بقلم: تريسيا أليس كريستينسن
Tricia Ellis-Christensen
النقد الجديد New Criticism شكل من أشكال النقد الأدبي هيمن على الساحة الأدبية النقدية في الفترة الممتدة من أربعينيات القرن الماضي إلى الستينيات منه. وكان جون كرو رانسم John Crowe Ransom قد أطلق تسمية (النقد الجديد) على كتابه الذي أصدره في عام 1491. وسرعان ما أصبح النقد الجديد السبيل الذي يسلكه القارئ لقراءة الأدب والشعر خصوصاً ومن ثم وجد طريقه إلى قاعات الدرس في الكليات والمدارس الثانوية.
وكان النقد الأدبي، الذي سبق النقد الجديد، قد سلك طرقاً شتى لتفسير الآدب وتأويله دون أن يكون هناك ثمة اجماع على طريقة أفضل، فقد تبنى بعض النقاد وجهة نظر تاريخية لتقويم الأدب من حيث تمثيل النتاجات الأدبية للفترات التاريخية التي كتبت فيها أو اختلافها عنها، فيما عمد آخرون إلى تقويم الآثار الأدبية وفق حياة المؤلف وتجاربه وثقافته السابقة.
وقد سلك النقد الجديد مساراً مخالفاً للأنماط النقدية الأخرى حيث أنه عمل على استبعاد ما يرمي إليه المؤلف من قصد، كما أنه تجاهل المعلومات الشخصية والتاريخية ذات الصلة بالمؤلف. وعكف هذا النقد على تفسير الآدب اعتماداً على تماسك النص Cohesiveness وليس على أي شيء آخر. إن الناقد الجديد لا يكترث لما يهدف إليه المؤلف حيث أن شكل الأثر الأدبي يفضي إلى بلورة معان جديدة.
وفي إطار النقد الجديد فإن مهمة الناقد تنصب على تقويم مختلف جوانب النص التي تفرز الغموض Ambiguity. والنقاد يعمدون إلى تحليل الاستعارة والتشبيه وغيرهما من التعبيرات المجازية والبلاغية التي تستحث حالة من التوتر والتوتر المضاد والعمل على التوفيق فيما بينهما لخلق حالة من الانسجام في النتاج الأدبي. ومن خلال التحليل الرصين يتمكن الناقد بعدئذ من اطلاع القارئ على الكيفية التي يتم بموجبها تفسير النص وما يتمخض عن قراءة النص من قيمة. بعبارة أخرى، أصبح الناقد مفسراً للنصوص الأدبية مما يعين القارئ على فهمها واستيعابها.
أضف إلى ذلك، لابد أن ينظر إلى النص، في ضوء النقد الجديد، باعتباره كياناً أدبياً قائماً بذاته. فإذا عمد القارئ إلى تفسير النص وفق استنتاجاته الاستقرائية خارج النص فإنه يكون قد خرج عن إطار النقد الجديد. وينبغي أن يتبرأ الناقد الجديد من مشاعره الشخصية وردود فعله العاطفية لدى قراءة النص؛ ولا يعوّل على أي نقد لا يلتزم بالنص. غير أن المنظّرين اللاحقين أشاروا إلى تعذّر إبعاد الذات لدى تحليل النص وتأويله.
لقد أضفى النقد الجديد منزلة رفيعة جديدة على النقاد بصفتهم مفسرين للنصوص؛ وهؤلاء النقاد من جانبهم أفلحوا في خلق كيانهم الخاص بهم، وغدت الكتب والمقالات، التي هدفت إلى ايضاح معاني الشعر وغيره من الأجناس الأدبية، مصاحبة للأدب حيث أعانت القارئ العادي على فهم ما يقرؤه واستيعابه. وظلت المنزلة الجديدة للناقد عالي المقام قائمة رغم تفنيد الكثير من مرتكزات النقد الجديد.
لقد ترك النقد الجديد بصماته الواضحة على الأجناس الأدبية المختلفة لأن النقاد تمكنوا من الاستدلال على الآثار الأدبية التي أفلحت في خلق جو من التناغم فيها مرتبط بما تضمه من غموض، وهذا هو المعيار الذي يتم بموجبه اعتبار بعض النتاجات الأدبية أفضل من غيرها مما يؤثر كثيراً على اختيار النصوص المناسبة للقراءة. أما الطلبة الذين يتناولون مثل هذه النصوص فإنهم لم يفلحوا في التوصل إلى التأويل (الصحيح) للنص.
ورغم أن النقد الجديد يظل أداة مفيدة لتدريس الطلبة العناصر الأساسية للشعر ـ على سبيل المثال، فإن معظم أوجه النقد الجديد قد تم تفنيدها واستبدالها بصيغ أخرى حيث تمكنت الأنماط الحديثة جداً من النقد الأدبي، التي تفترض أن النصوص الأدبية تنتج معاني متعددة متعارضة بشكل مباشر، من إلحاق الهزيمة بالنقد الجديد. ثم أن النظريات النقدية الأحدث عمدت إلى إعادة الاعتبار إلى ما يرمي إليه الكاتب من وجهة نظر نفسية أو تاريخية فيما تتجه مدارس نقدية أخرى مثل البنيوية Structuralism إلى تقويم لغة النص لاستخلاص المعاني المتعددة.
لقد أدت أقوى التفنيدات الموجهة للنقد الجديد إلى شمول المزيد من الآثار الأدبية بالمعايير التي تعتمدها. وعمد النقاد الجدد إلى التركيز على الأعمال الأدبية الغربية، كما أنهم أضفوا قيمة أكبر على النتاجات الأدبية التي يكتبها الرجال. من جانبهم، عمل النقاد التاريخيون ومن دعاة المساواة بين الجنسين Feminist على استعادة الكثير من الآثار الأدبية لدائرة المعايير النقدية الخاصة بهم بعد أن أخرجها النقاد الجدد من مجال اهتمامهم.
المصدر:
www.wisegeek.com/what-is-new-criticism.htm
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.