موزارت فولفغانغ أماديوس
Wolfgang Amadeus Mozart
من قال إنّ الأشخاص من ذوي التوحّد هم أناس لا نفع منهم في المجتمع؟!.. فعبر العصور، استطاع العديد من هؤلاء أن يقدّموا الكثير على الصعيدين الشخصي والإجتماعي، بالرغم من أعراض التوحّد.
وقد تتعجب إذا عرفت أن كثيراً من عباقرة الفن والأدب وبعضهم حازجائزة نوبل كانت لديهم أعراض التوحد أو متلازمة (أسبرجر) وهناك نحو 21 من الكتاب والفلاسفة ومؤلفي الموسيقى والفنانين التشكيليين يذكرهم التاريخ هم كانوا ممن لديهم أعراض التوحد.. وبالرغم من أن الفن وحده كان يمدهم بعذابات ومتع يتعذر تفسيرها أو تبريرها إلا أن هذه الأعراض وهذه المتلازمة كانتا في حد ذاتهما الطريق الوحيد للوصول إلى قمة القدرة على التخيل.
ومن بين هؤلاء العباقرة:
فولفغانغ أماديوس موتسارت Wolfgang Amadeus Mozart
العبقرية والفن في رجل واحد
ولد موزارت في 27 يناير 1756 في سالزبورغ بالنمسا، حيث يعتبر واحداً من أشهر العباقرة المبدعين في تاريخ الموسيقى رغم أن حياته كانت قصيرة، فقد مات عن عمر يناهز الـ 35 عاماً بعد أن نجح في إنتاج 626 عملاً موسيقياً، قاد اوركسترا وهو في السابعة من عمره ولم يمش في جنازته سوى خمسة أشخاص فقط ليس من بينهم زوجته لأن الجو كان شديد البرودة.
طفولته
رزق ليوبولد وزوجته آنا ماريا موزارت بولدهما أماديوس، وحينها لم يعلما بأنه سوف يصبح نابغة من نوابغ الزمان، وكانت له أخت وحيدة اسمها (نانيرل) (1751 ـ 1829م)، أما والده فقد كان مفوضاً لإدارة الأوركسترا لدى رئيس الأساقفة في سالزبورغ، وكان مؤلفاً موسيقياً ثانوياً، إلا أنه كان معلماً خبيراً، ففي العام الذي ولد فيه موزارت كان والده قد ألف كتاباً ناجحاً عن آلة الكمنجة، وربما لهذا لم يتعلم وموزارت شيئاً في حياته سوى الموسيقى.
حينما بلغت شقيقته نانيرل السابعة، شرع والدها في تعليمها دروساً في العزف على لوحة المفاتيح، في حين كان ينظر موزارت إلى الآلة بافتتان وهو في الثالثة من عمره، وقد صرحت أخته أنه في تلك السن (كان يقضي وقتاً طويلاً على آلة الكلافير (كيبورد) يعزف الأثلاث، وقد كان يعزف شيئاً جيداً وهو مستمتع).
وأضافت: (في الرابعة من عمره، بدأ والده بإعطائه دروساً موسيقية كما لو أنها ألعاب، وهكذا استطاع تدريبه على عزف مقطوعات على الكلافير في بضع دقائق، فكان يعزف بإنطلاق ودقة عظيمة، منضبطاً في الإيقاع، وفي سن الخامسة بدأ تأليف قطع موسيقية، حيث كان يعزفها لوالده، وبدوره يقوم هذا الأخير بتدوينها على الورق). ومن تلك المقطوعات Andante (K. 1a) ، Allegro in C (K. 1b). ويقال إن موزارت كان مرهف الإحساس وقلبه رقيق جداً.
عبقريته
بدأ موزارت ممارسة العزف في سن الرابعة، وفي السادسة بدأ بالمشاركة في الحفلات، وفي سن السابعة شارك موزارت في جولة موسيقية جابت أوروبا مع أسرته، وفي سنوات طفولته قامت عائلته بعدة رحلات إلى بلدان أوروبية حيث بدأ موزارت وشقيقته كما لو أنهما عباقرة صغار.
بدأت الرحلة بعرض في ميونيخ سنة 1762 كذلك في براغ وفيينا برفقة أبيهم الموسيقي ليوبولد، وفي هذه الرحلة قابل موزارت العديد من الموسيقيين لكن أكثرهم تأثيراً به كان جوهان كريستيان باخ، وقد برع موزارت في كافة أنواع التأليف الموسيقي تقريباً، ومنها 22 عملاً في الأوبرا و41 سيمفونية، وقد اتسمت كثير من أعماله بالمرح والقوة، كما أنتج موسيقى جادة لدرجة بعيدة، ومن أهم أعماله السمفونية رقم 41 (جوبيتر) ودون جوفاني والناي السحري وكوزي فان توتي و 18 كونشرتو للبيانو.
