الملتقى الأسري الخامس عشر (أمن وطني أمن أسرتي):
دور المؤسسات في تحقيق الأمن الاجتماعي والمسؤولية الأسرية
تحت رعاية قرينة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة نظمت إدارة مراكز التنمية الأسرية بالشارقة الملتقى الأسري الخامس عشر تحت شعار (أمن وطني.. أمن أسرتي) يومي 20 و 21 يناير 2016 في مدينة الشارقة.
وفي هذه المناسبة أكدت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي على أهمية أمن الأسرة الذي يرتبط بأمن الوطن، مشيرة إلى أنه لا أمان يمكن أن تعيشه الأسرة في وطنٍ يشهد تحديات عنيفة لا قِبَلَ لأفراده ولا للمجتمع كله بكياناته الأسرية على مواجهتها، فتفقد بالتالي الأمن ..
وقالت سموها: (إذ نشكر الله عز وجل أن منحنا وطناً آمناً، يستظل به المواطن والمقيم، لنتطلع إلى الأسرة في الشارقة والإمارات بمزيد من الأمل كي تقوم بدورها في التربية والتنمية وبث روح التماسك والمحبة والتسامح في أفرادها، وإنشاء الصغار على حب الوطن) .
وأضافت أن الأمن هو هدف الحياة، ويتسع مفهومه ليشمل كل الجوانب الحياتية، ويتفرع حسب احتياجنا للبقاء في بيئة مثالية تصلح لأن تكون ملاذا آمناً للإنسان.. فهناك الأمن الغذائي والأمن الصحي والأمن الاجتماعي والأمن الثقافي إضافة إلى الأمن الأسري.. فلا يتحقق من ذلك شيء من دون وطنٍ آمنٍ يجعل الفرد متمكناً من أداء رسالته ومهامه .
ولفتت إلى أن الأمان ينسحب على كل عناصر بناء المجتمع، وأهمها (الأسرة).. كونها الوطن الأول للإنسان حين يكون مولوداً رضيعاً.. وطفلاً يحبو باتجاه الحياة يتعلم أبجدياتها ويحاول فهم ما يجري فيها بالقدر الذي يتيحه له وعيه، والذي يتطور مع مرور الأيام والشهور والسنين حتى يكتشف وطنه الذي يحضن أسرته…
وقالت سموها: (على المواطن أن يعرف كيف يكون سنداً لوطنه.. بفكره وجهده وإبداعاته.. بنظرته للأيام المقبلة، بإيمانه بحاضره الذي يشهد فيه كل تحولاته.. باستعداده لحمايته والدفاع عن أرضه ومكتسباته.. وبانتمائه إلى أسرته التي اتسعت لتصبح وطناً يحتويه.. ويحتوي طموحاته وأحلامه، ويقف ـ بقيادته الكريمة ـ إلى جانبه كلما أثبت جدارته عبر إضافاته النوعية إلى بناء وطنه، أو واجه إخفاقات عبر تجارب لابد منها للتعلم والتدرب).
وأشادت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي بجهود العاملات في إدارة مراكز التنمية الأسرية، داعية إلى أن يحظى هذا الملتقى بالاهتمام الإعلامي والمجتمعي وأن يوفق في إيصال أهدافه.. وتفعيل نتائجه وتوصياته بما يليق بالوطن.. وأسرته الإماراتية .
الأمن حالة من الاستقرار والطمأنينة في المجتمع
من جانبها بينت سعادة موضي بنت محمد الشامسي رئيس إدارة مراكز التنمية الأسرية بالشارقة رئيس اللجنة العليا للملتقى الأسري الخامس عشر، أن مفاهيم الأمن الاجتماعي وأبعاده تعددت في ضوء التحولات التي يشهدها العالم مع بروز أخطار جديدة ومتغيرات تركت آثارها على جميع الأنساق الحياتية سواء منها ما يتعلق بحياة الفرد أو الجماعة وتجاوزت الأطر التقليدية لمفهوم الأمن المتعلقة بحماية الإنسان من التهديدات المباشرة لحياته.
