إعداد معلمتي التربية الخاصة شذى محمد بنشي ونهى شرارة
تقومُ فلسفة برامج التدخل المبكر على توجيه الاهتمام نحو مرحلة الطفولة المبكرة والتي تنحصر في السنوات الخمس الأولى من عمر الإنسان بوصفها مرحلة حاسمة من مراحل النمو، ففي هذه المرحلة العمرية تتشكلُ لدى الطفل جوانب النمو كافة (اللغوية، المعرفية، الحركية، النفسية، الاجتماعية، والانفعالية)، لذا نرى أن الأطفال في هذه المرحلة الحساسة نمائياً بحاجة ماسة إلى الخدمات التي من شأنها تجنيبهم عوامل الخطر العضوية والبيئية وتزويدهم بالخبرات التعليمية والتدريبية في أبكر وقت ممكن حتى تتطور قدراتهم ويتحسن أداؤهم.
اقرأ ايضا: التدخل المبكر والتربية الخاصة في الطفولة المبكرة
عامل الزمن والسرعة في تقديم الخدمات من الدعائم التي يرتكز عليها أي برنامج فعّال للتدخل المبكر ممَّا يؤدي إلى تحفيز نمو الأطفال وتطوير مهاراتهم وقدراتهم وتوجيهه بالشكل السليم وكل لحظة يقضيها الطفل بين أفرادِ أسرته مهمة للغاية، وكل ساعة هي ساعة ذهبية ثمينة من حياة الطفل حيث يطلق على هذه المرحلة العمرية المرحلة الذهبية، وتضم السنوات الخمس 43800 ساعة، حيث يقضي الطفل هذه الساعات في بيئته الطبيعية ويتفاعل ويتواصل اجتماعياً بشكل مستمر مع أفراد أسرته وأقرانه والأشخاص الآخرين الذين يتعامل معهم يومياً في المجتمع، لذا تُعد الــ 43800 ساعة ساعات ذهبية مهمة في حياة الطفل يجب أن تستثمر كلها لتعود على الطفل بالفائدة في المستقبل.
هذه الساعات الذهبية من حياة الطفل تنعكس على شخصيته وقدراته وطبيعة تفاعله مع المجتمع المحيط به وتزداد هذه الساعات أهمية عندما نتحدث عن الأطفال ذوي الإعاقة أو الأطفال من ذوي التأخر في النمو والأطفال تحت خطر الإعاقة أو التأخر في النمو.
تعريف التدخل المبكر
هو تقديم الدعم والمساندة وتعزيز الثقة والكفاءة للأسر ومقدمي الرعاية لتقديم الفائدة المرجوة لتطوير قدرات الأطفال للانخراط في المجتمع بشكل فعال.
كذلك يتم تعريف التدخل المبكر على نطاق واسع
بأنه الإجراءات التي تسهل تطور الرضع والأطفال الصغار الذين لديهم إعاقة أو المعرضين لخطر الإعاقة أو المتأخرين نمائياً وتشمل الميزات الرئيسية لبرامج التدخل المبكر البحوث والدراسات والمراجعات وتحليل السياسات والمفاهيم.
مراحل نمو وتطور الطفل
مهارات الطفل تبدأ في التطور منذ أول شهر وحتى عمر الخمس سنوات وتجب ملاحظة الطفل باستمرار للتأكد من نموه بشكل سليم من قبل الأهل والحرص على الزيارات الدورية المجدولة للطفل في العيادات، حيث تتم في الزيارات الاثنتي عشرة الأولى متابعة نمو وتطور الطفل من خلال أخذ قياسات وزنه وطوله ومحيط رأسه ومقارنتها بالقياسات الطبيعية، بالإضافة إلى مراقبة تطوره الحركي والتطور الشخصي الاجتماعي
يزن دماغ الطفل عند الولادة ما يعادل ربع وزن دماغ الإنسان البالغ فالدماغ لا يكون مكتمل النمو و النضج عند الولادة، و ينمو الدماغ بسرعة خلال السنوات الأولى من عمر الطفل
يقصد بتطور الطفل اكتسابه المتدرج للمهارات المختلفة منذ اللحظة الأولى لولادته وخلال فترة زمنية متوقعة أي بما يناسب عمره، وهذه المهارات تشمل:
تطور إدراك الطفلCognitive Development :
قدرة الطفل على حل المشاكل، كأن يقوم الطفل في عمر 3 أشهر بتقريب اللعبة من فمه، أو أن يقوم الطفل في عمر خمس سنوات بحل تمرين حساب بسيط.
