تعتبر الرواية أهم الوسائل الأدبية شيوعاً في العصر الحديث، وهي الجنس الأدبي الوحيد الذي يمكن أن ينافس الأفلام والمذياع من حيث التقبّل الشعبي. وعلى إثر ذلك كتبت الكثير من الروايات البارزة وما زال سيل الروايات متواصلاً. ويتلقى القراء حتى يومنا هذا نشر رواية جديدة لكاتب روائي مشهور بحماسة لا تختلف عن الحماسة التي كان يبديها القراء لدى صدور عمل كوميدي جديد لـ (درايدن) Dryden أو كونغريف Congreve أثناء فترة إعادة الملكية Restoration Period أو صدور مجموعة شعرية جديدة لشاعر مثل تينيسن Tennyson أثناء الفترة الفيكتورية Victorian Period. وكان الشعر الذي تبوأ مكانة مرموقة في عالم الأدب، طيلة قرون عديدة، قد فقد بريقه وغدا تقبل الجمهور له محدوداً للغاية مما حدا بالرواية لأن تحل محله بشكل واضح.
والسبب الرئيسي لمثل هذا التغيير هو أن الرواية تمثل الجنس الأدبي الوحيد الذي يلبي احتياجات العالم الحديث ومتطلباته. ولا شك أن أهم سمات الشعر أن له القدرة على نقل أكثر من معنى في الوقت ذاته، كما أن له القدرة على تكثيف المعنى من خلال التعبير المجازي. وبإمكان الشعر أيضاً أن يكثف مساحة واسعة من المعاني من خلال تعبير موجز يروق لكل من العقل والعاطفة. غير أن مثل هذا الضغط المجازي يعتمد على ضغط معين في المجتمع. بعبارة أخرى، لابد أن يستند المجاز الذي يستخدم في الشعر على بعض الافتراضات أو الحقائق العامة التي يتبناها كل من الشاعر والجمهور، فعلى سبيل المثال ظلت مفردة (بيت / مسكن) home تعني حياة هادئة مستقرة بوجود الزوجة والأطفال أثناء الفترة الفيكتورية على وجه الخصوص. ولو أن مثل هذه المفردة استخدمت بمعناها المجازي في الشعر فإن معناها لن يتغير لكل من الشاعر والجمهور. لكن في القرن العشرين الذي شهد الكثير من حالات الطلاق والاضطرابات فقدت مفردة (البيت / مسكن) قداستها في المجتمع الإنكليزي مما حدا بالشعراء إلى عدم استخدام المفردة بالمعنى السابق لأنها سوف تنقل معاني مختلفة لمختلف القراء تماشياً مع توجهاتهم الحياتية الفردية.
وإذا كان للشعر شعبيته لدى الجمهور فلابد من توفر (عنصر أساسي) لدى الأفراد الذين يمتلكون نمطاً مشتركاً معيناً لاستجابة نفسية ترسخت من خلال الاستمرارية في بيئة الطفولة. ثم أن المجاز أو (أنما ط الغموض) التي تضفي دقة على التعبير الشعري تعتمد على عنصر أساسي لحافز واستجابة مشتركين يتسمان بكونهما محددين وثابتين، وهذا امر ممكن في مجتمع يعمل على نحو ديناميكي استناداً إلى بعض القيم المقبولة جوهريا رغم ما يبدو عليه ذلك المجتمع من فوضى دائمة على السطح.
أن الفترة التي تعيشها بريطانيا الحديثة ليست بتلك الفترة التي يعمل بها المجتمع استنادا إلى بعض القيم الأساسية فهذا العصر هو عصر الانحطاط وعلامات الاستفهام فقد تم تقويض القيم القديمة واستبدالها بقيم جديدة، لذا فإن ما قاله ماثيو أرنولد M. Arnold عن الفترة الفيكتورية ينطبق بصدق على الفترة الحالية (لقد حوصر بين عالمين أحدهما يحتضر والآخر يكافح للولادة). لقد أدى التنازع بين العالمين إلى اختفاء عنصر الشعر الأساسي المشترك.
ولم يعد المجتمع البريطاني الحديث متجانساً فهو منقسم إلى جماعات متباينة تتحدث لغات مختلفة حيث أن المعاني التي يجمع عليها أفراد جماعة معينة لا تحظى بالفهم من جانب جماعة أخرى. والإنسان الغربي يتأرجح بفعل النوايا المتصارعة وهو بذلك يبدو شارد الذهن ومتقلباً في سلوكه وهو يواجه صعوبة في خياره بين الشيوعية والرأسمالية وبين الإيمان بالله والشك في المبادئ الدينية الأساسية وكذلك بين الثقة بالعلم والخوف من القنبلة الذرية لأن كل معتقد يتعرض للتشويه بما تشوبه من شكوك.
وفي ظل غياب أية قيم مشتركة فإن تركيز المعنى يظل أمراً مستحيلاً، وهكذا يجد الشعراء في عصرنا الحاضر أنفسهم في عزلة عن المجتمع الأمر الذي يدفعهم للكتابة بلغة لا يفهمها الجميع. وتبلغ عزلة الشاعر في بعض الأحيان حد التطرف مما يجعله الشخص الوحيد الذي بإمكانه أن يفهم قصائده! وهذا هو السبب الذي أفقد الشعر شعبيته في الوقت الحاضر. غير أن ذات الأسباب التي تجعل من كتابة الشعر أمراً صعباً قد مهدت السبيل للرواية لكي تزدهر ففي النثر على سبيل المثال وخاصة في الرواية يمكن للكاتب أن يوضح جوانب الغموض تسهيلاً لمهمة القارئ.
لقد ازدهرت الرواية ليس بسبب فقدان النموذج المشترك للاستجابة النفسية وغياب قاعدة القيم المشتركة فحسب فالعلم الذي يؤدي دوراً جوهرياً في الوقت الحاضر ويشدد على المنهج التحليلي أعان الروائي على اكتساب المزيد من الشعبية لأن المنهج الذي تسلكه الرواية تحليلي أيضاً بعكس المنهج التركيبي. ولم يعد الإنسان المعاصر الواقع تحت تأثير العلم أيضاً مهتماً كثيراً بالتعبير المجازي الذي يميز الشعر وبدأ يميل أكثر إلى الرواية حيث يجد إيضاحاً وشرحاً وافيين في هذا الجنس الأدبي. ثم إن تطور علم النفس في القرن العشرين جعل الناس يتطلعون لمعرفة الحافز وراء سلوكهم وشعورهم بالاندهاش فكرياً، حين يعمد أحد الكتاب إلى الكشف عما تفكر به شخصية ما، وهذا امر ممكن في الفن الروائي فحسب.
ترى ما المزايا الأساسية للرواية الحديثة؟ يمكن القول أولاً إن هذه الرواية (واقعية) realistic بالمعنى المقابل لـ (مثالية) idealistic. والكاتب الواقعي يرى أن واقع الحقائق المرئية ـ الحقائق ذات الصلة بالعالم الخارجي أو الحقائق المتصلة بمشاعر الكاتب ـ هي الشيء المنشود فيما يسعى الكاتب (المثالي) إلى خلق صورة سارة ورفيعة. والروائي الحديث (واقعي) بهذا المعنى وليس بمعنى التوثيق المدروس لحقيقة ما من خلال التعامل مع الجانب الأكثر قذارة، نوعاً ما، للحياة المعاصرة مثلما هو واضح في روايات أميل زولا Zola التي تتسم بالواقعية بالمعنى الواسع وهو يحاول أن يضمن كل شيء تقريباً (الطبيعة الإنسانية المختلطة والعادية) ضمن حدود الرواية ولايقتصر على جانب واحد منها. وقد دللت كل من رواية تولستوي (الحرب والسلام) War and Peace ورواية جورج أليوت George Eliot (منتصف مارس / آذار) Middle March على أن النسيج الروائي يمكن أن يكون مطواعاً ومتنوعاً مثل الحياة ذاتها. وواصل الروائيون المحدثون هذه التجربة وطوروها وهم يسعون في أن تكون الرواية أكثر بهاء ومرونة. وقد بذل بعض الروائيين المحدثين مثل هنري جيمس Henry James جهوداً مضنية تحت تأثير كل من فلوبير Flaubert وتورجينيف Turgeniev في تهذيب بنية الرواية من خلال تشذيب أية عناصر غير ضرورية فضلاً عن رفع أية عبارة أو مقطع أو جملة تسهم في إحداث التأثير النهائي. كما سعوا أيضاً إلى تجنب أي تأثير سلبي على القبول الظاهري مثل أسلوب ثاكيري Thackeray الخطابي غير الحكيم وظنه أن الأمر يقع ضمن السياق القصصي. كما أنهم قدموا للرواية جوانب أخرى مثل وجهات نظر دقيقة وشخصيات متحفظة ومنمقة وجوانب مرهفة لا يمكن إدراكها بيسر فضلاً عن الموضوعات التي لم يشهدها الفن الروائي من قبل.