وأشارت الشامسي إلى أن مفهوم الأمن يدور حول توفير حالة من الاستقرار والطمأنينة في المجتمع المحلي وهو ركيزة اساسية لبناء المجتمعات وعاملاً رئيسياً في حماية منجزاتها والسبيل إلى رقيها لأنه يوفر بيئة آمنة للعمل والحياة .
ولفتت رئيس مراكز التنمية الأسرية إلى أن معيار الأمن منوط بقدرة المؤسسات الحكومية وكذلك الأهلية في حماية الأفراد والجماعات من خلال فرض النظام، وسيادة القانون بواسطة الاجهزة القضائية والتنفيذية لتحقيق الأمن والشعور بالعدالة التي تعزز الانتماء للدولة بصفتها الحامي والأمين لحياة الناس وممتلكاتهم والعيش الكريم.
وقالت الشامسي إن الأمن يتحقق من خلال التوافق والإيمان بثوابتنا الوطنية التي توحّد النسيج الاجتماعي والثقافي ويبرز من خلاله الهوية الوطنية ويحدد ملامحها، حيث يكون من السهل توجيه الطاقات للوصول إلى الأهداف والغايات التي تندرج في إطار القيم والمثل العليا لتعزيز الروح الوطنية وتحقيق العدل والمساواة وتكافؤ الفرص وتكامل الأدوار .
ولفتت الشامسي إلى ضرورة الوعي بأبعاد الأمن الاجتماعي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبعد المعنوي والاعتقادي.
وقد ناقشت أوراق عمل اليوم الأول من الملتقى دور المؤسسات في تحقيق الأمن الاجتماعي والمسؤولية الأسرية في حماية الأبناء من التيارات الدخيلة والمتطرفة .
كما جرى مناقشة أبرز التحديات التي تواجهها الأسرة في عصرنا الحاضر حيث أن الأسرة هي القلب النابض للمجتمع وبصلاحها يصلح المجتمع وبفسادها يفسد. فمع تعقد الحياة وزيادة .
وأكدت أوراق عمل الملتقى دور الأسرة في الحد من الجريمة والوقاية منها متى ما هيأت لأفرادها المناخ الديني والأخلاقي المطلوب، وأشبعت مطالبهم الاقتصادية والصحية والترويحية والنفسية.
دور الشباب في الحفاظ على الأمن الوطني
أقيمت في الملتقى أيضاً ورشة عمل للشباب بعنوان (دور الشباب في الحفاظ على الأمن الوطني) بإدارة العقيد الدكتور إبراهيم الدبل المنسق العام لبرنامج خليفة لتمكين الطلاب # إقدر، وحضرها ما يقارب 50 طالباً من فئة الشباب والشابات المتفوقين في الثانوية العامة.
تناولت محاورالورشة معرفة معني المواطنة، وتنمية الوعي الوطني لدى الشباب وإحترام الرموز الوطنية والثوابت المتعارف عليها وحصانة فكر الشباب ضد التيارات الدخيلة والمتطرفة وشبكات التواصل الاجتماعي.
وتناولت الورشة دور الأسرة والمؤسسات الاجتماعية في ترسيخ قيم الانتماء الوطني وتثبيتها لدى الشباب، فالأسرة هي المحضن التربوي ودائرة الانتماء الأولى، وهي بالتالي نواة مكملة ولبنة في بناء الانتماء الوطني، على أن تقوم المؤسسات بتكملة الدور باهتمامها بالشباب وتدعيمهم لتحمل مسؤوليتهم في حماية الوحدة الوطنية، في سبيل الحفاظ على أمن الوطن واستقراره، وتقديم الدعم للشباب كونه الركيزة الأساسية في عمليات تنمية المجتمع، وضرورة التواصل بينهم وجميع الجهات المختصة للوصل إلي مستقبل واعد.
وكذلك تعزيز دور القدوة، وتحمل الآباء في الأسرة مسؤولية الحفاظ على الأبناء ومتابعتهم وتشجيع الشباب على تنمية مواهبهم وهواياتهم من خلال الانخراط في الأندية الرياضية والثقافية وفق ميولهم، ومراقبة شبكات التواصل الاجتماعي، وإعادة الحياة لتأثيرها الإنساني في زمن اجتياح وسائل التكنولوجيا لجميع مناحي الحياة.
