(فاستجبنا له وكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم)
(قرآن كريم)
في مقالنا السابق ذكرنا بأنّه كان لإبليس ما يريد من أيوب.. في انطباق المثلث الكئيب على حياته (الحزن والمرض والوحدة) بيدَ أنّه لم يكن له سلطان على لسانه وقلبه وعقله.
فلم يبق لسيدنا أيوب مال أو ولد أو صديق، فما من أحد يقرّبه ويرعاه غير إمرأته (رحمة) التي ما فتئت تثري لحظاتها بالصبر وتؤثر حياة العيش الكريم في ظلّ نعمة الإيمان بالله، فظلّت تخدمه وتأتيه طعامه وتشاطره الحمد والثناء لله وحده.
فانطلق إبليس يريد بإمرأة أيوب سوءاً، بأن تجزع على الحال الذي آلت إليه، فوسوس لها مذكّراً إيّاها بالنعيم الذي كان.. والنعيم الذي زال وما حلّ بها من ضرر.. فما انفكّت تؤكّد للشيطان ضعفه، فلا تجيز له مدخلاً لحياتها وحبّها لنبي الله أيوب، وهي تدعم في نفسها ثقتها بالله.. فأخذ أيوب يذكّرها بما أنعم الله عليهما في ثمانين عاماً من الرخاء.. وأن ابتلاء سبعة أعوام لهو أجدر بأن يقابل بالشكر.
ففي غاية الأدب والوقار وروعة البلاغة وجميل الاصطبار، وبقلب المؤمن الراضي بما قُسِمَ له توجّه أيوب بدعائه لأرحم الراحمين واصفاً حاله، ذاكراً ضعفه دون سؤال لشفاءٍ أو عافية {ربِّ قد مسَّني الضرّ وأنت أرحمُ الراحمين} (الأنبياء ـ 38)، فيشكو إليه جلّ علاه دون سواه.. ويتوّج عجزه بالتضرّع، ومن ذلك ما قاله ـ عليه السلام ـ :
«إلهي أنا عبدك الذليل إن أحسنت فالمنة لك وإن أسأت فبيدك عقوبتي، جعلتني للبلاء عرضة وللفتنة نصيباً، لقد وقع عليّ بلاء لو سلطته على جمل لضعف عن حمله فكيف يحمله ضعفي، إلهي تقطعت أصابعي فإني لا أرفع الأكلة من الطعام إلا بيدي جميعاً فما يبلغان فاهي إلا على الجهد مني، إلهي تساقطت لهواتي ولجم رأسي فما بين أذني من سداد بل إحداهما ترى من الأخرى، وإن دماغي ليسيل من فمي، إلهي تساقط شعر عيني كأنما أحرق بالنار وجهي، وحدقتاي متدليتان على خدّي وورم لساني حتى ملأ فمي فما أدخل فيه طعاماً إلا غصّني، وورمت شفتاي حتى غطّت العليا أنفي والسفلى ذقني، وتقطّعت أمعائي في بطني وإني لأدخل الطعام فيخرج كما دخل ما أحسّه ولا ينفعني، وذهبت قوة رجليّ فكأنما قد يبستا ولا أطيق حملهما، وذهب المال فصرت أسأل بكفي، ويطعمني من كنت أعوله اللقمة الواحدة فيمن بها عليّ ويعيّرني، إلهي هلك أولادي ولو بقي واحد منهم أعانني على بلائي ونفعني، قد ملّني أهلي وعقّني أرحامي وتنكّرت لي معارفي ورغب عني صديقي وقطعني أصحابي».
ففي اللحظة المكللة بالدعاء والثقة، المزدانة بالأدب الجمّ والرضا، كانت ساعة الاستجابة بالرحمة والمنة والفضل والطمأنينة {فاستجبنا لهُ وكشفنَا ما به من ضرٍّ وآتيناهُ أهلَهُ ومثلُهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين} (الأنبياء ـ 48) {اركضْ برجلِكَ هذا مغتسلٌ باردٌ وشرابٌ} (ص ـ 24).
