غالبا ما يكون المعوقون في السينما المصرية أشبه بعمال التحويلة، مهمشين متواريين في الظلام… يظهرون لحظات للتأثير في مجرى الإحداث،…
في رصيف نمرة خمسة لفريد شوقي تظل الخرساء متوارية في الظل لا نعرف عنها شيئا ولا كيف تعيش ولا الصعوبات التي تواجهها في الحياة من جراء الإعاقة.. تظهر لحظات وتتراجع، وفي ظهورها الأخير تتعرف على زكي رستم كقاتل زوجة فريد شوقي وخلال لحظات مرعبة تعلن معرفتها، فيتغير مجرى الإحداث ثم تختفي من الفيلم بالموت،..
في الغرقانة لنبيلة عبيد يظل الطفل مبروك طفلا عاجزا مجهولا حتى يستغله أبيه في جني المال فتبدأ الحياة الرتيبة الثقيلة للأسرة بالتغير ومع ذلك يظل الطفل مهمشا حتى النهاية،
وهناك أمثله عديدة أخرى منها أفلام: «بطل للنهاية» و«أنا الهارب» و «كفاني يا قلب» و«خمسه باب» وفي أغلب هذه الافلام يوضع الأشخاص المعاقون في الفيلم بشكل متكلف لكي نتعاطف مع طريقة وأسلوب حياة البطل / البطلة.. وليس لأن المصابين بالإعاقة هم حالات إنسانية يحتاجون لاهتمام من المجتمع باعتبارهم أشخاصا يعانون، وظهور معاناتهم ومشاكلهم على شاشه السينما أمام الآخرين هو واجب إنساني وأخلاقي.
لكن هناك أفلام نادرة جدا جعلت من الأشخاص المعوقين شخصيات محورية تدور حولها الأحداث وتكشف صعوبات الشخص المعوق بصورة حاولت أن تكون جدية وصادقة مثل فيلم الخرساء لسميرة أحمد وفيلم لمريم فخر الدين قامت فيه بدور سيدة صماء.. وبرعت سميرة أحمد في دورها كما برعت مريم فخر الدين.
ومن الأفلام الحديثة نسبيا التي جعلت من المعوقين شخصيات محورية فيلما الصرخة لنور الشريف وأمير الظلام لعادل أمام.. وسنتناول هذين الفيلمين بالبحث.
فيلم «الصرخة»
أولا: توثيق
إخراج: محمد النجار
القصة والسيناريو والحوار: كرم النجار
التصوير: طارق التلمساني
المونتاج: فتحي داود
الموسيقى: راجح داود
مهندس الديكور: رشدي حامد
تعليم الإشارات: محمد فرج
التمثيل: نور الشريف (عمر الفرماوي)، معالي زايد (تيسير المحمودي)، نهلة سلامة (معزوزة)، وفاء الحكيم (علية)، أمل الصاوي (وفاء)، سمير وحيد، عبد الرحيم حسن، عبد الحفيظ التطاوى، محمود العراقي، عبير الصغير (فكرية)، عثمان الحمامصي، رشدي عسكر، أحمد أبو عبيه، عبد العزيز عيسى، أشرف طلبه، ضيف الفيلم: فاروق قمر الدولة.
ثانياً: ملخص القصة
الشاب الأبكم الأصم «عمر الفرماوي» يقيم مع أبيه عامل التحويلة «الفرماوي» في مسكن إداري توفره الحكومة للعاملين بها ثم يسحب منه بعد انتهاء الخدمة. ومن البداية نعيش تفكير الأب بمصير ابنه الأصم والإحالة للمعاش مع أن الآمال تعتمل داخله، أمل في إجراء جراحة لأبنه تعيد إليه السمع وأمل مد خدمته بعد سن التقاعد، لكن هذه الآمال تنهار وتنهار معها حياته فالخبير يؤكد عدم فائدة الجراحة، وهيئة السكك الحديدية ترفض طلبه بمد خدمته، ولا يحتمل الأب الصدمة فيموت ويصبح عمر الفرماوي وحيداً، وأول مشكلة يواجهها بعد وفاة الأب الطرد من المسكن الإداري عن طريق الشرطة.
وعندما يشاهد أثاث بيته يلقى خارجا لا يفهم ما يحدث، فهو لا يعرف القراءة والكتابة، تصيبه الحيرة بالجنون فيقاوم عملية الإخلاء، ويعتدي على أحد رجال الشرطة ويهرب منهم ظاناً أنه تسبب في مصرع الشرطي، تقوده قدماه إلى صديقة «فؤاد» الأصم الذي يمتلك ورشة صغيرة لإصلاح الأجهزة الكهربائية ومنه يعلم أن الشرطي المصاب لم يمت، «ويبدأ التغيير في حياته عندما يصحبه فؤاد إلى معهد للسمع والكلام، أملا في الحصول علىالعلم، في المعهد تهتم الباحثة «تيسير المحمودي» به متخذة إياه حقلا لتجاربها التي تعدها للحصول عل الدكتوراه عن «الصم» يتعاون «عمر» معها، و داخل المعهد تلفت نظره «وفاء» فتاة صماء، فتجمع الألفة بينهما، لكن الغيرة من تيسير تأخذ بجماح الفتاة وهي ترى اهتمام الباحثة بالشاب داخل المعهد، لكن الاهتمام العلمي يتحول إلى اهتمام حسي بالشاب الذي يفهم خطأ أنها تريد الزواج منه لحبها له، وهو يرفض الاستجابة للدعوة الحسية التي تدعوه إليها ويعلن بالإشارات انه لا يستطيع الفعل إلا بالزواج فتسخر منه بطريقه مريرة وتطرده من مسكنها فيجري «عمر» إلى «وفاء» طالبا يدها، لكن كرامتها تجعلها ترفض فيذهب إلى «معزوزة» طالبا الزواج، فتقبل لفقرها الشديد، ومع مرور الوقت تفصح عن رغبتها الحقيقية في المال، فلما يعرف ذلك، يطردها، لكنها تطلب انتقاما، فتطلب من «فكرية» اتهام عمر باغتصابها،، والحمل منه و«فكرية» سبق أن شاهدها عمر تمارس الجنس مع رجل وتحاول حل مشكلتها بعد أن تخلف الرجل عن الزواج منها، ومن جراء الاتهام يجد عمر نفسه في قسم الشرطة والنيابة وساحة القضاء وتشهد الزوجة ضده، لكن عمر يطلب من تيسير أن تكون المترجمة بينه وبين الآخرين في المحكمة وتوافق خبيرة الإشارات على ذلك وعندما يطلب عمر من تيسير أن تدل على أخلاقه وان تذكر للمحكمة أنه سبق ورفض العلاقة الحسية التي طلبتها لكن تيسير تتجاهل طلبه وتؤكد لرئيس المحكمة أن عمر ينكر الادعاء ويؤكد أنه بريء فيقرر رئيس المحكمة أما أن يتزوج عمر من فكرية أو السجن.. يثور عمر ويثور الحاضرون من الصم فيتم إخلاء القاعة فيسقط في يد عمر.. لقد أصبح وحيدا الآن حبيسا داخل قفص عاجزا عن الدفاع عن نفسه فيوافق على الزواج منها…
وعندما يخرج من المحكمة يقرر مع مجموعة من أصدقائه الصم الانتقام من تيسير ومعزوزة وفكرية فيخطفون كل واحدة منهن على حدة، ويضعونهن في غرفةاختبار السمع بالمعهد، ويطلقون عليهم ذبذبات صوتية خاصة إلى أن يفقدن حاسة السمع، وعندما يتأكد «عمر» من ذلك يطلق صرخة يعبر بها عن فرحته بالانتقام.
ثالثاً: قضايا الفيلم
القضية المحورية للفيلم هي الأشخاص الصم.. معاناتهم ومشاكلهم من خلال بطل رئيسي: الشاب «عمر الفرماوي» وهو شاب بسيط يتحلى بعدة مبادىء.. فالعمل والجهد لديه أساس للدخل المادي ويرفض أي مال يدخل عن طريق آخر حتى لو عن طريق والده (رفضه قبول مبلغ نهاية الخدمة).. وهو مبدأ يقيني يلتزم به ويصبح أسلوبا لحياته.. ثم أنه يكره الوشاية فعندما يرى «فكرية» مع أحد الرجال يبصق في وجهها، لكنه لا يشي بها ويحتفظ بسرها، ويتميز أيضا بعدم سماح الآخرين بخداعه عندما يطلبون منه المال فيرفض لعلمه أنهم يخبئون أموالهم ثم إنه يملك الشهامة فيدافع عن تيسير في دار السينما ويعرض نفسه للإيذاء.. نرى أمامنا شخصاً أصماً يملك صفات ايجابية يملكها الأشخاص السامعون.. وهو ما يؤكد أنه لا يوجد أى اختلاف بين الأصم وأي شخص آخر.. ومع إضافة الحساسية والغضب يصبح لدينا شخصية من لحم ودم يمكننا التعاطف معها والإحساس بمشاعرها ومشاكلها وقد أجاد صانعو الفيلم إظهار المشكلات الفعلية التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة ويكاد الفيلم يقترب من الأفلام الأمريكية والأوروبية التي تقدم الإعاقة مع استشارات وآراء علميه دقيقة حولها.
ورغم أن الفيلم يعتبر فيلما متميزا إلا أن المتناقضات الحادة صاحبته!!
السؤال الذي يحضرني هو: كيف لباحثة مثقفة ومتعلمة أن تفكر بارتكاب الفحشاء مع طالب لديها وعندما يرفض ويطلب الزواج تغضب وتطرده؟ هل ارتكاب الحرام يسعدها والحلال يغضبها؟
النقطة الثانية هي موقف عمر الفرماوي في المحكمة.. نحن نعرف عنه أنه شاب يتحلى بالأخلاق الكريمة ويرفض ارتكاب أى شيء غير أخلاقي.. وفي بداية الفيلم رفض الوشاية بفكرية وحافظ على سرها بعد أن رأها بصحبة أحدهم.. وبعد ذلك نراه يطلب من الباحثة «تيسير» أن تعترف بمحاولتها ارتكاب الفحشاء معه وأمام جمع من الناس وفي قاعة المحكمة؟
أكانت مبادؤه السابقة مجرد شيء شكلي يظهرها أمام الآخرين لرضا الناس عنه؟ ربما تكون الإجابة أنه كان خائفاً داخل قفص ومرعوباً من الاتهام.
لكن الإنسان الذي يتخلى عن أحد مبادئه بسبب الخوف هو إنسان لا مبادىء له من الأساس.
الأمر الأخير الذي حيرنا هو عمليه الانتقام وإصابة النساء الثلاثة بالصمم ثم تلك الصرخة الوحشية التي انبعثت من أعماق عمر!
الناقد السينمائي «سمير فريد» يذكر أنه لم يكن هناك مبرر درامي لنهاية الفيلم التي أضعفته، بسبب إقحام قضية الفتاة الحامل «فكرية» وما يتلوها من أحداث، ويرى أن المشكلة الأساسية أننا نرى جماعة الصم يتحولون إلى وحوش آدمية، (جريدة الجمهورية، 3 فبراير 1992).
يذكر الدكتور «ناجي فوزي» أن الفيلم يفجعنا بنهايته التي لا تخلو من بشاعة، ليس بسبب أسلوب تقديم مشاهد الانتقام النهائية، ولكن بسبب جنوح الفيلم إلى فكرة الانتقام ذاتها، (ندوة مركز حقوق الإنسان 4 نوفمبر 2002) وتذكر الناقدة السينمائية «ماجدة خير الله» أن النهاية هي أسوأ ما في الصرخة وأن هذا الانتقام البشع يفقد المشاهد أي نوع من التعاطف مع مجموعة الصم، بل يخلق مشاعر مضادة وعدائيه لهم (الوفد، 26 ديسمبر 1991).
للأسف فإن كاتب القصة والسيناريو والحوار لم يفهم الأعماق الحقيقية للمعوقين عندما حاول أن يكتب عنهم.. إن العمل والجهد مبدأ يقيني يلتزم به المعوق كأسلوب لحياته يصاحبه مبدأ يقيني آخر وهو التعاطف مع الضعف البشري.. ولا يمكن التعاطف مع الضعف البشري إلا بعملية تسامح مستمرة تجاه الآخرين.. والتسامح يرفض الانتقام وينكره.. إنه لا يعرفه.. فهو شيء غريب عنه.. إن الشخاص المعوق يفهم تماما ما هي المعاناة.. لأن المعاناة أصبحت ملازمة لحياته.. إنها تدفع لحب الآخرين من الأعماق.. والحب ملازم للتسامح إنهما قيمتان إنسانيتان والانتقام والصرخة الوحشية في نهاية الفيلم أسقطت منه أي قيمه إنسانية.
لكن هل كانت النساء الثلاثة يستحققن التسامح؟!
الزوجة «معزوزة» كانت تعاني من فقر دائم.. و«الجوع كافر» فما بالك بامرأة كانت في جوع مستمر سنوات عمرها!! إن رد فعلها الطبيعي هو الرغبة في المال.. وسنوات فقرها قبل الزواج تتحول إلى كابوس جاثم على صدرها لا تستطيع الخلاص منه.. فماذا نريد منها وقد حافظت على نفسها طول سنوات الحرمان ولم تتعرض للانحراف!
أما «فكرية» فهي شابة صغيرة قاصر تجري في رأسها الأحلام لم تختبر الحياة بعد ولا تعرف مزالقها.. أدارت رأسها كلمات جميلة من رجل مخادع.. ووسط مجتمع لا يرحم بحثت عن الخلاص.. إن الرعب الذي تملكها وهى ترى أحشاءها تتحرك منع أى تفكير عقلي سليم.. إنها وحيدة تعاني في بحر تتلاطمه الأمواج.. والغريق يتعلق بقشة.. واتهام عمر باغتصابها هو حل لإنقاذ نفسها وإنقاذ طفل بريء معرض للضياع..
والباحثة «تيسير» كيف نطلب منها أن تعلن على الملأ في المحكمة وهى امرأة أنها حاولت أن تراود عمر عن نفسه وترتكب الفحشاء معه؟ إن الخوف الذي امتلكها وهي ترى عمر يسيء إلى سمعتها ويضعها في ورطة ولا يحافظ على سرها لإظهار قوة أخلاقه ليتخلص من ورطته جعلها وبشكل طبيعي ومفهوم تدافع عن نفسها وتقتنع أنه لا يستحق المساعدة.. ويكون الموقف الصامت لخبيرة الإشارات في المحكمة موقفا ايجابيا وليس سلبيا كما أشار الدكتور ناجي فوزي (ندوة مركز حقوق الإنسان 4 نوفمبر 2002).
هذا هي وجهه نظرنا وتحليلنا لموقف النساء الثلاث.. حاولنا التفهم لا الحكم.. فهل كان الانتقام ضرورياً؟؟
فيلم «أمير الظلام»
أولاً: توثيق
المخرج: رامي إمام
الإنتاج: عصام إمام
موسيقى تصويرية: خالد حماد
مونتاج: ماجد مصري
تصوير: محسن نصر
تمثيل / عادل إمام (سعيد المصري) شيرين سيف النصر (عليا) يوسف داوود (الزلفي)
ضيوف الشرف: يونس شلبي، سعيد صالح، رجاء الجداوي، سعيد عبد الغني و إيناس مكي
ثانياً: قصة الفيلم
تدور قصة الفيلم حول (سعيد المصري ـ عادل أمام) الضابط السابق في الجيش المصري، كفيف البصر ذهب ليعيش في دار للمكفوفين، لكنه إنسان يحب الحياة، يعامل زملاءه المكفوفين بطريقة جيدة فيلقبونه بـــ (الجنرال)، يحاول الترفيه عنهم وأن يثبت مكانتهم وقيمتهم في المجتمع ويدخل من أجلهم في صراع مع مدير الدار، لحد عقابه، ويختلق مواقف ساخرة للخروج من الدار.
وأثناء هربه في أحدى الليالي، تبادر (شيرين سيف النصر) بالتعرف عليه إثر عزفه على البيانو ويصحب ذلك مواقف كوميدية تركز على مسلكيات خاصة بالمكفوفين. ومع تطور علاقتهما بشكل رومانسي، يتم إيضاح حياة البطل كما يشرحها ويتعرف بدوره على حياتها كفنانة تشكيلية ومطلقة مرتين.
خلال ذلك يصل إرهابي دولي سراً إلى مصر لتنسيق وتنفيذ خطه اغتيال أحد الرؤساء الأجانب أثناء زيارته وتختار العصابة دار المكفوفين مكانا لتنفيذ العملية. ويعتدي أفراد المجموعة على المكفوفين ويغتصبون إحدى الفتيات لكن عادل أمام يقوم بالتخلص منهم وحيداً أولا ثم بمساعدة زملائه المكفوفين، وأخيرا بمساعدة جهاز المخابرات الذي يشاركه في التخلص من زعيم المجموعة في اللحظات الأخيرة في نفس لحظات مرور الموكب الرئاسي.
ثالثاً: قضايا الفيلم
المفترض أن يثير الفيلم قضية الأشخاص المكفوفين ويطرحها أمام المجتمع وقد كاد أن يصل إلى هذا الطرح بعرض مشاكل المكفوفين في الدار وإساءة معاملتهم من جانب مدير الدار.. ثم استحمامهم في النافورة بدلا من حوض السباحة في الفندق وأخيرا سرقة ملابسهم أمام الجميع دون أن يحرك أحد ساكنا.. لكن في انحراف حاد تتحول القضية الاجتماعية إلى قضيه بوليسية بإقحام عصابة إرهابية وتكبسهم داخل الدار كأنه لا تكفي المشاكل الأخرى الخاصة بالمعوقين!!!
حددت الناقدة السينمائية «ماجدة مورس» نقاط التشابه بين فيلم أمير الظلام لعادل أمام وفيلم (عطر امرأة) لآل باشينو بقولها لوكالة فرانس برس: (إن الخط الدرامي للفيلم يتقاطع مع الفيلم الاميركي بعدة نقاط رئيسية جوهرية) مضيفة أن البطلين يتشابهان في خلفيتهما العسكرية فالفنان المصري كان طياراً محارباً في حرب اكتو بر 1973 والثاني كان محارباً في حرب فيتنام. و كلاهما تعرض لحادث أودى ببصره، ولكل منهما بداية علاقة عاطفية بناء على مبادرة من المرأة بدأت في الفيلم المصري منذ المشاهد الأولى في حين حصلت العلاقة في المشاهد الأخيرة في الفيلم الاميركي.
رأت الناقدة «علا الشافعي» أن التشابه وصل إلى حد قيام البطل المصري بقيادة طائرة وهو كفيف في نوع من الابتذال لمشهد قيادة آل باتشينو سيارة من طراز فيراري مع إضافة رتوش مثل هبوط الطائرة وهو سالم برفقة شيرين سيف النصر دون أن يصابا بخدش رغم فقدان الطائرة لأحد أجنحتها إثر اصطدامها بجسر عبرت من تحته.
وأشارت إلى أن النسخة المصرية حاولت الاختلاف عن الاميركية بخلقها خطا دراميا موازيا بالنسبة لموضوع الوطن عبر خلق قضية تتعلق باغتيال رئيس ضيف على أرض مصر ودور المخابرات المصرية وبطل الفيلم (سعيد المصري) في إحباط المحاولة. (المصدر: جريدة البيان 20 يوليو 2002).
ورغم ذلك فإن فيلم أمير الظلام تماما مثل فيلم (الصرخة) أثار جدلا حول قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة ووضعهم في مركز الرؤية… إن الجدل الذي دار حول استحمام المكفوفين في النافورة باعتبار بطل الفيلم يسخر من زملائه هو جدل لا أساس له من الصحة.. لأنهم لا يملكون من الموارد ما يجعلهم يذهبون لأماكن السياحة والترويح عن النفس وهو ما يثير تساؤلاً: لماذا لا يكون لديهم هذة الموارد!
أما الجدل الآخر حول سرقه ملابسهم باعتباره موقفاً آخر ساخراً منهم.. فهو جدل فارغ من أي مضمون.. هؤلاء المكفوفوت يقيمون في دار كرمز لمعوقين داخل المجتمع، تسرق حياتهم منهم يومياً أمام بصر الآخرين دون أن يحرك أحد ساكنا.. إنها مؤامرة الصمت.
ومع ذلك فنحن لم نتعاطف مع (سعيد المصري ـ عادل أمام) كمكفوف.. لأنه ظهر كشخص سوبر.. لقد وجد طريقا للهروب خارج الدار.. وهو طريق طويل… لا نعرف كيف وجده ينتهي بخلع أحد القضبان الحديدية.. وقاد طائرة بجناح واحد.. وقام بتصفية أفراد عصابة مدربة على الاغتيالات.. إنه شخص يعرف كل شيء وقادر على أي شيء.. فإذا كان بهذة البراعة العجيبة فلماذا ذهب ليعيش في دار للمكفوفين!
الخلاصة
تعتبر السينما من أهم وسائل عرض القضايا… وعندما تتناول قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، فهي تدفعها إلى دائرة الضوء بإثارة جدل واسع داخل المجتمع وقد تقدمت السينما الأوروبية والأمريكية في أفلامها عن الإعاقة بشكل كبير وتقدمها بصوره مدروسة ولا تعطي للحماس الجاهل فرصة للسيطرة على الإنتاج.. لدرجة أنها تعطي صورة واضحة، يقينية، صادقة، عن حياة المعوق بحيث تجعلنا نعيش حياته، ونسير معه بمشاعر حقيقية في دربه الطويل والمؤلم.
ورغم تحليلنا السابق لفيلمي الصرخة وأمير الظلام ونقاط الضعف الخطيرة في الفيلمين إلا إننا نعتبر أنهما خطوة متقدمة لجعل الإعاقة محور الفيلم بدلا من أن تكون شيئا ثانويا.. كما نعتبر أن قيام نجوم أمثال عادل أمام ونور الشريف ببطولة مثل هذة الأفلام هو في مصلحة الأشخاص ذوي الإعاقة وقضاياهم.. بوضعهم في دائرة الضوء أمام جمهور واسع متنوع.. البعض منه يملك القدرة على الطرح الفكري والمناقشة على أوسع نقاط وهم النقاد والباحثون..
وإذا كانت السينما الأمريكية والأوروبية تقدمت في الطرح… وأنتجت الكثير من الأفلام التي ركزت على بعض القيم الأخلاقية كرفض الوشاية وانتصار الشخص المعوق على وضعه مثل فيلم «عطر امرأة».. فإن هذا التقدم ناتج عن اهتمام المجتمع والمراكز البحثية بحالات الإعاقة.. ووضع تلك الحالات باستمرار في دائرة الضوء..
إن صانعي فيلمي «الصرخة» و «أمير الظلام» يستحقون كل تقدير.. لقد تقدموا بجرأة لطرح قضايا لم يتقدم لها الآخرون.. وحاولوا الدخول إلى عالم لم يهتم الكثيرون بالدخول إليه.. إن الأخطاء التي صاحبت الأفلام لا تلغي الطرح.. ولا تلغي التقدير.. فهناك عشرات الأفلام التافهة تعرض في كل مكان، لا تهتم بقضية ولا تقدم رؤية.. وتعمل على تسطيح فكر الجمهور، ويهتم بها بعض النقاد لأنها تجني أموالا.. والنقد المقدم لفيلمي الصرخة وأمير الظلام لا يلغي أهمية الفيلمين بل يعنى التصحيح.. بوضع الأخطاء في الضوء.. فستأتي بمشيئة الله أفلام أخرى تهتم بحالات الإعاقة تستفيد من الأخطاء السابقة… وكل ما نريده هو دراسة وضع المعوق بصورة متأنية وعلمية وتفهم معاناة الآخرين والتغلب على الكراهية بالتسامح.
سعيد رمضان على، إسكندرية، مصر
عمل في شمال سيناء، زار غزة عدة مرات ثم أقام فيها عدة سنوات وحاليا مقيم في الإسكندرية.
أصيب بالصمم في سن مبكرة، كان من أثره تركه الدراسة المنتظمة، فلم يستكمل تعليمه النظامي، لكنه استمر في الدراسات الحرة.
الأعمال والتكريم
- روح هائمة، رواية، دار نشر ميدلايت 1990، القاهرة.
- الأرض والنهر، مجموعة قصصية، دار نشر ميدلايت 1991، القاهرة.
- السينما المصرية والإعاقة، دراسة 2005، مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- سيناء (الأهمية والمعنى) الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة 2008، القاهرة.
- رواية أمواج ورمال، دار نشر فكرة. 2009، القاهرة.
- مسرحية الانهيارات، دار نشر هفن، 2009، القاهرة.
- السمورة وأنا، سيرة روائية، دار الأدهم للنشر، 2013، القاهرة.
- مقالات نقدية في الأدب والسينما والفن التشكيلي الفلسطيني، نشرت في مجلة الثقافة الجديدة، وعلى عدة مواقع مختلفة.
- كرم من الهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر في مؤتمر الإسماعيلية الأدبي عام 1995.
- حصل على شهادات تقدير من المجلس الأعلى للشباب والرياضة بمصر في مركز إعداد القادة بالقاهرة عن أعماله في القصة القصيرة، والمسرح وذلك عامي 1995، 1996.
- كرمته الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية 2005 في ملتقى المنال عن دراسته (السينما المصرية والإعاقة)
- استضافه المؤتمر العلمي الأول حول قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة بالقاهرة عام 2009.
نقد ودراسات عنه
دراسة عن روايته روح هائمة للناقد محمد قطب نشرت في كتاب مؤتمر إقليم القناة وسيناء الثقافي 1995.
دراسة عن مجموعته القصصية (الأرض والنهر) للناقد الدكتور محمد حسن عبد الله نشرت في كتاب مؤتمر إقليم القناة وسيناء الثقافي عام 1995.
دراسة عن مسرحيته الانهيارات للدكتور نادر عبد الخالق بعنوان البناء والتخطيط في مسرحية الانهيارات نشرت في جريدة الزمان مايو، 2019.
دراسة عن مسرحيته الانهيارات للناقد العراقي صباح الأنباري بعنوان (الانهيارات من بداية السقوط حتى نهاية الهزيمة) نشرت على موقع الناقد على النت.
دراسة في مجموعته الصمت للناقد سيد الوكيل، نشرت في كتاب أبحاث المؤتمر العلمي الأول، هيئة قصور الثقافة 2009، القاهرة.
دراسة عن رواية أمواج ورمال للناقد حاتم عبد الهادي نشرت في نشرة مؤتمر اليوم الواحد بالشرقية.
مقالات نقدية عن بعض قصصه القصيرة للناقد سمير الفيل نشرت بموقع القصة العربية.