يلجأ الأطباء النفسيون للعلاج بالرسم للمرضى النفسيين، حيث ثبت أن لجوء المريض للرسم يخرج ما بداخله من توترات وقلق ويعيده للواقع، الذى يرفضه ويؤدى به للاسترخاء، ليبدأ بعد ذلك العلاج المكمل بالدواء.
يقول د. عادل سليم أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر يستخدم العلاج بالرسم فى تشخيص المرض النفسى من خلال ما يرسمه المريض، ويقوم الطبيب بمناقشة المريض فيما رسم أو يستخدم الطبيب الرسم فى علاج المريض؛ فالرسم عند هذه الحالة يعد نوعاً من أنواع إفراز ما يعتمل داخل العقل الباطن وإفراز للشحنة الداخلية للمريض مثلها مثل كسر فازة مثلاً.. مشكلة المريض أنه فى عالم لا واقعى والرسم يخرجه للواقع وبالتالى يمكن علاجه.
ويستخدم الرسم فى علاج حالات معينة مثل مرضى الاكتئاب أو التوتر أما المرضى العقليون فلا يمكن علاجهم بالرسم لأنه يعاند مع المريض ولا يقوم بالرسم أما المرضى الآخرون فيمكن إشغالهم عن المرض بالرسم الذى يأتى معهم بتحسين ما..
د. أحمد أبو العزايم استشارى الطب النفسى يقول.. الرسم علاج للإنسان منذ القدم؛ فقديماً كانت تنتاب الإنسان بعض المخاوف من الحيوانات فكان يرسمها على الجدران، ثم أصبح الرسم وسيلة من وسائل تخزين الثقافة والكتابة، وتدريجياً أصبح الرسم نوعاً من أنواع الإبداع والعلاج الحاضر.. فكلما تخيل الإنسان شيئاً فى المستقبل وقام برسمه حاول بعد ذلك أن يحققه..
والرسم قدرة إدراكية وإبداعية وتآزر بصرى حركى، فعندما يبدأ المريض فى رسم منظر طبيعى مثلاً فإنه يدركه ويدرك أعماقه.. إذن الرسم قدرة إبداعية تستخدم كأسلوب من أساليب العلاج المباشر وغير المباشر أو للكشف عن أنماط الشخصية لوضع خطة علاجية سليمة، فإذا ظهرت علامات اضطراب فى الشخصية من خلال الرسم فإنه يتم وضع برنامج بالرسم لإصلاح هذه الأعطاب البصرية.
والرسم أيضاً أسلوب للعلاج المعرفى.. فعندما يعطى الإنسان المريض رسماً لوجه شخص، ويطلب منه أن يرسم مرتين، مرة للخير، ومرة للشر؛ فهذا نوع من أنواع العلاج المعرفى.
كما أن الرسم يجعل المريض مسترخياً بعيداً عن كل التوترات من خلال إفراغ التوترات الداخلية على الورق فى صورة رسم، كما يستخدم الرسم فى علاج الأطفال كثيرى الحركة والمندفعين ومرضى الاكتئاب، حيث يطلب من المريض رسم وجه جميل أمامه والاستمرار فى النظر إليه، مما يجعله أكثر إشراقاً كلما نظر لهذا الوجه الجميل وأكثر هدوءاً واستقراراً.ويضيف د. محمد راضى استشارى الطب النفسى أن العلاج بالرسم يستخدم كمكمل للعلاج الدوائى.
فإننا نترك للمريض الألوان والورق ليرسم ما يريد لنصل إلى مراحل تطور المرض ونتبين الاعتقادات الخاطئة لدى المريض، فمثلاً كان هناك مريض بالميول الجنسية وكان يرسم فى رسوماته سيدات عرايا وأعضاء جنسية مكبرة، وبعد العلاج بدأ يرسم رسوم واقعية وسيدات ترتدى ملابس، حتى تم شفاؤه تماماً، كما يوضح الرسم الذى يرسمه المريض الحالة العاطفية لديه سواء كان حزيناً أو مرحاً أو مكتئباً أو منعزلاً.. فلو كان شخصاً منعزلاً فإنه يرسم شخصاً وحيداً فى مكان منعزل بمفرده، ولو كان مرحاً فإنه يرسم شخصاً فرحاً موجوداً فى وسط الأزهار والورود، وهكذا كما يستخدم الرسم فى تركيز المريض، وعدم تشتته، ولكى يتم ذلك تحضر له رسومات جاهزة ملونة وأخرى مشابهة لها وغير ملونة.. ويتطلب منه تلوينها بنفس الألوان التى أمامه، فلو كان مشتتاً، فلن يستطيع الرسم، أما إذا كانت لديه قدرة على التركيز والاستيعاب فإنه يقلد نفس الرسم الذى أمامه.
ويستخدم الرسم فى علاج المرضى النفسيين والعقليين ما عدا الحالات الشديدة مثل المرض أو الانطواء أو الهياج الشديد فإنهم لا يستطيعون التحدث أو الرسم أو الانتباه لما يقوله الطبيب.