الاستماع مهارة أساسية لتواصل فعال
تطرقنا في العدد السابق (345) لملخص عن الفصل الثالث الذي أبحر فيه الكاتب حول طرائق الوعي بالذات والأخرين وعلاقتها بتطوير كفاءة التواصل بين الأفراد، وسوف نتطرق في هذا العدد إلى ملخص عن الفصل الرابع والذي يربط الاستماع مع العوامل التي تؤثر على قدراتنا على الاستماع الفعال وأهم المهارات التي يمكنها مساعدتنا لتطوير الاستماع.
الاستماع كمهارة أساسية
يهدف الفصل الرابع من الكتاب إلى إعطاء فكرة عن تلك العوامل التي يمكن لها أن تؤثر على قدرة الفرد في إعطاء الاهتمام الكامل والصحيح للرسائل التي يحاول الأخرون إيصالها له، ويعطي فكرة عن الخطوات التي يمكن للفرد اتخاذها والقدرات التي يمكن تطويرها لزيادة قدرته على الاستماع. فالأشخاص الذين لا يستطيعون الاستماع لا يستطيعون التواصل، لأن الاستماع الضعيف يعيق قدرتنا على الاتصال مع الاَخرين والشخص الذي يرغب في أن يكون ناجحاً أو مفاوضاً جيداً أو مديراً فعالاً أو موظفاً بارزاً فعليه أن يطور مهاراته في الاستماع الفعال، وهي عملية ليست بسيطة كما يظنها البعض ولا تتضمن فقط سماع ما يقوله الاًخرون، وإنما هي عملية تتضمن تفسير ما تم سماعه، والبحث عن فهم كامل وصحيح للمعنى الحقيقي للرسالة التي أرسلها الاَخرون لنا. فقد يتضمن الاستماع القدرة على الانتباه إلى الرسائل اللفظية، لكن الاستماع الفعال يتضمن القدرة على قراءة الرسائل اللفظية وغير اللفظية.
وقد قام هارجي وزملاؤه (1994) بتمييز أربع أنواع من الاستماع وهي:
- الاستماع بغرض الاستيعاب وهو الاستماع الذي تقوم به عندما تحاول البحث عن الحقائق أو عندما تستمع إلى محاضرة فهو يتضمن الاستماع إلى الحقائق والأفكار التي يمكن أن نستفيد منها في المستقبل.
- الاستماع بغرض التقييم وهو ذلك الاستماع الذي نستخدمه عندما نحاول أن نقيم جودة الأفكار التي يقدمها لنا أحد الأشخاص خصوصاً عندما يكون في حديثه شيء من الإقناع.
- الاستماع بغرض التعاطف ونستخدم هذا النوع من الاستماع عندما نحاول أن نفهم ما يحاول الاَخرون إخباره لنا من خلال وجهات نظرهم. وهذا النوع من الاستماع يتطلب منا أولاً الاستماع إلى الحقائق والأفكار والمضامين التي يحاول الاَخرون إخبارنا بها، وثانياً أن نظهر لهم أننا قد فهمنا هذه الأفكار.
- الاستماع بغرض الاستمتاع وهو ذلك النوع من الاستماع الذي نقوم به لغرض الترفيه مثل الاستماع لقصيدة شعرية وهذا النوع من الاستماع نحاول من خلاله الاستماع إلى الأشياء التي نرغب أو نريد سماعها.
العوامل التي تؤثر على قدراتنا على الاستماع الفعال
إن المعيقات والعوامل التي تؤثر على انتباهنا وعلى الطريقة التي نفسر بها المعلومات التي تصلنا يمكن تصنيفها بأربعة مصادر رئيسية وهي:
أولاً – المتكلم:
يمكن لخصائص المتكلم أن تعيق من قدراتنا على الاستماع حيث أن الطريقة التي يتم تفسير الرسالة بها ترتبط بشكل كبير بالشخص الذي أرسلها ففي كثير من الأحيان ننتبه إلى الشخص المتحدث وليس لما يقوله هذا المتحدث فالرسالة التي تصدر من الأشخاص ذوي المكانة العالية ننتبه إليها بشكل أكبر من الأشخاص ذوي المكانة المنخفضة وهذه إحدى المشكلات التي تعاني منها جماعات العمل. كما أن بعض الأفراد يميلون إلى التقليل من أهمية ما يقوله أعضاء اَخرون في الجماعة مما يؤدي إلى حدوث مشاكل في الجماعة. وقد لا يتم الاستماع أحياناً إلى الأشخاص ذوي الخبرة بسبب جنسهم أو عرقهم أو عمرهم …. الخ.
عامل آخر قد يعيق الاتصال هو سرعة الحديث حيث أن المعدل الطبيعي لسرعة حديث الشخص قد تصل إلى (140) كلمة في الدقيقة ومن العوامل الأخرى التي تؤثر على قدرة المتحدث على إيصال رسالته هي درجة انفعاله حيث أن المستمعين يميلون إلى الانتباه إلى الانفعال بشكل أكبر من مضمون الرسالة
ثانياً – المستمع:
هناك العديد من المواقف التي تعيق قدرتنا على الاستماع ففي بعض الأحيان قد نبدأ بالاستماع وأثناء ذلك نبدأ بشكل متسرع بتفسير ما سمعناه ومن ثم نعطي استجابة متسرعة وهذا النوع من الاستجابة حتى لو كان في العقل يمكن أن يعيق قدرتنا على الاستماع كما أن دافعية المستمع قد تكون سبباً رئيسياً في الدرجة التي ننتبه فيها إلى حديث المتكلم وإذا شعرنا أن المتحدث لديه شيء مفيد فإننا غالباً ما نبذل قصارى جهدنا للانتباه والاستماع. كما أن وضع الصحة الجسدية للمستمع قد يؤثر على الاستماع بشكل فعال. فالمستمع الذي يشعر بوعكة صحية أو بالتعب لن يستطيع التركيز بالدرجة نفسها التي سوف يركز بها شخص مرتاح أو سليم الجسد كما يجد الكثير منا أنه من السهل عليه الاستماع لمحاضرة في الصباح بعكس الشخص الذي يستمع بعد وجبة طعام دسم أو نهاية يوم عمل شاق ومتعب.
وللقدرات اللغوية للمستمع دور أيضاً فالشخص الذي يستطيع فهم كلمات الرسالة سوف يستمع بشكل أفضل من الشخص الذي لم يستطيع فهم ما تقوله وإن أحد العوامل التي تتحكم بقدرة الفرد على فهم ما يقال هو قدرته على تنظيم المعلومات القادمة وتحديد العناصر الرئيسية للرسالة.
ثالثاً – الرسالة:
إن طريقة تنظيم الرسالة هي من العوامل المهمة التي يمكن أن تسهل أو تصعب على المستمع فهم الرسالة التي يرسلها المتكلم فكثيراً ما يواجه الأفراد انتقادات لحديثهم بأنه غامض أو أن المستمع لم يستطع تحديد النقطة التي يريد المتحدث إخبارهم بها وهنالك بعض العوامل التي تلعب دوراَ في تنظيم الرسالة بشكل جيد ومنها المعلومات السابقة فقد يخطئ الكثير من المتحدثين عندما يعتقدون أن المستمعين لديهم معرفة سابقة بالأمر الذي يريدون إخبارهم به. إضافة لذلك فإن حجم التفاصيل يمكن أن يؤثر على الاستيعاب إذا كان حجم التفاصيل في الرسالة قليلاً أو كثيراً، كما أن التنظيم الذي يتم عرض التفاصيل فيه له دور مهم في فهم الرسالة.
إن دلالة وتركيب المعلومات المقدمة في الرسالة قد يكون له تأثير حيث أن الفواصل بين المعلومات التي تقدم في الرسالة يجب ربطها بطريقة التقديم لكي تسهل عملية الفهم للرسالة فمثلاً إذا كان أحد أجزاء الرسالة مهماً جداً للمستمعين فإنه يجب إعطاؤهم بعض الوقت للتفكير فيها وإذا لم يتم منحهم الوقت لذلك فإنهم يبدأون بمعالجة المعلومات المقدمة وبالتالي لن يستطيعوا استيعاب الجزء التالي من الرسالة لأنهم بكل بساطة لم يستمعوا إلى ما قاله المتحدث أثناء عملية التفكير.
