نحو تعزيز الحقوق الإنسانية للأشخاص الصم في الوطن العربي
ضمن مشروع مساواة 2: بناء قدرات تنظيمات الأشخاص ذوي الإعاقة في دول البحر المتوسط (الذي تموله الوكالة الاسبانية للتعاون الدولي والتنمية)، نظمت المنظمة العربية للأشخاص ذوي الإعاقة والمنتدى الأوروبي للاعاقة برعاية وحضور معالي رئيس الحكومة التونسية السيد علي العريض، المؤتمر الاقليمي الأول للأشخاص الصم العرب تحت شعار: نحو تعزيز الحقوق الإنسانية للأشخاص الصم في الوطن العربي يومي 6 و7 أيلول / سبتمبر 2013، في فندق الشيراتون في تونس.
شارك في الجلسة الافتتاحية معالي وزير الشؤون الاجتماعية في تونس السيد خليل الزاوية، رئيس المنظمة العربية للاشخاص ذوي الإعاقة الدكتور نواف كبارة، رئيس الاتحاد الدولي للصم السيد كولن الن، ممثل المنتدى الأوروبي للاعاقة السيد يانس يالوروس وممثل الوكالة الاسبانية للتعاون الدولي والتنمية السيد اميليو سانشيز، إضافة إلى مشاركة جمعيات الاشخاص الصم من الدول العربية التالية: مصر، لبنان، الأردن، فلسطين، البحرين، السعودية، الامارات العربية المتحدة، تونس، ليبيا، الجزائر، العراق واليمن، و خبراء من الجزائر وسلطنة عمان.
وكان الهدف الرئيسي للمؤتمر طرح واقع الأشخاص الصم وآلية تحسين أوضاعهم من خلال اطلاق الملتقى العربي للأشخاص الصم لجمعهم في إطار موحد.
وتناولت جلسات المؤتمر وورش العمل اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتركز البحث على ضرورة التركيز على والاعتراف بلغة الإشارة في الاتفاقية الدولية وكيفية ادراج الحكومة والمجتمع المدني للغة الإشارة كإحدى اللغات في المجتمع.
رئيس الحكومة التونسية السيد علي العريض أكد في افتتاح أعمال المؤتمر أن تونس التي بدأت ببلورة استراتيجية وطنية لحماية ذوي الإعاقة كانت من أوائل الدول التي صادقت على المعاهدة الدولية لحقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة، والدولة الأولى في العالم التي قدمت تقريرها الدوري للجنة المعنية بالاتفاق في الأمم المتحدة. وقال: لقد وضعنا حزمة جديدة من البرامج بالمشاركة مع منظمات المجتمع المدني الناشطة. ويحتاج وضع هذه الاستراتيجية الوطنية الجديدة إلى مراجعة منظومة التشريع الوطني في مادة النهوض الاجتماعي لذوي الإعاقة وإلى ملائمة مع التشريع الدولي.
ومن جهته يقول الدكتورنواف كبارة رئيس المنظمة العربية للاشخاص ذوي الإعاقة إن هذا المؤتمر ليس سوى الخطوة الأولى نحو الاندماج ووضع الأشخاص الصم في الدول العربية في الواجهة، والاستفادة من التجارب المختلفة، وكسر حاجز الصمت لتحقيق المستقبل الأمن لهم. مضيفاً: لقد وضعت تونس المؤتمر كخارطة طريق لإنهاء تغييب الأشخاص الصم العرب من الفعاليات والأنشطة المتعلقة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتشكيل مظلة جامعة لهم.
ويؤكد الدكتور كبارة أن المنظمة العربية لذوي الإعاقة منذ تأسيسها سنة 1998، كان واضحاً لديها أن هناك نقصاً كبيراً في تمثيل الصم لأنفسهم وفي التعبير عما يريدون في المحافل العربية، الوطنية والدولية.
ويضيف: كنا نسأل عنهم ولا نجدهم. كنا نسمع كثيراً عن مؤتمرات للصم يقودها وينظمها غير الصم. فجاء هذا المؤتمر ليؤكد ربيع الصم قبل الربيع العربي. واليوم نجتمع في حضور الصم القياديين في العالم العربي لإنشاء الملتقى الذي يمثلهم داخل المنظمة وفي المنابر الوطنية والإقليمية والدولية.
ويرى السيد يانس يالوروس ممثل المنتدى الأوروبي للإعاقة أن مشروع مساواة 2 تجربة رائدة بين المنظمات الإقليمية التي تمثل ذوي الإعاقة، وقد استطاع المؤتمر أن يثير قضية الاعتراف بلغة الإشارة في الدول العربية التي تسهل تواصل الاشخاص الصم العرب في وسائل الإعلام، الخدمات العامة، المستشفيات، المحاكم والمدارس… الخ، وذلك بالتعاون مع المختصين من مترجمي لغة الإشارة.
أما السيد ألن كولن رئيس الاتحاد الدولي للصم فقال: إنها الخطوة الأولى نحو فجر جديد من الربيع العربي للأشخاص الصم لتحقيق حقوقهم الكاملة في المنطقة العربية، استنادا إلى سياسة الاتحاد العالمي للصم، والتي ينبغي أن يقودها الأشخاص الصم أنفسهم.
