إعداد: داليا الزيود
عسر القراءة أو ” الديسلكسيا “، من أشهر الصعوبات وأكثرها استئثاراً باهتمام العلماء والمربين، لكون القراءة من أهم المهارات الأساسية التي تبنى عليها التعليمات في جميع المواد الدراسية، وبدونها لا يمكن للمتعلم أن يمضي قدماً في مسيرته التعليمية.
كما أن وجود عينة من الطلاب من ذوي عسر القراءة في الصف الدراسي من شأنه التأثير على المستوى العام لزملائهم، وهدر الكثير من الوقت والجهد في معالجة ظاهرة لا يُعْرف عنها الكثير في الأوساط الدراسية.
ومما يزيد من خطورة ظاهرة عسر القراءة أو الديسلكسيا غموض أعراضها، وقلة الوعي بها، مما يجعل الإقصاء والتهميش سيّدِي الموقف حين يتعلق الأمر بالتعامل مع الطفل ذي عسر القراءة، في ظل غياب الرعاية الخاصة التي تؤهله لتجاوز الصعوبات التي يواجهها، والانخراط الإيجابي في الأنشطة الهادفة داخل الفصل وخارجه.
ما تقدّم يدفعنا إلى التساؤل عن ماهية عسر القراءة وأسبابها ومظاهرها وعلاجها
المفهوم:
أصل المصطلح كلمة يونانية مكونة من مقطعين:
الأول (Dys) وتعني صعوبة والثاني (Lexia) وتعني الكلمة المقروءة، وأول من استخدم هذا المصطلح عالم الأعصاب الفرنسي (رودلف بيرلين) عام 1872 م، ثم تتابعت الدراسات في هذا الشأن فأطلق عليها الطبيب الألماني (أدولف كسماول) (العمى الكلمي)، وسماها بعد ذلك جيمس هنشلود بـ (العمى الكلمي الخَلْقي)، فما هي إذن أهم تعريفات الديسلكسيا ؟
تعريف الديسلكسيا
عديدة هي التعريفات التي تناولت ظاهرة الديسلكسيا ، فحسب الاتحاد العالمي لطب الأعصاب يمكن تعريف عُسر القراءة بأنه: (اضطراب يتجلى في صعوبة تعلم القراءة على الرغم من توافر التعليمات التقليدية والذكاء الكافي والفرصة الاجتماعية والثقافية الملائمة بسبب إعاقة إدراكية جوهرية، كثيراً ما تكون من أصل صحي)
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن مستوى ذكاء الطلاب من ذوي (العسر القرائي) قد يكون عادياً جداً أو فوق العادي، كما أن لا علاقة للعسر القرائي بالإعاقة الذهنية، بل إن الطلاب ذوي عسر القراءة يمكن أن يكونوا مبدعين في مجالات أخرى مما يجعل الديسلكسيا تستحق تسمية: “الإعاقة المختفية”.
ويمكن تعريف عسر القراءة (الديسلكسيا) على أنه اضطراب في القراءة ذو منشأ عصبي خارج نطاق أية إعاقة ذهنية أو حسية وغير مرتبط بعوامل ثقافية أو بيئية أو بعدم الرغبة في الدراسة ويكون معدل الذكاء لدى الشخص من ذوي هذا الاضطراب عادياً أو فوق العادي.
من جهة أخرى، تعرف الديسلكسيا بكونها صعوبة مستمرة وشديدة في تعلم القراءة واكتساب مهاراتها عند أطفال أذكياء، متعلمين بشكل طبيعي، ليست لديهم أي اضطرابات حسية أو عصبية، يعيشون في بيئة اجتماعية ثقافية طبيعية.
تتميز هذه الصعوبة باستمراريتها على المدى البعيد، كما أن تشخيصها لا يتم إلا بعد مرور 6 أشهر على الأقل من الشروع في تعلم اللغة الكتابية. ووفقاً لـ (Zorman, 2001) فإنها تصيب حوالي 1 إلى 8% من الأطفال في سن الدراسة، كيفما كانت انتماءاتهم العرقية أو الجغرافية.
وتعرف الديسلكسيا على أنها صعوبة / ضعف/ خلل في القدرة على القراءة واضطراب يتجلى في صعوبة تعلم القراءة على الرغم من توافر التعليمات التقليدية، والذكاء الكافي، والفرصة الاجتماعية والثقافية الملائمة، حيث يتبع إعاقة إدراكية جوهرية، كثيراً ما تكون من أصل صحي.”
أعراض عسر القراءة – الديسلكسيا:
أعراض عُسر القراءة تختلف وفقاً لشدة الاضطراب، وكذلك عمر الفرد المصاب
أطفال ما قبل سن المدرسة
من الصعب الحصول على تشخيص بوجود عُسر القراءة قبل أن يبدأ الطفل في الذهاب إلى المدرسة، ولكن العديد من الأفراد المصابين لديهم تاريخ من الصعوبات التي بدأت قبل الروضة. والأطفال الذين تظهر عليهم هذه الأعراض يواجهون مخاطر أكبر ليتم تشخيصها على أنها ديسلكسيا من الأطفال الآخرين.
بعض من هذه الأعراض هي:
- التأخر في تعلم التحدث
- يتعلم كلمات جديدة ببطء
- لديه صعوبة في تقفية الكلمات، كما هو الحال في قوافي الحضانة
أطفال في سن المدرسة الابتدائية المبكر
- صعوبة تعلم الأبجدية
- صعوبة في الربط بين الأصوات والحروف التي تمثلها (مراسلات الصوت- الرمز)
- صعوبة تحديد أو توليد كلمات مقفاة، أو عد المقاطع في الكلمات
- صعوبة تجزئة الكلمات إلى الأصوات الفردية، أو مزج الأصوات لصياغة كلمات.
- صعوبة استرجاع كلمة أو مشاكل التسمية.
- صعوبة في تعلم فك شفرة الكلمات.
- الخلط بين قبل / بعد، اليمين / اليسار، فوق / تحت.
تلاميذ المدارس الابتدائية الكبار
- القراءة البطيئة أو غير الدقيقة.
- تهجئة ضعيفة جداً.
- صعوبة في الربط بين الكلمات الفردية مع معانيها الصحيحة.
- صعوبة في مراعاة الوقت، ومفهوم الوقت.
- صعوبة في مهارات التنظيم.
- بسبب الخوف من التحدث بشكل غير صحيح، ينسحب بعض الأطفال ويصبحون خجولين أو يخشون من عدم القدرة على فهم الإشارات الاجتماعية في بيئتهم.
- صعوبة فهم التعليمات السريعة، اتباع أكثر من أمر واحد في وقت واحد أو تذكر تسلسل الأمور.
- انتكاسات للحروف وعكس الكلمات هي عادة بين الأطفال الذين لديهم عُسر القراءة، وهذه الانتكاسات شائعة أيضاً بالنسبة للأطفال في عمر السادسة أو أقل، وليس لديهم عُسر القراءة ولكن مع عُسر القراءة، تستمر هذه الانتكاسات.
- قد يفشل الأطفال الذين يعانون من عُسر القراءة في رؤية (وأحياناً سماع) أوجه التشابه والاختلاف في الحروف والكلمات، فقد لا يتعرف الطفل على المسافات بين الكلمات التي تنظم الحروف إلى كلمات منفصلة، وربما يكون غير قادر على لفظ النطق السليم لكلمة غير مألوفة.
عسرالقراءة يمكن أن يؤدي إلى عدد من المشاكل، تشمل:
- مشكلات التعلم. نظرًا لأن القراءة تمثل مهارة أساسية لمعظم المواد الدراسية الأخرى، يكون الطفل الذي يواجه خلل القراءة في وضع غير مناسب خلال معظم الصفوف الدراسية، وربما يواجه صعوبة في مواكبة أقرانه.
- المشكلات الاجتماعية. قد يؤدي عدم علاج خلل القراءة إلى انخفاض تقدير الذات ومشاكل السلوك والقلق والعدوانية والانسحاب من محيط الأصدقاء والآباء والمعلمين.
- مشكلات البالغين. إن عدم القدرة على القراءة والفهم يمكن أن يمنع الطفل من إبراز قدراته مع مراحل النمو. ويمكن أن يكون لذلك عواقب تعليمية واجتماعية واقتصادية طويلة الأمد.
يكون الأطفال الذين يواجهون خلل القراءة أكثر عرضة لخطر الإصابة باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD)، والعكس. يمكن أن يسبب اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط صعوبة في مواصلة الانتباه، فضلاً عن فرط الحركة والسلوك المتهور، مما قد يجعل خلل القراءة أكثر صعوبة في العلاج.
أسباب عسر القراءة – الديسلكسيا:
- العوامل الفيسيولوجية، كعدم الفعالية في الربط بين القسم الأيمن والأيسر للدماغ، حيث أن منطقة اللغة في المخ لدى الأشخاص ذوي عسر القراءة في النصف الأيسر من المخ، أصغر وأقل في عدد خلاياها.
- يعتقد أن عُسر القراءة سببه \عوامل وراثية وبيئية: فبعض الحالات يتم توريثها لدى الأسر وغالباً ما يحدث ذلك لدى الأشخاص الذين يواجهون اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD) ويرتبط بصعوبات مماثلة مع الأرقام. قد يبدأ الاضطراب في مرحلة البلوغ نتيجة لإصابة دماغية رضية أو سكتة دماغية تسبب تحديات في معالجة اللغة ضمن الدماغ.
- يتم تشخيص عسر القراءة من خلال سلسلة من اختبارات الذاكرة والهجاء والرؤية والقراءة.
- يختلف عُسر القراءة عن صعوبات القراءة الناتجة عن مشاكل في السمع أو الرؤية أو بسبب عدم كفاية التدريس.
تشخيص عسر القراءة – الديسلكسيا:
التشخيص الرسمي لعُسر القراءة هو الذي يدلي به طبيب محترف مؤهل، مثل اختصاصي الأمراض العصبية أو اختصاصي الطب العصبي النفسي، أو طبيب أطفال تنموي، أو اختصاصي علم نفس تربوي، والاختصاصيون في عسر القراءة يمكنهم تشخيص عسر القراءة ودرجة الإصابة بها.
دور العلاج الوظيفي في علاج عسر القراءة – الديسلكسيا
ينطوي العلاج على تعديل طرق التدريس لتلبية احتياجات الشخص على الرغم من عدم إمكانية علاج المشكلة الأساسية، إلا أن ذلك قد يقلل من درجة الأعراض كما أن العلاجات التي تستهدف تحسين النظر ليست فعالة في هذه الحالة. ويعمل العلاج الوظيفي على:
- توفير بيئة هادئة وخالية من كل عوامل التشويش وتشتيت الانتباه.
- التحدث أمام الطلاب بصوت واضح، ولغة سليمة.
- طرح الأسئلة بشكل واضح، والابتعاد عن الأسئلة المتداخلة، أو المعقدة.
- تحفيز الطلاب وتشجيعهم على المشاركة.
- تفادي إحراج الطلاب.
- الكتابة بخط واضح للطالب.
- تخصيص الوقت الملائم سواءً خلال الامتحانات أو حتى خلال إنجاز الواجبات المنزلية.
- التعرف على جوانب القوة لدى الأفراد من ذوي الديسلكسيا وميولهم، والتركيز عليها.
- التواصل مع أولياء الأمور وتوعيتهم بالأسباب وطرق التعامل مع أبنائهم في البيت.
