بيان لجنة الأمم المتحدة للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية
الخلفية:
لقد تزايدت ضرورة الإستحواذ على الحق في الحماية الإقتصادية والإجتماعية والثقافية على المستويين الوطني والدولي، وذلك جزئيا إستجابة للتغيرات الإجتماعية القائمة في مختلف أقاليم العالم. ففي الكثير من الدول المتطورة أتى الإهتمام بذلك نتيجة الأزمات الإقتصادية وفترات الكساد الاقتصادي في السنوات الأخيرة. أما في الدول النامية بالمقابل، فالكثير منها، نسبيا، خبرت نموا وإزدهارا إقتصاديا مما أتاح لهم فرص الحصول على الموارد الضرورية للبدء التدريجي بتطبيق برامج الحماية الإجتماعية. ووجب إعتبار إستحداث أرضيات إجتماعي كحزمة تأمينات إجتماعية نقدا أو خدماتيا (كممهد من أجل النهوض لضمان الحد الأدنى الأساسي للدخل والحصول على الرعاية الصحية ولإتاحة المجال لتمتع الشرائح الإجتماعية المهمشة بالكثير من الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية).
أوصت لجنة الإمم المتحدة للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية الدول الأعضاء في سياق (مراقبتها الختامية) بالتطبيق الملموس للحق بالضمان الإجتماعي مكرسة الإستحواذ القانوني للأفراد بأرضيات الحماية الإجتماعية حيث تتطور وصولا إلى التغطية الشاملة في نظام ضمان إجتماعي متكامل بالتوافق مع البند التاسع من الإتفاقية الدولية حول الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية. ووفق الرسالة التي توجه بها رئيس اللجنة إلى الدول الأعضاء في مايو 2012 ملفتا نظرهم إلى ضرورة الإلتزام بأرضيات الحماية الإجتماعية في أي محاولة لمواجهة الصعوبات والإلتزام ببنود المعاهدة الدولية ليتيح لمواطنيها التمتع بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية وعليها إذ ذاك (الإعتراف بالحد الأدنى بالحق في أرضيات الحماية الإجتماعية التي كانت قد طرحتها منظمة العمل الدولية وتأمين الإلتزام التام بشكل دائم بمندرجات وبنود أرضيات الحماية الإجتماعية).
وبالتالي فمن بين الغايات المطروحة للتطبيق للهدف الأول من الأهداف المطروحة ضمن أهداف التنمية المستدامة لما بعد 2015 هو تحقيق تطبيق منظومة حماية إجتماعية مناسبة بما فيها إجراءات عديدة بما فيها الأرضيات.
الغايات:
ومن خلال بيان اللجنة الإقتصادية والإجتماعية والثقافية للأمم المتحدة هذا ومتابعة للنداء الموجه للدول الأعضاء لتكريس الأهداف الأممية للتنمية المستدامة لما بعد 2015 ولتحديد المعايير والمواصفات المتعلقة بها وبحقوق الإنسان بما في ذلك حريات عدم التمييز والمساواة بين المرأة والرجل والمشاركة والإندماج والشفافية والمحاسبة، تؤكد على متانة الترابط ما بين توصيتها العامة التاسعة عشرة وتوصية منظمة العمل الدولية ذات الرقم 202 حول أرضيات الحماية الإجتماعية.
إن مفعول التوصية العامة للجنة الإقتصادية والإجتماعية والثقافية 19 بالحق بالضمان الإجتماعي يترجم بالمكونات الأساسية عبر:
- مفهوم الضمان الإجتماعي كحق إنساني وكضرورة إقتصادية وإجتماعية للنمو والتطور
- إعادة تأكيد منحى إعادة التوزيع للضمان الإجتماعي ودوره في إستنهاض الإندماج الإجتماعي
- إعادة تأكيد الدور الرئيسي للدولة لتكريس الحق بالضمان الإجتماعي
على الصعيد الوطني تعتبر هذه الأمور وترابطها ضمانات أرضيات الحماية الإجتماعية بهدف تأمين الكرامة الإنسانية لتجنب أو مكافحة الفقر والحد من العوامل المهددة والتهميش الإجتماعي بالإضافة إلى ذلك توفر أرضيات الحماية الإجتماعية فرص ديمومة الحصول على الخدمات العمومية مثل الماء والصرف الصحي والصحة والتربية والتعليم والخدمات الإجتماعية التي محورها الأسرة والمرتكزة على البنود الواردة في سياق المعاهدة الدولية (حول الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية).
