شهر رمضان المبارك هو الشهر التاسع في السنة القمرية، وسُمي بالشهر؛ لشهرته من بين الشُهور، وسمي رمضان نسبة للرمض؛ وهي شدّة العطش، وقد فضلّه الله سبحانه وتعالى على باقي أشهر السنة؛ لأنّه أحد أركان الإسلام، كما أنَّ صيامه فرض على كلّ مسلم، وقد ثبتت فرضيّة الصيام بكتاب الله وسنة رسوله. يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (سورة البقرة، الآية 183)، ويقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: (بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ) (رواه البخاري ومسلم). وقد أجمع المُسلمون على وجوب الصيام على الشخص إذا توفرت فيه خمسة شروط هي: أن يكون مسلماً، أن يكون مكلفاً، أن يكون قادراً على الصوم، أن يكون مقيماً وأن يخلو من الموانع، فهذه الشروط الخمسة متى توفرت في الشخص وجب عليه الصوم .
سبب تسمية رمضان بهذا الاسم
اختلف العُلماء في سبب تسمية رمضان بهذا الإسم على عدة أقوال، منها:
- رمضان من الرمض، وهو شدة الحر؛ لأنّه غالباً ما كان يأتي وقت الحر وكانت العرب تُسمي الشهر بالزمن الذي يقع فيه، فرمضان كان يأتي في زمن الرمضاء وهو الحر الشديد.
- رمضان بسبب كثرة تفكر القلب في أُمور الآخرة، تشبيهاً للرمل والحجارة التي تأخذ الحر من شدة الشمس.
- رمضان مأخوذ من المصدر رمض؛ أي بمعنى احترق، فرمضان يحرق الذنوب؛ لما يفعله المُسلم فيه من الأعمال الصالحة.
- رمضان مأخوذ من الرميض؛ أي الغسيل، وهو المطر الذي يكون في آخر الصيف وبداية الخريف؛ لأنه يدفع حر الشمس، وكذلك رمضان فهو يدفع ويغسل الذنوب بالأعمال الصالحة.
فوائد رمضان وفضائله
لشهر رمضان المبارك فوائدٌ وفضائلٌ عديدةٌ، يعود أثرها على المسلم وعلى مجتمعه، فصيام شهر رمضان وقيامه له ثوابٌ عظيمٌ عند الله سبحانه وتعالى وهو سببٌ في دخول جنات النعيم، فيه ليلة القدر التي تعدّ خيرٌ من ألف شهر، وفيه عتقٌ لرقاب العباد من النار، تتجلى فيه أرقى صور التعاون بين الناس وتوثيق العلاقات الاجتماعية فيما بينهم من خلال تقديم يد العون للفقراء والمحتاجين والشعور بهم.
وللصيام فوائده الكبيرة التي لا تحصى فهو ينمي قدرة الصائم وإرادته من خلال تدريب النفس على التحمّل والصبر على الجوع والعطش فتتغير نظرته للحياة وتحل محلها نظرة أخرى بأنّ الطعام والشراب ليسا محور الحياة، وهناك أهدافٌ أخرى تتمثّل في عبادة الله وتقواه باتباع أوامره واجتناب نواهيه، فضلاً عن شعور المسلم بالراحة الجسدية، نظراً لكمية الطعام القليلة التي يتناولها مقارنةً ببقية شهور السنة وتغيير النمط الذي يتبّعه المسلم في حياته من خلال ترقّبه لشهر رمضان والتنوع في أداء العبادات والطاعات والقُربات المشروعة، وكلّ ذلك يؤّدي إلى حيوية الإنسان ونشاطه وزيادة دافعيته ورغبة المنافسة في القيام بالأعمال الصالحة.
الفوائد الصحية المهمة لصيام رمضان
فضلاً عن كون رمضان المبارك فرصة للتأمل والصلاة والعبادة والارتقاء بالنفس والقيام بأعمال الخير، فإن له العديد من الآثار الايجابية على صحة الصائم، سنتناول أهمها فيما يلي:
تنظيم الكوليسترول الضار
يسعى الكثيرون لللاستفادة من فرصة الصيام لفقدان بعض الوزن، لكن أثبتت دراسة أخيرة أن الصيام يؤثر أيضاً على مستوى الدهون ويؤدي إلى انخفاض نسبة الكوليسترول في الدم. وهذا يسهم في الحد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية وغيرها من الأمراض.
كبح الشهية
يمثل الصيام في شهر رمضان منعطفا مهماً وإيجابياً في حياة الصائم وصحة جهازه الهضمي، إذ أن اعتياد الجسم على تناول كميات أقل من الطعام، يمنح الجهاز الهضمي فرصة للاستراحة ويؤدي إلى تقلص حجم المعدة بشكل تدريجي والحد من الشهية، ويمكن أن يكون له نتائج أفضل من أكثر أنواع الحميات الغذائية فعالية.
التخلص من السموم طيلة الشهر
يفيد الصيام في استهلاك احتياطيات الدهون وينظف الجسم من السموم الضارة التي يمكن أن تتواجد في التراكمات الدهنية. وهكذا يبدأ الجسم بالتخلص من السموم بشكل طبيعي نتيجة التغير الذي يطرأ على عمل الجهاز الهضمي على مدار الشهر، ما يتيح للصائم فرصة مواصلة اتباع أسلوب حياة صحي بعد رمضان.
تعزيز الصحة النفسية وتحسين المزاج
يعد الصيام وسيلة فعالة لإعادة شحن الدماغ وتعزيز نمو وتطور خلايا دماغية جديدة، وشحذ القدرة على الاستجابة للمعلومات من العالم المحيط.كما تشير الدراسات إلى أن الصيام يجعل الدماغ أكثر قدرة على تحمل الإجهاد والتأقلم مع التغيير، كما يمكن أن يحسن المزاج والذاكرة والقدرة على التعلم.
سبل تحسين الصحة خلال شهر رمضان
تناول فطور صحي
من المهم أن يتبع الصائم الممارسات الصحية خلال شهر رمضان المبارك، فيبدأ إفطاره بشرب الماء وتناول ثلاث حبات تمر لتوفير الطاقة السريعة للجسم قبل البدء بالوجبة الرئيسية، ثم ينتقل بعد ذلك إلى طبق الشوربة، الذي يعد أفضل خيار لبدء وجبة الإفطار لأنها غنية بالسوائل.
إلى جانب ذلك، يجب الحد من تناول الطعام الدسم والمقلي والغني بالملح والسكر والإكثار من الخضار الورقية واختيار الأسماك واللحوم قليلة الدهن والحبوب الكاملة والرز الأسمر والباستا السمراء. كما أنه من المهم تناول الطعام بروية والاهتمام بحجم الحصص، فذلك يساعد على تحسين عملية الهضم ويمنع زيادة الوزن.
تناول وجبة سحور صحية
تعد وجبة السحور الوجبة الأكثر أهمية في يوم الصائم، لذلك يجب أن تكون متوازنة وتحتوي على أطعمة غنية بالمواد الغذائية، مثل الشوفان والجبنة واللبنة والفواكه والخضروات. وتعد الأطعمة ذات مؤشر السكر المنخفض، مثل الشوفان والكينوا وخبز الحبوب الكاملة واللبن والحمص، من الخيارات الجيدة لأنها تزود الجسم بالطاقة ببطء خلال النهار.كما من المهم الحد من استهلاك الشاي والقهوة والإكثار من شرب الماء والحليب واللبن والعصائر الطازجة، فذلك يساعد في الحفاظ على نسبة السوائل في الجسم خلال فترة الصيام.
الحفاظ على نسبة السوائل في الجسم
من الطبيعي أن يعاني الجسم من بعض الجفاف خلال الصيام، وهذا ما يسبب الصداع وعدم التركيز. لكن، يجب على الصائم الحرص خلال الساعات الممتدة بين الإفطار والسحور على تخفيف استهلاك القهوة أو المشروبات الغازية، لأنها تدر البول وتسبب الجفاف، وشرب كميات كبيرة من السوائل الأخرى، مثل الماء أو الشاي الخفيف دون إضافة حليب أو سكر. كما يمكن أيضاً إضافة شرائح الليمون أو أوراق النعناع الأخضر للمساعدة في عملية الهضم وتخليص الجسم من السموم.
ممارسة الرياضة باعتدال
يمكن أن يؤدي الصيام وما يصاحبه من جفاف إلى الشعور بالخمول والكسل خلال رمضان. لكن من المهم السعي للحفاظ على النشاط وممارسة الرياضة باعتدال، مع ضرورة الانتباه إلى شرب الكثير من السوائل، فذلك يساعد في الحد من الإرهاق ويمنح الجسم القوة ويتيح فرصة لخسارة الوزن. ومن المهم أيضاً اختيار الوقت المناسب لممارسة الرياضة قبل السحور أو بعد بضع ساعات من الإفطار، وليس أثناء ساعات الصوم لأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى الجفاف.
الالتزام بالعادات الصحية والابتعاد عن العادات الضارة
يعد شهر رمضان فرصة لمحاربة الإدمان على السكر أو التدخين أو غيرها، حيث يمكن للصائم، مع القليل من قوة الإرادة، الابتعاد عن مثل هذه الأمور خلال فترة ما بعد الإفطار. كما يعد الشهر الكريم فرصة للبدء بممارسة العادات الصحية مثل الإكثار من تناول الخضروات وشرب الماء وممارسة الرياضة بانتظام.
المصدر المستعان به:
https://www.clevelandclinicabudhabi.ae/