في الخامس من شهر أبريل 2006 ودعت مدينة الرقة الساكنة على نهر الفرات في سورية ابنها البار عبد السلام العجيلي، إنه الطبيب والنائب والوزير والأديب العربي الكبير الذي أثرى المكتبة العربية بالعديد من الإبداعات تركت أثرا كبيرا في ضمير الإنسان العربي، في كل مكان.
لقد التقيته عدة مرات، في مدينة دمشق، خلال السنوات القليلة الماضية، وسرعان ما شعرت أنني أعرفه من زمن بعيد، فهو يتحدث ببساطة وود فريدين، ويتصرف بتواضع جم لا يزيده إلا احتراماً وتقديرا، ومهما حاولت أن تقصر حديثك معه على المجاملات وجوانب الطب والأدب، فإنك لا تلبث أن تجد نفسك تخوض في الحديث عن هموم الإنسان والمجتمع والأمة.
لقد كان يتنقل بمهارة وسرعة مدهشتين بين مواقف الأسى والمرارة من جهة، ومواقف الفكاهة والدعابة من جهة أخرى، ولا أزال أذكر حديثه عن ذكرياته في جيش إنقاذ فلسطين عام 1948، وما تخللها من أحداث مريرة محزنة، ثم سرعان ما أتبعها ببعض مواقف الدعابة وقصائد الغزل، جعلت صورة المواقف أكثر وضوحا وإنسانية وتأثيرا، وأذكر أيضا في لقاء آخر، كيف مزج بين الطب والأدب والتاريخ في حديثه الشيق عن معاوية بن أبي سفيان وكيف شخص لديه داء السكري وهو يبعد عنه أكثر من ألف عام.
إنه عبد السلام العجيلي، الإنسان والعربي المسلم الذي فقد عينه اليمنى منذ طفولته، لكن هذه الإعاقة لم تضعفه أو تمنعه أبدا عن العمل والعطاء والإبداع في خدمة مدينته ومجتمعه وأمته، وظلت ابتسامته لاتفارقه في حديثه ومقابلاته، وبقيت أعماله الثقافية موضع اهتمام أجيال من القراء على امتداد الوطن العربي.
ولد العجيلي في الرقة عام 1918 – على الأرجح – وتربى على يد جده تربية صارمة كما يذكر، وقد تلقى تعليمه الابتدائي في مسقط رأسه الرقة، وحمل الشهادة الابتدائية عام 1929، ثم مضى إلى مدينة حلب، يتابع فيها دراسته، لكن المرض أعاده إلى الرقة ليقضي أربع سنوات في قراءة كتب التاريخ والدين والقصص الشعبي ودواوين التراث الشعري، ثم تابع دراسته في حلب ودمشق ليعود إلى الرقة طبيباً، يكد في خدمة أهل مدينته وقراها منذ ذلك الحين حتى نيّف على الثمانين، وقد حفلت حياته بالعديد من الأحداث الجسام، حيث أصبح نائبا في البرلمان عام 1947، ثم وزيرا عام 1962، وظلت سيرته ككاتب روائي وشاع تذيع هنا وهناك.
كانت «بنت الساحرة» مجموعته الأولى في القصة القصيرة (1948) ثم أعقبها بالمجموعات التالية: «ساعة الملازم» (1951) ، «قناديل إشبيلية» (1956)، «الحب والنفس» (1959)، «الخائن» (1960)، «فارس مدينة القنطرة» (1971)، «حكاية مجانين» (1972)، «الحب الحزين» (1979) ، «فصول أبي البهاء» (1986)، «موت الحبيبة» (1987)، «مجهولة على الطريق» (1997).
أما الرواية، فقد جاء العجيلي إليها أول مرة عام 1959 بروايته «باسمة بين الدموع»، ثم تتالت رواياته: «قلوب على الأسلاك – 1974» و «ألوان الحب الثلاثة – 1975» بالاشتراك مع أنور قصيباتي، و «أزاهير تشرين المدماة – 1977»، و «المغمورون – 1979». وسيكون علينا بعد ذلك أن ننتظر حتى عام 1998 قبل أن تأتي روايته «أرض السِّيّاد» ثم «أجملهنّ» عام 2001، ذلك أن ألواناً أخرى من الكتابة ستتقدم على الرواية، وفي رأسها (المقالة) التي تتلبس بها (المحاضرة)، وفيهما للكاتب: أحاديث العشيات (1965) السيف والتابوت (1974) عيادة في الريف (1978) – سبعون دقيقة حكايات (1978) في كل واد عصا – 1984) – حفنة من الذكريات (1987) – جيل الدربكة (1990) – فلسطينيات عبد السلام العجيلي (1994) – محطات من الحياة (1995) – ادفع بالتي هي أحسن 1997) – أحاديث الطبيب (1997) ـ خواطر مسافر (1997).
