من الصعب أن نواجه كل التحديات ونصارع كل العقبات التي تعترضنا في حياتنا اليومية لنصل
إلى ما نطمح إلى تحقيقه ومن المؤكد أن الوصول إلى قمة هذه الرؤية من الأهداف يتطلب
الكثير من التضحيات وسلوك طريق النجاح المبني في أساسه على قوة الإرادة والعزيمة ورغبة
التميز والإرتقاء.. وعادة لا تخلو هذه التحديات من العقبات والضغوطات على إختلافها
من شخص لآخر كل واحد حسب ظروفه.. والشخص المعاق كغيره من الأشخاص غير المعاقين له طموحات
وأهداف يسعى لتحقيقها بنظرة مستقبلية رغم مصاعب الإعاقة، يكافح و يجتهد ليثبت وجوده
في المجتمع ليس كمعاق و إنما كمبدع و منتج و مساهم في التنمية، والطالب سلطان محمد
علي واحدا من هؤلاء الأشخاص من ذوي الإعاقة الذين تحدوا إعاقتهم و استطاع أن ينجز و
يرتقي بنفسه إلى أعلى المستويات.
يبلغ سلطان محمد علي 28 سنة، من ذوي الإعاقة الذهنية المصاحبة للإعاقة الحركية بسبب
نقص في الأكسجين أثناء ولادته، إلتحق بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية سنة 1992 وحاليا
هو طالب بقسم التأهيل المهني بفرع الذيد التابع للمدينة، إستطاع بإرادته القوية الإنتصار
على إعاقته وأثبت أن المعاق ليس ذلك الشخص الذي يعاني من مشكلة في جسمه وإنما الشخص
المعاق هو من يستطيع أن ينتج ولا يريد ذلك.
دعم الأسرة دافع حقيقي للنجاح والتميز…
لم تمنع الإعاقة الحركية الطالب سلطان علي من مواصلة حياته الاجتماعية والتعليمية بنجاح
وتفوق، وبتشجيع ودعم من أفراد أسرته لم يشعر بأن شيئا ينقصه أو يميزه عن بقية إخوانه
أو أصدقائه، فهو يزاول حياته بشكل طبيعي، متحديا إعاقته نحو إثبات ذاته وتنمية مهاراته
في استخدام الحاسب الآلي واهتمامه بورشة النجارة والسجاد، فضلا عن ممارسته لرياضة البوتشيا.
يؤكد الطالب سلطان محمد علي أنه لولا دعم و مساعدة أهله له وحرصهم الدائم على توفير
كافة الأجواء المناسبة لكان وضعه وحاله مختلفا عما هو عليه الآن، و يستذكر الوقفات
المثالية لأهله وإخوانه إلى جانبه ودعمهم المتواصل بتهيئة كامل الأجواء لتتناسب معه
وتوفير كل ما يحتاجه من متطلبات وكذلك تشجيع والديه له ودفعه للتفوق في التعليم وتحقيق
كامل رغباته وطموحاته خاصة في مجال رياضة البوتشيا الذي أحرز فيها الكثير من النجاحات
على المستوى المحلي والدولي، قائلا: ” لم استسلم لإعاقتي فكافحت وأصريت على التفوق
في دراستي، ويرجع الفضل بعد الله عزوجل في الخدمات القيمة التي أتلقاها بمدينة الشارقة
للخدمات الإنسانية من حيث المعاملة الطيبة وحرص العاملين من أخصائيين ومشرفين على متابعة
كامل خطوات الإرتقاء بمستوياتي نحو الأفضل وجهود أهلي التي تدفعني دائما إلى النجاح
بإرادة وثقة”.
ويضيف أن الإعاقة الحركية لم تحد من رغبته في العيش بصورة طبيعية، فلديه العديد من
الأصدقاء من أبناء الحي الذي يقطن فيه يزورنه ويخرجون معه ويتحدث إليهم باستمرار، وتحمل
مخيلته العديد من الآمال والأمنيات التي يرغب في تحقيقها، من بينها مواصلة تعليمه المدرسي
وصولاً إلى الجامعة والإلتحاق بإحدى الوظائف الحكومية ليستقل بدخل ثابت.
وتقول صبيحة سعيد الكتبي مشرفة قسم التأهيل المهني بفرع الذيد التابع للمدينة: “إن
سلطان شخص موهوب لديه امكانيات وقدرات عالية بتجاوبه المذهل في ورشة النجارة والزراعة
والنسيج وهو طالب طموح يسعى دائما للإرتقاء بمستوياته ليثبت أنه قادر على الشغل في
المجتمع والمشاركة في التنمية.