فركض أيوب عليه السلام برجله فانفجرت له عين فدخل فيها واغتسل، فرفع عنه الله الضرّ في بدنه، فإذا هو معافى صحيح، ثم إنه خرج وجلس، فأقبلت امرأته (رحمة) وقامت تلتمس مضجعه فلم تجده، وراحت تبحث عنه فمرّت به وقالت: يا عبد الله هل لك علم بالرجل المبتلي الذي كان هنا؟ فقال لها: وهل تعرفينه إذا رأيته!؟ فقالت: نعم.. وكيف لا أعرفه! فتبسّم لها وقال: ها أنا هو، فعرفته لما ضحك فاعتنقته.
فتبّاً للشياطين التي طحنتها المعركة بانتصار نبيّ الله أيوب الذي كان الحكيم مع الابتلاء، والذاكر في الشقاء، بل والعابد المسبّح المستغفر الضارع المستجير بالدعاء، فكان احتماله عليه السلام مع إيمانه بالله وثقته البالغة به جلّ علاه مثلاً وعبرةً للبشرية كلّها على اختلاف زمانها ومكانها، وعزاء للصابرين وذكرى للعابدين.
فالصبر طريق الرسالات ومعبر الدعوات، وما من صابرٍ إلا عوّضه الله خيراً ورحمة وبركة، وجعلنا الله وإياكم ممن يستلهم من قصص الأنبياء والصالحين ما يعزّز حياتنا بالثقة الخاصة بقضاء الله وقدره، ويدعم أنفسنا بالقدرة على مواجهة الصعاب بالرضا والقبول والاعتزاز وحسن الإدراك.
من مواليد مدينة جدة، أم لثلاثة من الأنجال (المعتز، فيصل، يارا الجفري).
تحمل مؤهلاً جامعيًّا في اللغة العربية، ودبلومًا عامًّا في التربية.
التحقتْ بأكثر من أربعين دورة تدريبية في مجالات مختلفة.
شاركتْ حضورًا وتنظيمًا بعدد من الندوات / اللقاءات / المؤتمرات العلمية والأدبية والتربوية داخل المملكة وخارجها.
مارستِ العمل بالتربية والتعليم تدريسًا وإدارة وإشرافًا، وودعته بعد 25 عامًا بعد أن اختتمته بالإشراف الإداري التربوي على معاهد وبرامج التربية الخاصة للبنات بجدة.
لها اهتمام بالأدب والإعلام والإدارة والتربية وذوي الإعاقة والتفاعل الاجتماعيّ.
العضويات:
- عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال.
- عضو اللجنة النسويّة بجمعية الأطفال المعوقين مركز جدة.
- عضو مؤسس بـ «لجنة مساندة أسر أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة» بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بجدة، والذي أصبح فيما بعد (الجمعية السعودية لأولياء أمور ذوي الإعاقة).
- عضو لجنة الدمج للبرنامج القائم بين الأمانة العامة للتربية الخاصة وجمعية الأطفال المعوقين 1425 ـ 1428هـ.
- عضو اللجنة الاستشارية لبرامج التربية الخاصة بجمعية الأطفال المعوقين 1425 ـ 1427هـ.
- عضو مؤسس بأول فريق نسويّ متطوع بالدفاع المدني عام 1422هـ / 2001 م .
بعض المناشط الكتابيّة:
- محررة صفحة استراحة الجمعة في مجلة ( الشرق ) إبان تأسيس المجلة 1398 هـ.
- محررة زاوية (شذرات ملونة) بصحيفة اليوم للأعوام 1405 ـ 1407 كما شاركت بتحرير صفحة الأسرة للفترة ذاتها.
- شاعرة الحفلين الأول والثاني لمهرجان جائزة الأمير محمّد بن فهد للتفوّق العلميّ بالمنطقة الشرقيّة لعاميّ 1407 هـ / 1408هـ.
- شاعرة أول مجلس حيّ لمدارس البنات بالرياض، والمقام عام 1409هـ.
- مؤلفة لبعض الأناشيد.
- محررة صفحة «ومض ونبض» بمجلّة المنال الصادرة عن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانيّة منذ عام 1999م – 2005م.
- شاركتْ بأمسية شعريّة بنادي الفتيات بالشارقة 1999م.
- معدة البرنامج الإذاعيّ الأسبوعيّ «عندما يأتي المساء» والبرنامج اليومي «أوراق الصباح».
- مديرة الأمسية الشعريّة النسويّة (ليلة في بحر جدة) والتي نظمتها جمعية الأطفال المعوقين مركز جدة 2003 م.
- شاعرة حفل جامعة الملك عبدالعزيز بمناسبة الاحتفاء بمرور خمس سنوات على تأسيس مكتب ذوات الاحتياجات الخاصة عام 1428هـ.
- نشر بعض نتاجها الأدبيّ (شعر + نثر) في صحيفة اليوم والجزيرة والرياض ومجلّة الشرق .. ومجلة أشرعة الصادرة عن رابطة أديبات الإمارات، وكذلك عبر مواقع ثقافية أدبيّة في الشبكة العنكبوتية. كما صنّفتْ ضمن شاعرات الفصحى بالوطن العربي في موقع (بوابة العرب) ومواقع ثقافيّة وأدبيّة أخرى.
- تضمنت بعض الرسائل العلميّة شعرها بالتناول والدراسة ومنها رسالة الدكتوراه «شعر المرأة السعودية المعاصر: دراسة في الرؤية والبنية» 1426هـ للدكتور فواز بن عبدالعزيز بن لعبون .
- حظيتْ بكلمات شكر في مقدمة قصة “ولكني أستطيع” للكاتبة الإماراتيّة/مريم بنت علي البلوشي.. من إصدار مدينة الشارقة للخدمات الإنسانيّة.
- حظيتْ بكلمات شكر في مقدمة كتاب «قلوبٌ تفيض» للكاتبة المصرية الدكتورة سهير عبدالحفيظ عمر.
- تضمن ديوان «وحين أورقت» 2009م للشاعرة المصريّة د. سهير عبدالحفيظ عمر. قصائد حوارية بين الشاعرة العباسي والمؤلفة د. سهير.
- تضمن معجم الشاعرات السعوديات «ديوان الشاعرات السعوديات في المملكة العربية السعودية» للباحثة سارة الأزوري 2011 م ترجمة للشاعرة، ونصوص من شعرها.
- مؤلفة موشحة (هالنا العلم) لجائزة التميز للتربية والتعليم في دورتها الثانية 1432هـ/ بنات جدة.
- ناظمة قصيدة احتفائية أكاديمية الملك فهد بلندن بمرور 25 عامًا على تأسيسها 2011م.
روافـد الشكر والتقدير: كانت جزلة وأبرزها:
- شهادة شكر وتقدير لما قدمته من جهد متميز وعطاء واضح وفعال في إنجاح فعاليات الندوة الأولى «التواصل مع ذوي الاحتياجات الخاصة بناء ونماء» (مدير عام تعليم البنات بمنطقة مكة المكرمة/جدة).
- التكريم لإسهاماتها الفكريّة إبان احتفاء مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية باليوبيل الفضيّ 2005م.
- شهادة شكر وتقدير لمساهمتها في دمج أطفال مركز جمعية الأطفال المعوقين بالمدارس العامة خلال عام 23/1424هـ ( مدير مركز جمعية الأطفال المعوقين بمحافظة جدة).
- شهادة شكر وتقدير للجهود المتميزة والمثمرة في تنظيم فعاليات ندوة «تطوير الأداء في مجال الوقاية من الإعاقة».
- شهادات شكر للمشاركة الفاعلة في مؤتمر إعاقات النمو بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بجدة (منذ انطلاقه).
- شهادة شكر من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان لمشاركتها في برنامج دمج جمعية الأطفال المعوقين خلال السنوات الخمس 1427هـ.
- درع شكر وتقدير من سعادة عميدة شطر الطالبات بجامعة الملك عبدالعزيز لإعداد برنامج توعوي مشترك بين شعبة التربية الخاصة وجامعة الملك عبدالعزيز 2006م.
- التكريم من جامعة الملك عبدالعزيز إبان الاحتفاء بمرور خمسة أعوام على تأسيس مكتب ذوات الاحتياجات الخاصة بالجامعة ، 1428هـ.
- شهادة شكر + درع من اللجنة المنظمة للمهرجان الوطني للتراث والثقافة 23 / الرياض 1429هـ لإدارتها ندوة (المرأة من ذوي الحاجات الخاصة في المجتمع،، نجاحاتٌ وإنجازات).
- درع تقدير من اللجنة المنظمة لجائزة التميز للتربية والتعليم للبنات بجدة لمشاركتها في تأليف موشحة بهذه المناسبة.
شكرٌ وامتنان تقديرًا للجهود الطيبة والتعاون المثمر والإسهام في إنجاح ملتقى المنال 2003م (مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية).