ولد عزيز نيسين واسمه الحقيقي محمد نصرت نيسين في تركيا عام 1915 في جزيرة قرب مدينة اسطنبول واستخدم اسم عزيز نيسين (المستعار) ـ والذي عرف به فيما بعد ـ كنوع من الحماية ضد مطاردات الأمن السياسي في تركيا، ورغم ذلك فقد دخل السجون مرات عديدة، ويعتبر عزيز نيسين واحداً من أفضل كتاب ما يعرف بالكوميديا السوداء في العالم أو ما تسمى بالقصص المضحكة المبكية و المضحك المبكي في حياته أنه وبرغم شهرته الواسعة في كل أرجاء العالم كمبدع فذ إلا أن بلده الأم تركيا لم تعطه من حقه سوى القليل. في عام 1935 أنهى نيسين الإعدادية العسكرية، وفي نفس العام دخل الكلية الحربية وتخرج منها في العام 1937، وفي العام 1939 تخرج من الكلية العسكرية الفنية برتبة ضابط في الجيش، و خلال نفس الفترة درس لمدة عامين في كلية الفنون الجميلة.
العلاقة بين عزيز نيسين وأمه
العلاقة بين عزيز نيسين وأمه تشوبها الدراماتيكية، حيث تركت أثرها في مخيلته مذ كان طفلاً وسطرت منهجه الفكري بخطوط حزينة أخذت شكل السخرية السوداء الناقمة على التخلف البغيض والنفاق المستشري في المجتمع التركي آنذاك، وقد جاءت كتابات عزيز نيسين عن أمه بقدر عظيم من التبجيل والحب الذي وصل إلى درجة عالية من القدسية يتجلى ذلك من خلال منحها هالة ملائكية جميلة، فقد كانت هذه الهالة الملائكية المحفز القوي له في معترك كفاحه الطويل ضد قوى الظلام والجهل والتخلف. وما بين المساحة الملائكية المقدسة التي أحاطها بها وما بين قلة الحيلة وجلد الذات لتقصيره بحقها حيث لم يسعفه الوقت كما ينبغي ليمنحها حقها كما يجب في زمن كانت المرأة فيه لا شيء سوى وعاء إنجاب، ويبدو جلياً حجم جلد الذات والشعور بأن والدته ضحية مجتمع أهان كينونتها وإنسانيتها عندما قال نيسين: (اعتدت تخيل أمي البالغة من العمر الثامنة عشر عاماً فقط وهي تطرز ولكن ليس بالخيوط الملونة، بل كانت تطرز بدموعها والنور المشع من عينيها، لكم تمنيت لو أعطي مقابل كل قطعة واحدة من تلك القطع التي طرزتها يدا أمي، كل كتبي وكل ما سأكتبه.
لقد تجلى وضع عزيز نيسين لأمه في الإطار الملائكي خلال سرده عن حادثة الزهور، حيث قال: لم تكن أمي تستطيع القراءة ولا الكتابة، إلا أنها كانت سيدة غاية في رقة المشاعر والإحساس، إن كل الأمهات هن أفضل نساء العالم، وأمي، لأنها أمي، كانت أفضل امرأة في العالم.
في إحدى المرات، قطفت بعض الورد من الحديقة وأحضرته لها، كانت سعيدة بتلك الزهور، ولكنها قالت لي: تعال، دعنا نقطف المزيد، ذهبنا إلى الحديقة التي بها أشرت إلى بعض الزهور، قالت لي: أنظر لجمال الزهور، إن تلك الزهور تعيش كما نعيش نحن أيضاً، إذا قطفناها تموت، وهي ستكون أجمل هكذا، وهي واقفة على ساقها، ولن تبدو جميلة وهي في كوبٍ زجاجي، كلما مررنا بزهرة كانت كانت تقول: أقتلها، أقطفها إن أردت ذلك، مهما تعلمت وما من شيء جيدٍ أعرفه، إلا وأعزوه لأمي.