وثانياً الرواية الحديثة تتصف بكونها (نفسية). والمشكلة النفسية تتعلق بطبيعة الشعور وعلاقة ذلك بالزمن، فعلم النفس الحديث جعل مسألة تفكير الروائي بالوعي أمراً صعباً للغاية على اعتبار أنه يمثل التحرك في خط مستقيم مرتّب زمنياً من نقطة معينة إلى نقطة أخرى وهو يراه بدلاً من ذلك مرناً ويوجد في الوقت ذاته في مستويات عديدة مختلفة. إن تقديم قصة ما في خط مستقيم مرتب زمنياً يبدو أمراً غير مرض وغير واقعي بالنسبة للروائيين والقراء المحدثين الذين ينظرون إلى الوعي بهذه الطريقة، والناس يأخذون وضعهم القائم استناداً إلى ما كانوا عليه في السابق.
وبما أننا عبارة عن ذكريات فإن الوصف الصادق في أية لحظة يعني أن نقول أي شيء حول ماضينا. وهذه العملية التي تصف الوعي أثناء عمله تدعى بـ (تيار الوعي) stream of consciousness. ويزعم الروائي بأنه يمتلك معرفة واسعة بكل شيء وينتقل مباشرة إلى داخل عقول الشخصيات. وفي مثل هذه الروايات فإن حصول تغيير في مزاج الشخصية والذي يتجسد بشكل صارخ من خلال تنهيدة أو خفقة في جفن العين، أو ربما لا يدرك على الإطلاق، ربما تعني أكثر مما يبدر من أفعالها الخارجية مثل اتخاذ قرار بالزواج أو خسارة ثروة معينة. وفي مثل هذه الروايات لا يتم إخضاع الشخصيات الرئيسية إلى سلسلة من الظروف الاختبارية لتكشف عن إمكانياتها، فكل شيء عن الشخصية متيسر للقارئ في العادة عند مستوى معين من وعيه، ويمكن للمؤلف أن يكشف عنه من خلال سبر أغوار النفس بدلاً من التواصل طولاً.
وبما أن الروائيين الذين يتبنون (تيار الوعي) مثل فرجينيا وولف يرون بأن رد فعل الفرد إزاء أي موقف حياتي يتقرر وفق خبرته الماضية فإن كل شخص يكون بمعنى أو آخر سجيناً لشخصيته. وهذا يعني أن (الواقع) نفسه عبارة عن قضية انطباع شخصي وليس تنظيماً منهجياً عاماً، وبالتالي فإن التواصل الحقيقي بين الأفراد أمر مستحيل. وفي مثل عالم الوحدة هذا لا توجد هناك ثمة فسحة للحب لأن كل شخصية تتسم بخصوصيتها الاستثنائية لكونها ترتبط بتاريخها الماضي. ومثل هذه الفكرة تكتسب المزيد من القوة بسبب الانهيار الذي حل بالمجتمع الحديث الذي يفتقد إلى أساس مشترك للقيم، وهذا هو السبب الذي يدفع الروائي الحديث إلى اعتبار الحب شكلاً من أشكال الأنانية أو باعتباره شيئاً أكثر تعقيداً وأشكالاً من الرابط العاطفي البسيط بين شخصين. في هذا الشأن يرى دي أج لورنس D. H. Lawrence أن الحب الحقيقي يبدأ حين يدرك المحب الافتراق الحقيقي مع حبيبه. وفي رواية (السيدة داليوي) Mrs. Dalloway للروائية فرجينيا وولف ترفض السيدة داليوي بيتر ويلش Peter Welsh، الرجل الذي أحبته كثيراً، لخشيتها من أن يؤدي حبه التملكي إلى تدمير شخصيتها.