وأوضح ممثل الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي اميليو سانشيز أن “الوكالة تدعم دائماً مشاريع تؤدي إلى تمكين ذوي الإعاقة أنفسهم والمجتمع عامة وتثقيفهم”.
إعلان تونس
في ختام أعمال المؤتمر صدر إعلان تونس وجرى فيه التأكيد على أن لغة الإشارة هي الأساس لحقوق الإنسان للصم، من دونها لا توجد حقوق إنسان للصم، والتأكيد على أن اللغات المؤشرة تتطور بصورة تلقائية عفوية من خلال مجتمعات الصم التي تستخدم تلك اللغات، ومن دون تدخل خارجي من أشخاص سامعين أو تشكيل لجان لاختيار المفردات عن طريق التصويت.
وأكد الإعلان أن أي نوع من التعليم ينبغي أن يحترم هوية الأصم ولا ينبغي حرمانه من حقوقه لتعلم لغة الإشارة وأن تكون جزءاً من ثقافته.
وعلى المجتمع أن يعمل على تضمين كل الاستراتيجيات الخاصة بتطبيق الاتفاق خططاً هادفة خاصة بالصم وزيادة جهوده فيما يتعلق بتحقيق الاندماج والتواصل للصم عبر توفير المعلومات، التعليم، الخدمة، السمع والتكنولوجيات ذات الصلة، ومن الضروري أن تراعي المادة الإعلامية تفكير الصم وثقافتهم ونظرتهم للواقع، ويطلب الإعلان من الحكومات أن تحرص على توقيع العقوبات على المنشآت التى لم تراع توفير السلامة والأمان للصم عند إنشائها، وفيما يلي نص الإعلان:
… بالاشارة الى حقوق الأشخاص الصم التي تضمنها العقد العربي للأشخاص ذوي الإعاقة،
… ومع التسليم باتفاقية الأمم المتحدة حول حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والاشارة الى الأشخاص الصم في خمسة مواد فيها،
… ومع الاعتراف بالإتفاقية الدولية لحقوق الإنسان،
… فإن المشاركين في المؤتمر الإقليمي الأول للأشخاص الصم العرب تحت شعار: نحو تعزيز الحقوق الإنسانية للأشخاص الصم في العالم العربي، الذي عقد برعاية وحضور رئيس الحكومة التونسية السيد علي العريض يومي 6 و7 ايلول / سبتمبر 2013 في فندق الشيراتون في تونس، وممثلين عن 15 دولة، بالإضافة إلى عدد كبير من المراقبين الأوروبيين والدوليين من ذوي الخبرة في مجال الصم؛…
… يرغبون في المشاركة في تطوير مجتمعاتهم وتعزيز مفهوم الديمقراطية فيها، وهم يؤكدون على ضرورة تمتع الأشخاص الصم بكامل حقوقهم الإنسانية واندماجهم الكامل في المجتمع، كما هو وارد في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الصادرة عن الأمم المتحدة؛…
… يعتبرون ان لغة الإشارة وثقافة الصم هي الأساس لحقوق الإنسان للأشخاص الصم، بدونها لا يوجد حقوق إنسان للصم. لذا يجب أن تتضمن جميع الاستراتيجيات الخاصة بتطبيق اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم العربي، خططاً هادفة خاصة بإجراء البحوث حول لغات الاشارة وتوثيقها والاعتراف بها كلغة رسمية وتعميمها لاسقاط حواجز التواصل مع الأشخاص الصم.
… ويؤكدون على أن اللغات المؤشرة تتطور بصورة تلقائية عفوية من خلال مجتمعات الأشخاص الصم التي تستخدم تلك اللغات، ودون تدخل خارجي من أشخاص سامعين أو تشكيل لجان لاختيار المفردات عن طريق التصويت. إن اللغات المؤشرة تنمو وتتطور بالتدريج من خلال مجتمعات الأشخاص الصم التي تستخدم تلك اللغات. وكلما تم الارتقاء بتعليم الأشخاص الصم، ارتقت لغتهم.
ويطالب المشاركون بضرورة تنظيم مؤتمر خاص حول تعليم الأشخاص الصم من المرحلة المبكرة إلى مرحلة الجامعة على المستوى الوطني ثم على المستوى الإقليمي. وينبغي لهذا المؤتمر أن يكون بمثابة (المائدة المستديرة) للمناقشة بعمق في قضايا تعليم الأشخاص الصم وأهمية استخدام ثنائية اللغة / ثنائية الثقافة في تعليم الصم. كما يؤكدون على أن أي نوع من التعليم ينبغي أن يحترم هوية الشخص الأصم اللغوية والثقافية ولا ينبغي حرمانهم من حقوقهم لتعلم لغة الإشارة المحلية وأن تكون جزءاً من ثقافة الأشخاص الصم.
ويؤكدون على أن حالات الصمم تؤثر على كافة أطياف المجتمع وتسبب صعوبات في الاندماج والتواصل مع المجتمع. وتشمل معوقات التعامل مع الصمم الخجل والنكران، وتؤثر على قدرة الشخص على الاتصال مع البيئة المحيطة، مما يؤدي إلى تشويش كافة مظاهر الحياة، من تعليم وتوظيف وعلاقات اجتماعية، وعليه، ينبغي على المجتمع زيادة جهوده فيما يتعلق بتحقيق الاندماج والتواصل للأشخاص الصم عبر توفيره للمعلومات، والتعليم باستخدام ثنائية اللغة / ثنائية الثقافة والتي أقرها كل من الاتحاد العالمي للصم والمؤتمر العالمي الواحد والعشرون لتعليم الصم في فانكوفر (يوليو 2010)، وخدمات الترجمة بلغة الإشارة المحلية مع توفير مترجمين على مستوى عال من التدريب وتأسيس برامج لإعداد وتأهيل مترجمي لغة الإشارة على مستوى الجامعات، واستخدام التكنولوجيات ذات الصلة. ويجب ألا ينظر إلى أدوات السمع من حيث التكلفة، وإنما بوصفها استثماراً حكيماً، سواء بالنسبة للأفراد والحكومات أو شركات التأمين الصحي.
ويحث المشاركون وسائل الاعلام على ضرورة مراعاة تفكير وثقافة ونظرة الأشخاص الصم للواقع، لأنها بتجاهلها لفهم التركيبة الخاصة للأشخاص الصم، الذين لهم ثقافة مختلفة وتفكير مختلف ونظرة مختلفة للواقع، تحول دون اطلاعهم على ما يجري حولهم. ويجب على وسائل الإعلام كافة مراعاة حق الأشخاص الصم في معرفة كل الأخبار، وبالتالي توفيرها لهم بلغة الإشارة المحلية التي يتواصلون بها مع توفير خدمة النص الكتابي باللغة العربية أسفل الشاشة ليتمكن الصم وضعاف السمع من متابعة الأخبار والبرامج التلفزيونية المتنوعة.
ويدعو المشاركون حكومات الدول العربية للعمل على توقيع العقوبات على المنشآت التى لا تراعى توفير السلامة والأمان للأشخاص الصم في منشآتها، وخاصة المصانع التى تؤمن نفسها ضد المخاطر بالإنذارات الصوتية فقط للسامعين، ولا تبالى بعدم قدرة الأشخاص الصم على سماع تلك الإنذارات الصوتية.
توصيات ورشة عمل لغة الإشارة وعلم لغويات اللغات المؤشرة
لأول مرة في تاريخ المنظمات العربية تسعى منظمة عربية وتعلن دعمها وتأييدها للحقوق الإنسانية واللغوية للأشخاص الصم قولاً وفعلاً ولا أدل على ذلك من اعلان توصيات ورشة العمل في لغة الإشارة والتي أدارها كل من الدكتور حسين إسماعيل مدير مركز التعلم للصم – لبنان، والأستاذة هند الشويعر من مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة – السعودية.
وقد اتفق المشاركون في ورشة عمل لغة الإشارة وعلم لغويات اللغات المؤشرة على التوصيات التالية:
- تفعيل الإتفاقية الدولية لحقوق الإنسان للأشخاص ذوي الإعاقة ، وتعديل القوانين في الدول العربية لتتماشى مع بنود الإتفاقية.
- توظيف الإعلام المرئي والمكتوب لنشر الوعي وتصحيح المفاهيم الخاطئة حول اللغات المؤشرة.
- تأهيل وتدريب معلمي الصم ومترجمي لغة الإشارة على لغة/لغات الإشارة المحلية حيث قد يكون في البلد الواحد أكثر من لغة مؤشرة.
- أن تبدأ كل دولة عربية بتأسيس برنامج لتدريب وتأهيل المترجمين على لغة / لغات الإشارة المحلية على مستوى الجامعات.
- لغة الإشارة هي لغة الصم وليست لغة المترجمين ولا يحق للمترجمين أو التربويين التحكم فيها أو تغييرها.
- توفير مترجمين للغة الإشارة على مستوى عال ومتمكنين من لغة/لغات الإشارة المحلية في جميع الدوائر الحكومية والأهلية التي تقدم خدماتها للأشخاص الصم.
- أن تسعى كل دولة عربية على اجراء بحوث وتوثيق لغتها/لغاتها المؤشرة المحلية وتوفير الدعم المالي اللازم.
- الاعتراف بلغة/لغات الإشارة المحلية واستخدامها في تعليم الصم وفي وسائل الاعلام المحلية.
- تطوير مناهج الصم واعتماد طريقة ثنائية اللغة / ثنائية الثقافة في تعليم الصم.
- نشر ثقافة الصم وعلم لغويات اللغات المؤشرة.
- ابتعاث كوادر وطنية لدراسة علم لغويات اللغات المؤشرة في الدول المتقدمة.
- تغيير النظرة الطبية تجاه الصم والصمم إلى النظرة الإجتماعية / اللغوية.