وصرح العقيد الدكتور ابراهيم الدبل، أن هذة الورشة هي فكرة رائعة ومفيدة، فهي تخدم الأمن الوطني على المدي القريب والبعيد، حيث يمثل الشباب الشريحة الاكبر في المجتمع ويجب معرفتهم بواجباتهم الوطنية كمواطنين إماراتيين، ومن خلالهم نصنع قادة المستقبل ورعاة الوطن.
وأضاف نحن هدفنا تسليط الضوء على الوسائل التربوية النافعة وتحفيز السلوكيات، وزرع القيم في حياتهم ما يجعلهم حماة للوطن بإخلاص، وماهية المخاطر التي تحيط بالشباب وتحديداً بالأمن الوطني، ومن المسؤول عنها وواجباتهم في حماية الوطن.
تم في الورشة عرض مجموعة من الأفلام القصيرة حول أهمية العمل الجماعي، أكدت أن التلاحم والعمل التعاوني يحقق أفضل النتائج ويوضح كيف يؤدي كل فرد عمله داخل المجموعة، وهو المطلوب من الشباب في استخدام الأسلوب التفاعلي لاستمطار الأفكار .وبينت كذلك أن التركيز على فكرة النزاعات الداخلية يؤثر سلبا على منظومة العمل الجماعي، فالنفسيات المتسامحة من أهم أسباب النجاح الكامل، وحتى وإن كانت هناك فوضي في المجتمع وعدم تنظيم ولكننا قادرون بالعمل الجماعي على العبور من كل هذه الصعوبات. والجماعة من أجل الفرد والفرد من أجل الجماعة.
المستشارة النفسية والإختصاصية الشبابية هند البدواوي، ذكرت أن حضورها للورشة هو من خلال تعاونها الدائم في تقديم الإستشارات والبرامج للتقرب من فئة الشباب، والتعرف إلي ماهية أفكارهم للتخطيط لوضع برامج شبابية مستقبلية تخدم إحتياجاتهم وتوجهات وإستراتيجيات الدولة.
وأكدت نحن نركز في هذة الورش على كيفية ترسيخ القناعات التي تخدم تعزيز الهوية الوطنية وتوظيف طاقات الشباب إيجابياً في المجتمع الإماراتي باعتبارهم هم قادة المستقبل وعماد الدولة وذلك ضمن توجيه قياداتنا العليا للإستثمار في البشر.
وأفادت البدواوي أن الورش المقدمة في الملتقى تعمل على نقل ثقافة تحمل المسؤولية لبناء جيل قادر على الإعتماد على النفس في تكوين أسرة تحتوي معاييرها على الحفاظ عل الأمن الوطني واستشراف المستقبل وترك بصمة فاعلة في المجتمع من خلال أفراد الأسرة .
آراء الشباب حول أمن المجتمع
وقام الدكتور الدبل بكسر الجليد للتعارف بين المشاركين وتحديد الإحتياجات الخاصة للفئة المستخدمة بعمل مجموعات صغيرة من الحضور وكتابة أفكارهم على لوحة واستعراضها، وحول الورشة تحدث مجموعة من الشباب المشاركين عن هدفهم من حضور مثل هذه الورش ومدى استفادتهم منها، فأكد عبد الله سالم أنه أتى للتعرف على دور الشباب في الحفاظ على أمن الوطن والأسرة ومعرفة دور الشباب في تنمية المجتمع والحفاظ على الأمن المجتمعي والوطني .
وقالت شما عبد الله الشامسي: نحن هنا لإكتساب معلومات أكثر عن كيفية حماية الوطن وكوني مواطنة بدولة الإمارات الحبيبة يجب على إبراز هويتي الوطنية، وأفتخر بشيوخنا وجنودنا البواسل ونعتبرهم قدوتنا ومثلنا الأعلى.
وقال عمر عبد الله: حضورنا مثل هذة الورش يكسبنا الكثير من الخبرات مما يساعدني في بناء حياتي المستقبلية بشكل جيد ومنظم وفيه ترسيخ لأفكار تدعمني لأصبح من حماة هذا الوطن العزيز .
وقالت نوف أحمد الشامسي إن هذه المشاركات تعرفنا على دورنا كشباب في كيفية الحفاظ على الأمن الوطني بشكل عام وتحديداً تنمية وتعزيز دور المرأة بشكل خاص.
وأما عنود عبيد فرأت أنه يتوجب علينا كل فترة وأخرى أن نحضر مثل هذة الورش لتطوير أنفسنا واكتشاف أشياء جديدة بداخلنا واكتساب خبرات لحماية أنفسنا ومجتمعنا ووطننا الغالي الامارات .
وقال عبد العزيز حميد: إننا نستفيد بالرسائل التي تصلنا عبر هذة الورش ونستطيع أن ننقلها إلى جميع الطلاب وأفراد المجتمع من روح الإنتماء والمشاركة للإرتقاء بالمجتمع وإحترام الجنسيات الأخرى المتشاركة معنا في وطننا الغالي الشامخ الإمارات .
وأكدت شهد الكعبي: أننا نتعرف على ماهية المشاكل والمخاطر التي تهدد أمن المجتمع والتي تحيط بمجتمعنا ومنطقتنا العربية وكيفية مواجهتها فامن المنطقة بالكامل هو مسؤوليتنا جميعاً، ونزيد ثقافتنا للتعامل مع العادات والأفكار الدخيلة على المجتمع والدولة .
وتحدثت أسماء محمد فقالت: نحن فئة الأوائل تقع علينا مسؤولية كيف نرسخ الهوية الوطنية في داخل كل مواطن إماراتي، وتوعية المجتمع بكيفية الحفاظ على الأمن المجتمعي، باعتباره مشاركة جماعية وليست مسؤولية فرد بعينه .
اختتمت الورشة أعمالها بوصية المغفور له الشيخ زايد رحمة الله عليه: (يعني تخلق المواطن بالأخلاق الإسلامية والإماراتية الأصيلة التي منها الأمانة والصدق والإخلاص والصبر والتعاضد وحب الوطن دون انتظار المردود).
نحو أمن مجتمعي هادف
افتتح اليوم الثاني والأخير من أيام الملتقى بكلمة الأستاذة الأستاذة خولة عبد الرحمن الملا المدير التنفيذي لمركز التنمية الأسرية نائب رئيس اللجنة العليا للملتقى، رحبت في بدايتها بالحضور وأكدت على تزامن الملتقى مع وضع أمني يعيشه العالم وفوضى أمنية تعيشها الأمم، وفي ظل وجود الكثير من الفكر المتطرف الذي أصبح يجر أبناءنا إلى متاهات مظلمة جاء هذا الشعار لترسيخ الوعي المجتمعي وتسليط الضوء على أهمية تحقيق أمن المجتمع والأمن الفكري، حتى ننعم بسلام وإطمئنان في دولنا ووطننا، ويأتي هذا بدعم وتوجيهات قياداتنا العليا الحكيمة على أن تتكاتف جميع الجهود والمؤسسات لتحقيق مقصد السلام والأمان اجميع الدول، فلا حياة بدون سلام الذي هو منبع ديننا الحنيف والرسالة التي جاء بها الإسلام.
تم بعدها طرح ثلاث أوراق عمل في جلسة أدارها الشاعر المهندس طلال سالم الصابري، وحضرها كل من السيد سالم علي مطر الحوسن رئيس المحكمة الشرعية بالشارقة، والأستاذة موضي الشامسي رئيس إدارة مراكز التنمية الأسرية، والأستاذة خولة الملا الدير التنفيذي لمراكز التنمية الأسرية، والأستاذة بدرية بوكفيل المنسق العام للملتقى، والدكتورة شيخة العري عضو المجلس الوطني السابق، حيث ناقش الأستاذ الدكتورعبد الله الفوزان أستاذ علم الإجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية من المملكة العربية السعودية ورقة عمل بعنوان (أمن أسرتي.. أمن مجتمعي)، حضرها ما يقرب الـ 60 فرداً من ذوي الاختصاص على مستوى الدوائر والمؤسسات المجتمعية والتعليمية والهيئات الحكومية والخاصة بالشارقة.
