يبعثرنا الموت خلف شرفات الوطن
يلمنا المنفى تائهين دون هوية
شتاتٌ كل ما فينا
لا نحن نحن
ولا نحن هم
ضائعون بين ما كناه
وما صرنا إليه
متخمون بتاريخ ننوء بحمله
ومستقبل لا ملامح له
نحن الغرباء
التائهون
الهاربون
***
يبعثرنا الخوف في طرقاتٍ متشعبة
لا نحن نحن
ولا خطانا لنا
مجرد أشباح تحملها الريح حيث شاءت
يا أنا
أين ذهب بك الطريق؟!
يا أنتَ
هلا انتظرتني قليلاً؟!
فأنا أعرف ملامحكَ
وهذا يكفي لأدعي
بأنك لم تعد غريباً
***
تبعثرنا الحرب
حيث لا ندري ولا نريد
وتد الخيام أكثر استقامة من طرقاتنا
من ظهورنا التي ناءت بحملها
من قامة الموت التي تنتظرنا
عند كل منعطف
***
يبعثرنا الضجر
ونحن في حضرة الانتظار
السنوات التي تضيع
في انتظار شيء ما
في انتظار ما لا يأتِي
ومن لم يعد هنا
موحشٌ الانتظار يا صديقي
إنه موتٌ مؤجل
يخفي نابه خلفَ عقاربِ الوقت
***
يبعثرنا التعب من كل شيء
لم يعد في وسعي أن أسير أبعد من هذا
قالت البنت بهدوء، وخلعت سترة النجاة
وهتفت: اخترت اليوم أن أطعم السمك
لأنه أشرف منكم جميعاً
***
يبعثرنا اليأس
نحن الذين لم يعد لدينا شيء ننتظره
نحن من رمينا أحلامنا، وبقايا ضحكاتنا على الطرقات
تخففنا من الذاكرة
لكي نستطيع أن نوغل في المسافات
دون أن ننتبه إلى أننا كنا ندور في حلقة مفرغة
وأننا نعود إلى لحظة البداية
في اللحظة التي نظن بها أننا وصلنا
***
تبعثرنا أصواتهم، أسماؤهم، آخر عباراتهم
لون دمهم، أشلاؤهم، وبضع وصايا منهكة
تركوها معلقة على جدار نبوءة جاحدة
دون أن ندرك أنهم شدوا الرحال
أولئك الزاحفون على بطون أغنياتهم
***
الوطن خائنٌ يا صديقي
خائنٌ حد الموت
حد البكاء
وما زلنا لا ندرك
من منا يقتل الآخر
ومن ينعي من
ميتّ يدفن ميتاً في بطن ميت
ساخر هذا الوجع
ممضٌ مؤلمٌ باتر
خائنٌ… خائنٌ
***
الوطن يا صديقي يلوكنا
ويشرب نخب موتنا دماً طازجاً
يبتر أطرافنا المغمسة بالدم ويبكينا
خنجر نحن في خاصرته
ونحن نقدم القرابين له
دون خجل