أما الغضب وقلة الحيلة والثورة على التخلف والجهل الذي عامل المجتمع التركي النساء فإنه تجلى في إحدى قصائده (نيسين) النادرة…
أنت الأجمل من بين كل الأمهات.. أنت الأجمل من بين أجمل الأمهات.. في الثالثة عشرة كان زواجك.. في الخامسة عشرة كانت أمومتك.. في السادسة والعشرين جاءت منيتك.. هكذا قبل أن تعيشي كم أدين لك بهذا القلب المليء بالحب.. فأنا لا أملك حتى صورتك.. كانت خطيئة أن تكون لكِ صورةً فوتوغرافية… لم تشاهدي الأفلام ولا المسرحيات ولم تشهدي الكهرباء ولا الغاز ولا الموقد الكهربائي ولم توجد أغراض البيت ومستلزماته لديك… لم تسبحي في البحر يوماً.. لم تستطيعي القراءة ولا الكتابة.. لكن من وراء حجابٍ أسود كانت عيناك الجميلتان تنظران إلى العالم… أتتك المنية وأنت في السادسة والعشرين، قبل أن تعيشي من هنا أقول: لن تموت الأمهات قبل أن يعشن هذا ما كان عليه الأمر أما الآن فهذا ما يصير إليه الأمر.
عن البدايات
يقول عزيز نسين عن بداياته: كنت عسكرياً في قارص وكنت أكتب الشعر والقصص القصيرة، ولما كانت كتابة العسكريين غير مستحبة استعملت منذ ذلك الوقت اسم (عزيز نيسين) المستعار، وصرت أنشر قصصي القصيرة بهذا الاسم في مجلة (الأمة) اليمينية، التي كانت تصدر في أنقرة، ثم صدرت هذه القصص فيما بعد عن دار ( الرجل الجديد )، أما أشعاري فقد كنت أنشرها منذ عام 1937 باسم وديعة نيسين في مجلة (الأيام السبعة)، وبسبب سجني عام 1944 سُرحت من الجيش، فجئت إلى استانبول وكانت بداياتي الصحفية.
كتب نيسين في العديد من الصحف التركية ومنها (الأراجوز والفجر) كما عمد إلى إصدار مجلة أسبوعية خاصة به باسم (السبت) لم تستمر أكثر من ثمانية أسابيع، وفي يناير (كانون الثاني) 1946 تمكن بالتعاون مع الأديب التركي صباح الدين علي من إصدار جريدته الشهيرة (ماركو باشا) التي وصلت مبيعاتها إلى (60000) نسخة يومياً، كما اعتقل في العام نفسه بسبب مقالاته في الجريدة التي سبق ذكرها، وعام 1947 حوكم أمام محكمة عسكرية عرفية وحكم عليه بالسجن عشرة أشهر وبالنفي إلى (بورصة) ثلاثة أشهر ونصف بعد انقضاء المدة، وذلك بسبب انتقاده في أحد مقالاته للرئيس الأمريكي هنري ترومان.
وأغلقت على إثر مواقفه هذه جريدة (ماركو باشا) مع اعتقال صاحبها عزيز نيسين، فعاود إصدارها باسم (معلوم باشا) وهكذا راح عزيز نسين يعيد إصدار المجلة مع تغيير اسمها في كل مرة يتم فيها اعتقاله وإيقاف الجريدة عن الصدور، وكانت من بين هذه الأسماء: معلوم باشا، مرحوم باشا، علي بابا، ثم باشاتنا، ثم ماركو باشا الحر وأخيراً جريدة مَدَدْ.
عام 1950 حكم عليه بالسجن ستة عشر شهراً بسبب ترجمته لأجزاء من كتاب ماركس، وفي العام 1951 خرج من السجن لكنه لم يجد عملاً في الصحافة، فعمد لفتح دكان لبيع الكتب لكنه لم ينجح، وبين العامين ( 1952 -1954 ) عمل مصوراً وفي العام 1955 اعتقل من دون أن يعرف سبب اعتقاله وأمضى بضعة أشهر في السجن.
