الأدب نمط معرفي غايته تنشيط العقل وإلهامه من خلال إستثارة الأفكار والمشاعر التي تنطلق من العقول الكبيرة المبدعة وكذلك اجتذاب القراء عبر مسارين هما: مادة الأدب وأسلوب الصياغة، فمحتوى الخطاب الأدبي لا بد أن يثير التشويق والمتعة في نفوس القراء أما الأسلوب الذي تدبّج به المادة الأدبية فينبغي أن يمتع القارىء ويضيف شيئا ملموسا إلى ثراء معرفته.
ولأننا نعيش في كنف المجتمع فلا بد أن تكون هناك أواصر وأوجه تواصل بين بني البشر فنحن نود أن نسمع عن حال شركائنا في المجتمع وكذلك عن أفكارهم وأحاسيسهم وما يحبون وما يبغضون.
والمرء الذي يمتلك ناصية اللغة التي تعينه على التعبير عن مشاعره لابد أن يكون مؤهلا لإنتاج الأدب، وهذا يعني أن الأدب يستمد مادته من المجتمع بطريقة أو أخرى. فالشاعر على سبيل المثال يعبر عن مشاعره وأحاسيسه المرهفة ونحن القراء نشعر بالنشوة ونشاركه تلك المشاعر. من هنا يهدف الشاعر أو الكاتب إلى البحث عن الروابط بين الناس.
وإذا كان الأدب يعبر عن المشاركات الوجدانية الاجتماعية فإن من الطبيعي أن يترك بعض الآثار الإيجابية على عقولنا ومواقفنا. والمجتمع من جانبه يستجيب للأدب بحيوية فالقصيدة الملهمة تخلّف تأثيرا عاما في المجتمع فهي تثيرمشاعرنا وحماسنا باتجاه الخير والرفاه الإجتماعي. وكان الشاعر شيلي Shelley قد أطلق على الشعراء تسمية (مشرّعي الإنسانية القانونيين غير المعترف بهم) حيث يقوم المشرع القانوني بتشريع القوانين التي يتعين على الناس الإلتزام بها. وعلى العموم يقوم كل من الأدب والشعر بأداء مثل هذه المهمة بكل هدوء ودون وضوح. وتشتهر الروايات بشكل خاص بتأثيرها على عقول القراء فضلا عن تحريكها الجوانب ذات الصلة بحياتنا.
وللأدب تأثيره المباشر وغير المباشر على المجتمع فرواية هارييت بيتشرستاو Harriet Beecher Stowe الموسومة (كوخ العم توم) Uncle Tom’s Cabin حركت المشاعر ضد العبودية في الأدب والحياة في الولايات المتحدة حينذاك. وكان لروايات الكاتب تشارلز ديكنز Charles Dickens تأثير غير مباشر في خلق شعور في المجتمع لتنظيم الأخطاء الإجتماعية والتخلص منها والدعوة لإصلاحات ضرورية. ومارست روايات سارات جاندرا Sarat Chandra دورا فاعلا في تقويض التوجهات المحافظة فيما يخص المرأة في المجتمع.
يتجلى من ذلك أن أهتمامنا بالأدب يؤدي إلى تحريكنا بشكل لافت فالأدب يتبلور من مجموعة من المعارف والتقاليد التي تعج بها الحياة. ولا شك أن الكاتب الواقعي يسلط الضوء كثيرا وبشكل مفرط على غرائب الحياة وجوانبها البعيدة عن المألوف فالحاجة لاستغوار الحياة تقتضي أن لا ننظر إلى الجوانب المشرقة فحسب وإنما إلى الجوانب السيئة والمظلمة أيضا.
إذن المجتمع هو الذي ينتج الأدب الذي يغدو بعدئذ مرآة لذلك المجتمع غير أن جودة الأدب وطبيعته يعتمدان على موقف الكاتب سواء كان تقدميا أو رجعيا في نظرته.
ومن الطبيعي أن يتجه الكاتب الرجعي إلى تسليط الضوء على جوانب الحياة التي تبرز الأوجه التقليدية بأفضل أسلوب ممكن فهو على سبيل المثال يعمل على تبجيل المثل المتوارثة لفترة طويلة.
أما الكاتب التقدمي فيسعى إلى إظهار سلبيات المثل المتوارثة لكونها تضع ـ من منظوره ـ القيود والعراقيل أمام حرية العقل البشري وتشل حركة الرجال والنساء الساعين للحرية، كما أن الكتاب التقدميين يسعون لتحرير المثل الجديدة وتحريك المجتمع وصولا إلى أنماط حياتية أكثر حداثة.
المصدر:
http://www.preservearticles.com/201103284772/literature-and-society.html
بقلم: سوبرات مانكاراج Subrat Mangaraj
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.