الإلتزامات المنتظرة من القيادات
أرضيات الحماية الإجتماعية تنادي بتكريس منظومات تأمينية للضمان الإجتماعي والتي تؤكد الحصول بشكل شامل على الخدمات الصحية الأساسية والحد الأدني من الدخل الأساسي. ويمكن تأمين ذلك عن طريق التحويلات بصورة نقدية مباشرة أو بصورة خدمات ومنافع داعمة للدخل مترافقة مع ضمانات للتوظيف والعمالة في سن الإنتاج ومنح مالية شاملة لكبار السن ومنافع للأشخاص ذوي الإعاقة وللأشخاص فاقدي المعيل والممول الرئيسي.
كما أن تلك الأمور مدرجة في البند التاسع للتوصية الأساسية من اللجنة الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والموجهة إلى القيادات في الدول الأعضاء لتؤمن الحصول على الضمان الإجتماعي وذلك يضمن تقديم الخدمات الأساسية والحد الأدني من المنافع لكافة الأفراد والأسر لتمكينهم من الحصول على الخدمات الطبية الأساسية على الأقل وفرص السكن والإيواء والماء والصرف الصحي والتغذية والتعليم الأساسي. والشمولية (تعني الكل) مكرسة الحقوق الإنسانية الأساسية تطال كل الأمور التي تعني كل الأفراد. وعبر نفس المسار تهدف أرضيات الحماية الإجتماعية تهدف إلى ضمان الدخل والحصول على المنافع والخدمات الأساسية على مدار العمر مع إنتباه وعناية خاصة للشرائح المهددة والمحرومة بما في ذلك الأطفال وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة والعاملين الغير منتظمين والإقليات العرقية وسكان البلاد الأصليين والمهاجرين واللاجئين والمهجرين.
النساء
عادة ما لم تُشمل النساء بالضمان الإجتماعي ولا يستفدن من منح مالية ومرد ذلك يمكن أن يعود إلى تواجدهن في ظروف غير منتظمة إقتصاديا، أو يعانين من عوامل تحول دون إستفادتهن من المنافع أو بكل بساطة لإرتباطهن بعمل غير مدفوع الأجر والذي لا يعتبر مساهمة في الدورة الإقتصادية القائمة في مجتمعاتهن أو بيئتهن السكانية. كما أن هناك إعتبارات تقليدية بكونها مشمولة بإعتمادها على الشريك ـ الرجل وليس كونها مستحوذة على الحقوق كفرد. تؤكد اللجنة الاقتصادية والإجتماعية والثقافية في سياق إتفاقيتها توفير عدة ضمانات أساسية تضمن أرضيات الحماية الإجتماعية مثل الصحة الإنجابية والعناية بالطفل ومنافع مرحلة الأمومة والمنح المالية والتي تساهم في منافع شاملة. وتلك المنافع تحد من الفروقات الجندرية وتخفف من الأعباء الملقاة على كاهلهن والتي كن يرزحن تحتها في مجال المسؤوليات المنزلية الغير متوازنة.
التطبيق التدريجي
بينما يجري التركيز على المفهوم المحوري لأرضيات الحماية الإجتماعية والذي يكرس الحقوق الإقتصادية والإجتماعية بما فيها الضمان الإجتماعي كمضمون جوهري تذكر لجنة الأمم المتحدة للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية الدول الأطراف في إتفاقيتها الدولية على مندرجات المادة 19 من تقريرها حول إلتزامها التجسيد التدريجي في تكريس الحق في الضمان الإجتماعي. وذلك يشكل بالتالي ترجمة ملموسة لما ورد في توصية منظمة العمل الدولية رقم 202 حول أبعاد الضمان الإجتماعي والذي من المحتم أن يشمل التدرج في مستويات أعلى من توفير الحماية الإجتماعية لأكبر عدد ممكن من الأفراد. وعندما يجري الحديث من أرضيات وليس عن سقوف نعني أنها إستحداث كما جرى تجسيدها بالإرتكاز على منظومة حقوق الإنسان ومبادءها ومعاييرها. و تكمن في أرضيات الحماية الإجتماعية المفاعيل التي توفر عوامل التمتع بالكثير من الحقوق الإقتصادية والإجتماعية
كما ترحب لجنة الأمم المتحدة للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية بشواهد متعددة حول كيفية تطبيق أرضيات الحماية الإجتماعية التدريجي في الدول ذات المستويات النمائية المختلفة في المجالات اٌلإقتصادية والإجتماعية عبر مروحة واسعة من البرامج والإجراءات كما ورد في تقرير منظمة العمل الدولية حول الحماية الإجتماعية 2014-2015.
وفي الدول المنخضة الدخل والتي لاتزال في مرحلة محدودية أثر الشبكات الحماية والتي توفر مستويات متدنية من المنافع، تجري محاولات حثيثة وحوارات حول توسيع التحولات في الحماية الإجتماعية والتأسيس على إنشاء سياسة أرضيات حماية إجتماعية وطنية كجزء من منظومة حماية إجتماعية شاملة. يجري حاليا إنجاز نظام تغطية منح ومنافع تعويضية شامل في 20 دولة نامية وفي دول نامية أخرى تجري حاليا تطبيق نظام تجريبي في منح مساعدات لكبار السن. وفي العديد من الدول متوسطة الدخل يجري التوسع التدريجي في أنظمة الحماية الإجتماعية وذلك وفقا لإستراتيجيات حاجات النموالمحلية والتي بدورها تحفز النمو.
ومن المهم أن تكون للدولة خيارات متاحة لحكوماتها لتوسع إطار الحماية الإجتماعية حتى في الدول الأفقر، كإعادة توزيع الثروة العامة بحيث يتم إستهداف البذل في المجال الإجتماعي والإزدياد في الريع الضريبي والحد من الهدر في مجال الخدمات ومكافحة الفساد والمزيد من برامج الضمان الإجتماعي. وبشكل مواز من المهم أن تظهر تلك الدول إلتزامها بمندرجات الإتفاقية الدولي حول الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية وذلك بتوفيرها موارد كافية من أجل الحماية الإجتماعية في سبيل تجسيد الحقوق الإنسانية والتنمية الإقتصادية والإجتماعية.
وتعترف اللجنة (لجنة الأمم المتحدة للحقوق الإجتماعية والإقتصادية والثقافية) بضرورة المباديء التوجيهية المقترحة في التوصية 202 لمنظمة العمل الدولية وتبرز بوجوب إستحواذ تطوير أرضيات الحماية الإجتماعية على توافق وطني مما يوجب تشارك كامل من كافة الأطراف ذات الصلة في تصميم وتطبيق ومتابعة ورصد وتقويم محتويات أرضيات الحماية الإجتماعية. وعلى المنظمات الإقليمية والدولية بما في ذلك المؤسسات المالية الدولية دورا مهما لتلعبه في إستنهاض العوامل الضرورية من أجل التطبيق الحقيقي لأرضيات الحماية الإجتماعية.
وتوكد اللجنة ضرورة توفير الموارد المناسبة على المستوى الوطني من خلال المساعدة والتعاون الدوليين – والتي يجب تقديمها- وذلك لتمكين الدول من من التجسيد التدريجي للحقوق المدرجة في الإتفاقية. فمشروع إستحداث (صندوق دولي للحماية الإجتماعية) المدرج في التوصيات الأساسية (للهيئة العالية المستوى للأشخاص المرموقين) حول الأجندة النمائية لما بعد 2015 والتي تعتبر خطوة مهمة في الإتجاه الصحيح والتي من شأنها دعم الإستثمار الأولي في أنظمة حماية إجتماعية عامة ومستدامة.
وتؤكد اللجنة على ما ورد في تصريح المقرر الخاص للأمم المتحدة حول الفقر المدقع وحقوق الإنسان (يجب أن يصبح تبني أرضيات الحماية الإجتماعية والمبادرات ذات الصلة المتخذة في إطار الحقوق الإنسانية ككل، هدفا مركزيا لكافة العاملين في مجال حقوق الإنسان والتنمية).
وتشجع اللجنة أخيرا كافة الدول الأعضاء على تعزيز مباديء ومعايير حقوق الإنسان لإقامة أرضيات الحماية الإجتماية وخاصة لناحية عدم التمييز والمشاركة والشفافية والمصداقية والإعتراف بالحق بالضمان الإجتماعي عن طريق الضوابط القانونية الضامنة للإستحواذ للمستفيدين وبالتحديد لأصحاب الحقوق. كما تشجع اللجنة الدول الأطراف على تضمين أرضيات الحماية الإجتماعية في أهداف التنمية المستدامة كوسيلة لمكافحة الفقر والتمييز وتضمن تنمية مستدامة لما بعد 2015 مع مراعاة إنجاز وتطبيق كافة الحقوق التي وردت في المعاهدة الدولية حول الحقوق اٌلإقتصادية والإجتماعية والثقافية.