صدرت حديثاً عن دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة في العاصمة الأردنية عمان الطبعة الثالثة لسنة 2019 من كتاب (الإدارة والإشراف في التربية الخاصة في ضوء معايير الجودة) لمؤلفته الدكتورة فوزية بنت عبدالله الجلامدة أستاذ التربية الخاصة المساعد في كلية التربية بجامعة القصيم (وهي باحثة مهتمة بتطوير الذات، ومدرب معتمد في مجال تنمية المهارات البشرية بالإضافة الى مجال الإعاقة العقلية واضطراب طيف التوحد وتشخيصه) تقول في تقديمها للطبعة الثالثة من كتابها:
لقد شهدت العقود الأخيرة تطورات كمية ونوعية في ميدان التربية الخاصة، وحدثت تجديدات تربوية هامة للمحتاجين لها، أظهرت التغير المختلف الذي برز في التعامل مع هذه الفئة من فترة الإساءة اللفظية والعملية تجاههم إلى فترة الاهتمام بهم بإنشاء المؤسسات والمراكز الخاصة بهم، وإيجاد الأيدي المتخصصة والمتدربة للتعامل معهم.
ومن هنا برز دور الإدارة والإشراف في مؤسسات ومراكز ومعاهد التربية الخاصة لما له أهمية كبيرة في تسيير العملية التربوية، وكما هو معلوم فإن الإدارة في أي مؤسسة هي مفتاح نجاح تلك المؤسسة وسوء استخدامها يكون سبب فشل تلك المؤسسة.
وكذلك الإشراف في التربية الخاصة له خصوصيته والتي تأتي من طبيعة الفئات التي يتعامل معها المدرسون ولذلك يجب إيلاء هذا الجانب شيئاً من الاهتمام حيث يعتبر هذا الاتجاه حديثاً نسبياً مقارنة مع الإشراف التربوي في قطاع التعليم العام.
جاء الكتاب في شكل فصول متتالية تتناول مواضيع الإدارة والإشراف في التربية الخاصة لتكون مرجعاً سهلاً مبسطاً لطلبة كليات التربية الخاصة وهي على النحو التالي:
- الفصل الأول: مدخل إلى إدارة العمل التربوي.
- الفصل الثاني: إدارة برامج التربية الخاصة.
- الفصل الثالث: الإدارة المدرسية في التربية الخاصة.
- الفصل الرابع: إدارة الأزمات التربوية.
- الفصل الخامس: مدخل إلى الإدارة الصفية.
- الفصل السادس: إدارة المشكلات الصفية.
- الفصل السابع: إدارة الصفوف الخاصة.
- الفصل الثامن: مدخل إلى الإشراف التربوي.
- الفصل التاسع: الإشراف في التربية الخاصة.
- الفصل العاشر: القيادة التربوية.
- الفصل الحادي عشر: التخطيط التعليمي في التربية الخاصة.
- الفصل الثاني عشر: السلوك التنظيمي والإداري في التربية الخاصة.
- الفصل الثالث عشر: الكوادر العاملة في مؤسسات التربية الخاصة.
- الفصل الرابع عشر: الخدمات المساندة في مؤسسات التربية الخاصة.
- الفصل الخامس عشر: إدارة الجودة الشاملة في المؤسسات التربوية.
- الفصل السادس عشر: مفاهيم ومصطلحات في الإدارة والإشراف التربوي.
المدخل إلى إدارة العمل التربوي
تضمن الفصل الأول مدخلاً إلى إدارة العمل التربوي وفيه ترى المؤلفة أن العصر الذي نعيشه اليوم يطلق عليه عصر الإدارة، لأن الإدارة هي حجر الأساس لبناء أي مجتمع وتقدمه، وهي التي تقف وراء كل نجاح يحققه أي نشاط، أو اكتشاف أو خدمة، والإدارة هي التي تفسر أسرار تقدم أو تخلف أي مجتمع من المجتمعات. والإدارة الناجحة هي التي تسعى الى تجنب الإهدار، والفوضى، والاضطراب، وتعمل بكل جهد وطاقة للاستخدام الفعال للموارد المادية والبشرية، لنجاح الأهداف المنشودة من الإدارة.
