل” إلى إملاء نصوص لإرسالها عبر الهاتف. وهذا التطبيق يفيد الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، وإبقائهم على تواصل مع الآخرين.
• كورتانا (Cortana): مساعد مرئي أنتجته مايكروسوفت وفعّلته على الويندوز. يساعد هذا البرنامج الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية في التنقل بين البرامج على حواسيبهم باستخدام الصوت. فهو بوجه من الوجوه مشابه لبرنامج سيري (Siri).
• مساعد غوغل (Google Assistant): وهو تطبيق يُفَعّلْ صوتياً. وبواسطته يستطيع المستخدم ضبط المنبه وإدارة جدوله اليومي، فهو مشابه أيضاً لبرنامج سيري (Siri).

الأشخاص ذوو الإعاقة السمعية:

• آفا (Ava) وهو تطبيق النسخ الفوري (instant transcription app) ويستخدم لنسخ أي محادثة لمجموعة من الأشخاص. تعتمد خوارزميته على إضافة علامات ترقيم، اسم الشخص الذي يتكلم، والمفردات الضرورية من قاموس المستخدم. إنها طريقة سهلة للأشخاص ذوي الإعاقة السمعية كي ينخرطوا في محادثات مع أشخاص آخرين دون الحاجة لقراءة الشفاه.
• روجر فويس (RogerVoice): هو تطبيق ناسخ فوري فرنسي لمحادثات المجموعات وهو متوفر بتسعين لغة. ويعمل بنفس طريقة عمل آفا.

الأشخاص ذوو الإعاقة الحركية:

• مساعد افتراضي مثل سيري،هو مساعد غوغل الصوتي: يمكن للأشخاص محدودي الحركة استخدام هواتفهم الذكية بالأوامر الصوتية. لقد أُنشأ من أجل الأشخاص ذوي المهارات المحدودة.
• IFTTT: وهو تطبيق يوصل إلى تطبيقات أخرى كي يتمكن الشخص المحدود المهارات الجسدية من استخدام كل خصائص هاتفه الذكي دون أية معاناة. هذا التطبيق ينشئ تشاركاً مع التطبيقات ومع ما يقارب الـ 700 خدمة من أجل أداء المهام أوتوماتيكياً كقراءة إيميل بصوت عال، أو كإرسال تغريدة على تويتر مثلاً. حتى الأشخاص من ذوي الإعاقة اللفظية، يمكنهم الاستفادة من هذه التكنولوجيا.

ثانياً: التجوال:

الحركة هي أكبر تحد يواجهه الأشخاص ذوو الإعاقة. فكيف يمكن لشخص ذي إعاقة حركية مثلاً أن يتجول في المدينة بشكل مستقل وهادئ بينما يتطلب تجواله المعرفة التامة بالأماكن التي فيها أرصفة منخفضة مخصصة للكراسي المتحركة، والمراحيض المخدمة لهم. إذا لابد أن يرسم الشخص ذوو الإعاقة مساره قبل الخروج. ومن أجل هذا فإن هناك الكثير من تطبيقات التنقل التي تعتمد على تكنولوجيا تساعد هؤلاء الأشخاص في تحركاتهم.

من هذه التطبيقات:

• خرائط غوغل: من أهم تطبيقات الملاحة حول العالم. باستخدام خرائط غوغل يستطيع الأشخاص ذوو الإعاقة البصرية ومستخدمو الكراسي المتحركة أن يجهزوا مسارهم قبل خروجهم، وتصور الطريق، والحصول على أفضل وسائل المواصلات التي تناسب إعاقتهم فهناك خيار “wheelchair accessible” يستطيعون من خلاله معرفة أماكن المنحدرات والمصاعد في المدينة. أيضاً هناك خاصية “accessible places” وهي مفيدة لهم في الحصول على معلومات أوفر عن مخططات الكثير من الأماكن: مداخلها، أماكن وقوف السيارات، الحمامات، ترتيبات الجلوس وغيرها.
• موفيت (Moovit): وهو تطبيق رائع للأشخاص الذين يستخدمون المواصلات العامة. فهو يزود المستخدم بمعلومات الحالة المرورية في الوقت الحقيقي. وتبين أنه يساعد الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية في حال أن الحافلة مثلاً لم تكن مفعّلة للإشعارات الصوتية.
• خرائط الكرسي المتحرك (Wheelmap): يمكّن هذا التطبيق من العثور على المطاعم والمقاهي ودورات المياه والمحلات التجارية ودور السينما ومواقف السيارات ومحطات الحافلات وغيرها من الأماكن التي يسهل الوصول إليها باستخدام الكرسي المتحرك في جميع أنحاء العالم ومجاناً.
• ساوند سكيب (Soundscape): يتيح هذا التطبيق تقييم المشهد صوتياً، وهو للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية. يمكّنهم هذا التطبيق من معرفة المعالم المثيرة للاهتمام القريبة منهم.
• إيفيليتي (Evelity): هو تطبيق مساعد التنقل الأول للأشخاص ذوي الإعاقة وهو يساعدهم في التجوال داخل الأماكن المزدحمة والمعقدة نوعاً ما، كشبكة الميترو والجامعات والكليات والمولات والاستادات الرياضية وغيرها. هذا التطبيق يتكيف مع جميع أنواع الإعاقات، وهو مفيد للجميع بشكل عام. يعمل هذا التطبيق كالجي بي إس (GPS) ويعطي المستخدم التعليمات خطوة بخطوة.

