خسر العالم في الخامس من شهر ديسمبر 2013 قامة عالية من المنادين بالمساواة بين البشر دون التمييز على أساس العرق أو الجنس أو الدين، وهو واحد من أشهر الأسماء المعروفة على مستوى العالم في تصديه لنظام الفصل العنصري حيث أثمرت سنوات نضاله وإيمانه بمبادئه في النهاية واستطاع بتسامحه وعدم انجراره إلى الانتقام ممن سجنوه (27) عاماً أن يؤسس نظاماً سياسياً واجتماعياً في جنوب أفريقيا يقوم إلى حد كبير على مبدأ احترام الإنسان لإنسانيته بعيداً عن التمييز بكافة أشكاله.
ولد نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا يوم 18 يوليو 1918، درس القانون في جامعة فورت هير وجامعة ويتواتر راند، وعاش في جوهانسبورغ ثم انخرط في السياسة المناهضة للاستعمار وبعدها انضم إلى حزب المؤتمر الوطني الأفريقي وأصبح عضواً مؤسساً لعصبة الشبيبة التابعة للحزب.
بعد وصول الأفريكان القوميين من الحزب الوطني إلى السلطة في عام 1948 وبدئهم تنفيذ سياسة الفصل العنصري، برز على الساحة في عام 1952 في حملة تحد من حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وقد ألقي القبض عليه مراراً وتكراراً لأنشطته المناهضة للتمييز.
حوكم مع قيادة حزب المؤتمر في محاكمة الخيانة 1956 ـ 1961 وبرئ فيما بعد، وقد كان يحث في البداية على احتجاج غير عنيف، وبالتعاون مع الحزب الشيوعي في جنوب أفريقيا شارك في تأسيس منظمة (اومكونتو وي سيزوي) ثم في العام 1961 ألقي القبض عليه واتهم بالاعتداء على أهداف حكومية، وفي عام 1962 أدين بالتخريب والتآمر لقلب نظام الحكم، فحكمت عليه محكمة ريفونيا بالسجن مدى الحياة.
مكث مانديلا 27 عاماً في السجن، أولاً في جزيرة روبن آيلاند، ثم في سجن بولسمور وسجن فيكتور فيرستر، وبالموازاة مع فترة السجن انتشرت حملة دولية عملت على الضغط من أجل إطلاق سراحه، الأمر الذي تحقق في عام 1990 وسط حرب أهلية متصاعدة.
صار بعدها مانديلا رئيساً لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي ونشر سيرته الذاتية وقاد المفاوضات مع الرئيس دي كليرك لإلغاء الفصل العنصري وإقامة انتخابات متعددة الأعراق في عام 1994، الانتخابات التي قاد فيها حزب المؤتمر إلى الفوز.
انتخب رئيساً وشكل حكومة وحدة وطنية في محاولة لنزع فتيل التوترات العرقية، وكرئيس قام بتأسيس دستور جديد ولجنة للحقيقة والمصالحة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي، كما عرضت إدارته تدابيراً لتشجيع الإصلاح الزراعي ومكافحة الفقر وتوسيع نطاق خدمات الرعاية الصحية.
امتنع عن الترشح لولاية ثانية، وخلفه نائبه تابو إيمبيكي، ليصبح فيما بعد رجلا من حكماء الدولة، ركز على العمل الخيري في مجال مكافحة الفقر وانتشار الإيدز من خلال مؤسسة نيلسون مانديلا، وقد أثارت فترات حياته الكثير من الجدل، شجبه اليمينيون وانتقدوا تعاطفه مع الإرهاب والشيوعية، كما تلقى الكثير من الإشادات الدولية لموقفه المناهض للاستعمار وللفصل العنصري، حيث تلقى أكثر من 250 جائزة، منها جائزة نوبل للسلام 1993 و ميدالية الرئاسة الأمريكية للحرية ووسام لينين من الاتحاد السوفييتي (سابقاً).
فنياً
كرس العديد من الفنانين أغان لمانديلا كان أشهرها أغنية (الحرية لنيلسون مانديلا) كما أهدى الفنان العالمي ستيفي وندر الأوسكار الذي حصل عليه سنة 1985 عن أغنية “I Just Called to Say I Love You” لمانديلا، مما أدى إلى حظر موسيقاه في هيئة الإذاعة لجنوب أفريقيا. وفي عام 1985 كان البوم (يوسو ندور نيلسون مانديلا) أول انتاج لفنان سنغالي في الولايات المتحدة، كما أنتج فنانون آخرون أغان ومقاطع فيديوية تكريما لمانديلا .
برع مانديلا في تقديم نفسه بشكل جيد عند التقاط الصور الصحفية والتسجيلات الصوتية، وتمتع بالاحترام العميق في كافة أرجاء العالم وفي جنوب أفريقيا خاصة حيث لقب في كثير من الأحيان بأنه (أبو الأمة)، وقد تزوج ثلاث مرات، وأنجب ستة أطفال، وله 17 حفيدا، وعدد متزايد من أبناء الأحفاد.
في جميع أنحاء العالم، ينظر إلى مانديلا باعتباره (سلطة معنوية) عظيمة وتعتبر شخصيته ودية ومرحباً بها، تفرض (سحرا هادئا) عندما تتحدث إلى الآخرين، بما في ذلك خصومها، وقد عرف مانديلا ببحثه عن الأفضل في كل شخص، وحتى الدفاع عن خصوم حلفائه السياسيين، رغم أن البعض يعتقد بأنه كان يثق أكثر من اللازم في الآخرين، كما اشتهر بالعناد والولاء، وتمتع بحسه الفكاهي أيضاً.
معظم دول العالم اعتبرت وفاة مانديلا خسارة للبشرية جمعاء فقد كان من أبرز من حملوا لواء مناهضة العنصرية ودفع من حياته ثمناً كبيراً في سبيل الحرية التي تاق شعبه إليها، ومما لا شك فيه أن اسمه سيبقى مخلداً في الأذهان لأعوام طويلة قادمة.
من أشهر أقوال مانديلا:
على مدار مشوار حياته الطويل، أدلى نيلسون مانديلا – أيقونة النضال الوطني والكفاح ضد سياسات الفصل العنصري في جنوب افريقيا – بكثير من العبارات والأقوال المأثورة التي ما زال التاريخ يذكرها.
كان الراحل مانديلا وهو يخوض اصعب مراحل النضال من أجل تحرير بلاده من نظام التمييز العنصري يقف إلى جانب فلسطين وحق شعبها في الحرية والكرامة، وهو الذي أعلن أن ثورة جنوب افريقيا لا يمكن أن تكتمل طالما أن الشعب الفلسطيني محروم من حريته وحقوقه المشروعة، ويقول: (نحن نعلم تمام المعرفة.. أن الحرية لا يمكن أن تكتمل دون تحرير فلسطين).
وخلال محاكمات ريفونيا عام 1964 التي كان يواجه خلالها عقوبة الاعدام بتهمة التخريب ضد نظام الفصل العنصري قال مانديلا: (لقد حاربت ضد هيمنة البيض وحاربت ضد هيمنة السود، وأثمن قيمة وجود
مجتمع ديمقراطي حر يعيش فيه الجميع في تناغم وفي ظل فرص متساوية، إنها قيمة أتمنى أن أعيش من أجلها وأن أحققها، ولكن إذا ما استدعت الضرورة، فإنني مستعد للموت من أجلها).
وفيما يتعلق بالسجن، قال مانديلا: (إن الرجل الذي يسلب من رجل آخر حريته هو سجين للكراهية، وهو محبوس خلف قضبان التحامل وضيق الأفق).
وقال أيضاً: (في بلادي، نحن نذهب إلى السجن أولا ثم نصبح رؤساء).
ومن أقواله: (من الأشياء التي جعلتني أتوق للعودة للسجن مرة أخرى هو أنني لم تعد لدي فرصة كبيرة للقراءة والتفكير والتأمل الهادئ بعد إخلاء سبيلي).
