التوحد.. من التوعية إلى بناء القدرات
شاركت الأمانة العامة للأوقاف في دولة الكويت في فعاليات مؤتمر منظمة الصحة العالمية حول ظاهرة التوحد الذي نظمته المنظمة تحت شعار «من التوعية إلى بناء القدرات» وذلك في الفترة من 16 إلى 18 سبتمبر 2013 في مدينة جنيف بسويسرا، إلى جانب الجهات العاملة في مجال التوحد ومعنيين في البحث في التحديات الطبية والتعليمية التي تواجه الأطفال الذين لديهم توحد، وقد ترأس وفد الأمانة السيد محمد عبد الله الجلاهمة نائب الأمين العام للمصارف الوقفية وضم في عضويته الدكتورة سميرة عبد اللطيف السعد مدير مركز الكويت للتوحد.
وقد أوضحت الدكتورة السعد في تصريح صحفي بأن أهداف المؤتمر تمثلت في معالجة التحديات وفرص تحسين الخدمات الخاصة بأطفال التوحد وتشجيع البحوث المتعلقة بظاهرة التوحد والإعاقات الأخرى، مبينةً أن هذا المؤتمر أتى تماشياً مع ازدياد الاهتمام العالمي بظاهرة التوحد وتطور الأوضاع الصحية العالمية في مجال طرق اكتشاف الإعاقة أو الإصابة وأساليب الرعاية والعناية الطبية.
وتابعت أنه تم خلال المؤتمر إلقاء الضوء على التجارب الرائدة في مجال الخدمات العلاجية لحالات التوحد في العالم وتبادل الخبرات والتقنيات الحديثة في معرفة أسباب التوحد وخصائصه وطرق تشخيصه وأثرها الكبير على نمو وتطور الطفل ومستقبله، ومناقشة المستجدات والاتجاهات الحديثة في مجالات التشخيص والتأهيل والتدريب ليكون بمثابة مرجعية تربوية متخصصة للعاملين مع الأشخاص الذين لديهم توحد وتزويدهم بالمستجدات التربوية والبحثية حول هذا الاضطراب، ما يسهم إلى حد كبير في الوصول إلى حلول واستراتيجيات فاعلة من شأنها الارتقاء بالخدمات العلاجية والتأهيلية المقدمة لهذه الشريحة الاجتماعية لتمكنها من مواجهة تحديات الحياة.
وأوضحت السعد أن الأمانة تحرص دائماً على المشاركة في مختلف المحافل والفعاليات التي تقام في دول العالم المختلفة لنقل تجربتها في مجال العمل الخيري والوقفي والاجتماعي لكافة المؤسسات العاملة في هذا المجال بهدف زيادة فاعليتها في تنمية المجتمع، لافتةً إلى أن الأمانة شاركت في هذا المؤتمر بورقة عمل أبرزت فيها دور مركز الكويت للتوحد في مجال تطوير البحوث والدراسات، والإنجازات العلمية المبتكرة حول التوحد، والتشخيص والاكتشاف المبكر لحالات التوحد، والتحديات والحلول التي تفرضها.
وتضيف الدكتورة السعد: أن هذا المؤتمر كان مختلفاً فقد تم الإعداد له منذ أكثر من ثمانية أشهر وتم إعداد قائمة بثلاثين اسما من العالم ووجدنا ثمانين من المشاركين المهتمين وعشرين متخصصاً من منظمة الصحة الدولية أيضاً، موضحة أن حضور مائة من المشاركين أمر ليس معتاداً في مثل هذه الاجتماعات، كما أن وجود نخبة من العلماء وأولياء الأمور الفاعلين ومؤسسي المراكز والخدمات قد أثرى بالطبع موضوع المؤتمر والنتائج التي توصل إليها والتي سنقدمها إلى هيئة الأمم المتحدة لإصدار قانون التوحد المأمول أن يعم العالم في التطبيق، ذلك أن كل دولة تحتاج إلى التوعية بالتوحد وفي الوقت نفسه بناء الخدمات مع ملاحظة أنه عندما تكون التوعية أسرع وأكثر من وجود الخدمات الفعلية يصبح المؤشر خطراً.. فنحن نريد التوعية بالتوحد متوازنة مع الخدمات المقدمة.
وتلاحظ السعد أن منظمة الصحة الدولية لها من الأسباب الإدارية والتنظيمية ما يمنع أحياناً من البدء بموضوع إلا بعد اقتناع أعضائها بأولوية مناقشته، وهو ما استغرق أكثر من ثلاث سنوات في المنظمة لنصل إلى هذا الوضع اليوم وليكون التوحد من الأهمية بأن تُفرد له اجتماعات وقوانين خاصة به، وهو نجاح كبير للأشخاص الذين لديهم توحد وأسرهم والعاملين معهم والمدافعين عن حقوقهم.
وأشادت السعد بقرار الأمم المتحدة 12/2012 والذي رفعته بنغلادش وتمت الموافقة عليه والذي يمكن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من وضع التوحد وإعاقات أخرى تطورية محط انتباه جميع الدول الأعضاء ومنظمات الأمم المتحدة وأن يضمن في أهداف الألفية القادمة المتفق عليها دولياً وكذلك بالتوعية العالمية من خلال الموافقة على الاحتفال بيوم التوحد عالمياً في الثاني من أبريل سنوياً وذلك عام 2008 والذي تم رفعه من دولة قطر (العضو في الرابطة الخليجية للتوحد) التي بدأت الاحتفال بهذا اليوم منذ 2002 في كافة دول الخليج العربية الأعضاء في الرابطة.
وبينت أن هذه القرارات سوف تدعم النداء العالمي للعمل على توفير خطوات ملموسة للعثور على علاجات أكثر فعالية وتدخل ناجح لعرض التوحد .
وذكرت السعد أنه تم تقسيم الجلسات إلى دراسة الواقع في الدول الغنية والفقيرة ومناقشة أدوات الاختبار الموجودة وكيفية تقنينها وتوفيرها للدول الفقيرة كأول خطوة في مساعدة الفرد والأسرة في التشخيص الصحيح للإعاقة، وتم التأكيد على ضرورة التدخل المبكر حتى بأبسط الإمكانات وتدريب الأسرة على التدخل ومحاولة توفير الخدمات الأساسية.
كما تم طرح تجارب ناجحة ومؤثرة لأولياء الأمور ومنظمات المجتمع المدني في العالم وقوة هذه المنظمات ودورها في دفع الحكومات للعب دور أكبر في توفير الخدمات للأعمار المختلفة سواء لأطفال أو لبالغين لديهم توحد.. واستعرضت كذلك تجارب ناجحة في تشغيل الأشخاص الذين لديهم توحد.
وقد تناولت الدكتورة السعد مراحل تطوير العمل في مركز الكويت للتوحد ليصل إلى استراتيجية العمل المؤسسي المنظم من خلال توفير أسس وخطوات العمل الإداري والفني في المركز والحصول على شهادة الأيزو للكفاءة الإدارية والاعتماد العالمي للبرنامج كشهادة للنجاح في هذا الأمر، كما استعرضت الوسيلة المستخدمة في بناء القدرات وجعلها نموذجاً يمكن تكراره سواء داخل الكويت أو خارجها وكما حدث مع الدول الأعضاء في الرابطة الخليجية للتوحد والشبكة العربية للتوحد التي تم تأسيسها عام 2010 وتجارب المركز في التعاون مع الدول الشقيقة في الخليج في تطوير وبناء القدرات وفتح فصول وتدريب العاملين كما حدث مع وزارة التنمية بسلطنة عمان مؤخراً ومع برامج أخرى خلال السنوات السابقة.
توصيات خاصة
كذلك شاركت السعد في مجموعة العمل الخاصة بالخدمات الشاملة والمندمجة لذوي التوحد وقد توصلت هذه المجموعة إلى عدد من التوصيات التي يمكن لمنظمة الصحة العالمية رفعها في اجتماع هيئة الأمم المتحدة القادم والخاص بالتوحد ليصبح قراراً يتم تفعيله في جميع دول العالم أهمها:
- ضرورة مخاطبة جامعات الطب والتعليم والتدريب لوضع التدريب العلمي مع التوحد في حيز التنفيذ السريع وذلك لنقص التدريب لدي الخريجين الحاليين من الأطباء والمعلمين وأخصائي النطق وغيرها من الخبرات اللازمة للعمل مع ذوي التوحد.
- مساعدة منظمة الصحة الدولية بإعداد مناهج تدريب للعاملين مع التوحد ووسائل تشخيص سهلة وقليلة التكلفة ووسائل متاحة لجميع الدول في العالم خاصة الفقيرة منها مع سهولة الوصول لها.
- تحديد الأولوية في مواضيع البحث المطلوبة.
- دور المؤسسات الناجحة في العالم لتكرارها.
- تحديد مقاييس النجاح في تطبيق البرامج التشخيصية والتعليمية والتدريبية ونشرها عالمياً.
توصيات عامة
والجدير بالذكر أن ثلاثين دولة شاركت في هذا الاجتماع الهام وكان من أهم نتائجه وتوصياته:
- تعزيز دور الحكومات والتزامها بتوصيات منظمة الصحة الدولية.
- البدء بتشكيل شبكة دولية وبدءاً بحضور هذا الاجتماع.
- إصدار المعلومات ذات الدليل العلمي الصحيح مثل (أدوات الاختبار ـ مقاييس النجاح للبرنامج ـ وسائل التدخل الصحيحة ـ توفير مواد التدريب).
- دعم الدول غير القادرة.
- تنظيم وتعبئة الموارد المساندة لهذا الحدث.
وقد انتهى الاجتماع بعد ثلاثة أيام مكثفة ليتم بعدها الإعداد لتقديم النتيجة ـ كما هو مقرر ـ لاجتماع هيئة الأمم المتحدة في نيويورك لاعتماده بإذن الله .
يذكر أن مركز الكويت للتوحد هو منظمة خيرية غير ربحية تأسس في العام 1994، ويهدف الى تخفيف النقص الحاد في البلاد في التدريب التشخيصي والتربوي للاختصاصيين العاملين في مجال التوحد، بالإضافة الى تعزيز كافة وسائل الراحة المقدمة للأطفال من حالات التوحد، ويعد مركزا اقليميا متخصصا فى المنطقة بما يقدمه من خدمات متكاملة فى مجال التوحد والفئات الخاصة، كما ساهم في وضع اسم دولة الكويت بين الدول الرائدة في مجال دعم ومتابعة جميع المستجدات التي تطرأ على كل ما يتعلق بإعاقة التوحد.