ومن خلال أسلوب التشخيص (خلق الشخصيات الروائية) يتحمل الروائي الذي يتبنى (تيار الوعي) مسؤولية أحداث تطوير مهم، وقد تبنى الروائيون من قبل طريقتين مختلفتين لدى تطوير شخصياتهم. وشخصيات الأفراد في الرواية تنبثق إما من وصف مرتب وفق السياق الزمني لمجموعة أحداث ورد فعل الشخصية الروائية تجاهها، أو أن الروائي يعطينا في البدء صورة وصفية للشخصية الروائية ليتسنى لنا معرفة ما يمكن أن نتوقعه والأفعال وردود الأفعال اللاحقة للشخصيات وهي تشغل تلك الصورة ومن ثم ترتقي بها. والطريقة الأولى تتضح في رواية توماس هاردي Thomas Hardy الموسومة (عمدة كاستربريدج) The Mayor of Casterbridge حيث لا توجد ثمة إشارة إلى طبيعة أو شخصية (مايكل) الحقيقية، وهذا ينبثق من القصة ذاتها. أما الطريقة الثانية فيمكن ملاحظتها في رواية ترولوب Trollope الموسومة (أبراج بارجيستر) Parchester’s Towers حيث يقدم الروائي في الفصل الأول صوراً وصفية أدبية عامة لشخصيتين هما د. برودي Dr. Proudie والسيدة برودي Mrs. Proudie. وفي الفصل الأخير نشهد تطبيقاً لبعض الأحداث الخاصة للمبدأ العام الذي تم الإعلان عنه في السابق. لكننا في بعض الأحيان نلاحظ استثمار الطريقتين مثلما هي حالة (إيما وودهاوس) Emma Woodhouse للروائية (جين أوستن) Jane Austin. ورغم أن الطرق المستخدمة في سائر تلك القضايا تتباين فيما بينها فإننا نلاحظ أن صورة الشخصية الثابتة تظهر للعيان أيضاً.
غير أن روائي تيار الوعي، من ناحية أخرى، لا يرتضي بتلك الطرق التقليدية فقد أدرك استحالة إعطاء وصف دقيق من الناحية النفسية عن طبيعة الإنسان في لحظة حياتية معينة سواء حصل ذلك من خلال وصف جامد لشخصيته أو من خلال وصف مجموعة من ردود الفعل المرتبة زمنياً لسلسلة من الظروف وهي تبدي الاهتمام بمظاهر الوعي تلك التي تتسم بحيوتها الكبيرة وعدم جمودها واستقلاليتها عن اللحظة المعطاة. وهذه اللحظة الحالية بالنسبة إليه تتصف بمقبوليتها الظاهرية إلى حد كاف وهي لا تعطيه رد فعل الشخص لتجربة معينة في لحظة محددة فحسب إنما يمتد الأمر إلى ردود فعله الماضية وكذلك المستقبلية. لذا يعتبر أسلوبه وسيلة للهروب من طغيان البعد الزمني. وهنا يتمكن المؤلف من قتل عصفورين بحجر واحد فهو لا يستطيع الإشارة إلى الطبيعة الدقيقة للتجربة الحالية للشخصية التي يسلط الضوء عليها مما يمكّنه بوقت محدد، يوم واحد على سبيل المثال، من أن يعطي القارئ صورة متكاملة للشخصية من الناحيتين التاريخية والنفسية.
