صدر عن دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة في العاصمة الأردنية عمان الطبعة الثانية لسنة 2016 من لمؤلفه الدكتور جون هيز وترجمه للغة العربية الدكتور مروان طاهر الزعبي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بقسم علم النفس في الجامعة الأردنية يقول في مقدمته للطبعة الثانية من كتابه:
يعاني الكثيرون منا من عدم قدرتهم على إدارة مواقف التفاعل الاجتماعي الرسمية بفعالية وكفاءة، فتجد على سبيل المثال محامياً خبيراً في أحد مرافعاته قد طرح سؤالاً بشكل خاطئ أدى إلى تغيير اتجاهات القضاة نحوه، وقد تجد مديراً كفؤاً قد طور فكرة عظيمة ولكنه عندما قدمها إلى رؤسائه لم تنل إعجابهم بسبب إخفاقه في تقديم الفكرة بشكل صحيح مفهوم. وكم من طبيب أخطأ في تشخيص مرض أحد المراجعين بسبب فشله في الاستماع إلى كل ما يقوله المريض من أعراض وأوصاف لما حدث معه في الأيام الفائتة. كما تجد أيضاً بعض المديرات ممن يوصفن بالذكاء المرتفع والتميز ولكنهن يعانين من الضعف في تأكيد ذواتهن أمام هجوم الآخرين أو انتقاداتهم فتجدهن يتراجعن وينسحبن عند أول جولة.
وقد يعاني بعض مندوبي المبيعات من ضعف في التفاوض الناجح بحيث يشعر أن الزبائن يحرجونه ويطلبون منه العروض والتخفيض دون أن يقدموا هم تنازلات مما يسبب عدم رضا رؤسائهم عن الاتفاقيات التي يتوصلون إليها.
جميع ما سبق هي أمثلة حية لشخص يتفاعل مع الآخرين من أجل تحقيق هدف يرغب فيه ولكنه يفشل في تحقيقه بسبب ضعف لديه في إحدى مهارات النجاح في العمل والتي تتعلق بالقدرة على التواصل الفعال مع الآخرين وبشكل يؤدي إلى تحقيق هدف الفرد المرغوب من هذا التواصل.
ومن هذا المنطلق يأتي هذا الكتاب لكي يوضح مجموعة من المهارات الضرورية لنجاح أي فرد في أي عمل مهما صغرت قيمته أو كبرت، فالتواصل الاجتماعي هو متطلب أساسي لكل فرد يعمل مع الآخرين في نفس المنظمة أو منظمات أخرى. وكثيراً ما يؤثر تقييم الآخرين للفرد على درجة تمتعه بهذه المهارات بغض النظر عن درجة ذكائه أو مستوى كفاءته في العمل، فكم من الأفراد ممن تم تعيينهم بسبب كفاءاتهم في أداء العمل ولكن تم فصلهم بسبب سلوكياتهم في التعامل أو التواصل مع رؤسائهم أو زملائهم أو زبائنهم.
هذا الكتاب هو ثمرة الأبحاث التطبيقية في علم النفس والاتصال وديناميات الجماعة، يأتي المؤلف بها جميعاً ليطوعها في خدمة تطوير مهارات العاملين والموظفين ليمدهم بالقدرة على تشخيص نقاط ضعفهم وتزويدهم بالنصائح العلمية التطبيقية لكي يعملوا على اكتشاف الطرق التي يمكن أن تزيد من فعاليتهم الذاتية في إدارة علاقاتهم الاجتماعية بمهارة عالية.
يحتوي هذا الكتاب على اثني عشر فصلاً، جاء في الفصول الثلاثة الأولى عرض لمفهوم وأهمية التواصل في بيئة العمل وكيف يمكن للإنسان أن يطورها ويزيد من قدرته على التحكم بها وإتقان تفاصيلها. وتم في الفصلين الرابع والخامس عرض مهارتين أساسيتين، هما: الاستماع الفعال، والاستماع إلى الرسائل غير اللفظية، وكيف يمكن استخدامهما بفعالية في تطوير قدرة الفرد على طرح الأسئلة بفعالية (الفصل السادس)، وتقديم المعلومات إلى الآخرين (الفصل السابع). وتشكل هذه المهارات الأربعة (الاستماع، وقراءة لغة الجسد، وطرح الأسئلة، وتقديم المعلومات) بنى أساسية لمهارات أكثر تطوراً وتعقيداً مثل مهارات المساعدة، وتقديم العون إلى الآخرين (الفصل الثامن)، ومهارات تأكيد الذات (الفصل التاسع)، ومهارات التفاوض (الفصل العاشر). ويأتي الفصل الحادي عشر ليقدم مجموعة من النصائح حول كيفية العمل ضمن فريق والتي تحتاج من الفرد أن يتقن كل مهارات التواصل سابقة الذكر لكي يصل إلى قدرة فعالة للعمل مع الآخرين ضمن فريق، أو ما يسمى بالعمل الجماعي (Team Work). ويقدم الكتاب في فصله الثاني عشر والأخير بعض التفسيرات النظرية للأسباب النفسية التي تعيق الشخص عن إدارة علاقاته الاجتماعية بفعالية واقتدار.
وبالرغم من أن هذا الكتاب مبني على نظريات إمبريقية (تجريبية) علمية راسخة، إلا أنه لم يهدف إلى تقديم نظريات جدلية أو محاولة إثباتها، إنما هدف إلى تقديم خلاصات لهذه النظريات وكيف يمكن تطبيقها على أرض الواقع، مع إرشادات ونصائح لإعطاء أفضل تطبيق. وما يميز هذا الكتاب هو احتواؤه على قدر كبير من التمرينات التطبيقية العملية التي صممت بعناية فائقة لكي تطبق بشكل فردي أو جماعي، مما يجعل الكتاب مصدراً غنياً للمدربين والمستشارين الإداريين والمنخرطين في أقسام التدريب وتطوير مهارات الموظفين.
طبيعة مهارات التواصل بين الأفراد ـ منظور تاريخي
يهدف هذا الفصل إلى فهم طبيعة مهارات التواصل بين الأفراد من منظور تاريخي. كما يهدف إلى تقديم صورة متكاملة عن الطرق التي تم تبنيها لدراسة التفاعل الاجتماعي بين الأفراد.
بعد دراسة هذا الفصل، سوف تتمكن مما يلي:
- القدرة على تعريف مهارات التواصل بين الأفراد، وإدراك أن السلوك الاجتماعي يتضمن سلوكاً موجهاً يهدف إلى تحقيق نتائج مرغوبة للفرد.
- القدرة على المقارنة والمفاضلة بين الطرق المعرفية والسلوكية التي حاولت دراسة التفاعل الاجتماعي.
- القدرة على التمييز بين الطرق السلوكية التي تهتم بالسلوكيات الظاهرة فقط وبين الطرق المعرفية التي تهتم بالنوايا التي تقف وراء السلوكيات الظاهرة.
- القدرة على فهم الكيفية التي تؤثر بها المعالجات المعرفية في الدماغ على السلوك، وكيف أن التفاعل الاجتماعي ممكن النظر إليه كمرحلة انتقالية بهدف فيها كل متفاعل إلى تحقيق نتائج مرضية.
مقدمة
يعرض هذا الفصل مجموعة من النظريات والمناهج التي تم استخدامها في دراسة طرق التواصل بين الأفراد، وتم إعطاء تركيز خاص للنماذج المعرفية والتي ترى أن عمليات التواصل عبارة عن مراحل انتقالية بين طرفين يهدف كل طرف منهما إلى الحصول على نتائج مرغوبة.
وتم في هذا الفصل أيضاً التأكيد على أهمية التغذية الراجعة (Feedback) في إدارة وتحسين أداء الفرد الاجتماعي، خصوصاً فيما يتعلق بالاستجابة إلى ردود الفعل نحو الذات ونحو الآخرين.
يعوض الفصل الثاني من هذا الكتاب نموذجاً هرمياً (Hierarchal Model) لمهارات التواصل بين الأفراد، وطرق التدريب على المهارات الجزئية أو الفرعية (Micro – Skills)، وذلك من أجل تزويد القارئ بإطار مفاهيمي لطرق تطوير المهارات التي سيتم تناولها في هذا الكتاب.
أثر السلوك على تحقيق الأهداف
يمضي معظمنا وقتاً لا بأس فيه من اليوم في التفاعل والتواصل مع الآخرين وأشارت العديد من الدراسات القديمة والحديثة ـ كما وجدها (أوشاجيمي لوجه) مع الآخرين. كما أشارت الدراسات إلى أننا نقلل من أهمية سلوكياتنا كمثير يوجه سلوكيات الآخرين نحونا، وبالتالي يؤثر على مدى تحقيقنا لأهدافنا الشخصية أو أهداف المنظمة التي نعمل بها. ومن المفيد هنا عرض بعض الأمثلة لتوضيح هذه الفكرة، ولنأخذ على سبيل المثال مقابلات التوظيف، التي تهدف إلى الحصول على أكبر قدر من المعلومات عن المتقدم للوظيفة لكي يتم تحديد الشخص الأنسب من المتقدمين لملء الوظيفة الشاغرة. ولتحقيق هذا الهدف يجب إدارة الحوار بشكل فعال ليتم تشجيع الشخص المتقدم على إعطاء أكبر قدر ممكن من المعلومات المفيدة ذات العلاقة، مع أقل قدر ممكن من المعلومات غير المهمة. هذا الهدف من الممكن ألا يتحقق إذا قام الشخص الذي يقوم بالمقابلة بالتحدث معظم الوقت. كما أنه يمكن ألا يتحقق إذا تم إعطاء أسئلة لا تعطي المتحدث أو الشخص الذي تتم مقابلته الفرصة للاسترسال بالإجابة (مثل الأسئلة تنتهي إجاباتها بنعم أو لا)، أو أن يتم إعطاء المتقدمين أسئلة توحي بضرورة الإجابة بطريقة معينة.
مثال آخر هو المفاوضات، إذ أن هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن الكلمات الافتتاحية التي يبدأ بها المفاوض كلامه تؤثر على توقعات الطرف الآخر، وبالتالي يمكن أن تؤثر على نتائج التفاوض وهناك أدلة أخرى تشير إلى أنه في المفاوضات التي تتضمن تنافساً، يمكن أن يتم فهم التنازلات بطريقة عكسية خصوصاً عندما يدرك الشخص الذي يقدم التنازلات أنه في مركز ضعيف وتصرف بطريقة معينة أثرت على مدى استعداده لتقديم التنازلات.
وفي جماعات صنع القرار (Decision Making Groups) فإن أحد العوامل التي تؤثر على جودة القرار المتخذ هو مدى تشيع القرار بخبرة ومعلومات أعضاء الجماعة. ويمكن أن تتم إعاقة تشبع القرار بالخبرة بسبب أن بعض الأعضاء ذوي الخبرة ينقصهم تأكيد الذات، فيشعرون بعدم الثقة بأنفسهم للمبادرة وطرح أفكارهم على الملأ، أو بسبب أن بعض الأفراد ذوي المكانة في الجماعة لا يلتفتون إلى آراء الآخرين ويشجعونهم على المبادرة. الأمثلة الواقعية الحية تشير إلى أن الجماعات التي تشجع أعضاءها على ضرورة استخدام خبراتهم بشكل فعال في المهمات الموكلة إليهم، هي جماعات تحصل على مشاركة عالية لصنع القرار، مما سينعكس في المحصلة على جودة القرار المتخذ ورفع الأداء الكلي للجماعة.
أهمية مهارات التواصل بين الأفراد:
The importance of Interpersonal Skills
إن واحداً من أكثر التعريفات استخداماً لمفهوم الإدارة هو العمل على إنجاز المهمات من خلال الآخرين. يبين مانغهام (Mangham, 1988) أن السر في نجاح الشخص كمدير هو قدرته على توظيف نفسه، في خضم التعقيد في المنظمة، كشخص موجه لماح ومقرر. ويشير مانغهام إلى أن المدير الناجح هو ذلك المدير القادر على قراءة الأفراد المحيطين به، وتحديد قدراتهم وإمكانياتهم وكيفية توظيفها بأفضل طريقة ممكنة. وقد يعتقد جميعنا بامتلاكهم لهذه القدرة ولكن J كما يقول مانغهام: (يبدو أن الأشخاص الأكثر نجاحاً يديرون حياتهم الاجتماعية بشكل أفضل مقارنة مع الأشخاص الأقل نجاحاً).
مهارات التواصل بين الأفراد كسلوك موجه نحو تحقيق الأهداف
Interpersonal Skills as Goal Directed Behavior
يتم استخدام مصطلح مهارات التواصل بين الأفراد ضمن تعريفات مختلفة، فقد يحلو للبعض تسمية هذه المهارات بمهارات التفاعل، أو مهارات التعامل مع الآخرين، أو مهارات وجهاً لوجه، أو المهارات الاجتماعية، أو الكفاءة الاجتماعية أو غيرها من المرادفات.
يعرف أرجايل (Argyle. 1984) الأفراد ذوي الكفاءة الاجتماعية على أنهم أشخاص يمتلكون المهارات اللازمة لخلق آثار إيجابية في الآخرين أثناء تفاعلهم معهم ضمن موقف اجتماعي معين. وقد تكون هذه القدرة متمثلة في إقناع موظف ليعمل بجد أكبر، أو إقناع زبون بشراء شيء معين. أو جعله يقدم تنازلاً معيناً أثناء التفاوض وقد عرض هوني ((Honey .1988 تعريفاً مشابهاً لما سبق، حيث أشار إلى أن مهارات التواصل هي تلك المهارات التي يستخدمها الأفراد في مواقف التفاعل وجهاً لوجه ليعملوا من خلالها على تنظيم سلوكياتهم لتتماشى مع الأهداف التي يبتغونها. ويؤكد هوني في هذا المجال أن مهارات التواصل ليس لها علاقة بكون الشخص لطيفاً أو قادراً على كسب الأصدقاء، إنما بقدرته على تحقيق هدفه (ما لم يكن هذا الهدف هو جزء من الهدف الأكبر الذي يسعى إلى تحقيقه).
إن العامل المشترك في التعريفات السابقة هو تأكيدها على ضرورة امتلاك الشخص القدرة على التصرف بطريقة تؤدي به إلى تحقيق أهدافه التي يرغبها. ولذلك، فمن الطبيعي هنا أن تعرف مهارات التواصل بين الافراد على أنها سلوكيات موجهة نحو تحقيق الأهداف والتي تستخدم في التفاعل وجهاً لوجه بهدف الحصول على أهداف إيجابية مبتغاة.
أساليب دراسة مهارات التواصل بين الأفراد
تعد دراسات مهارات التواصل بين الأفراد موضوعاً متعدد المجالات والتي تهم العديد من القطاعات المختلفة. وهذه القطاعات تختلف في الجمهور المستهدف، وبالتالي تختلف في محتوى ونوعية العلاقات الاجتماعية المدروسة. فعلى سبيل المثال، الدراسات في ميدان العمل اهتمت بتلك العلاقات التي تحكم الموظف مع مديره، والعلاقات بين الزملاء، والعلاقة مع الزبائن أو الموردين، بينما نجد أن الدراسات في ميدان التربية والتعليم كان التركيز فيها بشكل أكبر على العلاقة بين المعلم والطالب أما على الصعيد الاجتماعي، فنجد أن التركيز كان بشكل أكبر على العلاقات العائلية والزوجية وما شابهها من علاقات. وهذا التنوع، كما بين بير سشايد (Bersched 1999)، جعل المعرفة المتعلقة بموضوع مهارات التواصل بين الأفراد معرفة مفتتة ومحصورة بنوع العلاقة المدروسة.
وعلى الرغم من هذا التشتت، فإن هناك قدراً من المعرفة لا بأس فيه في هذا الموضوع، حيث تم تطوير العديد من المفاهيم النظرية التي درست ميدان مهارات التواصل بين الأفراد، والتي قدمت معلومات غنية وتطبيقات عديدة في ميدان العمل. وتشير مراجعة الاديبات في هذا الموضوع إلى وجود طريقتين تم تطويرهما لدراسة مهارات التوصل بين الأفراد وهما: الطريقة السلوكية، والطريقة المعرفية.
الطرق السلوكية
تؤكد إحدى الطرق لدراسة التفاعل بين الأفراد على ضرورة الانتباه فقط إلى السلوك الملاحظ والقابل للقياس. ولكن يجب الإشارة إلى أن هذا المبدأ العام لهذه الطرق مع وجود اختلافات بينها في طريقة تناول السلوك الملاحظ. وبعض هذه الطرق كان متشدداً من ناحية إمكانية ملاحظة السلوك، بينما بعضها الآخر كان أقل تشدداً. فعلى سبيل المثال، لم يؤمن شابل (Chupple, 1940) إلا بالسلوك الملاحظ والقابل للقياس، وشدد على أن أهم بعد في قياس تفاعل الشخص هي تلك الابعاد التي يمكن قياسها بطرق موضوعية. واستخدم شابل جهازاً أطلق عليه اسم (مقياس زمن التفاعل Interaction Chormograph) لقياس التفاعل الاجتماعي بطريقة موضوعية، وأجرى العديد من الدراسات التي عمد فيها إلى تسجيل مدة وتكرار فترات التحدث والصمت ضمن موقف اجتماعي.
الباحثون الذين تبنوا هذه المنهجية ركزوا على ملاحظة أنماط التفاعل بين الأفراد القابلة للملاحظة (من الذي يبدأ الحديث، مدة الصمت) دون الإشارة إلى الموقف أو الانفعالات التي تصاحب الموقف التفاعلي. وبعض الباحثين الذين تبنوا هذه المنهجية أجروا تعديلاً عليها من حيث اهتمامهم بالسلوكيات اللفظية أو غير اللفظية المصاحبة للموقف الاجتماعي، فمثلاً ركز (دونكان وفسك Duncan & Fiske .1977) في أبحاثهما على مجموعة من السلوكيات المحددة والقابلة للملاحظة، مثل الايماءات وحركات الحاجبين، والتي يتشكل من خلالها السلوك التفاعلي الكلي.
وأكد الباحثان على ضرورة الاهتمام بالسلوكيات اللفظية وغير اللفظية القابلة للقياس فقط، وأشارا إلى أن هذا التجريد في التعامل مع الموقف الاجتماعي يمنح الموضوع الرصانة العلمية ويقلل من التفسير الذاتي للملاحظين إلى أقل درجة ممكنة.
تختلف المنهجية السابقة عن مناهج أخرى لدراسة التفاعلات الاجتماعية والتي أعطت اهتماماً بشكل أكبر إلى النوايا التي تقف خلف السلوك. وهذا الأمر يقتضي بالضرورة أن يقوم الملاحظ بتخمين أو تقدير نوايا الشخص الذي يقوم بالسلوك الاجتماعي. وقد تبنى هذه الطريقة مجموعة من الباحثين من أمثال دوتش (Deutsch, 1949)، وبيلز (Bales .1950)، وهوني (Honey .1988)، وبلين (Belbin .1993)، وكان دوتش (Deutsch, 1949) من أوائل الباحثين الذين اهتموا بالنوايا، وعملوا على تصنيف وظائف الدور الاجتماعي (Social Role) وبين الباحث أن الأعضاء في أية جماعة فعالة يجب عليهم القيام بوظيفتين، الأولى: تتعلق بإكمال المهمة الموكلة إليهم، والثانية: تتضمن تقوية الروابط وضمان استمرارية الجماعة. أما بالنسبة للباحث بيلز فقد ركز في طريقته على ضرورة تسجيل السلوكيات القابلة للقياس بشكل دقيق، بالإضافة إلى تقدير الخصائص المصاحبة لعملية التفاعل الاجتماعي مثل صفات الأفراد أو طريقتهم في حل المشكلات.
كان الباحثون الآخرون من أمثال هوني (Homey .1988) لهم طريقة مختلفة بعض الشيء، فكان الباحث يعارض حصر عملية التفاعل الاجتماعي بالسلوكيات القابلة للملاحظة فقط، بل يركز على إمكانية تسجيل العديد من السلوكيات غير اللفظية أثناء عملية التفاعل من مثل: حركات جفون العين، والحاجبين وأصابع اليدين، وحركات الفم. وبالإضافة إلى ذلك يمكن تسجيل العديد من السلوكيات اللفظية ذات المعنى مثل تكرار كلمة معينة، والسب والشتم واللعن، وكلمات من مثل: (أنت تعرف) و(م م م) جميع هذه السلوكيات اللفظية وغير اللفظية يمكن تصنيفها إلى هرمية تساعدنا على فهم التفاعل بشكل أفضل وإن قمة الهرم، كما بين هوني، هو أسلوب التفاعل (Style) والذي يمكن تعريفه على أنه تلك السلوكيات الجزئية التي تصدر عن الشخص والتي تمكننا من معرفة طريقته أو نمطه الغالب في التفاعل مع الآخرين.
أشار باحثون آخرون إلى أن الأسلوب هو الطريقة الغالبة على الشخص في التفاعل مع الآخرين (Wright & Taylor .1994)، بينما عرفه هوني (Honey) على أنه الاستنتاج الذي تتوصل إليه حول الطريقة التي يتفاعل بها الفرد مع الآخرين مثل أن تستنتج أن أسلوب المدير في التفاعل هو تحكمي أو تشاركي. ومن النقاط الأخرى التي ركز عليها هوني ضرورة دراسة التفاعل الاجتماعي من خلال تجزئته إلى عناصره الأساسية دون أن نتجاهل التناغم بين هذه الأجزاء. ولتوضيح الفكرة يضرب هوني مثالاً أسماء (الفنجان المكسور) ويقول لو أن فنجاناً انكسر إلى ستة أجزاء فإنه يمكن بسهولة أن يتم تجميع هذه الأجزاء لتشكيل الفنجان، لكن لو قمنا بطحن هذه الأجزاء إلى قطع صغيرة فإنه يصبح من الصعب عندها إعادة تجميعها، بل يصعب علينا عندها أن نعرف أن هذا المسحوق كان فنجاناً في الأصل. لهذا السبب، فقد قام هوني بتصنيف سلوكيات التفاعل الاجتماعي إلى تسعة تصنيفات فقط، ولم يغال في التجزئة بل أكد على ضرورة سهولة إعادة تجميع الأجزاء لتشكل السلوك الكلي. كما أكد هوني على أن هذه التصنيفات التسعة هي فقط لتحليل السلوك التفاعلي ولكي تزود الأفراد بأساس عملي للحكم على المواقف التفاعلية واختيار الطريقة المثلي للاستجابة، آخذين بعين الاعتبار الموقف المحيط وأهداف الشخص المقابل. وأشار هوني إلى أن أي سلوك لفظي أو غير لفظي يمكن تصنيفه تحت واحد من التصنيفات التالية وهي: سلوك طلب الأفكار، الافتراض، سلوك الاقتراح، سلوك البناء، سلوك المعارض، سلوك التأييد، سلوك الإقرار بالصعوبة، سلوك طلب التوضيح، سلوك التصنيف، سلوك التفسير، وسلوك الاعلام.
الطرق المعرفية:
جميع الطرق التي تم عرضها سابقاً لم تهتم بما يحدث داخل رأس الفرد الذي يقوم بالتواصل، أو الطريقة التي يفكر بها، حيث أن الاهتمام كان منصبا فقط على السلوك الظاهر فقط. والطريقة الأخرى التي تمت فيها دراسة التفاعلات الاجتماعية تمثلت بإعطاء الاهتمام بما يشعر ويفكر به الافراد تجاه أنفسهم، أو تجاه الآخرين وهذه الطرق تسمى بالطرق المعرفية. عندما تتم دراسة التفاعل الاجتماعي من خلال الطرق المعرفية فإن التركيز يكون بشكل أساسي على المعرفة (Cognition) (طريقة التفسير) باعتبارها الموجه الحقيقي للسلوك الإنساني.
التمرين رقم (1.1) أعلاه هو تمرين صمم لكي يساعدك على فهم العلاقة بين المعرفة أو طريقة التفسير والسلوك. وهذا التمرين يعطي مثالاً يوضح كيف أن نية الشخص الذي يقوم بالسلوك وهذا التمرين يعطي مثالاً يوضح كيف أن نية الشخص الذي يقوم بالسلوك مع الكيفية التي يتم فيه تفسير هذه النية من قبل الطرق الآخر، هي المحدد الأساسي للطريقة التي سوف يتفاعل الطرفان مع بعضهما بعضاَ.
صدرت الطبعة الأولى للكتاب سنة 2011، والثانية 2016 عن دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة بالأردن بدعم من الجامعة الأردنية وأتت في 488 صفحة من القطع العادي (17 x 24 سم) والتجليد فني فاخر بالورق المقوى.
هشام محمد كتامي،
الجنسية: مغربي ،
الإقامة: الشارقة ،
الإمارات العربية المتحدة المتحرك:00971503078161،
البريد الالكتروني: [email protected]،
حاصل على دبلوم معهد خاص إشراف فرنسي في مجال التربية الخاصة بالمملكة المغربية سنة 1999.
دراسة جامعية علوم اقتصادية، قانونية وإنسانية في جامعة الحسن الثاني بالمملكة المغربية.
التحق ببرنامج تدريبي لتأهيل الفريق البحثي لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في جامعة الشارقة (من 7 سبتمبر 2010 إلى 4 مايو 2011).
سكرتير تنفيذي في الإدارة العامة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية منذ 2006 حتى تاريخه.
سكرتير تحرير مجلة المنال الالكترونية.
عضو الفريق البحثي لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية من 2011 حتى أغسطس 2020.
عضو ناشط في فريق الإعلام الاجتماعي ومهتم بمجال الإعلام والتسويق.
عضو بمنظمة الطفل العربي.
عضو متطوع بمؤسسة تكاثف.
عضو فريق الصحة والسلامة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
عضو متطوع في اكسبو 2020 الإمارات العربية المتحدة.
ملتحق بدورة تدريب مدربين وحاصل على شهادة مدرب معتمد من جامعة عجمان بالإمارات العربية المتحدة وعضوية تدريب صادرة من American east coast university
خبرة عملية سابقاً في التنسيق والاستقبال والتنظيم لمدة خمس سنوات في تلفزيون القناة الثانية بالمملكة المغربية وخبرة عملية في الاستقبال بفندق قصر المامونية بمدينة مراكش بالمملكة المغربية.
منسق عام لرابطة التوعية البيئية لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية من 2008 حتى أغسطس 2020.