نظرة على كتب الأطفال والإعاقة
تلعب الشخصيات على الكراسي المتحركة دوراً بارزاً في كتب الأطفال أكثر من ذي قبل. وبصفتها أكاديمية متفرغة ومستخدمة للكراسي المتحركة، تسلط الدكتورة ريبيكا باتلر الضوء على بعض الكتب التي تقدم شخصيات تستخدم الكراسي المتحركة بشكل مختلف تماماً. فماذا يمكننا أن نتعلم منهم؟
الكرسي المتحرك اليدوي
في كتاب من تأليفه يحمل عنوان (عيد الميلاد (The Christmasaurus، يتناول الكاتب توم فليتشر شخصية (وليام) وهو صبي يبلغ من العمر عشرة أعوام، ويستخدم كرسياً متحركاً يدوياً. لديه قوة بدنية في الجزء العلوي من جسمه لدفع كرسيه.
وعلى متن هذا الكرسي، يعيش ويليام مجموعة مغامرات مع سانتا كلوز وديناصور، ويتمكن من حماية عيد الميلاد من الدمار على يد صياد شرير. تتمثل فكرة فليتشر الإيجابية في تحويل رؤية القارئ إلى الكرسي المتحرك من عبء إلى آلة تسمح للصبي بأن يعيش مغامرات شيقة. وبفضل هذا الكرسي يستطيع الصبي بطل القصة – أن يرينا أن إن إعاقته لا تستبعده من هذا الدور الإيجابي، ومن خلاله تنكشف القصة بأكملها من وجهة نظره.
كرسي متحرك بشكل جزئي
آني بطلة قصة (Truly، Wildly، Deeply) لمؤلفتها جيني ماكلين، تستخدم كرسياً متحركاً بشكل جزئي، فهي تستطيع المشي لمسافات قصيرة، ولكنها تستخدم كرسياً متحركاً يدوياً للرحلات الطويلة. وتوضح الكاتبة أنه حتى مستخدمي الكراسي المتحركة بشكل جزئي يمكن أن تكون لديهم تداعيات معقدة. إذ تخرج آني (بطلة القصة) مع صديقها للعب في الثلج فتترك كرسيها المتحرك خلفها وتتحرك للأمام سيرا على الأقدام. لكنها تجد أن الثلج يعيق حركتها لذا فقد توجب عليها أن تطلب من صديقها أن يحملها على ظهره إلى كرسيها المتحرك. ومثله مثل أي آلة أوتوماتيكية، يمكن أن يشكل الكرسي مشكلة.
تحديث الكلاسيكيات
تحولت جاكلين ويلسون إلى واحدة من أبرز المؤلفين اليوم، وذلك بعد ان قامت في العام 2015 بإعادة صياغة كتاب كلاسيكي بعنوان (ماذا فعلت كاتي؟) من تأليف سوزان كوليدج، والذي نشر في العام 1872.
والنسخة الكلاسيكية من تأليف كوليدج، تحتوي على بعض المقاطع غير المناسبة اليوم، فمثلاً عندما تصاب كاتي بالإعاقة، تخبرها ابنة عمها القديسة هيلين أنها في (مدرسة للألم). بينما في النسخة المحدثة من (كاتي)، تحول ويلسون القصة من خلال اتجاهين مختلفين. الأول هو قبول (كاتي) التدريجي للإعاقة وما تعنيه. والثاني تقديم كتاب مدروس بعناية عن العلاج الطبي والاجتماعي الذي تتلقاه كاتي.
القصة المحدثة ترفع من مستوى الكلاسيكية، كما تعكس واقع العلاج الطبي ومشاعر كاتي.
من النادر مشاهدة كرسي متحرك كهربائي
كتاب مبتكر عن الكراسي المتحركة، (خارج ذهني Out of My Mind )، يأتي من الولايات المتحدة الأمريكية على يد شارون ام داربر. ميلودي بروكس (بطلة القصة) في عامها الأخير في المدرسة الابتدائية، هي مستخدمة دائمة للكرسي المتحرك الكهربائي (الذي يعمل بالبطارية) ولديها حالة من اضطراب الأفازيا Aphasia أو الحبسة الكلامية فهي لا تتحدث وتحرز أدنى الدرجات في جميع المواد الدراسية، ولا تزال (كما يعتقد المدرسون) تتعلم الأحرف الأبجدية الأولى وهي في سن التاسعة. ثم يقوم أحد المدرسين في المدرسة بتركيب جهاز صوت على كرسيها.
تشعر ميلودي بالحرية. وتتدرج بسرعة إلى قمة الإنجاز الأكاديمي وتصبح نجمة في مدرستها ويتداول الجميع حكايتها. ومنذ تلك اللحظة، أخذت تقود كرسيها المتحرك بثقة كبيرة من خلال المدرسة.
إن النقاط التي ركزت درابر عليها في تعقيدات حياة الطفل من ذوي الإعاقة ثابتة ودقيقة. كما تم وصف التغيير والتأثير الذي حققه جهاز الكلام بشكل مقنع.
إلى أين سيقودنا هذا الأمر!؟
من المؤكد أن ميلودي هي استثناء لقاعدة عامة حول الأشخاص من ذوي الإعاقة في كتب الأطفال. قلة منهم يستخدمون كراسي تعمل بالطاقة. هل يخجل الكتاب من اكتساب المعرفة التقنية اللازمة لتصوير كرسي يعمل بالطاقة؟ قليلة هي الشخصيات ذوات الإعاقة التي تشهد مراحل نمو متعددة في كتب الأطفال. هم في الغالب من الأطفال أو كبار السن. كيف نستطيع أن نتوجه للقراء الشباب للمساعدة في فهم موقف شخص بالغ يستخدم كرسياً متحركاً إذا لم توجد أمثلة أدبية؟
هناك بالتأكيد الكثير من الأمثلة للاحتفاء بها. منها أن الكتاب المعاصرين جميعاً يتجنبون الفخ الذي سقط فيه أسلافهم (في العصرين الفيكتوري والإدواردي) – العلاج المعجزة!
والمثال الأسوأ بالطبع هو Pollyanna الصادر في العام 1913، الذي (شفي) على الفور من قبل الطبيب وكانت موهبته الوحيدة هي الابتسام.
لذا نأمل أن يرى المستقبل مجموعة أكثر تنوعاً وواقعية من صور مستخدمي الكراسي المتحركة في كتب الأطفال.
المصدر:
• كاتب أردني مقيم في الشارقة
• . مسؤول العمليات الفنية في مدينة الشارقة للخدمات الفنية
• يعمل في مجال الإعاقة والمؤسسات غير الربحية منذ أكثر من عشرين عاماً، شغوف بتعزيز حق القراءة للأشخاص من ذوي الإعاقة، وترسيخ الصورة الحقوقية عنهم في كتب الأطفال واليافعين.
• لديه العديد من المفالات منشورة في عدد من الدوريات العربية الالكترونية والورقية تحمل مراجعات نقدية للكتب، والسينما والحقوق الثقافية لللأشخاص ذوي الإعاقة.
• لديه خبرة في المسرح مع الأطفال والأشخاص من ذوي الإعاقة لديه مشاركات عديدة في مؤتمرات ثقافية ومتخصصة في مجال الكتب والمسرح.
صدر له:
• عن رواية تمر ومسالا – لليافعين عام – 2019 – دار (و) للنشر والوسائل التعليمية – دولة الإمارات العربية المتحدة. –
• قصة خياط الطوارئ – للأطفال عام 2020 ( تحت الطبع) – دار (و) للنشر والوسائل التعليمية – دولة الإمارات العربية المتحدة. –
• حاصل على المركز الأول في جائزة عبد الحميد شومان لأدب الأطفال سنة 2020 عن قصته “غول المكتبة”