وقد ركزت محاور الورشة على توحيد الرؤى نحو مفاهيم الأمن المجتمعي ورفع قدرات المستهدفين في كيفية اكتشاف منابع الخطورة في سلوك الأفراد، وتنمية قدراتهم في تحديد سمات الأسرة تحت الخطورة، إضافة الى عرض أحدث الممارسات والتطبيقات في أساليب الوقاية والعلاج، مستهدفة الأسرة بكافة شرائحها ـ الآباء والأمهات والابناء ـ وذوي الاختصاص على مستوى الدوائر والمؤسسات المجتمعية والتعليمية والهيئات الحكومية والخاصة والذين يمتلكون الكفاءة والمقدرة العلمية على المشاركة والإثراء.
ويوضح الأستاذ الدكتور عبد الله الفوزان: إن قصدنا من الورشة نسليط الضوء على مفهوم الأمن المجتمعي والذي يتمثل في حالة الاطمئنان التي يشعر بها أفراد المجتمع، والناتجة عن مساهمة مؤسسات التنشئة الاجتماعية في تفعيل جميع الاستراتيجيات والإمكانيات والممارسات التي تحقق للفرد الشعور بعدم الخوف في حاضره ومستقبله، وتؤهله إلى حماية وطنه ومجتمعه في شتي المجالات، وتؤكد له الاعتراف بوجوده ومكانته في المجتمع، وتتيح له المشاركة الايجابية المجتمعية.
ولفت نظر الحضور إلى أننا كإختصاصيين نعمل في مجال الإرشاد، يجب أن تكون لدينا كاريزما خاصة، نندمج في المجتمع ونتمتع بالثقة في النفس، ويجب ان يكون دورنا في ورش العمل مبنياً على الإبداع وفكرة التكوين وتطبيقها ضمن وسائلنا التربوية .
وأكد الفوزان في نقاش مع الحضور أن الأمن الإجتماعي هو ضمن منظومة الأمن العام الذي له مفاهيم مختلفة ما بين الداخلي والخارجي، وهو تناغم في ان تقوم كل مؤسسة بدورها للوصول إلى مجتمع آمن على المستوي الفردي والمجتمعي.
الفجوة المعرفيّة بين الآباء والأبناء
ثم استعرض معالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي وزير الاشغال العامة ورئيس مجلس إدارة الهيئة الاتحادية للمواصلات البرية والبحرية ورقة عمل بعنوان: (سد الفجوة المعرفيّة في التّقنيات الحديثة بين الآباء والأبناء)، أشار فيها أنه وعلى الرغم من الفوائد الكبيرة التي توفّرها المخترعات التّكنولوجيّة في المجالات المختلفة إلا أنّه يتحتم علينا معرفة: ماهيتها، كيفية التعامل معها، وتدريب الأبناء على التعامل الأمثل معها، وعدم إساءة استخدامها، وعدم ترك المجال لاتساع الهوة بين الآباء والأبناء؛ بين جيل يبحث عن معلومة في أيّ مكان، وفي أيّ مجال، وجيل يخشى ما يجهله، مضيفاً أنه مع انتشار وسائل الاتّصال الحديثة وظهور الفضائيات في عصرنا نلاحظ أنّ الفجوة بين الآباء والأبناء قد اتّسعت؛ إذ توجّه الأبناء إلى وسائل التّواصل المعاصرة كمصادر لمعلوماتهم، ونافذة فتحت على مصراعيها يرون العالم من خلالها، علاوة على أنّ انشغال الآباء بأعمالهم من جهة، واتباع أساليب تربوية غير مناسبة من جهة أخرى أسهم ـ لا شك ـ في ابتعاد الأبناء، وغياب لغة الحوار المباشر.
