ولدت إخلاص نزيه قعفراني في دولة الكويت قبل أربع وأربعين عاماً بلا أطراف سفلية نتيجة خطأ طبي حيث قام الطبيب بإعطاء والدتها الحامل بها لقاحاً ضد مرض الكوليرا.. بعد ذلك بعامين انتقلت العائلة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة حيث ترعرعت إخلاص ونشأت ثم التحقت بالمدرسة الابتدائية برفقة زملائها من غير المعاقين.
وعن تلك المرحلة من طفولتها تشير إخلاص إلى أن والدها هو من كان يذهب بها إلى المدرسة ويعيدها منها حاملأً إياها حتى بلغت الصف السادس الابتدائي، بعد ذلك راحت هي تعتمد على نفسها بالانتقال (زحفاً) على الأرض كي تبلغ فصلها المدرسي مستعينة ببعض وسائل الحماية خلال هذه العملية تجنباً للجروح التي كانت تتعرض لها.
استمرت إخلاص على هذه الحالة ثلاث سنوات بعدها تم تركيب أطراف اصطناعية لها الأمر الذي ساعدها على التنقل بحرية أكبر وواصلت تعليمها حتى نالت الشهادة الثانوية ومن بعدها شهادة في الكومبيوتر والسكرتارية من كلية الأفق بالشارقة.
في العام 1992 التحقت بالعمل في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية كموظفة استقبال في مبنى الإدارة حيث كانت تتلقى المكالمات وترد عليها ثم تقوم بتحويلها للقسم المعني، وقد استمرت في وظيفتها هذه مدة 17 عاماً لتنتقل بعدها للعمل كسكرتيرة في مدرسة الوفاء لتنمية القدرات التابعة للمدينة وهي ما تزال على رأس عملها حتى الآن.
وفي مدرسة الوفاء تقوم إخلاص بطباعة المراسلات واستقبال البريد الوارد والرد على المكالمات الهاتفية بالإضافة إلى استقبال أولياء الأمور وتوجيههم إلى الأماكن التي يقصدونها في المدرسة وتولي مهام تنسيق مواعيد ومكالمات مديرة المدرسة حالياً الأستاذة فريدة أحمد.
تقول إخلاص عن علاقتها بزملائها إنها علاقة مميزة مذ بدأت عملها في المدينة فقد كان الاحترام والتقدير الطابع المميز لهذه العلاقة ولم تشعر مرة من المرات أنها تتعرض لنظرات سلبية أو ما يدل على العطف والشفقة وهذا الأمر ساعدها كثيراً في زيادة الثقة بالنفس وتقدير الذات.
تشير إخلاص أيضاً إلى أمر غاية في الأهمية ألا وهو أن المهام المطلوبة منها هي ذاتها التي تطلب من ذوي التخصص نفسه من غير المعاقين.. أي أن إدارة المدينة ومن تعمل معهم يعاملونها على أساس المساواة ولا ينظرون إليها إلا نظرتهم لبقية الموظفين وهذه المعاملة المتميزة والمليئة بالإيمان بقدراتها وطاقاتها ولدت في نفسها المزيد من الإصرار والعزم على إنجاز المهام المطلوبة باحترافية عالية وهمة كبيرة.
كما أكدت أن مقابلة الناس في العمل والانخراط الإيجابي في المجتمع ساهما بشكل كبير في التغلب على مشاعر الارتباك لديها، والفضل في ذلك يعود لهذه المؤسسة الإنسانية النبيلة من خلال إتاحتها لهذه الفرصة أمامها والإيمان بقدرتها على أداء المهام الموكلة إليها على أحسن ما يرام.
بعد التحاقها بالعمل في المدينة بسبع سنوات طالبت إخلاص بأحقيتها في قيادة السيارة وبالفعل دعمتها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية بهذا الطلب حيث استطاعت بعد شهر من التمرين المكثف أن تنال الشهادة وبالتالي أصبحت تأتي إلى العمل وتذهب بسيارتها الخاصة الأمر الذي حقق لها مزيداً من الاستقلالية وحرية التنقل بين المنزل والعمل.
تشير سكرتيرة مدرسة الوفاء لتنمية القدرات إلى أهمية الاستقلال المادي بالنسبة للشخص المعاق وإحساسه بكونه فرداً منتجاً بالمجتمع يستطيع الاعتماد على نفسه في تلبية شؤون حياته اليومية ومتطلباتها، ليس هذا وحسب بل تقديم الدعم لأسرته في بعض الأحيان ما يولد في النفس سعادة من الصعب وصفها بكلمات معدودات.
الاستاذة إخلاص قعفراني توضح أن أكثر الاشخاص تأثيراً بحياتها هم والداها اللذان آمنا بقدرتها وحرصا على تعليمها ودعمها ومساندتها في مختلف المجالات وكذلك سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي التي كانت بالنسبة لها أنموذجاً وقدوة في العمل الجاد والإخلاص والسعي الحثيث للارتقاء المستمر بأوضاع الأشخاص من ذوي الإعاقة على مختلف الأصعدة التعليمية والاقتصادية والاجتماعية.
لقد كان للأيادي البيضاء دوراً كبيراً في تمكينها من تركيب طرفين اصطناعيين جديدين متطورين جداً ساهما في نقل حياتها نقلة نوعية ومكنها من التنقل بشكل مريح أكثر كما خلصاها من الآلام التي كان يتسبب بها الطرفان القديمان، وهي تعبر عن عميق امتنانها وشكرها لهذه الأيادي البيضاء التي ساهمت في نقل حياتها نقلة نوعية نحو الأفضل.
تعتبر إخلاص أن نظرة المجتمع ما زالت في كثير من الاحيان تتسم بالنظرة السلبية ومشاعر العطف والشفقة تجاه الأشخاص المعاقين وهذا ما يسبب الكثير من الإزعاج لهم ويؤثر على اندماجهم في المجتمع لذا وجب على مختلف شرائح المجتمع أن تدرك أحقية الأشخاص المعاقين بالاحترام والتقدير وقدرتهم على العمل والإنتاج ومواجهة التحديات وتحمل المسؤولية وأن يكون التعامل معهم على هذا الأساس.
وعن نظرتها للمستقبل تتمنى إخلاص أن تؤسس مشروعاً خاصاً بها يمكنها من تأمين مستقبلها مادياً دون اللجوء لأحد كي يعيلها حيث يعتبر هذا الأمر غاية في الأهمية بالنسبة لها على مختلف المجالات والأصعدة.
في الختام توجهت الاستاذة إخلاص قعفراني بجزيل الشكر والتقدير إلى مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية التي كان لها الدور الكبير في مساعدتها على العمل والاستقرار والثقة بالنفس إزاء قدرتها على العمل والإنتاج متمنية لها ولجميع العاملين فيها وفي مقدمتهم سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي دوام التوفيق والنجاح بإذن الله.
حازم ضاحي شحادة
- بكالوريوس في الصحافة / جامعة دمشق
- صحفي في جريدة الوحدة السورية سابقاً
- صحفي منذ عام 2007 في قسم الإعلام / إدارة الاتصال المؤسسي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- كاتبٌ في مجلة المنال الإلكترونية
الخبرات
- التطوع والعمل سنوياً منذ العام 2008 في مخيم الأمل الذي تنظمه مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية حيث قامَ بتحرير أخباره أولاً بأول.
- التطوع والعمل منذ العام 2008 في مهرجان الكتاب المستعمل الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة منذ العام 2007 في ملتقى المنال الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره.
- المشاركة في ملتقى التوحد (خارج المتاهة) الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في أبريل من العام 2015 وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة في مؤتمر التدخل المبكر الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في يناير من العام 2016 والمساهمة في تحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة في مؤتمر التقنيات المساندة الذي نظمته المدينة في مارس من العام 2017 وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة منذ العام 2008 في حملة الزكاة التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية سنوياً وتحرير أخبارها أولاً بأول.
- لا بد من الإشارة إلى عشرات وعشرات الفعاليات والأنشطة والزيارات التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ويقوم بتحرير أخبارها أولاً بأول.
- كما لا بد من الإشارة إلى أن 80 في المائة من الأخبار المنشورة عن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في مختلف الصحف والمواقع منذ منتصف العام 2007 وحتى يومنا هذا هي من تحريره.
المؤلفات
- أديبٌ سوري يكتبُ في الصحافةِ العربيةِ منذ عشرين عاماً
- صدر له حتى الآن:
- المبغى / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- اختلافٌ عميقٌ في وجهات النظر / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- أيامٌ في البدروسية / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- فوق أرض الذاكرة / مجموعة قصصية. دار آس سوريا
- أوراق نساء / 2012 ـ ديوان . دار بصمات ـ سوريا
- نشرت العديد من قصصهِ في مجلات وصحف ومواقع إلكترونية سورية وعربية منها
- (مجلة الآداب اللبنانية) (مجلة قاب قوسين) الأردنية (مجلة ثقافات الأردنية) (مجلة انتلجنسيا التونسية) (جريدة الوحدة السورية)