حين ننظر حوالينا فإننا نرى الكثير من الأشياء التي ترتبط بالفن أو تحوي الفن أو تجسّد الفن بذاتها أو تعكس الفن. وينتشر الفن في كل مكان لأن الناس يحتاجون إليه في حياتهم اليومية. ويأخذ الفن أشكالاً شتى منها الملصقات واللوحات الجدارية والصور الشخصية وأغلفة الكتب واللوحات الفنية وغيرها. ترى لماذا يستخدم الناس كل تلك المظاهر الفنية؟ أية أهمية تكمن في مثل هذه الأعمال؟
وتظهر إحدى أكثر استخدامات الفن شيوعاً في التعبير عن الأفكار التي تأخذ أشكالاً متعددة وكذلك في الكتابة والحديث مع أن بمقدور الكثير من الناس التعبير عن الفن دون الحاجة إلى التكلم. ويشاهد الناس الأعمال الفنية لتبيّن مختلف الأفكار التي يرومون معرفة المزيد عنها أو دراستها. ثم أن بمقدور الفن أن يعبر عن الأفكار ذات الصلة بالماضي وما يحصل في الوقت الحاضر وما يحتمل أن يحصل في المستقبل. وهذه الأفكار تتعلق بالمجتمع سواء اخذت طابعاً ايجابياً أو سلبياً. ويمكن أيضاً استخدام الفن لإظهار المعنى، فالناس يستثمرونه لإظهار الحب أو السأم أو الإبداع. والفن ينقل المعنى من خلال الصور الذهنية التي يتم تجميعها في منطقة صغيرة محدودة.
ويصبح بمقدور المرء حينئذ أن ينعم النظر في هذا النمط من الفن وأن يطلق العنان لتفكيره حياله ليصل إلى نتيجة منطقية معقولة. وهل يبدو الشكل الفني الذي نراه أمامنا مروعاً أو حزيناً أو جميلاً؟ إن الفنان الذي يختزن الحزن في داخله يلجأ إلى اختيار الألوان العميقة والقاتمة وغير الزاهية، أما إذا كان مزاج المرء رائقاً ومتفتحاً فإن وجهته سوف تكون صوب الأشياء الجميلة في الحياة مثل الأطفال أو الطبيعة أو فصول السنة. إذن يستمد الفن معناه من الألوان والأشكال والصور الإيحائية التي يفلح في إبداعها.
وللفن أيضاً سطوته في جعل الأشياء الجامدة في العالم مفعمة بالحيوية والحياة، فربما لا نجد فكرة محددة أو معنى ما في الفن ذاته يعمل على تحسين صورة الأشياء وجعلها أكثر كمالاً وجمالاً، فالتقرير الذي نكتبه ربما يبدو مملاً ورتيباً لكننا حين نضيف صورة أو صورتين له فإن هيئته سوف تتغير فيبدو أفضل من ذي قبل لأنه تلقى عوناً بصرياً.
إننا نجد الفن حيثما توجهنا فهو هناك في المتنزهات والبنايات وهو يضفي جواً مريحاً على المكان ويجعله أكثر تقبلا للناس. ثم إنه يستخدم، في بعض الأحيان، لملء الفراغ لأن الكثير من الأشياء تبدو أفضل لدى إضفاء مسحة فنية عليها مما لو تركت على حالها.
ويعتبر الفن أداة هامة فاعلة للتعلّم فالفن يجد سبيله إلى المدارس كافة. وهو يكتسب أهميته من الأهداف التي يتوخى تحقيقها، وهو أداة للمتعة واللهو والمسرة وأداة تفاعلية للمتعلمين المنصرفين عن التعلّم وخاصة من الطلبة الصغار. وحين يكبر أولئك الطلبة فإنهم سوف يتعلمون تذوق الفن وتقييمه من خلال تحسسهم لمكنوناته. وبمقدور الناس أيضاً أن يتعلموا الكثير لأن تأثير الفن لا يختلف كثيراً عن تأثير الأشياء المكتوبة مع أننا نلاحظ أن الفن والكتابة يسيران، أحياناً، جنباً إلى جنب.
من جانب آخر يكسب الكثير من الناس معيشتهم من خلال الفن فالرسامون، على سبيل المثال، ليسوا الناس الوحيدين الذين يكسبون المال من الفن، فالعاملون في مجال طباعة الكتب ومحررو المجلات والعاملون في الصحافة يحتاجون الفن لاستكمال أعمالهم. وفي حين يتعاطى بعض الناس مع الفن بشكل مباشر ويتخذونه مهنة لهم فإن آخرين يتعاملون معه بشكل غير مباشر.
تجدر الإشارة إلى أن الفن ساهم بتخليد الحقب الزمنية المختلفة، فبعض الحضارات السالفة لم تستخدم الكتابة بسبب جهلهم بها مثلما حصل إبان فترة إنسان الكهوف. مع ذلك تمكن أولئك الناس من التواصل من خلال الفن فقد استعانوا به للتعبير عن رغباتهم الملحة وفي تجسيد الأشياء التي تعج بها الحياة. وقد ساعدنا ذلك على معرفة الكثير من مجريات تلك العصور السحيقة ومنها طريقة تفكير تلك الأقوام وكيفية استخدام المواد التي كانوا يتعاملون بها.
ويعتبر الفن أيضاً خير محفّز لعملية التفكير وخاصة لدى تحليل الأعمال الفنية، فالناس ينبغي ألا ينظروا إلى الفن نظرة عابرة إنما عليهم استنباط الأفكار وإطلاق العنان لخيالاتهم لاستغوار ما تخفيه الصورة أو اللوحة بهدف التوصل إلى الدلالة العميقة المطلوبة.
وفي الختام يؤدي الفن إلى توحيد الناس إزاء الحرب على سبيل المثال، فرغم أن الفن لا يحمل مواصفات اللغة التي يتحدث بها الناس فإن بمقدور الناس أن يستمدوا الأفكار من الأشياء التي تقع أمامهم. ومن خلال الفن يتمكن الناس من أسماع أصواتهم للآخرين.
المصدر:
http://ezinearticles.com/?What-Is-The-Importance-Of-Art?&id=630024
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.