إعداد : أ.خلود سعيد سالم القرني
يمتاز العصر الحالي بالتسارع التكنولوجي والتقني في شتى المجالات، لاسيما التعليم والتربية بصفة خاصة، وكما اتجهت الدول حول العالم إلى توظيف التقنيات الحديثة في التعليم، يتحتم على الدول العربية أن تواكب استخدام التقنيات والتكنولوجيا الحديثة في مجال التعليم أيضاً، وكما يحظى الطلاب من غير ذوي الإعاقة بفرص متنوعة ومتعددة للتعلم بشكل أكثر تطوراً وتجدداً، فإنه من حق الطلاب ذوي الإعاقة الحصول على فرص مماثلة في التعلم عبر توظيف التقنيات الحديثة أيضاً.
وبشكل عام يوجد ضعف وقصور في واقع توظيف التقنيات الحديثة في تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة، وهذا ما ينعكس سلباً على العملية التعليمية، نظراً لحاجة هؤلاء الطلاب إلى نوع خاص من التقنيات التربوية لمساعدتهم وتأهيلهم والارتقاء بقدراتهم ومهاراتهم، لذلك يجب اعتماد تقنيات ملائمة لهذه الفئة من الطلاب والسعي لتحقيق أهداف وبرامج التربية الخاصة لكل فئة من ذوي الإعاقة (عبيد، 2009).
يمكن انتقاء وتحديد الأسلوب التعليمي الأمثل الذي يناسب نمط تعلم الطلاب ذوي الإعاقة من خلال تحديد الخصائص والاحتياجات المشتركة بين هذه الفئات، بالإضافة إلى قدرتهم على أن يشاركوا بفاعلية في الممارسات التعليمية اليومية بما تتضمنه من طرائق وأساليب واستراتيجيات تحفز على التعلم في ظل جو تفاعلي نشط.
ويتمثل دور التقنيات الحديثة في التعليم عبر تقديم النظرة المستقبلية لواقع تعليم ذوي الإعاقة ، واقتراح التصورات الإبداعية المبتكرة لحل مشكلات التعليم، كما تساعد التقنيات الحديثة الطلاب في الحصول على المعلومات التعليمية المطلوبة بشكل أسرع وبأقل جهد، وتسعى التقنيات الحديثة بدورها من خلال الممارسات التعليمية المتنوعة لتكوين شخصية الطلاب وتنظيم تعلمهم الذاتي ومساعدتهم في اكتساب المعارف والمهارات الاجتماعية للتواصل بفاعلية، وإتاحة الخدمات التعليمية المطلوبة لتجنب المشكلات النفسية والتربوية التي قد تواجه هذه الفئة من الطلاب سواء للطلاب أنفسهم أو للمعلمين المدربين على التعامل معهم.
ولتعدد أنواع الإعاقات يجب التعامل مع كل فئة منفصلة بطريقة مناسبة لنوع وطبيعة هذه الإعاقة فالإعاقة السمعية لها متطلبات وطرق تعليمية تعتمد أكثر على البصر، واستخدام لغة الإشارة، وفئة الإعاقة البصرية تتطلب أدوات ووسائل مصممة بطريقة برايل ذات الأحرف الكبيرة، بينما فئة الإعاقة الذهنية تحتاج التعلم والتعامل معها في صفوف قليلة العدد ذات تنظيم عالٍ (جيروان وآخرون، 2013)
وتعتبر عملية اختيار الوسائل المناسبة لتعليم الأشخاص ذوي الإعاقة مرحلة ضمن مراحل عدة لتبني التقنيات الحديثة الداعمة لهم، والمتمثلة في المراحل التالية كما حددها كنتش وديبول (Kintsh and De Paula,2002)
- مرحلة التصميم والإنتاج: ويتم فيها إعداد وسائل تقنية قابلة للتعديل والتجهيز، مناسبة لاحتياجات الطلاب من ذوي الإعاقة، وأيضاً المدرسين والاختصاصيين الذين يوفرون لهم الدعم.
- مرحلة الاختيار: وهنا يقوم الاختصاصيون بمحاولة اختيار الوسائل التقنية المساعدة المتوفرة في الأسواق للأشخاص ذوي الإعاقة، مع مراعاة الاحتياجات والخصائص التي تمتاز بها كل فئة منهم.
- مرحلة التعلم والتدريب: وفي هذه المرحلة يقوم الاختصاصيون بتعريف الطلاب على طبيعة الوسيلة التعليمية التي تم اختيارها لمساعدتهم، والتعرف على طرق استخدامها والتدريب الجيد عليها لتوفر لهم أفضل النتائج.
- مرحلة التكامل والدمج: وفيها يقوم الطالب باستخدام الوسيلة التعليمية الجديدة، ويفضل تجريبها واستخدامها في ظل ظروف مختلفة، ولمهمات متنوعة، ليزيد تمكن الفرد من استخدامها بشكل أكثر سلاسة.
كما تمثل وسائل التقنية الحديثة في ظل التطورات السريعة ما يلي:
- وسائل إلكترونية تستخدم كأدوات للتعليم والتعلم:
كمؤتمرات الفيديو، المؤتمرات السمعية عن بعد أو المسجلة، النصوص الفائقة، الوسائط الفائقة، الوسائط المتعددة الفائقة، المحاكاة والواقع الافتراضي، تقنية الواقع المعزز، تكنولوجيا التحديق بالعين، تكنولوجيا التخاطب الصوتي، التصفح الصوتي في محركات البحث وعلى الإنترنت، وغيرها من الوسائل التقنية والتكنولوجية.
- وسائط إلكترونية تستخدم كمصادر للمعلومات:
الكتب الإلكترونية، المناقشات المباشرة، المكتبات الرقمية، قواعد البيانات المباشرة، الرسومات البيانية والتكوينات الخطية المسموعة، المتاحف الافتراضية، المعامل الافتراضية وغيرها من المصادر الرقمية التي في تحديث وتطور مستمر ومتسارع (محمد، 2003).
ويتطلب توظيف التقنيات الحديثة في تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة معلماً ذا كفاءة عالية أكاديمياً ومهنياً حتى يصبح مؤهلاً للتعامل الأمثل مع الطلاب ذوي الإعاقة وفق قدرات وإمكانات وحالة كل طالب منفرداً، إضافة للدعم المادي والفني الذي يلزم تطبيق التقنيات الحديثة في العملية التعليمية، كما يعمل التعرف على العقبات والعوائق التي تواجه المعلم في العملية التعليمية على التحكم فيها وفي درجة تأثيرها على الطلاب وعلى الموقف التعليمي مجملاً، كما يساعد كذلك على إتاحة الفرصة لوضع الحلول والبدائل المناسبة لحل المشكلة.
وبناءً على ما تم عرضه من الوسائل والتقنيات الحديثة نجد تعدداً واضحاً فيها مما تم تطبيقه والتصديق على فاعليته وأثره الكبير في تحسين تعلم الأشخاص ذوي الإعاقة، لذا قد يجد الاختصاصيون والمعلمون صعوبة في تطبيق واستخدام هذه التقنية بالشكل المناسب، كما قد يستهلك المعلم والاختصاصي وقتاً ومجهوداً للتوصل إلى الاستخدام الأمثل لهذه الوسائل والتقنيات، واختيار الوسيلة المناسبة لكل نوع إعاقة ولكل موقف تعليمي.
لذا يجب توجيه أنظار المراكز التدريبية الخاصة إلى ضرورة استقطاب المعلمين والاختصاصيين ليتلقوا الدورات التدريبية المستمرة لديهم، فهي تساعدهم وتؤهلهم للتعامل مع هذه التقنيات الحديثة على اختلاف أنواعها ووظائفها، كما يجب توجيه المعلمين لضرورة وأهمية توظيف التقنيات الحديثة في التعليم وخصوصاً تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة، فقد أثبتت دراسة صبطي، وفلاك (2017) أن التكنولوجيا وتقنيات التعليم تساهم بدرجة عالية في رفع مستوى جودة تعليم الأفراد ذوي الإعاقة.
المراجع:
- جروان، فتحي، والعمايرة، موسى، والحياري، غالب، والخمرة، حاتم، ومقداد، قيس، وفواز، عمر، صديق، لينا، وعليوات، شادن، و الزارع، نايف، وطبال، سهى، والعلي، صفاء، والجابري، محمد. (2013). الطلبة ذوي الإعاقة -مقدمة في التربية الخاصة، عمان، دار الفكر للنشر والتوزيع.
- صبطي، عبيدة احمد، وفلاك، فريدة. (2017). تكنولوجيا التعليم الحديث ودورها في تعليم ذوي الإعاقة : دراسة ميدان على عينة من معلمي مدرستي المعاقين سمعياً والمعاقين بصرياً بسكرة، (47)، 101-117.
- عبيد، إبراهيم. (2009). الوسائل التعليمية وتقنيات التعلم، عمان، دار المسيرة للنشر والتوزيع.
- محمد، زينب امين. (2003). دور التكنولوجيا الحديثة في تعليم ذوي الإعاقة . المؤتمر السنوي التاسع-تكنولوجيا التعليم لذوي الإعاقة ، الجمعية المصرية لتكنولوجيا التعليم،9، 87-90.
- § Kintsh, A., DePaula, R. (2002). A Framework for the Adoption of Assistive Technology. Paper presented at the SWAAC 2002: Supporting Learning through Assistive Technology, Winter Park, Colorado, USA.
- بكالوريوس تربية خاصة -إعاقة فكرية
- باحثة ماجستير – جامعة الطائف – مسار الإعاقة الفكرية
- معلمة تربية خاصة بتعليم الطائف