إن أسلوب (تيار الوعي) هذا لا يساعد على الكشف عن الشخصية بشكل تام وتاريخي ونفسي فحسب، إنما يعمل أيضاً على تطوير الشخصية وهو أمر صعب للغاية بذاته، وبذا تمكن جيمس جويس James Joyce في رواية (يوليسيس) Ulysses من أن يروي الكثير من المعلومات من غير سرد الأحداث التي حصلت في يوم واحد وأن يجعل من البطل شخصية كاملة ومتميزة لكنه استطاع في نهاية الرواية أن يجعل القارئ يرى بداية المستقبل في الوقت الحاضر دون أن ينظر إلى ما وراء الحاضر رغم أن جويس قد حدد بنيته المنظمة تاريخياً بالأحداث التي شهدها يوم واحد فحسب. وعلى نفس المنوال عمدت فرجينيا وولف في روايتها (السيدة داليوي) إلى إعطاء صورة كاملة لشخصية السيدة داليوي من خلال سرد قصة يوم واحد في حياة امرأة متوسطة العمر وكذلك متابعة (تيار الوعي) الخاص بها صعوداً ونزولاً في الماضي والحاضر، وكذلك عملت على جعل القارئ يشعر في نهاية الرواية ليس حال السيدة داليوي في الوقت الحاضر أو الماضي فحسب إنما ما يمكن أن يكون عليه حالها حيث أنه يعرف سائر الاحتمالات غير المتحققة في شخصيتها. لذا فإن ما تحققه الطريقة التقليدية من خلال الامتداد يفلح (تيار الوعي) في إنجازه من خلال الغور عميقاً. وهذه الطريقة الأخيرة تعمل على فصل تقديم الوعي عن التسلسل التاريخي للأحداث ومن ثم تعمل على تقصي حالة عقلية معينة بدقة ومن سائر الأوجه من خلال المتابعة المتواصلة حتى النهاية للتداعيات والإيحاءات العقلية البعيدة. وليس هناك ثمة حاجة لانتظار الزمن بهدف جعل الصفات المحتملة في الشخصية تأخذ شكل نشاط معين.
ويتصف الروائي أيضاً بصراحته خصوصا ما يتعلق بالقضايا الجنسية أضافة إلى كونه يلتزم بنزعة نفسية وواقعية. ومثل هذا الأمر يبدو نتيجة حتمية لقبول الروائيين بأسلوب (تيار الوعي). في هذا السياق يحصل في بعض الأحيان أن يعمد كتاب مثل دي أج لورنس إلى استخدام صراحة جنسية صارخة لتحاشي المشاكل الاجتماعية والأخلاقية. ولأن مثل هذا الأسلوب المعقد يسعى لتلمس نكهة كل لحظة فإنه يعين الروائي على تحاشي التعامل الجاد مع المشاكل الحادة التي تواجه المجتمع. علاوة على ذلك، لا يظن الروائي الحديث بأن انطباعاته تصح بالنسبة للآخرين وذلك بسبب ما لحق المجتمع من تدهور. لقد أسفر ذلك عن تباين واضح فقد تناولت بواكير الروايات الإنكليزية موضوع العلاقة بين النبالة والأخلاق فيما تتجه الرواية الحديثة إلى تناول العلاقة بين الوحدة والحب، ففي حين كتب كل من فيلدنغ Fielding وديكنز وثاكيري لعامة الناس فإن الروائي الحديث ينظر إلى المجتمع بمعناه الواسع باعتباره عدواً ويكتب بدلاً من ذلك لمجموعة محدودة من الناس الذين يشاركونه في أحاسيسه الفردية والذين يتخذون موقفاً معادياً للمجتمع بمعناه الواسع. ويسمي أي أم فورستر E. M. Forster هذه المجموعة بـ (المجتمع الصغير) مقابل (المجتمع الكبير).
وكان دي أج لورنس مهتماً بالكيفية التي يدرك بها الأفراد أنفسهم تماماً بصفتهم أفراداً توطئة لتحقيق تواصل حقيقي مع (آخرية (1) الأفراد الآخرين)، وهو يتعاطى مع المشاكل الاجتماعية بصفة مشاكل فردية. من جانبها كانت فرجينيا وولف، التي كانت حساسة على وجه الخصوص بسبب انحطاط معتقدات الناس، مهتمة بالتعامل مع التجربة من جانب الوعي الخاص.
من هنا اتجهت الرواية على يد كل من جيمس جويس وفرجينيا وولف ودي أج لورنس ودوروثي ريجاردسن Dorothy Richardson وكاثرين مانسفيلد Katherine Mansfield إلى تبني شيء من أسلوب الشعر الغنائي بسبب تأكيده على التجربة الشخصية فهناك وصف وسرد قصصي مرهف للغاية في الروايات الحديثة يذكرنا بقصائد الشعراء الإنكليز البارزين.
- كون الشيء شيئا آخر أو مختلفاً (المترجم)
المصدر:
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.