وهكذا تمر الأيام من عمر الزمن ويداول الله الأيام بين الناس ويستقبلون الشهور والسنين التي تحمل معها نفحات من الله جل وعلا.
لقد أختار الله لكم من الأيام يوماً.. ومن الأشهر شهراً.. ومن الساعات ساعة.. ومن الأرض بقعاً.. ومن الرجال رجالاً.. ومن النساء نساءً وقال تعالى: (وربك يخلق ما يشاء ويختار، ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون) (القصص ـ 68).
لقد اختار شهر رمضان من أشهر السنة وجعل أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.. فيه وقعت معجزات الله سبحانه وتعالى وفيه نزلت ملائكة السماء لتعزز المؤمنين وتعلي شأنهم.. وفيه رفعت رايات الحق.. وفيه انتصرت جيوش العدل على فلول الظالمين.. فيه كان يوم الفرقان.. وفيه تفتح أبواب الجنان.
في هذا الشهر الذي أنزل الله فيه نظام الحق ومنهج العدل وفرقان النور يجدر بنا أن نعي هذا التوجيه النبوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حينما وقف خطيبا في مثل أيامنا هذه ليقول: (أيها الناس.. قد أظلكم شهر عظيم مبارك شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، شهر جعل الله صيامه فريضة وقيام ليله تطوعا من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر المواساة وشهر يزداد فيه رزق المؤمن، من فطر صائماً كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبة من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء، وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار).
بهذه الكلمات أوجز رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل رمضان بين المؤمنين بما فيه من الفضل والثواب ثم وجه عناية المسلمين إلى الواجب الذي عليهم تجاه هذا الشهر الفضيل فقال: (فاستكثروا فيه من أربع خصال، خصلتين ترضون بهما ربكم وخصلتين لا غناء بكم عنهما، فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا الله إلا الله، وتستغفرونه، وأما الخصلتان اللتان لا غنى بكم عنهما: فتسألونه الجنة وتعوذون به من النار).
لذا يجب علينا أن نستقبل رمضان بنفوس يغمرها الإيمان ويسودها الحب، وجدير بنا أن تنفتح قلوبنا لرمضان وتصغي أفئدتنا وأن تسد منافذ الإيحاء الشيطاني التي نملكها وتوجيهها إلى إيحاء الخير، وجدير بنا ونحن نستقبل هذا الشهر الكريم أن نفهم الصيام على أنه طهارة للنفس من دنس الإثم ولوثة الغفلة، وهو زكاة النفوس وطهارة القلوب من غل القطيعة وأدران الخصومة، وجدير بنا أن نعرف قدرنا من خلال قول الله تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان). (البقرة ـ 185).
إن روافد التقوى كثيرة ومنبعها الأساسي هو الصوم.. وإن قول الحق وحفظ اللسان من الباطل تقوى والصوم هو ترفع عن كلام لا فائدة فيه، وبذلك قال الله تعالى: (إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم أنسياً) (مريم ـ 26)،.. وإن مغالبة الهوى تقوى، وإن الجهاد والثبات أمام العدو وعدم الفرار تقوى، والصوم هو الذي يربي روح الجلد في المؤمنين، وجهاد النفس أعلى مراتب الجهاد وهو المقدمة الأولى للنصر. وإن التخمة تقتل روح الإبداع في الأمة والترف الزائد يقتل فيها روح الإيثار وكل ذلك مناف للتقوى، والصوم تحقيق لقول رسولنا الكريم: (حسب أبن آدم لقيمات يقمن صلبه).
فيا أمة الصيام.. في هذا الشهر كانت منكم خير أمة أخرجت للناس.. في هذا الشهر دخلتم التاريخ وعرفتم بين الأمم.. في هذا الشهر فتحتم بيت المقدس ومصرتم الأمصار ودانت لكم الدنيا فإذا لم تعرفوا للشهر قدره وتترفعوا بأنفسكم عن مهابط الشهوات فأنتم أمة مقبورة وقبورها دارسة تطأها جميع الأقدام.
يا أمة الصيام.. إن الله اصطفاكم في هذا الشهر لزعامة البشرية على أساس الدعوة إلى الله، وأختار منكم نبياً كريماً عربياً أميناً للناس كافة بشيراً ونذيراً لتعرفوا قدركم بين أمم الأرض، أمركم الله أن تصوموا حتى تزكوا الأرواح وتترفعوا عن كل إثم ورجس العبودية لغير الله.