تطور الطفل الاجتماعي والعاطفي Social and Emotional Development: ويقصد به تفاعله مع من حوله، كأن يقوم الطفل في عمر ستة أسابيع بالابتسام، أو أن يقوم الطفل بحركة “باي” في عمر 10 شهور.
تطور اللغة والكلام عند الطفل Speech and Language Development:
يشمل فهم واستخدام اللغة، فالطفل في عمر سنة ينطق بضع كلمات والطفل في عمر سنتين يعرف ماذا تعني كلمة عين.
تطور المهارات الحركية الدقيقة Fine Motor Skill Development:
كاستخدام اليدين والأصابع، أي العضلات الصغيرة، ليلتقط الأشياء الصغيرة، ومن ثم يستخدم القلم.
تطور المهارات الحركية الكبيرة.
: Gross Motor Skill Development
أي استخدام العضلات الكبيرة والقدرة على الجلوس والمشي ومن ثم القفز.
كيف يتطور الطفل؟ وهل كل الأطفال يتطورون بنفس الطريقة والسرعة؟
يجب العلم أن كل طفل يتطور بطريقة مختلفة عن الآخر رغم وجود هذه المعايير العامة ومن الطبيعي أن تكون هناك فروق بسيطة بين طفلٍ وآخر.
علامات تأخر النمو
علامات تحذيرية
في الشهر الثاني
- لا يستطيع رفع رأسه إن كان نائمًا
- لا يستطيع لف جسده بعض الشيء إن كان مستلقيًا على ظهره
- لم يبدأ الطفل بالابتسام لأمه
في الشهر الثالث
- لا يتواصل مع من يلاعبه.
- لا يلتفت نحو الصوت والضوء.
- لا يرفع رأسه جيدًا ويتحكم بها.
في الشهر الرابع
- لا يضع الأشياء في فمه
- عدم القدرة على التحكم بحركة الرأس
في الشهرين الخامس والسادس
- لا يستطيع التحرك أثناء النوم
- لا يستطيع ثني رقبته.
- لا يستطيع الجلوس حتى مع مساعدة بالوسائد وغيرها..
- لا يتقلب أو يتدحرج على السرير.
بين الشهرين السابع والتاسع
- لا يتحكم في رأسه وثباتها.
- لا يتحكم في وضعية الجلوس.
- لم يبدأ الزحف أو الحبو.
بعد تمام العام الأول
- لا يستطيع المشي حتى مع مساعدة.
- لا يستطيع نطق أي كلمة ولا ترديد كلمات بسيطة
بعد تمام العام الثاني
- يسقط أرضاً بشكل متكرر.
- يمشي بدون اتزان
- غير قادر على الإمساك بالأشياء الصغيرة
- لا يستطيع التكلم بعبارات مفهومة حتى بالترديد.
عند سن 3 سنوات
- لا يستطيع استخدام الدرج صعودًا ولا هبوطًا حتى مع مساعدة
- كلامه لا يزال غير مفهوم
- لا يلعب مع الأصدقاء.
الفئة المستهدفة ببرامج التدخل المبكر:
الرضع والأطفال الصغار ضمن الفئة العمرية (يوم إلى ثلاث سنوات) من الأطفال المؤهلين للاستفادة من برامج الإرشاد الأسري بنظام الجلسات وأسرهم والأطفال ضمن الفئة العمرية (3-5 سنوات) في الفصول التعلمية وفق ما هو موضح في تعريف الأطفال المؤهلين.
الأطفال المؤهلون للاستفادة من برامج التدخل المبكر:
الرضع والأطفال الصغار ضمن الفئة العمرية (يوم إلى ثلاث سنوات) من ذوي التأخر النمائي/ التطوري أو ممن لديهم وضع صحي مُحدد من المحتمل أن يؤدي إلى التأخر في النمو/ التطور بما في ذلك الاضطرابات الوراثية والعيوب الخلقية والمشكلات الحسية، وقد يستفيد من الخدمة الأطفال ضمن الفئة العمرية (3-5سنوات) إذا تأخر الطفل وأسرته في الحصول على الخدمات المناسبة أو في حال عدم وجود خدمات مناسبة للفئة العمرية من سن الثالثة وحتى الخامسة ضمن منطقة سكنه.
