منقول: هشام محمد كتامي
قدمنا في العدد السابق تعريفاً لشعب التولتك المعروف بالحكمة وبعض الحكم التي تم توارثها على مر الزمن وسوف نقدم لكم في هذا العدد الاتفاقيات الأربع لحكمة حضارة التولتك، فهناك أربع اتفاقيات قوية تساعدنا على الخلاص من الاتفاقيات القائمة على الخوف المستنزفة لطاقتنا, فإذا اعتنقت هذه الاتفاقيات الأربع ستمدك بطاقة شخصية تكفي لتغيير اتفاقياتك القديمة بأكملها وهي:
الاتفاقية الأولى: أجعل كلماتك مثالية
هي من أهم الاتفاقيات الأربع, فكلماتك هي الطاقة التي يجب عليك صناعتها, إن الكلمة قوية جدًا لدرجة تغييرها لحياة الأشخاص أو تدميرها, فالعقل البشري يشبه أرض خصبة تُزرع فيها بذور الأفكار والمفاهيم والآراء, فهو شديد الخصوبة لكن المشكلة الوحيدة انه يكون خصبًا عند زراعته ببذور الخوف.
- التزامك بكلمتك يعني عدم استخدام كلماتك فيما يضرك, فعندما تستخدمها ضد غيرك فأنت تستخدمها ضد نفسك أيضًا, لأن الغير يكرهك حينها فيصيبك الغضب, أما عندما تحب نفسك فستبتعد عن ذلك في سياق التواصل مع غيرك, وستكون مثاليًا في كلماتك وينتج عن ذلك رد مشابه له, فإذا أحببت فستُحب وإذا أهنت فستُهان.
- إذا عقدت اتفاقية مع نفسك بإن تكون كلماتك صادقة, فوجود هذه النية تجعل الحقيقة تظهر من خلالك لتخلصك من سموم المشاعر في داخلك.
- في أغلب الأحيان تُستخدم الكلمات لتنشر سمومنا الشخصية, لنعبر عن غضبنا وحسدنا وكراهيتنا, لنخلق الكراهية بين الأعراق والأشخاص والأمم, فالكلمة هي “السحر الصافي”, أما إذا أسئنا استخدامها فهي ” السحر الأسود ” فكم من شخص تحطمت حياته بكلمة واحدة.
- عند اعتناقك لهذه الاتفاقية تصبح مثاليًا في كلماتك, وإن أي سم عاطفي سيتم الخلاص منه في النهاية, وسيمنحك ذلك مناعة ضد محاولة أي شخص للنيل منك, لأنك لن تتلقى أي فكرة سلبية إلا إذا كان عقلك كالتربة الخصبة لهذه الفكرة, بينما عندما تكون مثاليًا في كلماتك لن يصبح عقلك خصبًا أمام كلمات السحر الأسود بل أمام الكلمات الصادرة عن الحب, لهذا استخدم الكلمة لتشارك حبك وتنشر ” السحر الأبيض ” وابدأ بنفسك أخبرها كم أنت رائع وجيد وأخبرها بمقدار حبك إياها.
الاتفاقية الثانية: ألا تأخذ أي شيء على محمل شخصي
- مهما حدث من حولك لا تأخذ أي شيء على محمل شخصي, فإذا رأيت مثلًا شخص يقول لك ” أنك شديد الغباء! ” وأخذتها على محمل شخصي فربما تصدق أنك غبي, وعندما تتعامل مع هذا الكلام بشكل شخصي يسري السم في عقلك.
- التعامل مع الأشياء بمحمل شخصي تعبير عن الأنانية, لأنك تصوغ افتراض بأن كل شيء يدور من حولك ” أنت “, فقد تعلمنا في مرحلة الاستئناس أن نتعامل مع كل شيء على محمل شخصي, ونعتقد إننا مسئولين عن كل شيء, لكن لا شيء يفعله الآخرون يكون بسببك, بل أنفسهم السبب, فالجميع يعيشون أحلامهم الخاصة في عقولهم, فما يفعلونه وما يقولونه ما هو إلا نتاج الاتفاقيات التي عقدوها في عقولهم وتنبع من وجهة نظرهم التي تلقوها في عملية الاستئناس.
- إذا قال لك شخص أنك ” سمين جدًا! ” فهو يتعامل مع مشاعره ومعتقداته الخاصة, ويحاول أن يبث السم في عقلك, فإذا تعاملت مع حديثه بشكل شخصي ستستقبل هذا السم ليتحول إلى سم شخصي, فالتعامل مع الأمر بمحمل شخصي يجعلك فريسة أمام هؤلاء المفترسين.