إن الشهوات الهابطة هي التي أذلت الرجال فيكم وغي البطون هو الذي أمات روح الإبداع في عقولكم وصدق رسول الله إذا يقول: (أطولكم شبعا في الدنيا أطولكم جوعا في الآخرة).
فيا أمة الصيام وأتباع القرآن حرروا نفوسكم من هوى نفوسكم فإن الله يقول: (ومن أضل ممن أتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين) (القصص ـ 5)
يا أمة الصيام لقد قام سوق الجنة في هذا الشهر يربح فيه من يربح ويخسر فيه من يخسر ولا يخسر فيه إلا المفطرون الذين ينتهكون حرماته ولا يقفون عند حدود.
يا أمة الصيام رمضان سوق الله فطوبى للرابحين وتعسا للخاسرين ومن تولى فإن الله غني عن العالمين..
يا أمة الصيام هذا شهر ذكريات عزكم اختاركم الله به واختاره لكم فاعرفوا الله حقه فيه.. (أولئك هم المؤمنون حقا، لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم) (الأنفال ـ 4).
اللهم أعده علينا بالمغفرة وأستر لنا الزلة وخذ بأيدينا إلى شواطئ النجاة فلا يغفر الذنوب إلا أنت.. اللهم أنت الذي وسعت كل شيء رحمة وعلما.. وأنت الذي عطاؤه أكثر من منعه.. وأنت الذي قلت أدعوني أستجب لكم.. اللهم أغفر ذنوبنا ويسر أرزاقنا ووحد كلمة أمتنا وآمنا في أوطاننا واجعل الدائرة على أعدائنا.
اللهم يا أرحم بمن دعاك وواهب من سعى إليك اجعل لنا من كل عسر يسراً ومن كل هم مخرجاً ومن كل ضيق فرجاً.. اللهم أعد علينا هذا الشهر الفضيل وبارك لنا فيه واجعلنا من صوامه وقوامه ومن عتقائه من النار.. يا رب يا كريم انك سميع مجيب.
- مسؤول التخطيط والمتابعة، والمشرف العام لبرنامج العلاج بالموسيقى ، والمشرف للفريق البحثي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ، ورئيس رابطة التوعية البيئية في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية حتى الآن
- حاصلة على بكالوريوس من جامعة بيروت العربية ، وعلى العديد من الدبلومات المهنية والتخصصية العربية الدولية في مجالات التخطيط والجودة والتميز والتقييم والتدريب
- اختصاصي في التخطيط الاستراتيجي والاستشراف في المستقبل – LMG – جنيف ، سويسرا
- مدرب دولي معتمد من الأكاديمية البريطانية للموارد البشرية والمركز العالمي الكندي للتدريب وجامعة مانشستر وبوستن
- خبير الحوكمة والتطوير المؤسسي المتعمد من كلية الإدارة الدولية المتقدمة IMNC بهولندا
- مقيم ومحكم دولي معتمد من المؤسسة الأوربية للجودة EFQM، عضوة مقيمة ومحكم في العديد من الجوائز المحلية والعربية والدولية خبيرة في إعداد تقارير الاستدامة وفق المبادرة العالمية للتقارير – GRI
- مدقق رئيسي في الجودة الإدارية أيزو 9100 IRCA السجل الدولي للمدققين المعتمدين من معهد الجودة المعتمد بلندن – CQI
- أعددت مجموعة من البحوث و الدراسات منها ما حاز على جوائز وقدم في مؤتمرات
- كاتبة و لديها العديد من المقالات المنشورة في الصحف و المجلات وبعض الإصدارات
- قدمت ونفذت العديد من البرامج والمشاريع والمبادرات الهادفة والتطوعية والمستدامة لحينه
- حاصلة على العديد من الجوائز على المستوى المحلي والعربي منها : جائزة الشارقة للعمل التطوعي ، جائزة خليفة التربوية ، الموظف المتميز ، جائزة أفضل مقال في معرض الشارقة الدولي للكتاب
- حاصلة على العديد من شهادات الشكر والتقدير على التميز في الأداء والكفاءة.
- شاركت في تقديم العديد من البرامج التدريبية في مختلف المجالات الإدارية والجودة والتميز
- عضوة في العديد من الهيئات و المنظمات التربوية والتدريبية والجودة والتميز والتطوعية داخل وخارج الدولة