وقد أفرد الكاتب لهذين اللونين الكتب الثلاثة التالية: حكايات من الرحلات (1954) – دعوة إلى السفر (1963) – حكايات طبية (1986). وغيرها، وللعجيلي ديوان شعر وحيد هو «الليالي والنجوم» (1951)، وكتاب واحد في المقامة هو «المقامات» (1963) وكتاب واحد ضمّنه محاورات صحافية هو «أشياء شخصية» (1968)، وله العديد من الحوارات واللقاءات الأدبية الثقافية، المحلية والعربية والدولية.
حظي العجيلي بالتكريم والتقدير والعديد من الجوائز الأدبية والثقافية، وكون صداقات واسعة في الساحتين العربية والدولية.
لقد أوصى العجيلي قبيل وفاته ألا يجري له حفل تأبين رسمي ولا شعبي، ولا خطابات ولا قصائد، إنما جنازة عادية بسيطة مثله مثل أي إنسان عادي بسيط.
نعم لقد كان العجيلي وسيبقى هامة شامخة من هامات الثقافة والأدب عبر بصدق وإخلاص عن هموم وطنه وقضايا أمته.
طبيب بشري حائز على شهادة الماجستير في طب الأذن والأنف والحنجرة وجراحتها، والبورد السوري، بالإضافة إلى الدراسات العليا من جامعة برمنجهام في المملكة المتحدةBirmingham, UK، وهو من الناشطين في المجتمع المدني العربي والدولي، له إسهامات طبية وثقافية وإنسانية عديدة، إلى جانب الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية.
له عدة إصدارات في مجال الإعاقة السمعية، والبصرية، كما نشر المئات من المقالات والأبحاث في الصحة، والإعاقة، والعمل الإنساني والحقوقي وجوانب ثقافية متعددة.
شارك في تأسيس وإدارة وعضوية (الهيئة الفلسطينية للمعوقين)، (الرابطة السورية للمعلوماتية الطبية)، (الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم)، اللجنة العلمية لنقابة أطباء دمشق، وهيئة تحرير (المجلة الطبية العربي)، ولجنة الإعاقة بولاية كارولينا الشمالية للسلامة العامة، قسم إدارة الطوارئ، وعضو جمعية نقص السمع في منطقة ويك، ولاية كارولينا الشمالية، وعضو لجنة العضوية في تحالف الأطباء الأمريكي، ومستشار مؤقت لمنظمة الصحة العالمية إقليم المتوسط في القاهرة للمؤتمر الإقليمي (أفضل الممارسات في خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للأشخاص المعوقين)، القاهرة، مصر (نوفمبر 2007)، كما شارك في كتاب (مواضيع الشيخوخة والإعاقة)، منظور عالمي، إصدار لجنة الأمم المتحدة غير الحكومية للشيخوخة، نيويورك 2009.
(http://www.ngocoa-ny.org/issues-of-ageing-and-disabi.html)
وقد حاز الدكتور غسان شحرور خلال مسيرته على:
- درع الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم، 2000.
- جائزة الإمارات العالمية التي يرعاها الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعمل الطبي الإنساني عام 2002.
- درع الأولمبياد الخاص، بمناسبة تشكيل الأولمبياد الخاص الإقليمي، 1993.
- براءات التقدير والشكر من منظمات الإعاقة والتأهيل في مصر، الإمارات، قطر، تونس، والكويت وغيرها.
- منظم ومدرب (مهارات التقديم المتطورة للعاملين الصحيين والأطباء)، رابطة المعلوماتية 2006.
- جائزة نجم الأمل العالمية، للإنجازات في مجال الإعاقة، مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة اتفاقية أوتاوا، كارتاجنا، كولومبيا 32 ديسمبر / كانون الأول 2009.
- أختير ضمن رواد المعلوماتية الطبية في العالم وفق موسوعة (ليكسيكون) الدولية 2015،
Biographical Lexicon of Medical Informatics ،
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4584086/