بقلم: كيدار ناث شارما Kedar Nath Sharma ، ترجمة: هاشم كاطع لازم
يبدو التعبيران (حديث) Modern و(الحداثة) Modernism غامضين للغاية وتصعب الإحاطة بمعنيهما الدقيقين. وفي مجال النقد الأدبي ترتبط (النزعة) المسماة (حداثة) بجوانب عديدة يمكن ملاحظتها في الأدب الذي ساد في مستهل القرن العشرين في أعقاب الحرب العالمية الأولى وبالذات بعد أن نشر إليوت Eliot سنة 1922 قصيدته الموسومة (الأرض اليباب The Waste Land) وحتى انطلاق حركة أخرى متعددة الجوانب سميت بـ (ما بعد الحداثة) Post-modernism.
يتسم الأدب الحداثوي على العموم بالتخلي الكبير عن التقاليد التي سادت حينذاك من حيث الموضوعات والأشكال الأدبية والمفاهيم والأساليب. وفي مجال الشعر يمكن مناقشة العناصر الحداثوية من خلال أربعة عناوين فرعية أساسية هي: التجارب الحديثة أو الجديدة في الشكل والأسلوب والموضوعات الجديدة والتلاعب بالألفاظ وطرق التعبير الجديدة وطبيعة مواضيعهم ومعانيهم المعقدة والمفتوحة.
ولعل عنصر الشعر الحديث الأكثر تميزاً يتمثل في ابتكار أنماط جديدة من التعبير وتجريبها. وتضم الحداثة الكثير من التوجهات الجديدة وبالتالي الكثير من الوسائل المختلقة للتعبير عن الأفكار والمشاعر التي تشمل المنهج الصوري Imagist من خلال طرح صور ملموسة فحسب للقراء ليتسنى لهم فهم الفكرة وتجربة المشاعر ذاتها. وهناك أيضاً المنهج الرمزي Symbolist فيما يتصل برموز الأفكار والمشاعر ذات الأهمية البالغة للقراء بهدف تفسيرها من الناحية الفكرية. وهناك المنهج الواقعيRealist الذي يتم بموجبه عكس واقع العالم على نحو صادق. وهناك المنهج الطبيعي Naturalist الذي نشأ بفعل تشدد المدرسة الواقعية من خلال إماطة اللثام عن الجوانب الخاصة والنفسية وغير الواقعية والعصابية. وهناك ايضا المنهج الانطباعي Impressionistic الذي يسبر أغوار النفس البشرية ويعبر عن المشاعر الدفينة والعميقة مثلما هو الحال في الشعر العقائدي، فضلاً عن المنهج السريالي Surrealist من خلال فرض نزعة الحزن والثمل العاطفي والعصاب بهدف إثارة (لغة) اللاشعور اللامنطقية. وتضم الحداثة سائر تلك التوجهات التجريبية المجسدة في أسلوب التعبير.
والعنصر المهم الثاني للشعر الحديث هو ميل الشعراء للتعاطي مع موضوعات وقضايا جديدة على نطاق واسع سيما إذا ما أخذنا في الحسبان أن الشعر التقليدي قد تمحور حول موضوعات ذات أهمية شمولية ومناشدة إنسانية عامة وما إلى ذلك، وإن كانت القصائد ذاتها رومانسية على المستوى السطحي. وتواجه قارئ الشعر الحديث مواضيع شتى غير محددة فهناك قصائد تتناول الطبيعة وتدور مثلاً حول فاكهة الخوخ أو الأساطير أو هجاء امرأة مسنّة أو شخصيات بمفردها أو تدور حول ناس فقراء أو تعني الأدب أو الذكريات الجنسية لامرأة ما أو الأزمة الروحية أو الذنب الناجم عن الإجهاض أو الحركة النسائية أو الازدراء العصابي لأحد الآباء أو قصة رمزية تدور حول رحلة الحياة فضلاً عن سخرية الموت… إلخ.
ويتسم الشعر الحديث أيضاً بتعدد موضوعاته وتباينها، وهذا يعني أن بعض القصائد المفردة تتناول أموراً عديدة في الوقت ذاته. فعلى سبيل المثال يشمل موضوع قصيدة الشاعر ديلن توماس Dylan Thomas الموسومة This Bread I Break (هذا الرغيف الذي أقسمه) مواضيع عديدة منها الطبيعة والجوانب الروحية والفن، أما قصيدته Jellyfish (قنديل البحر) فتعالج موضوع السمكة ذاتها وطبيعة العواطف والرغبات الإنسانية وطبيعة المرأة فضلاً عن التعبيرات الشعرية. والشاعر في قصائده لا يفصح صراحة عن المعنى الوحيد والدقيق لقصيدته مثلما كان عليه الحال في القصائد التقليدية. من هنا يتعين على القارئ أن يتعامل مع الكثير من الموضوعات (المحتملة) في القصيدة ذاتها وأن أفضل ما يمكن للقارئ أن يتوقعه هو السعي لإيجاد دعم منطقي للموضوع أو الموضوعات التي (يواجهها) في القصيدة. من هنا يتحدد معنى القصيدة الحديثة وفق التفسير (المختلف) لقرائها فليس ثمة معنى واحد أو ثابت للقصيدة.
أضف إلى ذلك تحرر شعراء الحداثة من سائر التقاليد الشعرية المعروفة والقواعد المعتمدة في الزمن الماضي، ففيما يخص الشكل والأسلوب والإيقاع والمقاطع الشعرية وغيرها من الأدوات الشعرية عمد شعراء الحداثة إلى نبذ التقاليد القديمة والتوجه نحو تجريب أشكال جديدة واختبارها. وتقدم قصائد (أي. أي. كمنكز E. E. Cummings) نماذج متميزة في هذا الشأن فضلاً عن قصائد الشعر المرسل والقصائد الصورية والإيقاعات المنوعة وما إلى ذلك. وإثر ذلك لم تعد النظم الإيقاعية القديمة وترتيب القوافي والرموز والاستعارات التقليدية مهيمنة مثلما كان عليه الحال في السابق حيث بدأ كل شاعر يضع القواعد الخاصة به. وهكذا أصبح تعدد الأساليب السمة المميزة للشعر الحديث.
المصدر:
https://www.bachelorandmaster.com/literaryterms/modernist-poetry.html#.XkHgzlUzbIU
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.