أفضل الممارسات الحديثة في مجال التدخل المبكر:
المنهجية المتبعة لضمان استفادة الأطفال ذوي الإعاقة والأطفال ذوي التأخر النمائي/ التطوري، والأطفال المعرضين للخطر وأسرهم والعاملين معهم من الدعم الفني بهدف استثمار ما أمكن من الفرص في تطوير مهاراتهم من خلال فريق عابر للتخصصات يقدم مجموعة من الخدمات التربوية والخدمات المُساندة بصورة تراعي الفروق الفردية للأطفال والتنوع الثقافي والبيئي بين الأسر وباستخدام الأدوات الملائمة لتطور الأطفال من سن الثالثة وحتى الخامسة بهدف تيسير وصول الطفل إلى الروضة في سن مناسب، وقد تمتد إلى السادسة بسبب ضعف الأنظمة الكشفية وأنظمة الإحالة.
البيئات الطبيعية:
هي البيئات التي عادة ما يتواجد فيها أي طفل ويلعب ويتعلم تلقائياً ويتفاعل مع من حوله بشكل طبيعي مع أقرانه ممن هم في نفس عمره. تشمل هذه البيئات المنزل، والحضانة، وروضة الأطفال…
الممارسات الملائمة تطورياً DAP: Practices Appropriate Developmentally) )
الممارسات التي تلائم العمر الزمني للطفل وتراعي فروقه الفردية وتوجّه العمل مع الطفل من قبل المُعلمين ومقدمي الرعاية والأسر، وتراعي الفروق الثقافية والاجتماعية، وتنفذ بطريقة مُناسبة ومُحببة للطفل بصورة طبيعية ودون توجيه مُباشر.
المُمارسات المُستندة إلى الروتين اليومي:
هي تقديم الخدمات للأطفال الصغار وأسرهم في بيئاتهم الطبيعية، وهي الأماكن التي يقضون فيها أوقاتهم اليومية مع أسرهم وفي مجتمعهم، بصورة توفر فرصاً قيّمة لِرَصد ومعرفة أنشطة الأطفال الروتينية، وتيسر دمجهم في المنزل والمجتمع ضمن الأنشطة الطبيعية دون الإخلال بالنظام اليومي لما يفعله ويتعلمه الأطفال، وعندما يتم تضمين التدخلات التطويرية في الأعمال والأنشطة الروتينية اليومية للأطفال، تكون المهارات المكتسبة وظيفية وهادفة للأطفال وجميع القائمين على رعايتهم والعمل معهم.
الفريق العابر للتخصصات:
فريق يعمل مع الأسرة من خلال منسق الأسرة ويتشاور معه أفرادها في التقييم وتطوير وتنفيذ الخطة الأسرية الفردية، ويمكن أن يضم اختصاصي التربية الخاصة وأحد التخصصات المساندة بما في ذلك المعالج الوظيفي والمعالج الطبيعي واختصاصي النطق والاختصاصي النفسي والاختصاصي الاجتماعي بالإضافة إلى الأسرة لتمكينها من العمل مع طفلها بصفتها الأكثر استمرارية مع الطفل على المدى البعيد والأقدر على تقليل كمية الدعم الذي يحتاجه في مراحل حياته اللاحقة.
اختصاصي التدخل المبكر:
الاختصاصي الذي يعمل ضمن فريق عمل التدخل المبكر بهدف تقديم خدمات التدخل في مرحلة الطفولة المبكرة للطفل وأسرته ومن الممكن أن يكون مختصاً في التربية الخاصة أو إحدى التخصصات المساندة (ذات العلاقة) بما في ذلك العلاج الوظيفي أو العلاج الطبيعي أو النطق.