المراجع:
- BERKHAN O. Neur. Zent 28 1917
- Wagner, Rudolph (January, 1973). “Rudolf Berlin: Originator of the term dyslexia”. Annals of Dyslexia. 23 (1): 57–63. doi:10.1007/BF02653841. مؤرشف من الأصل في 2 مارس 2020. اطلع عليه بتاريخ 12 مايو 2009.
- “Uber Dyslexie”. Archiv fur Psychiatrie. 15: 276–278.
- Elliott, Julian G.; Gibbs, Simon (2008). “Does Dyslexia Exist?”. Journal of Philosophy of Education, 42 (3–4): 475–491. doi:10.1111/j.1467-9752.2008.00653.x.
- The Dyslexia Myth”. Dispatches. Channel 4. مؤرشف من الأصل في 23 سبتمبر 2010.
- ELLIOTT, JULIAN G. (2008). “Does Dyslexia Exist?”. Journal of Philosophy of Education, 42 (3–4): 475–491. doi:10.1111/j.1467-9752.2008.00653.x. مؤرشف من الأصل في 03 يوليو 2017. اطلع عليه بتاريخ 22 يونيو 2009.
- Blair, Alexandra (2007-05-28). “Dyslexia ‘is used by parents as excuse for slow children”. London: Times Newspapers Ltd(United Kingdom). مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 29 مايو 2007.
- Moorhead, Joanna (2005-09-07). “Is dyslexia just a myth?”. London: Guardian Unlimited. مؤرشف من الأصل في 29 ديسمبر 2007. اطلع عليه بتاريخ 29 مايو 2007.
- “Developmental dyslexia in adults: a research review”. National Research and Development Centre for Adult Literacy and Numeracy. 2004-05-01. صفحات *133–147. مؤرشف من الأصل في 08 نوفمبر 2014. اطلع عليه بتاريخ 13 مايو 2009. الوسيط |firstالأول= يفتقد |lastالأول= في الأول (مساعدة);
- Clark, Laura (2009-04-07). “Dyslexic children simply struggle to read’: Expert claims tens of thousands are being falsely diagnosed”. The Daily Mail. Associated Newspapers Ltd. مؤرشف من الأصل في 29 أغسطس 2019. اطلع عليه بتاريخ 14 مايو 2009.
- Everatt, John (23 July 2007 (online)). “Profiles of Strengths and Weaknesses in Dyslexia and Other Learning Difficulties”. Dyslexia. John Wiley & Sons. (In Press) (1): 16. doi:10.1002/dys.342. PMID 17659648. مؤرشف من الأصل في 14 أبريل 2020. اطلع عليه بتاريخ 26 يوليو 2007.
- https://www.mayoclinic.org/ar/diseases-conditions/dyslexia/symptoms-causes/syc-20353552
- تهاني عتيق الله الصبحى (عسر القراءة لدى الأطفال الناطقين باللغة العربية)، جامعة أم القرى.
- صالح عثمان الزهراني، العسر القرائي «الديسلكسيا Dyslexia» لدى الطلاب، http://www.manhal.net/art/s/11133
- عسر القراءة، ويكيبيديا، عسر القراءة /http://ar.wikipedia.org/wiki
- فهد حماد التميمي، قراءة متدرجة في المفهوم: العسر القرائي.. (الدسليكسيا)،
- http://www.almarefh.net/show_content_sub.php?CUV=357&Model=M&SubModel=143&ID=316&ShowAll=On
- Emily Lapkin, Understanding Dyslexia, http://www.understood.org/en/learning-attention-issues/child-learning-disabilities/dyslexia/understanding-dyslexia
- https://www.naturedoc.co.uk/wp-content/uploads/2020/10/dyslexia_1500-980×653.jpg
[email protected]
- الاقامة: الشارقة، الإمارات العربية المتحدة
- بكالوريوس علاج وظيفي
- اختصاصية علاج وظيفي بمركز العلاج الطبيعي والوظيفي بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية