شعر المسلمون بالألم الكبير لما اشتملت عليه الرسومات المسيئة لنبينا الكريم من تشويه واستهزاء وافتراء، فقلوبنا ممتلئة بصورة جميلة لنبينا عليه الصلاة والسلام مما ذكرته الحقائق على ألسنة محبيه ومبغضيه، وكما نطق الصحابة رضوان الله عليهم بوصفه بأروع الأوصاف في الخلق والخُلق، فقد نطق بذلك أيضاً أعداؤه المشركون، كما نطق بالثناء عليه كثير من العقلاء من غير المسلمين في العصر الحديث، ومع أن المسلم لا يحتاج إلى أقوال غير المسلمين ليزداد معرفة به عليه الصلاة والسلام، ولكن ايراد بعضها فيه رد على أولئك الذين رموه بالنقائص.
إن قراءتنا لأقوال بعض عقلاء الغرب عن الرسول الكريم تدل على قوة شخصيته عليه الصلاة والسلام في التأثير على غير المسلمين، فمع القرون الطويلة التي تفصل بينهم وبينه إلا أن أثر شخصيته أنطقهم بما قد يعجز بعض المسلمين عن التعبير تجاهه، ونسوق فيما يلي مجموعة من الأمثلة على هذه الشهادات:
برنارد شو الانجليزي له كتاب اسمه (محمد) وقد أحرقته سلطات بلاده، قال فيه:
(إن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد صلى الله عليه وسلم، وإن رجال الدين في القرون الوسطى ونتيجة للجهل أو التعصب، قد رسموا لدين محمد صورة قاتمة، لقد كانوا يعتبرونه عدواً للمسيحية، لكنني اطلعت على أمر هذا الرجل فوجدته أعجوبة خارقة، وتوصلت إلى أنه لم يكن عدواً للمسيحية، بل يجب أن يسمى منقذ البشرية، وفي رأيي أنه لو تولى أمر العالم اليوم لوفق في حل مشكلاتنا بما يؤمن السعادة والسلام الذي يرنو إليه البشر). وقال برناردشو أيضاً: (لو كان محمد حياً لحل مشاكل العالم وهو يحتسي فنجان قهوة).
الانجليزي توماس كاريل الحائز على جائزة نوبل في كتابه (الأبطال)
قال: (لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد متحدث في هذا العصر أن يصغي إلى ما يقال من أن دين الإسلام كذب، وأن محمداً خداع ومزور، وقد رأيناه طوال حياته راسخ المبدأ، صادق العزم، كريماً، براً، رؤوفاً، تقياً، فاضلاً، حراً، شديد الجد، مخلصاً، وهو مع ذلك سهل الجانب، لين العريكة، حميد العشرة، حلو الإيناس).
ويقول مايكل هارت في (الخالدون المائة) وقد جعل على رأسهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:
(إن اختياري محمداً ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين: الديني والدنيوي… فهناك رسل وأنبياء وحكماء بدأوا رسالات عظيمة ولكنهم ماتوا دون إتمامها كالمسيح في المسيحية، أو شاركهم فيها غيرهم أو سبقهم إليهم سواهم كموسى في اليهودية، ولكن محمداً هو الوحيد الذي أتم رسالته الدينية وتحددت أحكامها وآمنت بها شعوب بأسرها في حياته، ولأنه أقام بجانب الدين دولة جديدة فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضا وحد القبائل في شعب والشعوب في أمة، ووضع لها كل أسس حياتها، ورسم أمور دنياها، ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم، فهو الذي بدأ الرسالة الدينية والدنيوية وأتمها).
ويقول آن بيزيت:
(من المستحيل لأي شخص يدرس حياة وسيرة نبي العرب، ويعرب كيف عاش، وكيف علّم الناس، إلا أن يشعر بتبجيل هذا النبي الجليل، أحد رسل الله العظماء).
وقال أحد قادة البحرية الأمريكية:
(قرأت عن العظماء فلم أجد أعظم من محمد بن عبد الله نبي المسلمين، لأن البحرية الأمريكية لم تستطع أن تمنع الخمور على بواخرها رغم ضررها على البحارة، ورغم ذلك وبكلمة واحدة قالها محمد بن عبد الله امتنع الناس عن الخمر).
دكتور شوميس (ألماني):
يقول بعض الناس إن القرآن كلام محمد وهو حقاً محض افتراء، فالقرآن كلام الله الموحى على لسان رسوله محمد، فليس في استطاعة محمد ذلك الرجل الأمي في تلك العصور الغابرة أن يأتينا بكلام تحار فيه عقول الحكماء، ويهدي الناس من الظلمات إلى النور. ثم يقول رداً على المتعجبين من موقفه: وربما تعجبون من اعتراف رجل أوروبي بهذه الحقيقة. إني درست القرآن فوجدت فيه تلك المعاني العالية، والنظم المحكمة، وتلك البلاغة التي لم أجد مثلها قط في حياتي، جملة واحدة منه تغني عن مؤلفات. هذا ولا شك أكبر معجزة أتى بها محمد عن ربه.
العلامة ساديو لويس (فرنسي):
لم يكن محمد نبي العرب بالرجل البشير للعرب فحسب بل للعالم، لو أنصفه الناس، لأنه لم يأت بدين خاص بالعرب، وأن تعاليمه الجديرة بالتقدير والإعجاب تدل على أنه عظيم في دينه، عظيم في أخلاقه، عظيم في صفاته، وما أحوجنا إلى رجال للعالم أمثال محمد نبي المسلمين.
المستر داز الإنكليزي قال في كتابه (مع الشرق والغرب):
كان محمد زراعياً وطبيباً وقانونياً وقائداً، اقرأ ما جاء في أحاديثه تعرف صدق أقواله ويكفي قوله المأثور عنه: (نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع) هو الأساس الذي بني عليه علم الصحة، ولا يستطيع الأطباء على كثرتهم ومهارتهم حتى اليوم أن يأتوا بنصيحة أثمن من هذه. وقال في الكتاب نفسه: إن محمداً هو الذي استطاع في مدة وجيزة لا تزيد على ربع قرن أن يكتسح دولتين من أعظم دول العالم، وأن يحدث ذلك الانقلاب المدهش، وأن يكبح جماح أمة اتخذت الصحراء المحرقة سكناً لها، واشتهرت بالشجاعة والغزو ورباطة الجأش والأخذ بالثأر، فمن الذي يظن أن القوة الخارقة للعادة التي استطاع بها محمد (صلى الله عليه وسلم) أن يقهر خصومه هي من عند غير الله.
العلامة لوزان الفرنسي قال في كتابه (الله في السماء):
ليس محمد نبي العرب وحدهم بل هو أفضل نبي قال بوحدانية الله، وإن دين موسى وإن كان من الأديان التي أساسها الوحدانية، إلا أنه كان قومياً محضاً وخاصا ببني إسرائيل، وأما محمد فقد نشر دينه بقاعدتيه الأساسيتين وهما التوحيد والإيمان بالبعث. وقد أعلن دينه لعموم البشر في أنحاء المسكونة. ويقول في الكتاب نفسه: … فرسول كهذا الرسول يجدر باتباع رسالته والمبادرة إلى اعتناق دعوته، إذ أنها دعوة شريفة، قوامها معرفة الخالق، والحث على الخير والردع عن المنكر، بل كل ما جاء به يرمي إلى الصلاح والإصلاح، والصلاح أنشودة المؤمن، هذا هو الدين الذي أدعو إليه الجميع.
المسيو ميخائيل اماري الإيطالي قال في كتابه (تاريخ المسلمين):
لقد جاء محمد نبي المسلمين بدين إلى جزيرة العرب يصلح أن يكون ديناً لكل الأمم لأنه دين كمال ورقي، دين دعة وثقافة، دين رعاية وعناية، ولا يسعنا أن ننقصه، وحسب محمد ثناء عليه أنه لم يساوم ولم يقبل المساومة لحظة واحدة في موضوع رسالته، على كثرة فنون المساومة واشتداد المحن، وهو القائل: (يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك دونه ما تركته) عقيدة راسخة، وثبات لا يقاس بالنظير، وهمة تركت العرب مدينين لمحمد بن عبد الله إذ تركهم أمة لها شأنها تحت الشمس في تاريخ البشرية.
العلامة ماكس فان برشم السويسري قال في مقدمة كتابه (العرب في آسيا):
إن محمداً نبي العرب من أكبر مريدي الخير للإنسانية، إن ظهور محمد للعالم أجمع إنما هو أثر عقل عال وإن افتخرت آسيا بأبنائها فيحق لها أن تفتخر بهذا الرجل العظيم، إن من الظلم الفادح أن نغمط حق محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي جاء من بلاد العرب وإليهم، وهم على ما علمناه من الحقد البغيض قبل بعثته، ثم كيف تبدلت أحوالهم الأخلاقية والاجتماعية والدينية بعد إعلانه النبوة، وبالجملة مهما ازداد المرء اطلاعاً على سيرته ودعوته إلى كل ما يرفع من مستوى الإنسانية، فإنه لا يجوز أن ينسب إلى محمد ما ينقصه، ويدرك أسباب إعجاب الملايين بهذا الرجل ويعلم سبب محبتهم إياه وتعظيمهم له.
العلامة كارل هيرنش بكر الألماني قال في كتابه (الشرقيون):
لقد أخطأ من قال أن نبي العرب دجال أو ساحر لأنه لم يفهم مبدأه السامي، إن محمداً جدير بالتقدير، ومبدؤه حري بالاتباع وليس لنا أن نحكم قبل أن نعلم، وإن محمداً خير رجل جاء إلى العالم بدين الهدى والكمال، كما أننا لا نرى أن الديانة الإسلامية بعيدة عن الديانة المسيحية.
شارك في الإعداد: روحي عبدات