المراحل الهامة في حياته
من أهم مراحل حياته والتي تركت تأثيراً عميقاً بشخصيته زيارته لإيطاليا في الفترة من 1770-1773 حيث ألف مسرحيتين أوبراليتين، كما عمل قائداً للأوركسترا في سالزبورغ وألف مزيداً من المسرحيات الأوبرالية بين العام 1774 و1777، وفي عام 1780 ألف أوبرا (أيدومينو) في ميونخ.
في العام 1782 تزوج من كونستانزي كيبر ورزق منها ستة أطفال مات أربعة منهم وعاش اثنان، وألف في هذا العام أوبرا (انتفوهر ونغ اوس وديم سريال) في فيينا، وبين عام 1782 و 1786 نظم موزارت 15 حفلة عزف فيها على البيانو، كما ألف في نفس العام 1786 أوبرا (زواج فيجارو)، وفي العام 1787 ألف أوبرا (السيد جيوفاني)، أتبعها سنة 1779 بأوبرا (كوزي فان توتي)، وتم تتويج هذه الأعمال سنة 1791 بأوبرا (الفلوت السحري)، وقد كان موزارت أول مؤلف موسيقي يضع فهرساً لأعماله التي نشرت للمرة الأولى عام 1862.
وفاته
توفي يوم 5 ديسمبر 1791 بمرض الحمى ولم يكن قد انتهى من تلحين (القداس الجنائزي) الذي كان يعمل عليه رغم مرضه ويقال بأن أحد طلابه قام بتكملته، ودفن بإحدى ضواحي العاصمة النمساوية فيينا، في مقبرة سانت ماركس في 7 ديسمبر بعد وفاته بيومين، ولم يحضر أحد جنازته لكن بعد عدة قرون أصبحت موسيقى وصور موزارت تزين شوارع مدينة سالزبورغ.
اكتشاف سر وفاته
ومؤخراً في العام 2010 ظهر تفسير جديد للمرض الذي أصيب به موزارت في أواخر أيامه، حسبما ذكرت الدورية الطبية بناء على الدراسة التي أجراها باحث هولندي على رأس فريق بحثي في جامعة امستردام، فقد تفشى مرض التهاب البلعوم في مدينة فيينا حيث كان يعيش الموسيقار الكبير عام 1791 وأدى إلى وفاة الكثيرين طبقاً للسجلات الرسمية للمدينة، وتتطابق أعراض هذا المرض مع الأعراض التي عانى منها موزارت قبل وفاته، لذا فمن المرجح أن يكون هذا هو المرض الذي تغلب عليه في النهاية. فقد عانى موزارت حسب أقوال معاصريه من التهاب وحمى تبعهما تورم شديد في منطقة الحلق، وتلا ذلك تشنجات وطفح جلدي، وكل هذه الأعراض تنطبق على مرض التهاب البلعوم الذي يمكن أن يؤدي في النهاية إلى التهاب شديد في الكلى ثم الوفاة. فقد ذكرت زوجة أخيه صوفي هايبل أن الالتهاب في حلق موزارت كان شديدا بحيث أنه لم يكن يستطيع تحريك رأسه حتى في السرير لكنه لم يغب أبداً عن الوعي ولم يفقد ذهنه الصافي أبداً.
أعماله
-
الأوبرا
برع موزارت في كافة أنواع التأليف الموسيقي تقريبًا ولاقى العديد من أعمال الأوبرا التي قام بتأليفها، والبالغ عددها 22 عملاً، قبولاً واسعًا بعد موته. ومازال يجد الاستحسان عند الجمهور في معظم أنحاء العالم. ألف موزارت زواج فيجارو (1786م) ودون جيوفاني (1787م) بالإيطالية والناي السحري بالألمانية (1791م). وقد اشتملت كل هذه الأعمال على أنغام رائعة ومقاطع ملحونة وأداء موحد للمجموعة أضفى عليها اصطحاب الأوركسترا المتغير دائمًا طابعًا معبِّرًا. أما الاعمال المسرحية فقد تراوحت ما بين الكوميديا في شتى صورها والتراجيديا.
-
السيمفونيات
كتب موزارت أكثر من 40 سيمفونية يُؤدَى الكثير منها حتى يومنا هذا. يُعتبر بعضها في الأصل مقدمات لأعمال الأوبرا ويستغرق دقائق معدودة. أما السيمفونيات الأخيرة والأكثر شهرة فهي مؤلفات طويلة كاملة لأداء الأوركسترا وتستغرق إحداها 20 – 30 دقيقة. تتكون معظم هذه السيمفونيات من أربعة أجزاء. أُطلق اسم جوبيتر على آخر وأشهر سيمفونية ألفها في (1788م) وهي رقم 41.
-
موسيقى الكنيسة
ألف موزارت أْعمالاً كثيرة من موسيقى الكنيسة خُصص معظمها للأداء في كاتدرائية سالزبيرج. كما كتب القدّاس ومقطوعات دينية قصيرة أخرى تسمى موتيت، كما قام بضبط الترانيم مع الموسيقى لا سيما في طقوس صلاة المساء. والموسيقى رائعة ومتنوعة تشتمل على أداء الجوقة والأداء المنفرد بمصاحبة الأرغن والأوركسترا. أشهر عمل مقدس لموزارت هو قدّاس للميت الذي بدأ العمل فيه خلال السنة الأخيرة من حياته ويبدو أنه أصبح أثناء الكتابة قلقًا بشأن موته وأتم أجزاء منه أثناء مرضه الأخير. مات موزارت ولم يكتمل العمل بعد.
-
أعمال أُخرى
ألف موزارت أعمال أُوركسترا أخرى عرفت باسم سرناد (موسيقى المساء) خُصص بعضها للأداء في الهواء الطلق واشتهر أحد هذه الأعمال باسم شيء من موسيقى المساء. كتب أيضًا الكثير من مؤلفات موسيقى الكونشيرتو للأداء المنفرد لآلات مثل الكمان والبيانو بمصاحبة الأوركسترا. وكان يقوم بالأداء المنفرد في معظم الأحيان.
ألّف موزارت أيضًا موسيقى الحجرة التي يؤديها عدد محدد من العازفين أمام جمهور قليل. وقد ركّز على الرباعيات الوترية (آلات الكمان والكمان الأوسط وكمان التشيللو). وقد تأثر في ذلك بجوزيف هايدن حيث أُعجب برباعياته وأهدى له ست رباعيات.
تعتبر موسيقى السوناتا التي ألفها موزارت لتؤدى بالبيانو وكذلك بالكمان والبيانو رائعة ومتميزة. كانت آلة البيانو جديدة في ذلك الوقت وانتشر العزف عليها في أوساط الهواة، إلا أن الفضل في تقديمها للجمهور يعود لموزارت دون غيره من المؤلفين الموسيقيين.
أسلوبه
اتسم الكثير من أْعمال موزارت بالمرح والقوة بالرغم من المصاعب التي واجهته وخيبة الأمل التي أصيب بها. عُرف بظرفه وكان يميل للدُعابة والتلاعب بالألفاظ. ألف العديد من الأعمال ذات الطابع الفكاهي منها كل النساء هكذا (1790م).
أنتج موزارت موسيقى جادة لدرجة بعيدة. ومن أعظم أعماله الجادة أعمال الكونشيرتو الأخيرة على البيانو والعديد من الرباعيات الوترية وآخر ثلاث سيمفونيات. وهنالك أعمال كبيرة جمعت بين الجاد والمَرِح مثل دون جيوفاني.
بعض السيمفونيات التي كتبها بمساعدة والده ليست موجوده مثل السيمفونيه الثانية والثالثة وبعض السيمفونيات مفقوده وبعضها بدون رقم حسب ما جاء في حياة موزارت
سمات التوحد لدى موزارت
المصدر: http://autismmythbusters.com/general-public/famous-autistic-people
يقال إن موزارت كان دائما يكرر تعابير وجهه وحركات يديه وقدميه بشكل عفوي وغير مقصود، ومن المعتقد أيضا أن سمع موزارت كان حساسا جدا، وأن الأصوات العالية والحادة كانت تسبب له الإعياء والمرض.
وتشير تقارير أخرى إلى أنه كان كثير الحركة والنشاط، ولم يكن قادراً على الخوض في محادثة عقلانية، وكان يظهر الاهمال وعدم الاهتمام في أسلوب حياته، وغالباً ما يتعرض لتقلبات مزاجية غير ملائمة، ويقال إنه في يوم من الأيام كان يشعر بالملل فقام بالقفز فوق الطاولات والكراسي، والتشقلب والتحرك مثل قط.
وتشير رسائل موزارت إلى وجود تكرار لبعض الأصوات التي يصدرها الآخرون وهي طريقة من الطرق التي يتواصل بها بعض الأشخاص من ذوي التوحد.
كل هذه الصفات تشير إلى أن موزارت من الممكن أنه كان من ذوي إضطراب طيف التوحد.