الفوائد المتوقعة من التدخل المبكر
بالنسبة للطفل:
المشاركة الفاعلة للأطفال في الفعاليات والأنشطة التي يحبونها أو الفعاليات والأنشطة المتوقع أن يحبوها أو يرغبوا بها
تكيف الأطفال في البيئة الطبيعية والتفاعل الفعال مع أقرانهم وأفراد عائلتهم والأشخاص المحيطين بهم وبأسرهم
برنامج متكامل بخدماته ودعمه وهو جزء لا يتجزأ من الأنشطة التي تحدث بشكل طبيعيي وروتيني للأسرة والطفل وهذا التكامل يقلل من فجوة التأخر في شتى المجالات مقارنة بالعمر الزمني
تطوير مهارات الطفل وقدراته في مجالات النمو المختلفة (حركية / معرفية / اجتماعية/ تكيفية / تواصلية)
بالنسبة للأسرة
تحسين معاملة الأسرة للطفل وتزويدها بالمعلومات والمهارات اللازمة لتعليم طفلها وإكسابه المهارات المطلوبة
تخفيف الأعباء المتعلقة برعاية الأطفال وتكاليف العناية على المدى البعيد
مساعدة الأسرة على التقبل والانخراط في المجتمع وأنشطته المختلفة وتعديل اتجاهات الأسر ومساعدتها على تقبل الطفل وتدريبه
تفريغ الطاقة السلبية والتفكير بشكل إيجابي وتخفيف الضغوط النفسية وإيجاد حلول ملائمة لأولويات الأسر وزيادة الوعي الصحي والاجتماعي للأسر وإيجاد مصادر الدعم المتنوعة
بالنسبة للمجتمع
الحد من عدم تساوي الفرص الاجتماعية والاقتصادية وذلك بتهيئة الظروف للأطفال الأقل حظاً كي يبدأوا بداية عادلة في المدرسة والبيت.
الطفل الذي يتعلم ويعتمد على نفسه يقلل وبشكل ملحوظ الاعتماد على المؤسسات الاجتماعية وهذا يحقق فائدة اقتصادية للمجتمع بشكل عام.
التربية المبكرة يمكن أن تعمل بمثابة استراتيجية فاعلة لتطوير العمل الجماعي وتفعيله بين الأفراد والمؤسسات
الذين يستفيدون من التدخل المبكر يظهر عليهم تطورٌ ملحوظٌ سواء كان هذا التطور أكاديمياً أو اجتماعياً وتعود هذه البرامج بالنفع اقتصادياً على الدولة بمبالغ تتراوح ما بين 10000 إلى 30000 دولار سنوياً لكل طفل حسب الإحصاءات الأمريكية
كل دولار يتم استثماره يعود على الدولة في المستقبل بزيادة من 7 إلى 10% كاستثمار طويل الأمد
تعريف المسؤولين على كيفية حماية الطفل وفهم مطالبه وتحقيقها وتشجيع المعلم ومقدم الرعاية على التعاون في مساعدة الطفل ذي الإعاقة أو التأخر النمائي.
المراجع العربية
- التدخل المبكر) النماذج والإجراءات (/دكتور ابراهيم عبد الله فرج الزريقات
- خصائص واحتياجات الطفولة المبكرة /دكتور مفيد حواشين، زيدان حواشين
- تكييف مناهج الطفولة المبكرة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة/ ترجمة د/إيمان و د/ الزيودي
- دليل الإجراءات التشغيلية لبرامج التدخل المبكر في الأردن
الموجهة للأطفال الصغار من ذوي الإعاقة أو التأخر النمائي/ التطوري 2020
- ( Barbra. A, Florence. R & Anastasia. A, (2009 Evidence based practice in infant and early childhood psychology New jerky, USA Dunst, C.J., & Bruder, M.B. (2004). Findings from National Survey of Service Coordination in Early Intervention. USA.
- Early Childhood Intervention Australia (2017).Choosing Quality Early Childhood Intervention Services and Supports for Your Child. Retrieved from www.ecia.org.au
- Early Childhood Intervention Australia (2016). Best Practice in Early Childhood Intervention. Retrieved from www.ecia.org.au
- Infant Toddler Coordinators Association (2019). ITCA Service Coordination Survey Report.Retrieved from https://www.ideainfanttoddler.org/
- Jennings, D.; Hanline, M. F.; & Woods, J.(2012). Using Routines-Based Interventions inEarly Childhood Special Education. Dimensions of Early Childhood, (40)2, 13-23.
- Massachusetts Department of Public Health (2013). Early Intervention Operational Standards.USA
- Mary. B & Carl. D. (2008). Factors Related to the Scope of Early Intervention Service Coordinator Practices. Infants & Young Children Journal. (21)2, 176–185.
- NAEYC (2018). Developmentally Appropriate Practices. Retrieved from https://www.naeyc.org/ resources/topics/developmentally-appropriatepractice
- New Mexico Family Infant Toddler Program (2013). Tool Kit for the Transdisciplinary Team Approach: An Introduction to the Transdisciplinary Team Approach for Early Intervention Programs in New Mexico. USA Patricia. C, Cindy. O and Sharon. W. (2011)