ما هيَ الغايةُ منَ الأدبِ والفنِّ؟
لا تفكر طويلاً بإجابةٍ واحدةٍ عزيزي القارئ فهذا السؤالُ ليسَ من ابتكارنَا ولا هوَ بالجديدِ إنما ما زالَ يدورُ منذُ أمدٍ بعيدٍ على ألسنةِ الكُتَّابِ والمبدعينَ والقرَّاءِ والنّقّادِ دونَ العثور على إجابةٍ شافية، والحقيقةُ أنَّ الإجابةَ عن هذا السؤال تحتملُ الصحة في أكثرِ من تعريفٍ كما تحتملُ الخطأ لكن هذا ليسَ محور مقالتنا عن واحدٍ من أفضلِ أفلامِ السينما العالمية (باعتقادي) عبرَ تاريخها الطويل.
وقد تعمَّدتُ ذكرَ كلمة (باعتقادي) في سياقِ الكلامِ لأنَّ تقريرَ ما إذا كانَ هذا الفيلم أو ذاكَ من أفضل الأفلام يعتمدُ على ذائقةِ المتلقي في المقامِ الأولِ بغضِّ النظرِ عن ذائقةِ المُتخصصين في تقييمِ الأفلامِ والكتابةِ عن السينما بشكلٍ عام لهذا أعرضُ عليكَ موجزاً عنه ومدى أهميته الفنية والتعليمية وما عليكَ كي تكوِّنَ وجهةَ نظرٍ عنهُ إلا أن تشاهدهُ لتحكمَ بنفسكَ إن كان الوصفُ دقيقاً أم لا.
فيلمنا الذي سنتحدثُ عنهُ لا علاقة لهُ بالميزانياتِ المُرعبةِ للأفلامِ التجاريةِ ذاتِ الأبطالِ الخارقين (إلكترونياً) ولا رابطَ بينه من قريب أو بعيدٍ بالموجةِ السينمائية السخيفة والمبتذلة التي تجتاحُ الفنَّ السابع منذ مطلعِ العشرية الثانية من الألفية الميلادية الثالثة.
(نجوم فوق الأرض) فيلمٌ درامي من بطولةِ الفنانِ الهندي المتميز عامر خان والطفلِ المبدع دارشيل سفاري الذي يُجسِّدُ بإتقانٍ منقطعِ النظيرِ دورَ طفلٍ في المرحلة الإبتدائية من الدراسة.
تدورُ قصة الفيلم حول إيشان، صغيرُ العائلةِ المكوَّنَةِ منَ الأبِ والأمِ وشقيقهِ الأكبر حيث يعيشون جميعاً حياة الطبقةِ المتوسطةِ في المدينة الهندية المُكتظة بالسّكانِ، وكعادة الأطفالِ في عمر إيشان وأخيه يذهبان يومياً إلى المدرسة لتحصيلِ العلم لكن بعض المشاكل تبدأ بالظهور.
على الرغمِ من موهبةِ إيشان اللافتة بالرسمِ بالنسبةِ لطفلٍ في مقتبلِ العمرِ إلا أن درجاته في امتحاناتِ القراءةِ والكتابةِ والرياضياتِ كانت متدنية جداً ممَّا أثَّرَ بشكلٍ كبيرٍ على نفسيةِ الأبِ الذي يبذلُ قصارى جهدهِ في العملِ كي يتعلَّمَ أبناؤهُ أفضلَ تعليمٍ وبناءً على ذلك يُقرِّرُ ربُّ المنزلِ أن ينقلَ ابنهُ الصغير إلى مدرسة داخلية فالاعتقاد السائد لدى معظم الناس في هذه الحالة أن طيش الطفل وحبه الشديد للعب وعدم التركيز هم السبب في الحصول على درجات ضعيفة في التعليم دون أن يفكروا باحتمالية وجود أسباب أخرى.
مشاعرٌ جيَّاشة وصَادقَة قدَّمهَا المُمثِّلونَ وإتقانٌ مُذهلٌ في تصويرِ مشاهدِ انتقالِ الطفلِ الصغيرِ من كنفِ أسرتهِ إلى المدرسةِ الداخليةِ حيثُ الأنظمة الصَّارمة والإلتزامُ التَّامُ بالقواعدِ والقوانينِ النَّاظمةِ لشتَّى أوقاتِ اليومِ الدراسي والحياتي لكن، لا شيء تغير فإيشان لا يبدي أيَّ تَقدُّمٍ في التعليمِ وعلاقاته بمعلميهِ تزدادُ سوءاً يوماً إثرَ يوم.