تجربة الشرطة المجتمعية بأبوظبي ودبي
ثم تحدث الرائد رائد سعيد المهيري عن تجربته الخاصة في الشرطة المجتمعية بأبوظبي، أكد فيها أن الشرطة المجتمعية تعتبر واحدة من الأساليب الشرطية المستحدثة في حفظ الأمن والوقاية من الجريمة والنظام المجتمعي، وقد بدأ تطبيق هذة الممارسة في إمارة أبوظبي مطلع العام 2003 من خلال تبني سمو نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ سيف بن زايد آل نهيان لهذا النهج والفكر في العمل الشرطي، تتمثل في الإدارة العامة لحماية المجتمع، وحماية الطفل، الشرطة الإجتماعية، الدعم الإجتماعي، دار رعاية الأحداث، مركز الوقاية من الجريمة، كما تقوم بالكثير من المبادرات والأنشطة التخصصية والتي تعني بأمن وسلامة المجتمع بمختلف أطيافها، ونوظفها جميعها في حماية الأمن المجتمعي.
وأضاف: تعتمد الشرطة المجتمعية بشكل أساسي على مشاركة أفراد المجتمع بمختلف أطيافة وفئاته في عمليات التخطيط والإعداد للأعمال الشرطية وحل المشكلات، كما تلعب الشرطة المجتمعية دوراً هاماً من خلال التعرف على احتياجات وأولويات أفراد المجتمع والتواصل الفعال مع الشركاء لتلبية هذه الإحتياجات والعمل المشترك للحد من الظواهر السلبية والمشاكل الأمنية، وتقوم الشرطة المجتمعية كذلك بمشاركة أفراد الجمهور في مختلف المناسبات الخاصة والعامة، وقد استحدثت العديد من السياسات والمنهجيات لضمان تلبية إحتياجات كل فرد يعيش في المجتمع وإشراك الأفراد مثل الشرطة المجتمعية للمتطوعين وسجل الحي السكني والمبادرات الإذاعية وحملات التوعية وفرق حل المشكلات والتنسيق المدرسي وغيرها من المشاريع والمشاركات المجتمعية.
بعدها تم عرض التجربة المجتمعية للقيادة العامة لشرطة دبي عن دور المؤسسات في الأمن الاجتماعي.
طاولة مستديرة
تلا ذلك نقاش الطاولة المستديرة شاركت فيه كل من د. ميثاء الشامسي وزيرة الدولة ورئيسة مجلس إدارة صندوق الزواج ود. فاطمة الشامسي نائب مدير جامعة باريس السوربون بأبوظبي للشؤون الادارية، وأدارت الجلسة الكاتبة الصحفية عائشة سلطان، ودارت محاورها حول صناعة القرار الخاص بتحقيق الأمن الأسري والمبادرات التي تصب في حماية الأسرة كمبادرة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك لحماية الامن الأسري والتركيز على مخاطر الاختراق من خلال شبكات التواصل الاجتماعي وكيفية حماية الأسرة لها، بالاضافة إلى حملات حماية الأبناء من مخاطر شبكات التواصل الاجتماعي عن طريق الانضمام للمبادرات المختلفة كمبادرة الملتقى العائلي لبرنامج المدارس.
وقد صرحت الأستاذة موضي الشامسي رئيس إدارة مراكز التنمية الأسرية بالشارقة رئيس اللجنة العليا للملتقى الأسري الخامس عشر، أن الغرض من إقامة الملتقي هو التحدث إلى المجتمع بصورة متكاملة عن مفهوم الأمن الوطني، ومدى تأثيره على التماسك الأسري فكلما صار المجتمع آمن.. صارت هناك آسر آمنه ومستقرة، وقد قصدنا اختيار شعار (أمن وطني.. أمن أسرتي) لمواكبة الظروف والأحداث الراهنة والذي تم اختياره بناء على استطلاع رأي قام به مركز البحوث والدراسات والتنمية من أجل رصد مفهوم الأمن لدي أفراد المجتمع ككل، كما تم اختيار الأوراق التي طرحت خلال اليومين الأول والثاني بعناية كبيرة لإستقطاب الفكر الأكاديمي حتي تكون الصورة واضحة المعالم وبسيطة في نفس الوقت لتصل إلى كل فرد في المحيط المجتمعي.
وأضافت الشامسي لقد تشرفنا في افتتاح الملتقي بحضور سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، وهي تمثل السلطة العليا وبوجودها ضمن مناقشات الطاولة المستديرة بحضور أعضاء من السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وأشادت الدكتورة شيخة العري، بدور مراكز التنمية الأسرية وبانتقائها للموضوعات ذات الأثر الإيجابي على المجتمع الإنساني بصفة عامة، وخاصة ونحن في هذه الظروف التي تمر بها المنطقة فجميعنا بحاجة إلى بناء نسيج أسري قوي يصب في مصلحة وبناء هذا المجتمع ومن ثم بناء الدولة على أساس راسخ وخاصة وتشكيل مجتمعي آمن، مما يوصلنا إلى أمن عام حيث لا تستطيع أن تخترقنا العواصف سواء كانت عن طريق التقنيات الحديثة أو الأفكار السلبية الدخيلة.
واستكملت: عندما نؤسس مجتمعنا على أساس آمن نضمن لبلادنا أمناً مستقراً على الصعيد الداخلي والخارجي بما يتيح لنا أن نحصد النجاحات والإنجازات الهادفة التي تستحقها دولة مثل دولة الإمارات العربية المتحدة.
توصيات الملتقى
وقد أوصى الملتقى في ختام أعماله بضرورة تعزيز قدرات المؤسسات المعنية بالأمن الأسري، والوطني؛ للحد من عوامل الخطورة المحيطة بالأسرة (كارتفاع معدلات العنف، والطلاق، والجهل بأساليب التربية السليمة،…. إلخ).
كما أوصى بضرورة تكامل، وتعاون مختلف المؤسّسات المجتمعيّة؛ لتبني مفهوم احترام الرّموز الوطنيّة المختلفة ودوره الفاعل في إعداد جيلٍ واعٍ قادر على التّصدي للتيارات الدخيلة التي تؤثر سلباً على أفكار الشّباب ومعتقداتهم. والارتقاء المهني والتقدير الوظيفي لدور المرشد الاجتماعي والنفسي في المؤسسات التعليمية.
وطالب برفع وعي الوالدين، وأولياء الأمور بعوامل الخطورة الفرديّة، والأسْريّة المرتبطة بالبيئة المحليّة وكذلك المتصلة بالمتغيرات الخارجية (كعقد دوراتٍ معرفيّة ومهاريّة وقائيّة للتّعامل مع مظاهر تلك الخطورة)، وإعداد البرامج في وسائل الإعلام المختلفة لتكون منبراً ومنارة لترسيخ مفاهيم ودلالات وممارسات تطبيقيّة لعناصر الأمن الأسريّ والوطنيّ، وتضمين المبادئ والتّوجهات العامّة للدّولة في المادة العلميّة للتّربية الوطنيّة بالمدارس، والجامعات، ودعم وتبني الجهات المعنية لتحقيق الأمن الأسري والوطني للمبادرات المعلنة لحماية الأسرة من مخاطر الإختراق من خلال شبكات التواصل الاجتماعي.
كما دعا إلى إلزام المؤسسات التعليمية (المدارس والجامعات) بوضع مناهج دراسية خاصة بترسيخ المعرفة بالمهارات الحياتية الايجابية، والثقافة الزوجية والأسرية الصحيحة لدى النشء والأجيال، وحث الآباء وأولياء الأمور على ملازمة أبنائهم وتوجيههم وإرشادهم أثناء الاستخدامات المتعددة للوسائط الرّقميّة بما يضمن المحافظة على أمن الأسرة والمجتمع والدولة.
وأوصى أيضاً بتوجيه الخطاب الدّعويّ الإسلاميّ في المنابر والمساجد بما يظهر وسطيّة الإسلام، ويتوافق والقضايا الحياتيّة اليوميّة للشّباب؛ لغرس القيم والموروثات العربيّة الأصيلة في نفوسهم. والتأكيد على توعية أفراد المجتمع بأهمية التنوع الثقافي الموجود في دولة الإمارات والذي يعد عنصر ثراء وإضافة للبناء الوطني ويعطيها الخاصية العالمية والانفتاح نحو الآخر.