صباحات الأيام تتوالى عليك كصفحات كتاب يتراقص عليها مداد أقلام القدر المخفية، قد تسعدك الحروف التي تترابط لتكون كلمات تحمل لك الأخبار والأحداث المبهجة، وقد يحزنك ويزيد من جراحاتك ما يستخدمه ذلك القلم من ألوان قاتمة لرسم مخططاته للزمن القادم.
هكذا هي الأيام صباحات ترحل وأخرى قادمة تنتظر ما سينثره مداد الأمل المختلج بخفايا النفس.
كثيراً ما تساورنا الشكوك والأوهام لتبعث لنا عبر أثير الأماني الكاذبة رسائل التثبيط والإحباط.. أنت انتهيت! أنت مر عليك الزمن ولم يعرك انتباهه.. الأيام الجميلة رحلت بلا عودة، عندها تتثاقل عليك جبال اليأس لتهدم بيوت الأمل المتراصة التي تحاول أن تبدو شامخة كشموخ القلة في قمة الجبل المتعالي لا تثنيها عوامل الحت والتغيير بل تبقى المعالم والأصول ثابتة.
إن من يبحث عن التميز وإثبات الذات لابد وأن يقابل بتيارات مختلفة من الآراء منها المشجعة وأغلبها المثبطة التي دائماً ما ترتضي العيش تحت ظلال الأشجار الميتة ظناً منها أن هذه الأفكار ستبقى مدة أطول مما كتب لها، فتتفاجأ بسحب التغيير تهطل عليها سيلاً من التحديث الذي لا تجد حائلاً دونه وتبقى مظلات لايد البسيطة عاجزة عن ايقاف السيل الجارف الذي لم تستعد له النفوس وبقيت تفترش من التغني بالماضي بساطاً وتلتحف بما حققه الأقدمون غطاء لستر مكنونات النفس المجهدة من العناء والحزن.
قد نتمنى وقد نحلم ونمني النفس بتحقق أمانينا ونفاجأ بتبخرها سارحة مع رياح المجهول، لكن هل من الأفضل أن نظل قابعين في أماكننا ننتظر الفارس الذي يترجل عن حصانه ليأخذ بأيادينا أم نحاول.. نتعثر.. نقاوم حتى نستطيع الوقوف مرة أخرى والسير مع الركب واللحاق بهم، إن العبرات تولد الحسرات وتزيد الجراحات فلنتعاون أخي الإنسان يا من فرّدك الخالق بالعقل والتميز أن نعيش لا للحياة والأنانية بل للعيش ككل متكامل كبشر وناس كجسد واحد يحس بالألم ويفرح بالسعادة فما أروع أن نرسم البسمة على شفاه جافة مقحلة غادرتها السعادة في لحظات حزن وألم ولم تبق لها إلا النواح خلف أستار الخجل والكبرياء..
تعال لنزرع بذوراً نسقيها بدفء الحنان والمودة لتثمر وروداً يانعة يقطفها الجميع ويشم رائحتها العابرون.. فما أجمل العيش لمساعدة الغير على العيش ولنحتسب الثواب عند ملك الناس يوم الوقوف والحساب.. اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك واحشرنا مع من تحبهم يا رب.