قال أميرُ الشعراء أحمد شوقي: قم للمعلمِ وفّه التبجيلا، كادَ المعلمُ أن يكون رسولا، لكن مهلاً، هل ينطبقُ هذا الوصفُ على جميعِ المعلمين أم هنالكَ منهم من لا يستحق لقب معلم من قريب أو بعيد؟ بالطبع هو ذاك فبعض المعلمين بأسلوبهم التقليدي وصوتهم العالي وتوترهم الدائم يحطمون طموح الطلبة ويعيقون عملية التعلم وقد قدم لنا فيلم (نجوم فوق الأرض) بعض النماذج عن هؤلاء الذين يعتقدون أن الصراخ والضرب قادران على تعليم الطلبة ليسير الفيلم وفق حبكة مدروسة تصل بنا إلى تلك اللحظة التي يظهر بها بطل الفيلم الثاني ومخرجه الفنان الهندي العالمي عامر خان بدور معلم الرسم الجديد.
يلاحظُ المعلمُ الجديد أن إيشان طفلٌ هادئٌ جداً وحزين، غير متفاعلٍ مع أي نشاطٍ تنظمهُ المدرسة وحين يحاولُ الاستفسارَ منه عن طبيعةِ المشاكلِ التي يواجهها في التعليمِ لا يجيبه بل يكتفي بالصمتِ وهنا يبدأ التفكيرَ جديَّاً من قبلِ المعلمِ بطريقةٍ يساعدُ بِها الطفلَ الذي ذكرَّهُ بشخصٍ كانَ يواجهُ نفسَ المشكلات فيما مضى وهذا الشخص ليسَ إلا المعلم نفسه والمشكلات لم تكن سوى.. (صعوبات التعلم).
بطريقةٍ مبتكرة مفعمةٍ بالخيالِ والإبداعِ يتقرَّبُ المُعلِّمُ رويداً رويداً من الطالب وينجحُ في كسبِ ثقتهِ ليبدأ بعدَ ذلكَ بِمساعدتهِ في التَّغلبِ على صعوباتِ التَّعلمِ وتنميةِ موهبتهِ في الرسمِ. من جهةٍ أخرى يزورُ المُعلِّمُ أسرةَ الطفلِ ويشرحُ لهم عن صعوباتِ التَّعلمِ وكم من الطلبةِ ظُلِمُوا لأنَّ أساتذتهم وأولياء أمورهم لم يعرفوا ما هو سبب التأخر الدراسي لديهم وبالتالي لم يستطيعوا مساعدتهم بالطريقة المناسبة.
وكما يليقُ بفيلم رائعٍ كنجومٍ على الأرضِ جاءت الخاتمة البديعة فكراً وإخراجاً لتتوج موهبة الطفل في الرسم نجاحه في التغلب على صعوبات التعلم وليحقق الفنان العبقري عامر خان من خلال فيلمه مجموعة من الأهداف النبيلة التي لا تستطيع أمامها في النهاية إلا أن تتساءل عن الغاية من الأدب والفن؟ وإذا لم يكن تنوير المجتمع وتوعيته من أجل مستقبلٍ أفضل فماذا قد تكون يا ترى!
بكالوريوس في الصحافة / جامعة دمشق
صحفي في جريدة الوحدة السورية سابقاً
صحفي منذ عام 2007 في قسم الإعلام / إدارة الاتصال المؤسسي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
كاتبٌ في مجلة المنال الإلكترونية
الخبرات
التطوع والعمل سنوياً منذ العام 2008 في مخيم الأمل الذي تنظمه مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية حيث قامَ بتحرير أخباره أولاً بأول.
التطوع والعمل منذ العام 2008 في مهرجان الكتاب المستعمل الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره أولاً بأول.
المشاركة منذ العام 2007 في ملتقى المنال الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره.
المشاركة في ملتقى التوحد (خارج المتاهة) الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في أبريل من العام 2015 وتحرير أخباره أولاً بأول.
المشاركة في مؤتمر التدخل المبكر الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في يناير من العام 2016 والمساهمة في تحرير أخباره أولاً بأول.
المشاركة في مؤتمر التقنيات المساندة الذي نظمته المدينة في مارس من العام 2017 وتحرير أخباره أولاً بأول.
المشاركة منذ العام 2008 في حملة الزكاة التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية سنوياً وتحرير أخبارها أولاً بأول.
لا بد من الإشارة إلى عشرات وعشرات الفعاليات والأنشطة والزيارات التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ويقوم بتحرير أخبارها أولاً بأول.
كما لا بد من الإشارة إلى أن 80 في المائة من الأخبار المنشورة عن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في مختلف الصحف والمواقع منذ منتصف العام 2007 وحتى يومنا هذا هي من تحريره.
المؤلفات
أديبٌ سوري يكتبُ في الصحافةِ العربيةِ منذ عشرين عاماً
صدر له حتى الآن:
المبغى / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
اختلافٌ عميقٌ في وجهات النظر / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
أيامٌ في البدروسية / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
فوق أرض الذاكرة / مجموعة قصصية. دار آس سوريا
أوراق نساء / 2012 ـ ديوان . دار بصمات ـ سوريا
نشرت العديد من قصصهِ في مجلات وصحف ومواقع إلكترونية سورية وعربية منها
(مجلة الآداب اللبنانية) (مجلة قاب قوسين) الأردنية (مجلة ثقافات الأردنية) (مجلة انتلجنسيا التونسية) (جريدة الوحدة السورية).