في العام 1956 نال جائزة السعفة الذهبية من إيطاليا، وفي العام نفسه أسس بالاشتراك مع الأديب التركي كمال طاهر داراً للنشر باسم (دار الفكر) لكنها احترقت في العام 1963 مع آلاف الكتب التي كانت بداخلها، بعد ذلك بعام نال جائزة السعفة الذهبية من إيطاليا وفي عام 1966 نال جائزة القنفذ الذهبي من بلغاريا وبعد ذلك بعام انتخب نائباً لرئيس اتحاد الأدباء الأتراك، ثم انتخب رئيساً لنقابة الكتاب الأتراك بعد تأسيسها، وعام 1968 نال الجائزة الأولى في المسابقة التي أجريت في تركيا تخليداً لذكرى الشاعر الشعبي (قراجه أوغلان) عن مسرحياته ( ثلاث مسرحيات أراجوزية)، وسنة 1969 نال جائزة التمساح الأولى من الاتحاد السوفيتي. كما نال جائزة المجمع اللغوي التركي عن مسرحيته ( جيجو)، وسنة 1975 نال جائزة اللوتس الأولى من اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا.
أنشأ عزيز نيسين وقفاً نذر له ريع كل أعماله الأدبية، وكانت مهمة هذا الوقف رعاية الأطفال الأيتام حتى آخر مراحل الدراسة الجامعية، وتأمين عمل أو مهنة لمن تعثر منهم في دراسته، وقد استقبل هذا الوقف أول فوج من الأطفال الأيتام في أواخر العام 1977.
أعماله
كتب عزيز نيسن العديد من المجموعات القصصية المتميزة والتي تركت أثرها لدى أجيال عديدة في مختلف دول العالم ومن بينها:
- لا تنسى تكة السروال
- خصيصا للحمير
- اسفل السافلين
- الطريق الطويل
- مجنون على السطح
- الهداف
- صراع العميان
- آه منا نحن معشر الحمير
- الحمار الميت لا يخاف الذئب
- الطريق الوحيد
- قطع تبديل للحضارة
-
ومن مسرحياته:
- وحش طوروس
- جيجو
- حرب المصفرين
- وماسحي الجوخ.
توفي عزيز نيسين عام 1995 بعد أن ترك إرثاً أدبياً كبيراً ستذكره به الأجيال دائما وأبداً.
حازم ضاحي شحادة
- بكالوريوس في الصحافة / جامعة دمشق
- صحفي في جريدة الوحدة السورية سابقاً
- صحفي منذ عام 2007 في قسم الإعلام / إدارة الاتصال المؤسسي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- كاتبٌ في مجلة المنال الإلكترونية
الخبرات
- التطوع والعمل سنوياً منذ العام 2008 في مخيم الأمل الذي تنظمه مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية حيث قامَ بتحرير أخباره أولاً بأول.
- التطوع والعمل منذ العام 2008 في مهرجان الكتاب المستعمل الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة منذ العام 2007 في ملتقى المنال الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره.
- المشاركة في ملتقى التوحد (خارج المتاهة) الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في أبريل من العام 2015 وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة في مؤتمر التدخل المبكر الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في يناير من العام 2016 والمساهمة في تحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة في مؤتمر التقنيات المساندة الذي نظمته المدينة في مارس من العام 2017 وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة منذ العام 2008 في حملة الزكاة التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية سنوياً وتحرير أخبارها أولاً بأول.
- لا بد من الإشارة إلى عشرات وعشرات الفعاليات والأنشطة والزيارات التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ويقوم بتحرير أخبارها أولاً بأول.
- كما لا بد من الإشارة إلى أن 80 في المائة من الأخبار المنشورة عن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في مختلف الصحف والمواقع منذ منتصف العام 2007 وحتى يومنا هذا هي من تحريره.
المؤلفات
- أديبٌ سوري يكتبُ في الصحافةِ العربيةِ منذ عشرين عاماً
- صدر له حتى الآن:
- المبغى / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- اختلافٌ عميقٌ في وجهات النظر / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- أيامٌ في البدروسية / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- فوق أرض الذاكرة / مجموعة قصصية. دار آس سوريا
- أوراق نساء / 2012 ـ ديوان . دار بصمات ـ سوريا
- نشرت العديد من قصصهِ في مجلات وصحف ومواقع إلكترونية سورية وعربية منها
- (مجلة الآداب اللبنانية) (مجلة قاب قوسين) الأردنية (مجلة ثقافات الأردنية) (مجلة انتلجنسيا التونسية) (جريدة الوحدة السورية)