منذ الطفولة تفتحت عيناها العسليتان الناعستان على حياة الانفتاح الرحبة، بأجواء استثنائية من الحرية والعفوية والتلقائية في الحديث ببراءة، وفي خوض أجواء المغامرة والمشاركة، وحب الحوار مع الآخر في التعبير عن الرأي وطرح الآراء بصراحة متناهية والمناقشة والاستفسار عما حولها، والتي زرعها فيها والدها المثقف صاحب الفكر الثاقب والرؤى الإستشرافية للمستقبل المشرق لها، وكان هذا الرجل الفاضل وراءها، أكثر من والد، بل صديق قريب يحفزها دون أن يعلم.
ثم بدأت حكايتها مع القلم والكتابة، كانت تدون كل ما يخطر ببالها وما يصادفها بالحياة، أصبحت صبية أكثر وعيا أنثى جاذبة ترمقها الأعين، وكانت تفوح منها رائحة عطر خاصة مفعمة بالحياة من حديقة منزلها الملون بالحب والأزهار المختلفة في بيت يضمها مع أسرتها ووالديها اللذين ربياها على التقوى والحب والإيمان بكل ما قدر لها قبوله والتعايش معه، وعلى الأخلاق الحميدة المثلى، فبدأت تترجم أحلامها في لهوها وفي صداقاتها مع الكتاب ومن حولها من أقرانها وفي كل لحظة تعي من حولها من البشر.
وبدأ اهتمامها بنفسها بالإقبال على القراءة بنهم، ثم تعلمت الكثير من والدها المثقف ومن معلمتها التي وجهتها للكتابة الصحيحة منذ طفولتها وبذلت جهداً كبيرا في ذلك، ثم بدأت محاولات عدة في كتابة القصة القصيرة ومحاولات نظم الشعر، ثم تطورت لتتحول إلى التعلق بالكتابة الصحفية بعد أن علمها والدها طرق الوصول لذلك من خلال الصحف اليومية التي يحضرها إلى المنزل، فتقرؤها بعد أن يفرغ من قراءتها ويتتبع أخبار القضية والأهل في الضفة الغربية وفي الوطن السليب.
غدت صحفية صغيرة تجول في مدينة عمان الأردنية ثم كبرت وذهبت إلى مدينة أثرية طابعها فسيفسائي بحت يعكس طبيعة سكانها، وملامح تصاميم مبانيها التراثية، تألقت واشتهرت فيها، فواجهها الطوفان وهدها الإعصار ودمرتها العواصف والصواعق البشرية، فارتحلت إلى خارج الديار شدت الرحال إلى خارج الحدود، وواصلت طريقها وبقيت صامدة على مبادئها وعاشت في غربة رغم وجود أهلها وأحبتها.
مع الأيام بقيت وحيدة مع قلمها وأوراقها وكتبها، كانوا هؤلاء فقط هم أصدقاؤها، مع بعض قصاصات صحف تنشر فيها إبداعها وحكايات كتب فكرية ومجلات، وقرآن كريم أهم رفاقها.
وكبر حلمها وبدأت تتبع خطة صممتها بدقة وذكاء لأول خارطة طريق في حياتها، لتكون بارقة أمل تتبعها في تحقيق أحلامها الوردية النرجسية في عالم البنفسج والليلك وظلال لبلاب من حديقة مهجورة فيها شجرة حزينة وسنابل ذهبية وأحلام فتاة وردية بنصائح طفولية لأبنائها، عشقت الكتابة الأدبية وأطلق عليها اسم نرجسي تحبه؛ إنها حكاية سيدة الليلك البنفسجية التي تعشق الحياة، وتعشق كل من وسع فكرها بقلب طيب صادق أمين يحاورها، وقلب صادق يحتضنها لا يجاملها، أنيس لوحدتها في حضرة غياب والدها، وضياع جزء من قافية قصيدتها بعد مغادرتها عش إبداعها الأول.
وها هي تعمل بجد وإبداع دون كلل كي يولد حلمها من رحم التحديات ويخرج إلى النور، ليعلم العالم أجمع بأن الكتابة الأدبية والصحفية زادها وزوادها في هذه الحياة الطيبة المبنية على الحب والإيثار والوداعة والتوكل على الله والإيمان بقضائه وقدره خيره وشره في كافة الظروف والأحوال.
والبقية تأتي في الحكاية الثانية…