وعن الشجاعة قال مانديلا: (تعلمت أن الشجاعة ليست هي غياب الخوف، بل هي هزيمته، فالرجل الشجاع ليس الرجل الذي لا يشعر بالخوف، بل هو الرجل الذي يهزم هذا الخوف).
وعن العنصرية ، يقول مانديلا: (العنصرية هي محنة الضمير البشري).
وخلال خطابه الافتتاحي عند توليه الرئاسة عام 1994 ، قال مانديلا: (لن يحدث أبداً أبداً أبداً مرة أخرى في هذه البلاد الجميلة أن يتم قمع طرف بواسطة طرف آخر).
وفيما يخص بناء الوطن، قال مانديلا: (في بعض الأحيان، تحتاج إلى جرافة، وفي أحيان أخرى، تحتاج إلى فرشاة لإزالة الغبار).
وعن التفاوض مع الأعداء ، قال مانديلا: (إذا كنت تريد أن تصنع السلام مع عدوك، فيتعين أن تعمل معه، وعندئذ سوف يصبح شريكك).
وعن تعلم اللغات، يقول مانديلا: (إذا تحدثت مع رجل ما بلغة يفهمها، فإن الكلام يدخل عقله، أما إذا ما تحدثت إليه بلغته، فإن الكلام سوف يدخل قلبه).
وأخيراً عن الحرية يقول مانديلا: (لقد سرت على الدرب الطويل للوصول إلى الحرية، وحاولت ألا أفقد حماسي، ولقد قمت ببعض الخطوات الخاطئة على طول الطريق، ولكنني اكتشف السر أنه بعد تسلق جبل عظيم، يجد المرء أن هناك جبال أخرى كثيرة ينبغي تسلقها).
حازم ضاحي شحادة
- بكالوريوس في الصحافة / جامعة دمشق
- صحفي في جريدة الوحدة السورية سابقاً
- صحفي منذ عام 2007 في قسم الإعلام / إدارة الاتصال المؤسسي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- كاتبٌ في مجلة المنال الإلكترونية
الخبرات
- التطوع والعمل سنوياً منذ العام 2008 في مخيم الأمل الذي تنظمه مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية حيث قامَ بتحرير أخباره أولاً بأول.
- التطوع والعمل منذ العام 2008 في مهرجان الكتاب المستعمل الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة منذ العام 2007 في ملتقى المنال الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره.
- المشاركة في ملتقى التوحد (خارج المتاهة) الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في أبريل من العام 2015 وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة في مؤتمر التدخل المبكر الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في يناير من العام 2016 والمساهمة في تحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة في مؤتمر التقنيات المساندة الذي نظمته المدينة في مارس من العام 2017 وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة منذ العام 2008 في حملة الزكاة التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية سنوياً وتحرير أخبارها أولاً بأول.
- لا بد من الإشارة إلى عشرات وعشرات الفعاليات والأنشطة والزيارات التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ويقوم بتحرير أخبارها أولاً بأول.
- كما لا بد من الإشارة إلى أن 80 في المائة من الأخبار المنشورة عن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في مختلف الصحف والمواقع منذ منتصف العام 2007 وحتى يومنا هذا هي من تحريره.
المؤلفات
- أديبٌ سوري يكتبُ في الصحافةِ العربيةِ منذ عشرين عاماً
- صدر له حتى الآن:
- المبغى / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- اختلافٌ عميقٌ في وجهات النظر / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- أيامٌ في البدروسية / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- فوق أرض الذاكرة / مجموعة قصصية. دار آس سوريا
- أوراق نساء / 2012 ـ ديوان . دار بصمات ـ سوريا
- نشرت العديد من قصصهِ في مجلات وصحف ومواقع إلكترونية سورية وعربية منها
- (مجلة الآداب اللبنانية) (مجلة قاب قوسين) الأردنية (مجلة ثقافات الأردنية) (مجلة انتلجنسيا التونسية) (جريدة الوحدة السورية)