تحتل الإدارة مكانة بارزة في حياة المجتمعات البشرية، وذلك نظراً لما تحققه من فوائد جمة للمجتمع، فمن خلال الإدارة يتطور المجتمع ويواكب متغيرات العصر، فالإدارة تقوم بحشد الطاقات والإمكانات والقدرات وحثها على الابداع والابتكار، لاسيما وأن العصر الذي نعيش فيه أصبح عصر ثورة المعرفة، وثورة التكنولوجيا، وثورة الاتصالات، ولا يمكن التعامل معها إلا من خلال الإدارة الفاعلة.
والإدارة التربوية كفرع من فروع الإدارة أصبحت حاجة ضرورة وماسة في المجتمع المعاصر، فالإدارة السليمة، الفاعلة والصالحة هي شرط أساسي من شروط التربية الصالحة، وهي تعمل على رفع مستوى الأداء، وتساعد على نجاح العمل وإتقانه، وترفع من معنويات العاملين بالمؤسسة، وتزيد من إنتاجيتهم، وتوحد جهودهم من أجل تحقيق الأهداف التربوية المنشودة.
مفهوم الإدارة التربوية
تتعدد تعريفات الإدارة التربوية شأنها شأن الإدارات الأخرى فالبعض يعرفها بأنها: العملية الخلاقة التي بمقتضاها يمكن توفير الموارد البشرية والمادية والاقتصادية والاستفادة منها بما يحقق الأهداف التعليمية. ويعرفها آخرون بأنها مجموعة من الأفكار والاتجاهات والفعاليات الإنسانية التي توضح الأهداف وتضع الخطط وتنظم الهياكل التنظيمية وتخلق الوظائف الإدارية الكاملة (بن دهيش، وآخرون، 2009).
وبهدف الوصول إلى تعريف محدد للإدارة التربوية فقد أورد حسان والعجمي (2013) العديد من التعريفات ومن أهمها:
- الإدارة التربوية: هي مجموعة من العمليات المتشابكة التي تتكامل فيما بينها سواء داخل المؤسسات التعليمية أو بينها وبين نفسها لتحقيق الأغراض المنشودة من التربية.
- الإدارة التربوية: هي العملية التي بموجبها تتم تعبئة الجهود البشرية والمادية وذلك من أجل تحقيق أهداف المؤسسة التعليمية وبذلك تعنى بالنواحي الإدارية والفنية معا.
- الإدارة التربوية: هي الجهاز الذي يشترك اشتراكاً فعالاً في وضع السياسة التعليمية وفي إدارة كل نشاط تتحقق من ورائه تلك السياسة وهي بهذا المعنى جهاز ضخم يشمل كل السلطات التعليمية المركزية واللامركزية.
أما نصر (2010) فتذكر أن الإدارة التربوية هي وسيلة لتحقيق أهداف التربية والتعليم في المجتمع شأنها شان أي إدارة في المجالات المختلفة وهي تقوم بتسيير وحفز العناصر البشرية في فروع مستويات الإدارة (العليا ـ الوسطى ـ الدنيا)، وتوجيه الجهود بصورة منظمة نحو تحقيق أهداف محددة بصورة مسبقة فهي عملية استثمار الموارد المادية لتحقيق الأهداف المنشودة بأكبر عائد ممكن (نصر، 2010).
وانطلاقاً مما سبق من تعريفات فإننا نرى أن الإدارة التربوية تشتمل على ما يلي:
- هي مجموعة من الأنشطة وفي مقدمتها التخطيط للعملية التعليمية وتصميم الهيكل التنظيمي، وتنمية وتوفير العاملين الأكفاء، وتوفير الأجهزة، الأبنية، وتوفير المناخ التعليمي، والمتابعة والرقابة في كونها تحقق أهداف التعليم.
- تهتم بالمعلمين والمناهج وطرق التدريس، والأنشطة المدرسية والإشراف الفني.
- تنظيم العلاقة بين المؤسسات التعليمية والمجتمع.
مفهوم الإدارة التعليمية
تعرف الإدارة التعليمية بأنها: مجموعة العمليات المتشابكة التي تتكامل فيما بينها في المستويات الثلاثة: الإدارة على المستوى الوطني (وزارة التربية والتعليم) والمستوى المحلي (إدارة التعليم في المحافظة أو المنطقة)، وعلى المستوى الاجرائي (المنظومة المدرسية) لتحقيق أهداف التربية.
