إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب الخلق إلى الملك المعبود ومحبته واجبة، فقد أخرج البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين.
ومحبته صلى الله عليه وسلم تتجلى في تصديقه وإتباع سنته وطاعته ومناصحته وتوقيره وبره وكثرة الصلاة والسلام عليه وزيارة قبره الشريف والشوق إليه وكثرة ذكره وحب من يحبه وبغض من يبغضه والمودة في قرابته، فمن أدى محبته وخالف سنته فهو كاذب في دعواه.
وإن الصادقين في محبتهم لصفوة الوجود صلى الله عليه وسلم قدموا الدليل الواضح والبرهان الساطع على صدق ما في قلوبهم وهو الإتباع الكامل والتضحية التامة والعمل بالسنة النبوية الشريفة، فمن ادّعى تلك المحبة نظرنا إلى مدى تعلقه بالسنة النبوية وتطبيقها في حياته فالمؤمن الذي يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بنا من أنفسنا، قال الله تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم}. (الأحزاب: 6).
وهو الحريص علينا، الرؤوف الرحيم بنا، قال الله تعالى {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه عنتم، حريص عليكم، بالمؤمنين رؤوف رحيم} (التوبة: 821).
إنه الذي أخرجنا من الظلمات إلى النور بإذن ربّه سبحانه، قال تعالى: {للتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم} (إبراهيم: 1)، وإنه شفيعنا يوم القيامة لأنه صاحب المقام المحمود قال الله تعلى: {عسى أن يبعثك ربّك مقاماً محمودا} (الإسراء: 97)
وأن الله رفع العذاب عن أمته إكراماً له، قال تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} (الأنفال: 33)
ورحم الله به صلوات الله وسلامه عليه الكائنات جميعاً، قال تعالى {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} (الأنبياء: 701)
فمن يعرف هذا الفضل العظيم والنعمة الكبرى برسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف لا يحبه حبّاً يفوق كل شيء ويفديه بماله وروحه وكل عزيز لديه، فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو أساس نعمتنا، ومصدر سعادتنا بل هو رحمة الله للعالمين جميعاً من إنس وجن وملك وحيوان ونبات.
وحقيقة المحبة هي ميل القلب إلى المحبوب صلى الله عليه وسلم، أما ثمراتها فهي تصرفه وإتباع سنته كما قال القاضي عياض في الشفاء في معنى المحبة، وقال بعضهم محبة الرسول اعتقاد تصرفه، والذود عن سنته، والانقياد لها وهيبة مخالفته.
وقال بعضهم المحبة دوام الذكر للمحبوب، وقال آخر: إيثار المحبوب، وقال بعضهم الشوق إلى المحبوب، وقال بعضهم المحبة مواطأة لمراد الرب يحب ما أحب ويكره ما كره، وقال آخر: المحبة ميل القلب إلى موافق له، وأكثر العبارات المتقدمة إشارة إلى ثمرات المحبة دون حقيقتها وحقيقة المحبة الميل إلى ما يوافق الإنسان وتكون موافقته إما لاستلذاذه بإدراكه كحب الصور الجميلة والأصوات الحسنة والأطعمة والأشربة اللذيذة وأشباهها مما كل طبع سليم مائل إليها لموافقتها له أو لاستلذاذه بإدراكه بحاسة عقله وقلبه معاني باطنه الشريفة كحب الصالحين والعلماء وأهل المعروف والمأثور عنهم السير الجميلة والأفعال الحسنة فإن طبع الإنسان مائل إلى الشغف بأمثال هؤلاء حتى يبلغ التعصب بقوم لقوم والتشبع من أمة في آخرين، ما يؤدي إلى الجلاء عن الأوطان وهتك الحرم، واحترام النفوس، أو أن يكون حبه إياه لموافقته له من جهة إحسانه له وإنعامه عليه فقد جبلت النفوس على حب من أحسن إليها فإذا تقرر لك هذا نظرت هذه الأسباب كلها في حقه صلى الله عليه وسلم فعلمت أنه جامع لهذه المعاني الثلاثة الموجبة للمحبة.
وقد ذكر العلماء أن للمحبة أسباباً ثلاثة وهي: الجمال و الكمال والنوال فكل محبة في الوجود نشأت من الهيام برؤية الجمال في شتى صوره وأنواعه وكذلك مشاهدة الكمال الخلقي في بعض الصفات المحمودة تبعث على المحبة لمن اتصف بها لأن تلك فطرة الله التي خلق الناس عليها، وأما النوال فهو أول محرك لعاطفة المحبة وازديادها في القلب مصداقاً.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها. رواه البيهقي.
وهذه الأسباب كلها اجتمعت في حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم فمن يتأمل في جماله الخلقي يرى الجمال كله والبهاء كله لأن الله تعالى برأه وصوره في أجمل صورة برزت لعالم الشهادة لأنه أفضل الخلائق قاطبة فلزم أنه يكون قد صار قمة الجمال البشري والكمال الخلقي في كل جوانبه لأن من يتدبر في كمالياته العليا وفضائله الخاصة يجد أنه الإنسان الكامل لمنفرد بهذه الميزة وقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله فقالت: كان خلقه القرآن. رواه بخاري.
من مواليد 17 ابريل 1964 حاصلة على دكتوره طرق تدريس مواد زراعية، كلية التربية ـ جامعة الاسكندرية
مصـر ـ البحيرة ـ المحمودية ـ شارع الثورة
الخبرات العلمية والعملية
بحث بعنوان (الشبكات الإجتماعية وانحراف الشباب),.
بحث بعنوان (نحو تدريس مادة حقوق الإنسان في المؤسسات التربوية.
بحث بعنوان (التربية البيئية لأطفال المدارس الإبتدائية),
بحث بعنوان (منظومة القيم الإسلامية وأثرها في تأكيد التعايش السلمي),.
الكتب
كتاب بعنوان (الحوار في السيرة النبوية),، تحت الطبع.
كتاب بعنوان (أخلاقيات التعامل الأسري),، تحت الطبع.