سلطان علي يتحدى إعاقته ويمثل منتخب الإمارات بمشاركته في البطولة العالمية للبوتشيا
يؤكد عامر أحمد إبراهيم مدرس التربية الرياضية بفرع الذيد أن الطالب سلطان محمد علي
رياضي ويحب رياضة البوتشيا وهو إنسان اجتماعي يحب المشاركة في أنشطة الأشخاص من ذوي
الإعاقة ومجتمعاتهم كما يحب العمل التطوعي وشارك في العديد من مخيمات الأمل الخليجية
كما تم إشراكه كإداري عن الفرع مع الطلاب المشاركين في أنشطة وبرامج الأولمبياد الخاص
الإماراتي الذي نظمه اتحاد الإمارات لرياضة المعاقين على مستوى الدولة، وشارك في البطولتين
الإقليميتين للأولمبياد الخاص لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بطولة ( زايد الخير
دبي 2006 ) والبطولة السادسة أبوظبي 2008 وفي سنة 2010 أدخل اتحاد الإمارات لرياضة
المعاقين لعبة البوتشيا لفئة الشلل الدماغي من ضمن الألعاب البارالمبية كلعبة جديدة
ونظم دورات للمدربين والحكام وقام بتصنيف اللاعبين بأندية ومراكز المعاقين بالدولة
وبعدها نظم دورة استكشافية لاختيار العناصر الجيدة في اللعبة لتمثل الإمارات في بطولة
العالم للبوتشيا بالبرتغال، وتم إختيار اللاعب سلطان محمد علي من فرع المنطقة الوسطى
بالذيد ضمن منتخب الإمارات للبوتشيا المكون من 5 لاعبين فقط وهنا وجد سلطان ضالته ولعبته
التي أتاحت له الفرصة بالمشاركة في بطولة العالم للبوتشيا بالبرتغال في مايو 2010 بمشاركة
32 دولة وأضافت له المشاركة خبرة دولية واسعة استفاد منها الكثير، كما شارك اللاعب
سلطان محمد على مع منتخب الإمارات بدورة الألعاب الأسيوية البارالمبية بمدينة غونزهو
الصينية عام 2010 ضمن فريق البوتشيا حقق فيها منتخب الإمارات نتائج طيبة محرزاً 11
ميدالية ملونة 4ذهبيات و6 فضية وبرونزية .ومن المتوقع مشاركة اللاعب سلطان علي ببطولة
العالم للبوتشيا في شهر أغسطس القادم بايرلندا الشمالية
الإعاقة لا تلغي السعادة الزوجية
إستطاع سلطان بإصراره ومثابرته أن يحقق جزئا هاما من طموحه الغير متناهي ويحقق السعادة
لنفسه ولزوجته وابنته شيخة التي تمثل الحافز الأكبر ليكون أبا مثاليا، ولم تمنعه ظروف
إعاقته الحركية من ذلك بل كانت الدافع القوي وراء تحدياته ليحقق بجدارة السعادة المثالية
لأسرته، كيف لا وقد نعم الله عليه بعقل يفكر ووهبه إرادة وطموح وتفاؤول يصنع الكثير
خاصة روحه التي لا تعترف باليأس ويتضح ذلك في ابتسامته التي لا تفارق وجهه والتي تحمل
في خلفيتها معاني الإصرار و العزيمة لتجاوز المصاعب وتحقيق السعادة “
وتقول زوجته ميرة علي “إن سلطان إجتماعي بطبعه ومحبوب من الجميع ويعتمد على نفسه في
كل شيء وأنا سعيدة بمعاملته الطيبة ولا أعتبره شخص معاق ويكفي أنه منحني كامل الإستقرار
العائلي والسعادة الزوجية، وبدعمه تفوقت في دراستي وتخرجت بشهادة الثانوية العامة”
وتضيف أن الشخص المعاق ذلك الشخص الغير قادر على العطاء لوطنه وكل ما يحتاجه الشخص
المعاق هو الدعم المعنوي وإعطاءه الفرصة لإثبات وجوده وأن ينظر له المجتمع النظرة الإيجابية
والإنسانية، ويبقى طموح أسرة سلطان محمد علي في أن يلتحق بإحدى الدوائر الحكومية في
مجال إدخال البيانات ليحقق مشاركته المجتمعية ويوفر لأسرته كامل متطلبات الحياة بإعتماده
على نفسه.