وتعددت تعريفات الإدارة التعليمية كما أوردتها الأدبيات التربوية وكما يلي:
- هي العملية التي يدار بها نظام التعليم في مجتمع ما وفقا لأيديولوجيته وظروفه السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتحقيق أهداف المجتمع القومية من التعليم.
- هي عملية اجتماعية تعني تسيير وصقل العناصر البشرية وتوحيد طاقاتها وتوجهها بصورة منتظمة في إطار مؤسسي نحو تحقيق أهداف محددة.
- هي عملية توجيه وتنسيق جهود الأفراد بأقل جهد ووقت ممكنين نحو تحقيق الأهداف التعليمية المشتركة (حامد، 2009).
نستنتج من التعريفات السابقة أن البعض ينظر إلى الإدارة العلمية من خلال كونها وظائف ومكونات، بينما ينظر إليها آخرون بأنها أسلوب وطريقة.
أهمية الإدارة التربوية
لنتخيل أن مؤسسة مهما كان نشاطها لا يوجد من يديرها ويشرف عليها ويسير أمورها.. ماذا يكون مصيرها؟ إن تسير الأمور بعشوائية وتخبط وحسب الظروف يجعل المشاركين بالعمل التربوي والمستفيدين من خدمات هذه المؤسسة لا يشعرون بالاستقرار.
ومن هنا حدد ابن دهش وآخرون (2006) أهمية الإدارة التربوية بالنقاط التالية:
- إن الإدارة التربوية تحدد المسؤولية وتجعلها معروفة للجميع، فعمليات التربية والتعليم لا يمكن أن تتم بشكل صحيح ومتكامل، ولا يمكن أن يتحقق لها النجاح اللازم إلا إذا وجدت من يهتم بها، ويشرف عليها، ويوفر لها جميع الإمكانات اللازمة سواء أكانت مادية أو غير مادية حتى تستطيع أن تسير في الاتجاه الصحيح المرسوم لها وحتى تحقق الأهداف المرجوة منها، وهذا لا يمكن أن يتم إلا بالإدارة التربوية.
- إن وجود الإدارة التربوية يعنى إمكانية التوسع وتطوير النظم التربوية والتعليمية في الوقت الحاضر حيث تعددت المهام والمسؤوليات في المجال التربوي والتعليمي وعظمت المسؤولية الملقاة على القيادات التربوية.
- يساعد وجود الإدارة وفاعليتها على تعظيم العوائد وزيادة الفائدة من المؤسسات التربوية.
- وجود الإدارة يسهل عملية المحاسبة والرقابة ويبيّن لكل فرد مشارك ما له وما عليه، وبالتالي تقل العشوائية في العمل وخاصة إذا حددت المهام والاختصاصات.
- تساعد الإدارة على التنسيق مع الإدارات الأخرى ومؤسسات المجتمع المحلي (ابن دهيش وآخرون 2006)
الفرق بين الإدارة التربوية والإدارة التعليمية
شاع استخدام مفهوم الإدارة التربوية من جهة ومفهوم الإدارة التعليمية من جهة أخرى للحديث عن الإدارة في ميدان التربية والتعليم. حيث استخدمت لتعني نفس المفهوم ويرجع معنى كلمة Education في اللغات الأجنبية إلى التعليم وأحياناً التربية وساعد في ذلك ترجمة المصطلح Education Administration إلى الإدارة التربوية مرة والإدارة التعليمية مرة أخرى على أنهما يؤديان نفس المعنى وذلك صحيح (حامد، 2009) إلا أن الذين يفضلون استخدام مصطلح الإدارة التربوية يقصدون التماشي مع الاتجاهات التربوية الحديثة التي تفضل استخدام تربية على تعليم باعتبار أن التربية أشمل وأعم من التعليم، وأن وظيفة المؤسسات التعليمية هي التربية الشاملة، وبهذا تصبح كلمة الإدارة التربوية مرادفة للإدارة التعليمية. ومن المتفق عليه أن الإدارة التعليمية هي جزء من الإدارة التربوية وان الإدارة التربوية ذات سمة تشريعية، بينما الإدارة التعليمية ذات سمة تنفيذية، وبالنسبة للإدارة المدرسية فيبدو الأمر كذلك أكثر سهولة، وذلك لأن الإدارة المدرسية تتعلق بما تقوم به المدرسة من أجل تحقيق رسالة التربية. ومعنى هذا أن الإدارة المدرسية يتحدد مستواها الاجرائي بأنه على مستوى المدرسة فقط، وهي بهذا تصبح جزءاً من الإدارة التعليمية ككل، أي أن صلة الإدارة المدرسية بالإدارة التعليمية هي صلة الخاص بالعام (عايش، 2009).
