تقديم المعلومات للاَخرين
استعرضنا في العددين السابقين الفصل السادس من مهارات التواصل بين أفراد العمل والذي يركز على مهارات طرح الأسئلة والحصول على المعلومات من خلال المقابلة وسوف نعرض لكم في الفصل السابع أهم مكونات تقديم المعلومات إلى الأخرين، وما يجب أن يقوم به المقدم لكي يحقق التقديم هدفه ونتائجه المرجوة ويكون فعالاً والخطوات الأساسية التي يجب على المقدم أن يكون ملماً بها والتي تبدأ من الاستعداد والتحضير وتوضيح أهداف التقديم ومعرفة خصائص الجمهور المستهدف وتحديد محتوى المادة المقدمة مع تنظيم العرض التقديمي.
وسوف نستعرض فيما يلي ملخصاً لهذه الخطوات الأساسية.
أولاً – الاستعداد والتحضير
يعد التحضير المكثف والأولي سر النجاح وتتضمن أسرار التحضير تحديد الهدف والنقطة التي تريد إيصالها للمستهدفين، معرفة خصائصهم، المعلومات التي يجب تقديمها لهم، الطريقة التي سيتم فيها عرض المعلومات، وأخيراً مراجعة الترتيبات البيئية للمكان الذي سيتم فيه التقديم.
ثانياً – توضيح أهداف التقديم
إن كثيراً من الناس يطلبون أن يتم تحديد الهدف من التقديم قبل البدء بالاستماع إلى التفاصيل حتى يسهل عليهم متابعة مجريات التقديم والدخول في تفاصيله، على سبيل المثال قد يطلب المديرون تقديم وصف مختصر من فرق العمل التي يرأسونها حول الإنجازات العامة لهم أو تقديم الخطط التي يرغبون بتحقيق أهدافها في المرحلة اللاحقة مما يعطي للمديرين تصوراً شاملاً لما يحدث أو قد يحدث فمن المفيد أن يقوم الشخص المقدم بالتأكيد على الهدف من وراء العرض، فمثلاً إذا رغبت مجموعة من المديرين بعمل عرض تقديمي حول نظام جديد للحوافز فإنه يجب عليهم أن يسألوا أنفسهم بعض الأسئلة التي تحدد الهدف من العرض مثلاً:
- هل هدفهم إخبار الأشخاص الذين سيتأثرون بالنظام الجديد
- أم إخبار الأفراد بطريقة العمل وفق النظام الجديد
- أم إقناع الأفراد لقبول النظام الجديد لما يوفره من مميزات جديدة
لذا فإن تحديد الهدف يساعد في تحديد شكل العرض التقديمي فإذا كان الهدف هو إقناع الأفراد بقبول النظام فحتماً ستكون طريقة العرض وشكله مختلفتين عما إذا كان الهدف منه فقط الإخبار والإطلاع.
ثالثاً ـ معرفة خصائص الجمهور المستهدف
يجب أن يتم تخطيط شكل وطريقة التقديم وموضوعه بناءً على نوع الجمهور المستهدف. حيث تؤثر الخلفية والخبرات على ما يعرفه الجمهور عن الموضوع المنوي تقديمه، كما أن مستويات فهم الجمهور للمفردات التقنية المتخصصة ومدى استعدادهم ورغبتهم في الاستماع ستؤثر أيضاً على طريقة تحضير المعلومات، وكذلك ستؤثر أيضاً الخبرات الماضية التي يحملها الجمهور عن المقدم بشكل كبير على الطريقة التي يفسر بها الجمهور المعلومات المقدمة إليهم، كما أن مكانة الجمهور يجب أن يتم أخذها بعين الاعتبار، فمثلاً المعلومات التي يتم إعطاؤها للإدارات العليا يجب تلخيصها وتعديلها قبل أن يتم إعطاؤها للإدارة المتوسطة أو فئة الموظفين. ومن الأمور الأخرى الواجب البحث عنها ومعرفتها عدد الراغبين بحضور العرض التقديمي طريقة العرض والنقاش التي تختلف بحسب الحضور فإذا كان حجم الجمهور كبيراً فعندها سنعرف أن الحوار والنقاش سيكون في أدنى مستوياته وأنه يجب علينا أن نخبر الجمهور بما يجب عليهم أن يعرفوه بينما إذا كان العدد قليلاً فالتقديم يجب أن يأخذ شكل مناقشة وعصف بدلاً من الخطب الرسمية كما أن حجم القاعة ونوع المساعدات البصرية والسمعية له تأثير كبير فمثلاً يحتاج الجمهور الكبير إلى شاشات عرض كبيرة ومكبرات صوت عالية.