ثالثاً: الاستقلالية في الحياة:

استخدام هذه الأنواع من التكنولوجيا يحسن من جودة حياة الأشخاص بشكل عام ومن جودة حياة الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل خاص. ففي المنزل مثلاً وكما ذكرنا من خلال عدة تطبيقات مثل سيري وأمازون إيكو وأليكسا وغيرها يصبح الأشخاص ذوو الإعاقة في تحكم كامل داخل بيوتهم من خلال استخدام أصواتهم فقط، بدءاً من إنارة الغرف إلى ضبط المنبه إلى الاستماع إلى الموسيقى وغيرها من المهام. أي غرض في المنزل قابل للربط بالهاتف الذكي يمكنهم التحكم به، وعليه يمكن للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية مثلاً ضبط فرن الغاز وذلك بالطلب من ألكسا.

رابعاً: الوصول إلى الخدمات نفسها التي يستخدمها الأشخاص من غير ذوي الإعاقة:

الشمولية تعني أن أي إنسان له الحق في الوصول إلى الخدمات بغض النظر عن هويته أو إعاقاته. فالأشخاص ذوو الإعاقة البصرية يمكنهم القراءة بفضل بريل والأشخاص الصم يمكنهم الاستمتاع بالأفلام بفضل خاصية الترجمة المكتوبة….

فيما يلي بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تخدم هذا الاتجاه:

• معلم بريل (Braille Al Turor): حل مبتكر وطريقة سريعة وحرة وممتعة لتعليم طريقة قراءة بريل. بفضله يمكن للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية تعلم طريقة القراءة بتقنية بريل بشكل مستقل ودون الحاجة إلى معلم. التعلم هو حق لكل الناس، والأشخاص ذوو الإعاقة لهم الحق في التعلم وهو بوابة العبور نحو إيجاد عمل والانخراط في المجتمع.
• تطبيق سيينغ أول (Seeing Al): يتيح هذا التطبيق للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية وضعاف البصر إنجاز المهام اليوميّة بشكل مستقل كما لم يحدث من قبل. يساعد التطبيق المستخدمين على قراءة النص المطبوع في الكتب وقوائم الطعام في المطاعم وعلامات الشوارع والملاحظات المكتوبة بخط اليد، بالإضافة إلى تحديد الأوراق الماليّة والمنتجات عبر الباركود الخاص به. يمكنه حتى تمكينهم من التعرف على الصور والألوان والوجوه وبالتالي يعطيهم تفصيلات عن مشاعر الناس.
• تطبيق لوك أوت أندرويد (Lookout on Android): يمكن من خلال التطبيق الحصول على تفاصيل حول العناصر والصور والنصوص في محيط المستخدم، وهو يستخدم الكاميرا وأجهزة الاستشعار في جهاز أندرويد ويخبر المستخدم بما عثر عليه. فهو في عمله مشابه لتطبيق سيينغ أول (Seeing Al).
• مشروع غوغل المرشد (Google’s Project Guideline): هو الحل المثالي لمساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية في المشي وحدهم دون مساعدة وذلك بلف حزام خاص حول خصرهم يكون على اتصال بهاتفهم الأندرويد الذكي ووضع سماعات في الأذن مما يمكن الشخص ذا الإعاقة البصرية من اتباع التعليمات المرسومة على الطرقات.

  ما ذكرناه هو غيض من فيض تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي تستخدم لتحسين حياة الأشخاص ذوي الإعاقة من أجل تمكينهم من الحركة والتعلم والعمل والانخراط في المجتمع وإيجاد الحلول للتحديات التي تواجههم.