العلاقة بين الإدارة التعليمية والإدارة المدرسية
بناء على ما ورد من تعريفات الإدارة التعليمية نرى أنها تختلف عن الإدارة المدرسية حيث أن الإدارة المدرسية هي جهاز قائم على تنفيذ السياسة التعليمية التي رسمتها الإدارة التعليمية، ويقوم على رأسها مدير تتركز مسؤولياته في توجيه المدرسة لتؤدي رسالتها كاملة نحو أبنائها مع تنفيذ كافة اللوائح والتعليمات الصادرة من إدارة التعليم.
تعتبر الإدارة المدرسية جزءاً من الإدارة التعليمية وصورة مصغرة لتنظيماتها بينهما علاقة العام بالخاص والمساعدة مالياً وفنياً للإدارة المدرسية وإمدادها بالقوى البشرية اللازمة لتنفيذ سياستها العامة الموضوعة لتحقيق الأهداف التعليمية، كما وتقوم بالإشراف عليها لتضمن سلامة هذا التنفيذ (نصر، 2010).
ونستخلص مما سبق أن:
- الإدارة التربوية: تعنى بالعمل التربوي على مستوى الدولة.
- الإدارة التعليمية: تعنى بالعمل التربوي على مستوى المحافظة أو المنطقة
- الإدارة المدرسية: تعنى بالعمل التربوية على مستوى المدرسة الواحدة.
أما الإدارة المدرسية School Management فهي التي يقوم عليها مدير المدرسة ومهمته توجيه المدرسة نحو أداء رسالتها، وتنفيذ اللوائح والقوانين التي تصدر عن الوزارة ويتعاون مع مساعد المدير (وكيل المدرسة) والمعلمين والإداريين وغيرهم من العاملين في المدرسة، ويعتبر مدير المدرسة مقيداً بالإدارة التعليمية التي يخضع لها ويتصرف وفقاً لما تراه، وكذلك فهو مقيد بمناهج ومقررات دراسية موضوعة ولوائح وقوانين ونظم، ومفتشين وإداريين، وبإمكانيات مادية محدودة (غريب، 2005).
ومن جهة أخرى يؤكد الرشيدي (2008) أن العلاقة بين الإدارة المدرسية، والإدارة التربوية هي كالعلاقة بين النواة والذرة، فكلاهما يدوران في فلك واحد، وليست الإدارة المدرسية كياناً منفصلاً أو مستقلاً قائماً بذاته، فهي تمثل جزءاً من الكل الإداري للمستويات المتعددة بدءاً من الإدارة التربوية بالمحافظة حتى الإدارة المركزية بالعاصمة، وقد يكون لذلك ضرورة على أساس أن الإدارة المدرسية ذات استراتيجية في خصوصية الاعتماد عليها كركيزة للأهداف الوطنية، ومن هنا فان عدم استقلالها ليس عيباً مطلقاً، وإنما أحد مميزات تلك الإدارة حتى تتصل بقطب محور العلاقة بين كل من المطلوب فيهم وبهم والوصول إلى أعلى درجات المواطنة المطلوبة.
ومن هنا تصبح العلاقة بين الإدارة التربوية والإدارة المدرسية ذات سمات أساسية وكما يلي:
- إن العلاقة على مبدأ الثقة والاحترام المتبادل.
- إن كليهما على تحقيق أهداف وطنية متفق عليها.
- إن كليهما يعملان على تحقيق اهداف وطنية متفق عليها.
- إنهما يتفقان في الإطار العام للعملية التربوية ووظائفها، ويختلفان في أسلوب العمل وفنياته. (الرشيدي، 2007).
صدرت الطبعة الأولى للكتاب سنة 2015، والثانية 2016 وأحدثها الثالثة صدرت سنة 2019 عن دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة بالأردن وأتت في 589 صفحة من القطع العادي (17 x 24 سم) والتجليد فني فاخر بالورق المقوى.