رابعاً ـ تحديد محتوى المادة المقدمة
قبل البدء بتحضير المخطوط النهائي للمادة المنوي تقديمها يجب أن يقوم المقدم بسؤال نفسه عن المعلومات التي يحتاج الجمهور لمعرفتها لكي يحقق العرض التقديمي أهدافه المبتغاة، ويتضمن هذا الأمر أن يقوم الشخص بتحديد النقاط العامة للمعلومات التي يجب تقديمها والطريقة التي ترتبط بين بعضها بعضاً فعلى سبيل المثال إذا أراد أحد مديري المبيعات أن يقنع فريق عمله بأن نظام الحوافر الجديد هو في صالحهم فإن محتوى التقديم يجب أن يركز على مقارنات بين النظام الحالي والنظام المقترح وكيف أن النظام المقترح يحتوي على مميزات في صالحهم.
ويجب التأكيد في هذا الشأن كذك على المحاور المقدمة في العرض فليست كل المحاور ستكون متساوية لكن قد يكون التركيز في بعض الأحيان على أحد المحاور أكثر من البقية ويمكن أن تدرج تحت كل محور محاور فرعية، والتي يمكن أن تكون بدورها ذات أهمية متفاوتة، وإن الذي يحدد درجة أهمية كل محور هو الهدف الذي نريد تحقيقه من العرض التقديمي، وإن تحديد أهمية كل محور ونوع المعلومات التي ستقدم وشكل التقديم سيسهل على المقدم عملية صياغة وتعديل المعلومات التي ستقدم إلى الجمهور، كما أن فشل المقدم في تحديد المحاور ودرجة أهمية كل منها سيؤدي في كثيرمن الأحيان إلى إغفال بعض المعلومات المهمة أو عدم التركيز على المعلومات التي تهم المتلقي والاستغراق في التفصيلات التي لا يهتم الجمهور بالاستماع إليها.
خامساً ـ تنظيم العرض التقديمي
يبدع بعض المقدمين في طريقة تنظيمه لتدفق المعلومات والتي تساعد على فهم الجمهور للرسالة واستيعاب مضامينها، بينما يفشل البعض الاَخر في تنظيم معلوماتهم بحيث يربكون أنفسهم وجمهورهم.
فالتنظيم المنطقي للمعلومات يساعد بشكل كبير على الفهم كما أن قدرة الشخص على التحضير وتنظيم المعلومات وطريقة ترتيبها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالنجاح المتميز، وفيما يلي بعض النصائح العامة في ترتيب البيانات ومنها:
- التنظيم بناءً على الموضوعات والتي تتطلب أن يقوم المقدم بترتيب البيانات بناءً على الموضوع بحيث ينتقل من موضوع لاَخربطريقة متسلسلة توضح العلاقة بين الموضوعات.
- التنظيم بناءً على الزمن ويتطلب تنظيم المعلومات زمنياً بحيث يبدأ المقدم من المعلومات القديمة ثم الانتقال للحاضر ومن ثم إذا تطلب الأمر مناقشة المستقبل. أو من الممكن أن يبدأ المقدم بمناقشة الحاضر ومن ثم الرجوع للماضي لتوضيح جذورالموضوع وكيفية تكونه وللاستدلال على المرجعية التاريخية.
- التنظيم المكاني وتتطلب هذه الطريقة أن ينظم المقدم معلوماته بناءً على مكان معين أو موقع جغرافي معين.
- التنظيم بناءً على المشكلة وحلها وهي طريقة تتيح للمقدم أن يقوم بترتيب معلوماته بحيث ينطلق من المشكلة ومن تم يتفرع في حلولها أو عرض طرائق تنفيذية لحلها.
- التنظيم بناءً على المسببات وهي طريقة تتضمن إما الانتقال من الأسباب إلى النتائج التي تحدثها هذه الأسباب (مثلاً: الفقر يؤدي إلى انخفاض معدل التعليم) أو من النتيجة إلى الأسباب (مثلاً: من أسباب التعليم المنخفض هو زيادة معدلات الفقر).
وقد اقترح بمبرتون (Pemberton, 1982) تنظيماً معيناً يفيد بشكل خاص إذا كان الهدف من التقديم إقناع الاَخرين بوجهة نظرنا، ويتضمن هذا التنظيم ما يلي:
- وضع الموضوع المقترح في البداية.
- وضع المشكلات التي يمكن أن يخلقها الموضوع أو الهفوات التي يمكن أن تحدث عند عدم الأخذ به.
- تقديم براهين على أهمية الموضوع وهنا يتوجب على المقدم إبراز نقاط القوة في الموضوع الذي يريد إقناع الناس فيه ولكن يجب عليه ألا يدخل في كثير من المجادلات أثناء التقديم.
- تزويد الجمهور بدلائل تطبيقية عملية من واقعهم.
- اختتام الحديث من خلال إعادة الموضوع المقترح والذي قدم في البداية.
كثيرمن المقدمين البارعين يشيرون إلى أنه بغض النظرعن الطريقة التي يتبناها المقدم في تنظيم المعلومات، فإنه من المفيد جداً أن يتم إخبار الجمهور عن المحتوى أو الحديث الذي سيستمعون إليه بحيث سيساعد الجمهور على توقع نوع الحديث ومضمونه وبالتالي سيقررون ما إذا كان سيناسبهم أم لا. لذلك فإن البداية المثلى للحديث هي: (سوف نتكلم اليوم عن….) وختام الحديث بملخص عما تم التكلم عنه أثناء التقديم.
سادساً ـ خاتمة
هنالك نقاط أخرى يجب أن يأخدها المقدم بعين الاعتبار عند التقديم تتمثل فيما يلي:
- مراجعة الاستعدادات البيئية
فهذا الأمر له أهمية كبيرة تستحق منا الانتباه لها، حيث يجب الانتباه إلى مكان التقديم أو المكان الذي سنقف فيه بحيث لا يعيق ذلك رؤية الجمهور لشاشة العرض وإذا كانت هناك فرصة للتحكم بمكان العرض فليحرص المقدم على أن يكون المكان خالياً من أي مشتتات، كما أن طريقة ترتيب المقاعد لها دور كبير في تشجيع النقاش فمثلاً ترتيب المقاعد على شكل صفوف متتالية وخاصة عند الحضور الكبير يؤدي إلى صعوبة التواصل بين الأفراد أو صعوبة مشاهدة ردود أفعال بعضهم بعضاً، بينما الترتيب المنحني يسهل عملية التواصل بين المقدم والجمهور.
- المحافظة على انتباه الجمهور
المحاضر الذي يعطي محاضرة توعوية أو داعمة نفسياً لديه درجة معقولة من الشعور بالأمن تجاه دافعية الجمهور للاستماع له، لأن الجمهور هو من اختار الحضور والمشاركة لكن هذا الوضع هو ليس الوضع المثالي لمدير جمع موظفيه لاخبارهم عن نظام تقييم جديد أو نظام مستحدث في العمل فهنا المقدم الحالي لن يكون في وضع المقدم الأول لأن جمهوره لن يكون متحمساً وقد يكون متضايقاً وعدائياً حتى المحايد منهم قد يكونون مشغولي البال بأمور أخرى. لذا وجب على المقدم الناجح أن يستحوذ على انتباه الجمهور وأن يشجع كل فرد على الانتباه وأن يتناغم معهم وأن يعتمد على التوضيح والإظهار والبيان للمعلومات وتقليل الغامضة منها وأن يتسم بالطلاقة اللفظية مع تجنب التعبيرات الغامضة والصعبة الفهم وأن يحرص على الإجابة الوافية عن كل الأسئلة والاستفسارات والحرص على التناغم بين الكلام المنطوق والمادة المعروضة والإعتماد على الموضحات البصرية والتنوع والأخد بالتغذية الراجعة.
يتبع في العدد القادم، …..
(*) صدرت الطبعة الأولى للكتاب سنة 2011، والثانية 2016 عن دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة بالأردن بدعم من الجامعة الأردنية وأتت في 488 صفحة من القطع العادي (17 في 24 سم) والتجليد فني فاخر بالورق المقوى.
هشام محمد كتامي،
الجنسية: مغربي ،
الإقامة: الشارقة ،
الإمارات العربية المتحدة المتحرك:00971503078161،
البريد الالكتروني: [email protected]،
حاصل على دبلوم معهد خاص إشراف فرنسي في مجال التربية الخاصة بالمملكة المغربية سنة 1999.
دراسة جامعية علوم اقتصادية، قانونية وإنسانية في جامعة الحسن الثاني بالمملكة المغربية.
التحق ببرنامج تدريبي لتأهيل الفريق البحثي لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في جامعة الشارقة (من 7 سبتمبر 2010 إلى 4 مايو 2011).
سكرتير تنفيذي في الإدارة العامة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية منذ 2006 حتى تاريخه.
سكرتير تحرير مجلة المنال الالكترونية.
عضو الفريق البحثي لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية من 2011 حتى أغسطس 2020.
عضو ناشط في فريق الإعلام الاجتماعي ومهتم بمجال الإعلام والتسويق.
عضو بمنظمة الطفل العربي.
عضو متطوع بمؤسسة تكاثف.
عضو فريق الصحة والسلامة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
عضو متطوع في اكسبو 2020 الإمارات العربية المتحدة.
ملتحق بدورة تدريب مدربين وحاصل على شهادة مدرب معتمد من جامعة عجمان بالإمارات العربية المتحدة وعضوية تدريب صادرة من American east coast university
خبرة عملية سابقاً في التنسيق والاستقبال والتنظيم لمدة خمس سنوات في تلفزيون القناة الثانية بالمملكة المغربية وخبرة عملية في الاستقبال بفندق قصر المامونية بمدينة مراكش بالمملكة المغربية.
منسق عام لرابطة التوعية البيئية لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية من 2008 حتى أغسطس 2020.