إعداد اختصاصية النطق واللغة حنان علي حسن سيف الكندي
يستخدم بعض الأشخاص مصطلح اكتساب اللغة لجميع المراحل التي تؤدي إلى إتقان اللغة، بما في ذلك تعلم القراءة والكتابة. ويستخدم البعض الآخر مصطلح تعلم اللغة حتى للأطفال الرضع والأطفال في سن ما قبل المدرسة، ولكن هناك اختلاف جوهري بين هذين المصطلحين.
اقرأ ايضا: مايو للسمع والنطق واللغة
ويمكن تعريف تعلم اللغة: هو تحليل واستكشاف اللغة وتفاصيلها حتى تعرف معلومات عنها بشكل أدق، أما اكتساب اللغة فنعرفه بأنه التعرف عليها بشكل حدسي كما يحدث مع اللغة الأم.
حيث أن اكتساب اللغة: الطريقة التي يتكلم بها الأطفال لغتهم الأولى نظراً لعدم وجود لغة تسبقها لاستخدامها كأداة تحليل، الأمر الذي يلزمهم تعلمها بديهياً وليس تحليلياً ومن ثم عندما يكبر الأطفال يتعامل الدماغ بشكل مختلف مع تعلم اللغة واكتسابها.
يكتسب الأطفال اللغة من خلال عملية طبيعية غير واعية يكونون خلالها غير مدركين للقواعد النحوية. يحدث هذا بشكل خاص عندما يكتسبون لغتهم الأولى. يكررون ما قيل لهم ويتعلمون ما هو صحيح وغير صحيح.
من أجل اكتساب لغة سليمة، يحتاج الأطفال إلى مصدر للتواصل الجيد، والذي يكون عادةً الأم أو الأب أو مقدم الرعاية. الأطفال الذين يكبرون مع لغات متعددة، سيكتسبون هذه اللغات بطريقة طبيعية. سوف يكررون ما يسمعونه، ويجربون المقاطع الصوتية المتنوعة إلى أن يكوّنوا كلمات واضحة يستطيع الآخرون فهمها، وسوف يستخدمونها بشكل هادف ووظيفي في عملية التواصل مع مرور الوقت.
يكتسب الأطفال لغتهم الأم من خلال التفاعل مع والديهم والبيئة المحيطة بهم. تساعد حاجات الأطفال المختلفة كالإحساس بالجوع والنوم أو حتى الألم في اكتساب اللغة حيث يبدأ الأطفال منذ الولادة بربط الأحداث اليومية. على سبيل المثال كلما بكى الطفل يتم تقديم الحليب أو يتم تغيير ملابسه فيصبح للطفل وسيلة تواصل وهي البكاء للتعبير عن الجوع أو شعور عدم الارتياح أو الحاجة للنوم وبعدها يبدأ الأطفال بإصدار الأصوات المتنوعة كأصوات الهديل والمناغاة والتي تتطور إلى مقاطع صوتية وشبه كلمة لتصبح كلمات مرتبطة بمفاهيم موجودة في بيئة الطفل.
ويشير الخبراء إلى وجود قدرة فطرية لدى كل إنسان لاكتساب اللغة. فمع مرور الوقت الذي يبلغ فيه الطفل سن الخامسة، يمكنه التعبير عن أفكاره بوضوح وبشكل شبه كامل من وجهة نظر اللغة والقواعد. على الرغم من أن الآباء لا يجلسون أبدًا مع الأطفال لشرح كيفية عمل اللغة، إلا أن أقوالهم تظهر مجموعة رائعة من القواعد والأنماط المعقدة التي يمكن أن تدفع البالغين إلى الانبهار بمستوى حفظها واستخدامها بدقة.
يشير هذا إلى أنه من خلال التعرض للغة والتواصل الهادف يتم اكتساب اللغة الأولى، دون الحاجة إلى دراسات منهجية من أي نوع. عندما يتعلق الأمر بتعلم اللغة الثانية عند الأطفال، ستلاحظ أن هذا يحدث بشكل مشابه تقريباً لاكتسابهم للغة الأولى. حتى أن المعلمين يركزون أكثر على الجانب التواصلي للغة وليس على مجرد قواعد وأنماط لتكرارها وحفظها. من أجل اكتساب اللغة، يحتاج المتعلم إلى مصدر تواصل طبيعي وسليم.
تعلم اللغة واكتسابها ليس مجرد نظرية، ولكنه شي يمكن رؤيته بوضوح في الدماغ عندما ينظر إليه أطباء الأعصاب من خلال تقنيات تصوير الدماغ المختلفة، فعندما يتم مسح دماغ الفرد بالأشعة المقطعية يظهر لنا وجود منطقتين مختلفتين تقومان بتأدية مهام التعلم أو الاكتساب.
إحداهما هي منطقة Broca، والتي تنشط أثناء أداء الفرد لمهام اكتساب اللغة، والأخرى هي منطقة Wernicke، والتي تنشط للمهام التحليلية بشكل أكبر في خطوط تعلم اللغة.
الخاتمة:
يتمثل الاختلاف الرئيسي بين التعلم والاكتساب في أن التعلم عملية أكثر وعياً وتعمداً بينما الاكتساب عملية تلقائية مرتبطة بالعقل الباطن أكثر. ومع ذلك، فإن التعلم والاكتساب لهما نفس القدر من الأهمية لأي شخص يرغب في تحقيق الطلاقة في لغة جديدة.
المراجع:
- Ambridge, B., & Lieven, E.V.M. (2011), Language Acquisition: Contrasting theoretical approaches. Cambridge: Cambridge University Press.
- Arung, Fernandes, (2016), Language Acquisition and Learning on Children, Journal of English Education, Vol. 1, No. 1, March 2016, 1-9.
- Brooks, Patricia & Vera Kempe (eds.), Encyclopedia of language development, Thousand Oaks, Sage.
- Chomsky, N. (1965), Aspects of the Theory of Syntax, MIT Press.
- De Houwer, A., (in press 2019) Uninstructed language acquisition in multiple language learners in Jeroen Darquennes, Joseph Salmons & Wim Vendenbussche, Language Contact. An International Handbook, Berlin, Germany, Mouton de Gruyter, 183-196.