- عندما تأخذ الأمور على محمل شخصي تشعر بالظلم, فيكون ردة فعلك هو الدفاع عن معتقداتك, وبالتالي تخلق حالة من الصراع لتصنع النار من مستصغر الشرر, بينما وجهة النظر التي تُقال فيك هي شيء شخصي خاص بمن قال وليست حقيقة, فإذا غضب منك فهو يغضب من نفسه, وما أنت إلا مجرد عذر ليصبح غاضبًا, وغضبه ناتج من خوفه لأنه يعيش بداخله, ولو لم يكن خائفًا فلن يكون غاضبًا منك, ولن يكرهك, ولن يشعر بالحسد والتعاسة.
- فلا تأخذ أي شيء على محمل شخصي لأنك إن فعلت ذلك تدفع نفسك للمعاناة دون مغزى, والبشر مدمنون للمعاناة على مستويات مختلفة, فإذا كنت بحاجة لان تتم إساءة معاملتك فسيكون من اليسير أن يتم إساءة معاملتك من قبل الآخرين, أيضا لو كنت بين أشخاص يرغبون في المعاناة فسيدفعك شيء في داخلك للإساءة إليهم.
- لو لم يعاملك شخص بحب واحترام فابتعاده عنك نعمة, لكن لو لم يبتعد من المؤكد أنك ستعيش سنوات من التعاسة والألم, ابتعاده عنك قد يؤلم لفترة لكن قلبك سيتعافى في النهاية.
- عندما تجعل عدم التعامل مع كل شيء بمحمل شخصي عادة راسخة لديك ستتجنب العديد من المضايقات بحياتك, وسيختفي حسدك وغضبك وتعاستك.
الاتفاقية الثالثة: لا تختلق افتراضات
- نحن ننزع لوضع افتراضات حيال كل شيء ونؤمن أنها حقيقة, وكل الحزن واليأس التي عشتها في حياتك جذورها ضاربة في عملية هذه الافتراضات والتعامل مع الأمور بشكل شخصي, فأنت تفترض مثلًا عما يفكر فيه الآخرون وما يفعلونه, وتأخذه على محمل شخصي, وتلومهم وتبث فيهم السموم العاطفية عن طريق الكلمات, وعندما تضع افتراض تسيء الفهم وتتعامل مع الأمور بشكل شخصي حيث ينتهي بنا الحال إلى صنع مأساة من لا شيء.
- من الأفضل بدل صنع الافتراضات أن نطرح الأسئلة, لأن الافتراضات تدفعنا للمعاناة ولأننا إذا لم نفهم شيء معين نضع حياله الافتراضات, فإذا اتضحت الحقيقة تنفجر فقاعة حلمنا لنكتشف أن الأمر في حقيقته لم يكن كما تصورناه على الإطلاق.
- إن وضع الافتراضات فيما يتعلق بالعلاقات بحث حقيقي عن المشكلات, مثلًا غالبًا ما نضع افتراضات بأن شركاءنا في الحياة يعرفون ما نفكر فيه دون حاجة لقوله لهم, أو أنهم يشعرون بفعل ما نريد لأنهم يعرفوننا جيدًا, فإذا لم يفعلوا ذلك نشعر بأنا قد جرحنا, أيضًا نضع افتراضات بأن الجميع ينظرون للحياة كما ننظر نحن, ويفكرون بنفس طريقتنا, ويشعرون بمشاعرنا, ويصدرون نفس الأحكام التي نصدرها.
- كذلك كثيرًا ما نضع افتراضات تتعلق بأنفسنا مما يؤدي إلى الصراع الداخلي, مثلًا نقول “اعتقد إنني قادر على ذلك؟ ” ثم عندما لا نستطيع أداء ذلك نقوم بتقليل أو زيادة تقديرنا لأنفسنا ذلك لأننا غير قادرين على طرح أسئلة على أنفسنا لنستمع لإجاباتها, فنحن بحاجة إلى جمع المزيد من الحقائق عن الموقف, كما نحتاج للتوقف عن الكذب على أنفسنا بما يتعلق بما نريده حقًا.
- الطريقة المثلى لمنعك من وضع الافتراضات هي طرح الأسئلة, فحتى تفهم أمر ما أمتلك الشجاعة لطرح الأسئلة حتى تتضح الأمور, لكن لا تفترض أيضًا أنك تعرف كل ما يتعلق بالموقف, إنما بمجرد أن تسمع الإجابة ستعرف الحقيقة بالفعل وستتوقف عن وضع الافتراضات.
الاتفاقية الرابعة: أبذل قصارى جهدك دائمًا
- في ظل أية ظروف أبذل قصارى جهدك, لكن سيختلف ذلك من وقت لآخر, فكل شيء يتغير على الدوام, قصارى الجهد يكون على أشده في فترة ما وأضعف حالاته في فترة أخرى, مثلًا عندما تستيقظ في الصباح يكون جهدك أفضل منه في المساء حيث تكون متعبًا, لهذا في ظل حالتك المزاجية اليومية سيتغير أفضل ما تبذله بين لحظة وأخرى, لكن عليك بالاستمرار في بذل قصارى جهدك في أي موقف في الحياة.
- بذل قصارى جهدك يعني إقدامك على العمل لأنك تحبه وليس لأنك تنتظر المكافأة في نهايته, لكن أغلب الناس يفعلون العكس في كثير من الأحيان فيقدمون على العمل في حالة توقعهم المكافأة ولا يستمتعون به, لهذا لا يبذلون قصارى جهدهم, فعلى سبيل المثال يذهب الجميع للعمل وهم يفكرون في قبض الراتب, ويعملون من أجل المكافأة ويعانون العمل ليس لأنهم يحبونه بل لأنهم يشعرون بأن عليهم القيام به لأنهم يجب أن يعيلوا عائلاتهم, ويدفعوا الإيجار, فهم مصابون بخيبة الأمل دائمًا, حتى عند قبض رواتبهم لا يشعرون بالسعادة بل بالتعاسة, لكن من جانب آخر إذا أقدمت على العمل لأنك ترغب القيام به دون انتظار مكافأة فستستمتع بأداء كل ما تفعله, بينما المكافأة ستأتيك في النهاية لكنك لن تكون متعلقًا بها, وإذا أحببنا ما نفعله وبذلنا قصارى جهدنا في ذلك فسنستمتع بحياتنا.
- عندما تُعلي من الاتفاقيات الأربع معًا فلن تعيش في الجحيم مرة أخرى, فإذا كنت مثاليًا في كلماتك, لا تأخذ الأمور على محمل شخصي, ولا تضع افتراضات, باذلًا قصارى جهدك دائمًا, ستحضَ بحياة رائعة, وستتحكم في حياتك تمامًا.
يتبع في العدد نقض الاتفاقيات،،،
المرجع:
- كتاب من الاتفاقيات الأربع، للمؤلف: دون ميجيل ريز. مكتبة جرير، الرياض 2014. التلخيص بواسطة ماجد علي المزين
هشام محمد كتامي،
الجنسية: مغربي ،
الإقامة: الشارقة ،
الإمارات العربية المتحدة المتحرك:00971503078161،
البريد الالكتروني: [email protected]،
حاصل على دبلوم معهد خاص إشراف فرنسي في مجال التربية الخاصة بالمملكة المغربية سنة 1999.
دراسة جامعية علوم اقتصادية، قانونية وإنسانية في جامعة الحسن الثاني بالمملكة المغربية.
التحق ببرنامج تدريبي لتأهيل الفريق البحثي لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في جامعة الشارقة (من 7 سبتمبر 2010 إلى 4 مايو 2011).
سكرتير تنفيذي في الإدارة العامة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية منذ 2006 حتى تاريخه.
سكرتير تحرير مجلة المنال الالكترونية.
عضو الفريق البحثي لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية من 2011 حتى أغسطس 2020.
عضو ناشط في فريق الإعلام الاجتماعي ومهتم بمجال الإعلام والتسويق.
عضو بمنظمة الطفل العربي.
عضو متطوع بمؤسسة تكاثف.
عضو فريق الصحة والسلامة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
عضو متطوع في اكسبو 2020 الإمارات العربية المتحدة.
ملتحق بدورة تدريب مدربين وحاصل على شهادة مدرب معتمد من جامعة عجمان بالإمارات العربية المتحدة وعضوية تدريب صادرة من American east coast university
خبرة عملية سابقاً في التنسيق والاستقبال والتنظيم لمدة خمس سنوات في تلفزيون القناة الثانية بالمملكة المغربية وخبرة عملية في الاستقبال بفندق قصر المامونية بمدينة مراكش بالمملكة المغربية.
منسق عام لرابطة التوعية البيئية لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية من 2008 حتى أغسطس 2020.