ما هي الفرحة؟ وهل الفرحة تحتاج إلى عوامل تظهرها أم أن الفرحة كامنة داخل كل إنسان، ولا تحتاج أن يستدعيها فتأتى هي مسرعة؟ هل الفرحة غاية نسعى إلى تحقيقها أم هي وسيلة تصل بنا إلى حال السعادة؟ وهل باتت الفرحة ممكنة في ظل المتغيرات المتلاحقة التي تحيط بنا، والسؤال الأهم هو كيف نفرح وندخل السرور إلى نفوسنا؟
في البداية يجب أن نقر أن الفرحة لا تأتى، ولكن نحن من نجلبها إلى أنفسنا، وباستطاعتنا أن نفرح في وسط زحام الحياة بدون تعارض ما بين وجود مشاكل الحياة والإحساس بمشاعر الفرحة، ولكن هل نحن من نقرر أن نعيش في حيز المشاكل، أم نركز على أسباب فرحنا وسعادتنا المتاحة لدينا، أو بمعنى أبسط نعيش في نصف الكوب الممتلئ، ونسعى إلى استكمال النصف الفارغ. فكل إنسان مهما تكاثرت مشاكل الحياة عليه لديه من النعم التي لا تحصى يستطيع من خلالها أن يفرح ويمتن، فعلينا أن نحيا في نعم الله، ونمتن لها بالحمد والشكر كي تزيد، ولا نحيا في حيز الفقدان حتى لا نفقد ما تبقى لنا مما نملك.
ويجب أن ندرك أن المشاكل لا تنتهي بالحزن والكآبة، ولكن تنتهي بالتفكير في حلها والسعي في تنفيذ هذه الحلول، فوجود المشاكل وعراقيل الحياة لا تتعارض مع مفهوم الفرحة، والذي يتلخص في جملة واحدة (إدخال السرور إلى النفس)، فوجب على كل شخص أن يحدد الأشياء التي تسره وتسر من حوله ولا تضره ولا تضر من حوله، ويحاول دائماً أن يداوم على فعلها. وتختلف المسرات من شخص إلى آخر، ولا يشترط أن تكون هذه الأشياء مكلفة أو مجهدة، ولكن يمكن أن تكون أبسط وأسهل مما نتخيل، فيمكن أن تكون سبب الفرحة كلمة طيبة أو ابتسامة حانية أو حتى نكتة خفيفة الظل. فدعونا لا نختزل السعادة في أشياء اعتيادية، ولنترك العنان لقلوبنا حتى نسعد بأقل جهد وأقل كلفة.
لنجعل البذرة التي نزرعها هي الفرحة بشتى أشكالها، وليكن الحصاد هو السعادة، فلنصطحب الفرحة معنا في كل زمان ومكان، ولنجعلها الصاحب الوفي لنا يعيننا على تخطي ما نواجه من صعاب في حياتنا، فما أسهله من قرار، أن نقرر أن نفرح، وما أحسنه من نتاج إذا التزمنا بهذا القرار، فالنتيجة هي غايتنا جميعاً التي نسعى للوصول إليها، وهي السعادة. فالفرحة شعور وإحساس داخلي، وليس سبباً خارجياً أو أشياء مادية، ولكن لا ننكر أن من المساعد على ظهور السعادة الداخلية أشياء خارجية، ولكن الأصل أنه إحساس، والإحساس أساسه فكرة والفكرة أساسها اعتقاد، والاعتقاد أساسه قيمة عليا، فلنجعل السعادة قيمة عليا لدينا، ولنعمق مفهوم وفكرة السعادة لدينا لنستطيع أن نستدعي إحساس الفرحة بسهولة، وبالتالي يكون سلوكنا نابعاً من هذا الإحساس ونعززه.
ولنقرر أن نحيا في دائرة مغلقة من السعادة والفرحة كي نستطيع أن نواجه مصاعب الحياة، حتى لا ننتظر أسباب وأشياء لتأتي وتجلب الفرحة معها، بل نجعل الفرحة هي التي تأتي لنا بما يسعدنا بقرار منا، وبأفعال ننقل بها الفرحة إلى قلوب من حولنا بزيارة باسمة للأقارب والأحباب بهدية بسيطة تضفي بسمة على وجوه أطفالنا، وبحب ننشره بين من هم حولنا بصلة أرحامنا، وسنجد هذه الفرحة ترد إلينا مرة أخرى. فلننتهز كل الفرص التي تحيط بنا لنسترجع مفهوم الفرحة الغائب عنا.
(*) مجلس الاختصاصين الاجتماعيين في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية
المصدر:
مجلة العلوم الاجتماعية
قسم الخدمة الإجتماعية بمركز التدخل المبكر التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية