يفتح قلبه لمجلة المنال ويصرح: “رياضة المعاقين تحتاج إلى ثورة حقيقية في فضائيات العالم العربي”
من يعرف يزيد مواقي بناني في مجال الشهرة والاضواء وعالم الاعلام التلفزيوني قد لا يعرفه لاعبا رياضيا يذود عن حمى شباب بلوزداد واتحاد المدنية في الجزائر العاصمة، حيث نشأ في كنف عالم كرة القدم ورضع منها حتى النخاع من خلال خيرة نجوم الكرة الجزائرية سنوات السبعينيات والثمانيينات من القرن الماضي ، ورغم ولادته في باب الواد ، معقل ” مولودية الجزائر ” الا أن قلبه كان معلقا حينها بفريق” شباب بلوزداد ” ذائع الصيت في بلد المليون ونصف المليون شهيد
حبه للغة العربية وولعه بالقرآن الكريم جعله يلتحق بالكتاتيب في مسقط رأس أجداده “بسكرة ” حيث ضريح الصحابي الجليل وفاتح المغرب العربي عقبة بن نافع ، ومن طولقة كان التعلق بالماضي والبحث عن مستقبل واعد ومشرق ، فكان له ذلك حين تحصل على شهادة الليسانس في التربية البدنية والرياضية واختار من كرة القدم والجمباز تخصصا، ولأنه سليل عائلة امتهنت صناعة التلفزيون فإن الابن المدلل لم يحد عن الطريق وواصل الحفاظ على مهنة الأباء والاجداد بكل جد وإخلاص بداية بالتلفزيون الجزائري وإنتهاء عند قناتي الأم بي سي والعربية ..
في البداية نود أن تحدثنا عن مسيرتك المهنية الحافلة بالإنجازات في مجال الإعلام الرياضي؟
الانطلاق كان من التلفزيون الجزائري عام 1987 ، وأذكر حينها بدأت محرارا في القسم الرياضي ومعدا لعدة تقارير، لم يكن ذلك سهلا نظرا لوجود عدة أسماء رنانة في سماء الاعلام الجزائري كبن يوسف وعدية والحبيب بن علي الذي استلهمنا منهم وتعلمنا من هم الكثير في ابجديات المهنة التلفزيونية، وقد كانت نهاية الثمانييات فرصة مواتية لي خصوصا مع كؤوس افريقيا والألعاب الأولمبية في سول وكأس العالم تسعين الذي ساهم في بروز شخص إسمه يزيد مواقي بناني، ولعل برنامج “أرقام وتعاليق” كان النافذة التي صنعت شخصيتي الإعلامية، ومع ظهور أول فضائية عربية إسمها” الأم بي سي” كنت محضوضا كوني من مؤسسي القسم الرياضي فيها حين عرض علي العمل بها سنة 1994 وكان ذلك إيذانا بظهوري على المستوى العربي من خلال تغطية كأسي افريقيا و العالم بأمريكا وأولمبياد اطلنطا 1996 ثم مونديال فرنسا عام 1998 وغيرها الكثير، ولعل أهم شيء لازلت افتخر به هو بناء اللبنات الأولى للقسم الرياضي عند الانتقال من لندن الى دبي عام 2002 مثلما أعتز بيوم تعييني من طرف مدير قناة العربية الاستاذ عبد الرحمان الراشد على رأس القسم الرياضي في الام بي سي والعربية وهو اليوم الذي شهد ولادة ابني أنس نور الإسلام.
“لا يعقل عزل المعاق إعلاميا مقايل وجود فضائيات تبث أي كلام”
وما هي التحديات التي واجهتك أثناء عملك الجديد آنذاك ؟!
أول تحدي واجهناه هو زيادة الجرعة الرياضية العربية بشكل كبير بعد ان كانت تطغى على النشرات ، الاخبار العالمية التي توزعها الوكالات المصورة دون أي إجتهاد او اهتمات بالبطولات العربية التي تهم المشاهد، من هنا أخذنا على عاتقنا خلق برامج يومية واسبوعية تتابع كل الاحداث الرياضية بأسلوب خفيف ومشوق للمتابعين ،، تزامنت هذه الحركية مع كأس العالم بألمانيا عام 2006 حيث أوكلت لي إدارة مجموعة الام بي سي إنجاح التغطية المونديالية على جميع القنوات بمافيها أم بي سي اف ام وبانوراما، حيث تم الإهتمام بكأس العالم “قبل وأثناء وبعد” مع إستقطاب أشهر وألمع الخبراء والرياضيين العرب.
وكان شعارنا على العربية “المونديال بعيون العربية” وهي متابعة إخبارية على مدار الساعة، وعلى الام بي سي ” أصداء كأس العالم ” وبشهادة الجميع كانت تغطية الام بي سي بكافة قنواتها الأفضل من حيث نسبة المشاهدة والتفاعل مع الجمهور العربي بلمسة خاصة جدا وهذا النجاح فتح الشهية للإعتناء بالبرامج الرياضية بشكل أكبر .
كل هذه البرامج كانت تحد بالنسبة اليكم ؟!
بكل تأكيد فالذي يميزنا عن غيرنا هو الديناميكية في الانتاج والخروج عن المألوف شكلا ومضمونا، من أجل ذلك سعينا الى معرفة إحتياجات المشاهد العربي وميولاته الرياضية ومن ثم قدمنا أطباقا إخبارية وبرامجية تلبي تطلعاته واهتمامته يضاف الى ذلك تجديد الدماء من خلال البحث عن مواهب تحقق الاهداف التي سطرناها فضلا عن إنتقاء شبكة واسعة من المراسلين وصل عددهم الى أكثر من عشرين مراسلا ضمن النطاق العربي والعالمي فكان النجاح يتحدث عن نفسه في مختلف البطولات والاحداث الرياضية .. شخصيا كان ذلك بالنسبة لي ثورة في مجال الاعلام التلفزيوني، على السبيل المثال لا الحصر قفز إنتاجنا اليومي من 1% الى 14% من الإنتاج العام ضمن الرياضة في كثير من الأحيان.
ما هو تقييمكم للإعلام الرياضي على المستويين المحلي والعربي؟
الاعلام التلفزيوني الرياضي الفضائي العربي فتي، من غير المنصف أن نطلق عليه أحكاما جزافية وفي إعتقادي أن عشرين سنة من الفضاء قُدم فيها الكثير ومازال يؤمل منه اكثر، لكن الأكيد أنه في تطور مستمر تقنيا وفكريا والكل يحاول قدر جهده في تقديم الأفضل .
بإعتباركم شخصية إعلامية مسؤولة في القسم الرياضي ما هي نظرتكم إلى واقع رياضة المعاقين؟
على المستوى العربي هناك تفاوت بين دول وأخرى ومن المعلوم أن رياضة المعاقين تتطلب إمكانات كبيرة فرياضة المعاقين حركيا تتطلب منشآت وتجهيزات خاصة والأمر ينطبق على الصم والمكفوفين وغيرهم من هذه الشرائح، فالمسألة مسألة إمكانات وإرادة وهي بلا شك تتطور وتنتشر في البلاد العربية خاصة في دولة الإمارات التي تهتم بجميع الفئات دون أن تشعر هذه الفئات بأنها تشفق عليها بل هو واجب على الجميع القيام به خدمة للصالـــح العام وأخص بالذكر نادي الثقة للمعاقين بالشارقة بإعتباره نموذجا حيا للإهتمام بفئة الأشخاص من ذوي الإعاقة والأبطال الرياضيين المعاقين.
“لدي أفكار جذابة لمشروع تلفزيوني تخص كافة الأشخاص ذوي الإعاقة”
هل وسائل الإعلام تؤدي دورها كما يجب تجاه فئة المعاقين ؟!
بكل صراحة يجب أن نعترف بالتقصير تجاه الأشخاص من ذوي الإعاقة، وفي إعتقادي أن هناك عملا كبيرا ينتظرنا لسَد هذا الفراغ الكبير،رغم النتائج الباهرة التي يحققها المعاقون في مختلف الرياضات وعند كل فئاتهم أولمبيا وعالميا فعديد الميداليات الأولمبية أحرزها العرب في رياضات المعاقين وكأسي العالم الماضيتين في كرة القدم خير دليل عندما تمكن المنتخب السعودي من الحصول على اللقبين، لكن كل هذه النتائج لم تأخذ نصيبها التي تستحقه من وسائل الاعلام فهنا لا بد علينا من جلد ذاتنا للعمل بشكل أكبر في هذا الاطار مستقبلا.
مع تطور وسائل الإعلام نشهد توسعا في تخصص الفضائيات الرياضية والبرامج الرياضية المختلفة غير أن معظم الإهتمامات لم تتطرق إلى تفعيل الإعلام في خدمة رياضة المعاقين وقضايا الإعاقة بشكل عام ما السبب في ذلك؟
لا يخفى عليكم أن إنشاء قنوات يتطلب ميزانيات ضخمة وللمعلنين دور كبير في ضمان إستمراريتها، وفي إعتقادي أن المعلنين لم يكتشفوا بعد هذا السوق مع يقيني أنه سوق جذابة ومثمرة إذ استغلت أحسن استغلال، وإذا كتب أن خرجت فضائية تهتم برياضة المعاقين بالشكل المطلوب حسب المقاييس العالمية فإنها بكل تأكيد ستجذب الجمهور والمعلنين على حد سواء، لأنه لا يعقل أن تكون فئة المعاقين معزولة إعلاميا مقابل فضائيات فارغة ترصد لها مبالغ طائلة وتبث كلام لا معنى له.
يتحدث الإعلام عن الأشخاص من ذوي الإعاقة بإظهار العيوب وإثارة الشفقة وبتسميات ومصطلاحات خاطئة مثل (الشخص المعوق، والمتخلف عقليا) هل هي مسؤولية المؤسسات التي تعنى بقضايا الإعاقة في تصحيح الأفكار الخاطئة إعلاميا ومراقبتها للحد من التجاوزات الإعلامية اتجاه فئة ذوي الإعاقة؟
الامر يخص الجميع لكنه بالدرجة الاولى يخص الاعلاميين الذين يتوجب عليهم التحلي بدرجة عالية من الوعي والمسؤولية الاجتماعية في تلقين المجتمع وتوجيهه بالشكل السليم كي لا تترسخ الأخطاء في الاذهان ولكي لا نربي أجيالا على أفكار خاطئة تجاه جزء مهم من المجتمع .
“الإمارات نموذج حي في إبراز وجه مشرف للحضارة الإنسانية من خلال الإهتمام بالمعاق”
كيف يمكن تفعيل دور الإعلام العربي لخدمة رياضة المعاقين وإبراز حقوق الأبطال من ذوي الإعاقة وتسليط الضوء على واقع رياضة المعاقين والارتقاء بها إلى أفضل المستويات؟
زيادة جرعة النشاطات الرياضية للمعاقين من أخبار وتقارير خاصة وبرامج وحبذا لو تنشأ قناة متخصصة في هذا المجال مثلما سبق وأن أشرت.
هل يهتم الإعلامي يزيد مواقي برياضة المعاقين كيف ذلك؟
من دون شك ، فسبق لي أن قمت بتغطية العديد من البطولات وبحكم دراستي للتربية البدنية والرياضية أعرف أهمية متابعة مثل هذه الرياضات وأنا أرقب رياضة المعاقين عن كثب.
كلمة عن الأشخاص من ذوي الإعاقة بشكل عام، خاصة الذين لم يحظوا بالاهتمام والرعاية بتقصير من أسرهم أو من المجتمع نفسه؟
هذه الفئة جزء لا يتجزء من المجتمع وعلى الأسر أن تدمج أبنائها منذ الصغر، فهذا يجنبها المتاعب في المستقبل المشكلة لدى المعاقين الذين أصيبوا في حوادث مرور بإصابات بليغة فهذا يتطلب عناية خاصة بهم وخاصة جدا.
في الختام ما هي طموحاتكم المستقبلية في إعلام رياضة المعاقين؟
أمنيتي هي إنشاء قناة رياضية متخصصة لجميع المعاقين بمختلف فئاتهم تكون المنبر الحقيقي لإبراز إنجازات ومشكلات هؤلاء، وجديا بدأت أفكر في هذا المشروع منذ فترة وكل آملي أن أضع خلاصة خبرتي في قناة خاصة بذوي الإعاقة تكون فريدة من نوعها في العالم العربي.