رابعاً – البيئة التي تتم فيها عملية الاتصال:
إن للبيئة تأثير كبير على جودة الرسالة وإيصال محتواها وهنالك بعض العوامل التي يجب أخذها بعين الاعتبار في هذا الشأن وأولها هو درجة الضجيج الصوتي الموجود في البيئة فمثلاً المدير الذي يحاول إرسال رسالة لموظف في أثناء تشغيل ماكينة ذات ضجيج عال قد تعيق فهم المستمع للرسالة. كما أن التهوية غير الجيدة قد تؤثر على قدرتنا على الاستماع وهنالك عوامل بيئية يمكن أن تؤثر على المستمع كمنظر طبيعي جميل أو منظر غير مألوف فتفقده تركيزه.
مهارات لتطوير الاستماع:
هنالك مجموعة من الأشياء علينا أن نقوم بها لتحضير أنفسنا للاستماع ومن بينها:
- تحضير أنفسنا للاستماع من خلال محاولة تهدئة أنفسنا خصوصاً في أوقات ضغط العمل
- تجنب تناول وجبات دسمة قبل البدء باجتماع مهم
- العمل بشكل جاد على تفريغ أفكارنا وتركيزها على الاستماع خصوصاً تلك الأفكار التي تعمل على الاستحواذ على أفكارنا مثل المشكلات العائلية
- تهيئة المكان الذي تتم فيه عملية الاتصال مثل إزالة المشتتات البصرية
- مراجعة بعض المعلومات التي يمكن أن تساعدنا على فهم أفضل لما يقوله المتحدث مثل الملاحظات والتقارير عن موظف معين أو مشروع مقترح
- الإبقاء على اتصال بصري جيد مع المتحدث هو من أفضل الطرق لإخبار المتحدثين بأننا معهم.
- اتخاذ وضعية جسدية مفتوحة ومريحة
يتبع في العدد القادم،
(*) صدرت الطبعة الأولى للكتاب سنة 2011، والثانية 2016 عن دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة بالأردن بدعم من الجامعة الأردنية وأتت في 488 صفحة من القطع العادي (17 في 24 سم) والتجليد فني فاخر بالورق المقوى.
هشام محمد كتامي،
الجنسية: مغربي ،
الإقامة: الشارقة ،
الإمارات العربية المتحدة المتحرك:00971503078161،
البريد الالكتروني: [email protected]،
حاصل على دبلوم معهد خاص إشراف فرنسي في مجال التربية الخاصة بالمملكة المغربية سنة 1999.
دراسة جامعية علوم اقتصادية، قانونية وإنسانية في جامعة الحسن الثاني بالمملكة المغربية.
التحق ببرنامج تدريبي لتأهيل الفريق البحثي لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في جامعة الشارقة (من 7 سبتمبر 2010 إلى 4 مايو 2011).
سكرتير تنفيذي في الإدارة العامة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية منذ 2006 حتى تاريخه.
سكرتير تحرير مجلة المنال الالكترونية.
عضو الفريق البحثي لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية من 2011 حتى أغسطس 2020.
عضو ناشط في فريق الإعلام الاجتماعي ومهتم بمجال الإعلام والتسويق.
عضو بمنظمة الطفل العربي.
عضو متطوع بمؤسسة تكاثف.
عضو فريق الصحة والسلامة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
عضو متطوع في اكسبو 2020 الإمارات العربية المتحدة.
ملتحق بدورة تدريب مدربين وحاصل على شهادة مدرب معتمد من جامعة عجمان بالإمارات العربية المتحدة وعضوية تدريب صادرة من American east coast university
خبرة عملية سابقاً في التنسيق والاستقبال والتنظيم لمدة خمس سنوات في تلفزيون القناة الثانية بالمملكة المغربية وخبرة عملية في الاستقبال بفندق قصر المامونية بمدينة مراكش بالمملكة المغربية.
منسق عام لرابطة التوعية البيئية لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية من 2008 حتى أغسطس 2020.